الوليد يحيى – لبنان
 

يعيش نحو 29 ألف لاجئ فلسطيني مهجّر من سوريا في لبنان، ظروفاً اقتصاديّة واجتماعيّة وقانونية شديدة الصعوبة، تصنّف من ضمن الأكثر تهميشاً وضعفاً من بين مجتمعات اللاجئين في العالم.

أرقام كارثيّة أوردتها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" في تقريرها "نداء الطوارئ 2019" تُشير إلى مأساويّة الواقع المعيشي والاجتماعي لهؤلاء، حيث صنّفت الوكالة 90 % منهم تحت خطّ الفقر، أي يعيشون في أقل من دولارين في اليوم الواحد وفق المعيار العالمي المُحدد من قبل البنك الدولي، في حين يفتقد 95 % منهم للأمن الغذائي، أي لا تتوفّر لديهم كميّات الغذاء التي تحميهم من الجوع.

ووفق التقرير، تبلغ نسبة البطالة في صفوف اللاجئين الفلسطينيين المهجّرين من سوريا 57%، بينما يعمل 43% في المهن اليدوية والقطاعات الخدميّة (مطاعم، كافتريات، أفران، ورش.. الخ) لتحسين واقعهم المعيشي في البلد الذي يعتبر الأغلى معيشيّاً في المنطقة والإقليم، بل يكاد يكون على المستوى العالمي.

نسبة البطالة 57% التي أوردها تقرير "أونروا" لا بدّ أنها قد ارتفعت، جرّاء الحملة التي تخوضها وزارة العمل اللبنانية لـ"مكافحة العمالة الأجنبية غير الشرعية"، نظراً لكون اللاجئ الفلسطيني المهجّر من سوريا، هو أجنبيٌّ بالضرورة في نظر القانون اللبناني، الذي لم يستطع أن يميّز أساساً، بين الأجنبي وبين اللاجئ المسجّل في سجّلات وزارة الداخليّة والبلديات اللبنانية، والقصد هنا فلسطينيو لبنان في مخيّماتهم وتجمّعاتهم.

صالح سلامة ومحمد جلبوط، لاجئان فلسطينيان من سوريا، يقيمان في مخيّم عين الحلوة للاجئين الفلسطينيين في صيدا، تعرّضا مؤخرّاً للفصل من عملهما في معمل للتعقيم بجنوب لبنان، لعدم امتلاكهما إجازة عمل وفق الأصول القانونية.

ووفق الشاب سلامة، فإنّ العمل في المعمل كان يحسّن المعيشة اليومية لعائلته، رغم الراتب القليل ويشاركه في ذلك ابن اخته محمد والمفصول مثله، "ففقدان العمل اليوم يعني أنّ الوضع المعيشي سيزداد سوءاً، فلم يعد للفلسطيني السوري في لبنان حتّى أن يحلم بأن يعمل في أي شيء بعد اليوم ولا نعلم ماذا سيحل بنا في المستقبل" حسبما قال الشاب العشريني الفاقد لعمله.

فرض إقامة عمل عالية التكاليف

ولا يقتصر تنفيذ حملة مكافحة العمالة الأجنبية، على مفتشي وزارة العمل وزياراتهم المفاجئة للمعامل والشركات والمؤسسات لتقصي العمالة "غير الشرعية" بل يشارك في تنفيذها أجهزة الأمن ولا سيما الأمن العام، الذي قام مؤخرّاً باستدعاء إحدى اللاجئات الفلسطينيات المهجّرات من سوريا، ومصادرة أوراقها الثبوتية بحجة العمل دون رخصة.

تقول اللاجئة المُستدعاة التي طلبت عدم ذكر اسمها، وتعمل صحفيّة بنظام العمل الحر لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "تفاجئت حين صادر الأمن العام في صيدا أوراقي الثبوتية وواجهني بأنّي أعمل دون إجازة، علماً أني لا أعمل ضمن مؤسسة ولا أتقاضى أيّ أجر ثابت".

وتتتابع: "بعد عدّة مراجعات لدائرة الأمن العام في بيروت ودائرة صيدا، تفاجأت ثانية بأنّهم غيّروا صفة إقامتي وبدؤوا بإجراءات معاملة إقامة عمل لمدّة شهرين وطلبوا مني دفع مبلغ 200 دولار، علماً أنّ إقامتي في لبنان تصدر كل ستّة أشهر بشكل مجّاني بناء على قرار الأمن العام الصادر سنة 2017".

وعبرّت اللاجئة عن استهجانها لهذا الإجراء، الذي اعتبرته قسرياً بحقّها، لا سيّما أنّها لم تتقدم بطلب إقامة عمل، وتقول: "في حال تقدّمت بطلب إقامة عمل، فهذا يعني أنّي بحاجة إلى استكمال الأمر بتحصيل إجازة عمل، وهذا الأمر غير ممكن لكوني لا أعمل في أي مؤسسة، عدا عن التكاليف الباهظة والتي لا أتحملها كلاجئة".

ويعتمد اللاجئون الفلسطينيون المهجّرون من سوريا إلى لبنان، على وكالة "أونروا" سواء في المدخول المالي أو في الخدمات الطبيّة والاجتماعيّة على قلّتها، وتقدّم الوكالة معونات ماليّة شهريّة متعددة الأغراض، تبلغ 100 دولار للعائلة كبدل إيواء، ومنحة 28 دولار كبدل غذاء لكل فرد، يستفيد منها 100% من اللاجئين الفلسطينيين من سوريا، إلّا أنّ تلك المساعدات لا تؤثر إيجاباً في نقل واقعهم المعيشي إلى مستوىً أقل فقراً، فإلى أيّ مستوى كارثي أكبر سيؤول حالهم بعد تلك الإجراءات؟.

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد