"البرج " .. حكاية اللجوء بلسان فلسطيني وعدسة أوروبية

الجمعة 21 يونيو 2019
فلم بتقنية "STOP MOTION"
فلم بتقنية "STOP MOTION"

أيهم السهلي 

لا شك أن أجيالا نشأ وعيها على أفلام الرسوم المتحركة، وتحفل ذاكرة هذه الأجيال بتلك الشخصيات التي عرفوها في تلك الأفلام والمسلسلات الكرتونية، والتي كان بعضها ليس مجرد قصة للترفيه عن الأطفال، بل كانت تنتمي هذه الأفلام إلى الأدب العالمي وقصص الشعوب من مختلف أنحاء العالم.

القضية الفلسطينية وقضية اللجوء ضمناً، هي واحدة من القصص الكبرى في تاريخ البشرية الحديث، ومظلومياته التي لم تجد طريقا لها إلى الحل، ولكن التعبير عنها بمختلف أنواع الفنون مازال يأخذ حيزاً واسعاً من العمل والسعي إلى إظهاره..

ولعل الجديد فيلم "THE TOWER" الذي أخرجه النرويجي ماتس جرورد، هو أحد أشكال هذه الفنون التي تعالج القضية الفلسطينية، أو بالأحرى قضية اللاجئين.

 الفيلم مصنوع عبر أسلوب "STOP MOTION"، وهو من النوع الروائي الطويل، بإنتاج فرنسي سويدي نرويجي مشترك.

بدأ مخرجه، العمل عليه بعد أن عاش لمدة عام في مخيم برج البراجنة على مشارف العاصمة اللبنانية بيروت وسمع قصصاً مختلفة من أجيال متعاقبة من اللاجئين.

يحكي الفيلم قصة وردة، الطفلة الفلسطينية اللاجئة في مخيم برج البراجنة، الذي تحول إلى مخيم من الطوابق، تتسلق وردة هذه الطوابق التي تقيم فيها أجيال مختلفة من أسرتها في المخيم، لتتحدث معهم وتتعرف على أهم المحطات في تاريخ اللاجئين الفلسطينيين.

لكن لماذا فعلت وردة ما فعلت.. خلال أحداث الفيلم، يعطي جد وردة مفتاح دارهم في فلسطين إليها، لكنها تظن أن جدها فقد الأمل في العودة إلى وطنه، لذا تبحث وردة عن طريقة تعيد إليه الأمل، لتكتشف لاحقاً أن جدها من شدة أمله بالعودة، نقل حلمه إلى حفيدته..

بين الماضي الحاضر، سرد جرورد حكاية اللاجئين واللجوء الفلسطيني، أما الحاضر فقد أبدعه المخرج بتقنية "STOP MOTION" ، بينما الماضي فنزع عنه البعد الثالث وأخرجه على نسق الرسوم المتحركة ثنائية الأبعاد.

 


  المحطة الأولى من رحلة الاكتشاف بدأتها وردة من جدها نفسه الذي تحاول إعادة الأمل إليه، جعلته يحدثها، كيف هجر عن بيته وأرضه، وكيف استقر به الحال مع أسرته في أرض على مشارف بيروت، باتت تعرف اليوم بمخيم برج البراجنة للاجئين الفلسطينيين، ولم يفته أن يخبر وردة أنه ورث مفتاح البيت عن والده، في إشارة واضحة من المخرج النرويجي بأن حق العودة لن ينتهي بالتقادم، ولكنه يورث إلى أن تتم العودة إلى فلسطين.

رحلة وردة في الطوابق لم تكن سهلة، فالفيلم يظهر مراحل التاريخ الفلسطيني ما بعد النكبة عبر حكايات مختلفة سمعتها الطفلة وردة من جدها الذي انخرط أيضا مع المقاومة الفلسطينية، ومن الخالة حنان التي كانت تخشى ظلام الملاجئ أثناء الغارات في الحروب التي عاشتها المخيمات في لبنان بعد النكبة بعقدين، ثم هناك "الحميماتي" الذي أصيب بصدمة نفسية عندما قتل صديق طفولته أمام عينه برصاص قناص إحدى المليشيات التي استهدفت المخيمات في ثمانينيات القرن الماضي.

 لا يخفي صانع الفيلم أن الأمل الذي كانت تبحث عنه وردة ظل يتناقص مع كل محطة توقفت فيها، إلا أن هذا زادها تشبثاً بحلم العودة وتصميماً على أن ينال جدها لطفي الراحة عبر يقينه بأنها ستحمل معها المفتاح والأمل.

عروض وعروض

الفيلم الذي جال العديد من دول العالم، ولاقى مضمونه قبولاً وتعاطفاً في مختلف المهرجانات وصالات العرض التي قدم فيها ناطق باللغة الإنكليزية، إضافة إلى توفره بلغات أخرى منها العربية والفرنسية، والسبب عائد إلى أن الجمهور الغربي معظمه لا يعرف حكاية اللجوء الفلسطيني، والمتوفر لديه تماما هي الرواية الإسرائيلية للصراع.،لتبدو فلسطين كما لو أنها كانت "أرضا بلا شعب" بحسب الرواية المضادة والمفبركة.

ماتيس عاش في مخيم برج البراجنة سنوات عدة، فهم خلالها الحكاية، وحاول تقديمها بأسلوب شيق عبر طفلة ورثت مظلومية أجدادها حين هجروا عن أرضهم، دون أن تدخل هذه الطفلة في معتركات السياسة وتفاصيلها المملة.

الفيلم اليوم عاد في محطة عروضه إلى لبنان، وتولى مركز "الجنى" مع مؤسسة "التعاون" و"متروبوليس" و"ماد سوليوشن" دعم هذا الفيلم في مراحل مختلفة منه، إضافة إلى مراكز ومؤسسات أخرى تنظيم سلسلة من العروض في المخيمات الفلسطينية في لبنان بوجود المخرج النرويجي ماتس جرورد، وستجول العروض في

21/6 مخيم الجليل – بعلبك – قاعة المسبح الساعة 3.00

 23/6  مخيم البداوي – طرابلس – مقر القادسية الكشفي الساعة 8.30

 24/6  مخيم برج البراجنة – بيروت – مكتبة سعيد خوري الساعة 8.00

 26/6  مخيم عين الحلوة – صيدا – مركز ألوان الساعة 3.00

وسينظم عرض آخر في 26/6 في دار النمر للثقافة والفنون في بيروت.

هذه العروض تأتي ضمن فعاليات سينمائية مستمرة ينظمها مركز "الجنى" في المخيمات الفلسطينية على مدار العام.

ويبقى أن مسار التسوية الذي اتخذته منظمة التحرير، وجرى التخطيط له في المدينة التي حمل الاتفاق اسمها، ووقع في الولايات المتحدة عام 1993، ساهم بشكل أو بآخر، بلفت الانتباه في العاصمة النرويجية إلى القضية التي تشغل العالم منذ عقود.

 فدفع أحد أبناء النرويج إلى البحث في هذه القضية والقدوم إلى بعض ضحاياها من اللاجئين الفلسطينيين ليعيش بينهم، ويكون ما هو الان لنا، فيلم "THE TOWER".


 



 

خاص _ بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد