لبنان - خاص

 

برزت خلال الأسبوعيين الماضيين، وبالتزامن مع انطلاق حراك المخيمات الفلسطينية الاحتجاجي في لبنان مواقف سياسية إعلامية عدة من الأطراف اللبنانية المختفلة، لا يمكن الاستنتاج حتى اللحظة، حول مدى تأثيرها في إعادة الاصطفافات السياسية في بلدٍ، من السهل أن تشتعل بين أحزابه وتياراته متعددة التبعيات والطوائف والانتماءات حروبًا إعلامية وسياسية، قد لا تنتهي سوى بسلاسل لقاءات وحوارت وتنازلات هنا، وغض طرف هناك.

ولعلّ الشرخ الأقوى في الموقف من قضية عمل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، يتمثّل بتباعد الرؤى –ربما الإعلامية فقط-  بين حليفين برزا بقوة في الفترة الأخيرة، التيار الوطني الحر بزعامة وزير الخارجية جبران باسيل وحزب الله بزعامة حسن نصر الله، ففيما أطلق الأخير تصريحاته المؤيدة لحقوق الفلسطينيين في لبنان –مع عدم إمكانيته اتخاذ موقف مغاير يؤثر على الرمزية التي رسمها لنفسه في مقاومة المشروع الصهيوني بالمنطقة–، يحتفظ رموز التيار الوطني بمواقف سياسية ثابتة من الفلسطينيين، لجهة "مخاوف التوطين والحفاظ على ديمغرافية لبنان"، وما إلى هنالك من استراتيجات ثابتة ومبررات حاضرة لدى الأحزاب المسيحية اليمينية في لبنان بخصوص اللاجئين، فلسطينيين كانوا أو سوريين، وكل ذلك كان واضحاً في العامين الأخيرين عبر تصريحات وزير الخارجية جبران باسيل، والتي وصفت بمجملها بـ "العنصرية".

ولأنّ دعم القضية الفلسطينية، هو سلاح حزب الله الأبرز في الداخل اللبناني، ما كان لأمين عام الحزب حسن نصر الله أن يتغافله أو ألا يتطرق إليه، وكان من الضروري جداً اتخاذ موقف يساير الحالة التي رسمها الحزب لنفسه في دعم الفلسطينيين، فجاء تصريح نصر الله بمناسبة الذكرى الـ31 لتأسيس مؤسسة "جهاد البناء" الإنمائية بضرورة معالجة موضوع العمالة الفلسطينية في لبنان، بعيداً عن المزايدات ومقاربة الموضوع ببعديه الاستراتيجي والسياسي لأن ذلك لا علاقة له بالتوطين.

 في كلمته قال أمين عام حزب الله: "تحت عنوان تأمين فرص عمل للبنانيين حصل اصطدام بواقع اسمه العمال الفلسطينيون، وللأسف في لبنان كل شيء يتم تسييسه ويتم التحريض به على الآخر، والبعض يحرّض على أن حزب الله وحماس يقفان خلف التظاهرات الفلسطينية بموضوع العمل، وهذا أمر معيب وغير أخلاقي وهذا تزوير للحقائق".

وأوضح نصر الله أن: "هناك فارقاً كبيراً بين العامل الفلسطيني والعامل الأجنبي لأنه ليس لدى الفلسطيني بلد للعودة إليه"، داعياً من يقولون للفلسطينيين: "-عودوا إلى بلدكم- إلى فتح الحدود لهم من أجل هذه العودة".

كلام نصرالله يأتي بعد تصريحات لباسيل قال فيها: "نحن ضد تطبيع الوضع القائم بحجة الحقوق الإنسانية، فالحقوق الإنسانية تعني أن نعمل جميعاً ليعودوا إلى أوطانهم، وهذا حقيقة من يهتم للشقيق الفلسطيني والسوري وأن نكون كلنا معاً ونعمل في هذا الاتجاه، خصوصاً في هذه الفترة بالذات مع طرح موضوع صفقة القرن وأحد أعمدتها إلغاء حق العودة".

وأي متابع لهذين التصريحين، لا بد أن يربطهما بشكل أو بآخر، إذ أن دعوة "العودة إلى أوطانهم" لم تذكر سوى على لسان وزير الخارجية جبران باسيل، ما يعني أن نصر الله رد عليه بشكل مباشر رغم الحلف القوي الذي يجمع الطرفين في السياسية الداخلية والخارجية بلبنان.

اختلاف الرؤى برز أيضاً، بدعوة باسيل عقب الاجتماع الأسبوعي لـ "تكتل لبنان القوي" إلى التشديد في تطبيق قوانين العمل القائمة، التي انتقدها نصرالله وأشار بشكل غير مباشر إلى أنها "مسيسة".

 ليس ذلك فحسب، فباسيل بموقفه من قانون العمل إزاء الفلسطينيين يكون أقرب إلى موقف حزب القوات اللبنانية التي اتهمت على لسان زعيمها سمير جعجع حزب الله وحركة حماس بالوقوف وراء الاحتجاجات في المخيمات "لأهداف سياسية".

وهو الاتهام الذي رفضه نصر الله ووصفه بغير الأخلاقي، قائلاً: "ما يجري من تحريض ضد حزب الله له أهداف عدة بينها تحميله مسؤولية مآل الأوضاع في البلاد وتحريض الخارج وتحديداً أميركا على لبنان واقتصاده".

محللون سياسيون في لبنان، وصفوا هذه التجاذبات الإعلامية بالطبيعية في "وضع سياسي قائم منذ عقود في لبنان على التبعيات المتعددة لأجندات خارجية"، وأن الموضوع لن يتعدى مجرد الخلاف على قضية تعتبر "غير ذات أهمية" كقضية حقوق اللاجئين الفلسطينيين، أمام ملفات أعمق تستوجب اصطفافات معينة ومحددة ومطلوبة، لكن "الأمر يتعلق في هذا الخلاف الإعلامي بطبيعة الدور المرسوم لكل حزب وطائفة في لبنان، فما تجمعه السياسات الداخلية والخارجية، قد تفرقه قضية حقوق الفلسطينيين، وهذا لن يؤثر كثيراً!".   

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد