صابر حليمة - بيروت
 

37 ألف طالب فلسطيني في لبنان بدؤوا اليوم السبت، 7 أيلول/سبتمبر 2019، عامهم الدراسي الجديد على وقع احتجاجات المعلمين وإغلاق عدد من المداراس رفضاً لسياسات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا".

ويأتي هذا العام، بعد عام غير مسبوق في تاريخ مدارس "أونروا" في لبنان، خصوصاً لناحية نتائج الشهادة المتوسطة الرسمية، التي وصل معدل النجاح فيها إلى 45% فقط، ما جعل كثيرين يلقون باللوم على سياسات الوكالة التعليمية.
 

إضرابات في اليوم الأول للعام الدراسي

اليوم الأول من العام الدراسي 2019-2020، شهد إضرابات وإغلاقات للمدارس في مخيمي البداوي وويفل(الجليل)، وذلك عقب اعتصام نفذه المعلمون، أمس الجمعة، أمام مقر "أونروا" الرسمي، في منطقة بئر حسن بالعاصمة بيروت.

"بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، وفي سياق هذا التقرير، تسلط الضوء على هذه الأزمات وماهياتها، وتعرض وجهة نظر الأطراف المعنية فيها.

 

احتجاجات على سياسة الدمج في مخيمي البداوي والجليل

أغلق أهالي مخيم البداوي شمال لبنان مدرستي "كوكب" و"البطوف"، رفضاً لقرار "أونروا" دمج المدرستين.

ووفق هذا القرار، سيصبح للمدرسة، التي ستحمل اسم "مدرسة البطوف"، مدير واحد ونائبان.

وقال أحد أعضاء اتحاد المعلمين، والذي فضل عدم الكشف عن اسمه، بسبب منع إدارة "أونروا" موظفيها من التحدث مع وسائل الإعلام إلا بإذن مسبق، أكد أن "الوكالة تركز في سياساتها التعليمية على استمرارية المسيرة التعليمية وليس جودتها".

وأشار إلى أن "أونروا" تهدف من خلال إلغاء ودمج المدارس إلى التوفير المادي، إذ أن دمج المدرستين في مخيم البداوي سيؤدي حتماً إلى إلغاء وظائف وتوفير وظيفة مدير، محذراً من الآثار السلبية لهذه السياسة على الطلاب والمعلمين على حد سواء.

وأوضح: "المدرسة ستصبح ضخمة جداً، فيها 1172 طالباً"، مستغرباً من سياسة توفير الأموال فيما هناك ملفات فساد كبيرة في الوكالة تهدد تمويل "أونروا" بشكل مباشر.

وحول عدد الطلاب في الصف الواحد، ندد بسياسة الوكالة التي تقول بأن لكل طالب متر مربع واحد، ومساحة الصف تبلغ 50 متراً، أي أن لا مكان للأستاذ وطاولته في الصف، مردفاً: "في بعض الصفوف أزالوا الطاولات كي تستوعب الأستاذ والطلاب".

 

 

وفي مخيم ويفل(الجليل) في البقاع، أغلق الأهالي مدرستي القسطل الثانوية وطبريا الابتدائية رفضاً لقرار دمجهما.

وطالب المعتصمون إدارة الوكالة بالتراجع الفوري عن قرار الدمج، لما له من تداعيات سلبية على الطالب الفلسطيني، مؤكدين الاستمرار بتحركاتهم لحين الاستجاب لمطالبهم.
 


"أونروا" تنفي التهم الموجهة لها

من جهته، أكد مدير قسم التعليم في "أونروا"، سالم ديب، أن الوكالة، وبالرغم من الأزمة المالية المحدقة بها، تمكنت من افتتاح العام الدراسي في وقته، بحضور 95% من المعلمين في مدارس الوكالة الـ 65، والبالغ عددهم 1200 معلماً في لبنان.

وقال ديب، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إن "أونروا" ملتزمة بتقديم خدماتها الأساسية، وعلى رأسها التعليم، وتولي، منذ العام 2010، أهمية كبيرة لجودة التعليم، موضحاً، أنه جرى تطوير المناهج التعليمية بالرغم من جميع التحديات، هذا إلى جانب التحسين المادي لـ 30 مدرسة في لبنان خلال العامين الماضييين.

وأشار ديب إلى أن مدرستي "كوكب" و"البطوف" في مخيم البداوي، هما المدرستان الوحيدتان في لبنان اللتان تعملان وفق نظام الدوامين "Double Shift".

وأوضح ديب أن الطلاب يخسرون ساعة يومياً، بمعدل شهر في العام، بسبب هذا النظام، ما يؤثر سلباً على جودة العملية التعليمية، التي ستتحسن في حال دمجنا المدرستين سوياً، وفق قوله.

وذكر ديب إلى أن هدف الدمج الأساسي هو إلغاء نظام الدوامين، مشيراً إلى أن الوكالة أنشأت 12 صفاً جديداً لاستيعاب الطلاب كافة، وذلك ضمن القانون الذي يمنع تجاوز عدد الطلاب في الصف الواحد الـ 50 طالباً.

وأضاف أنه سيتم خلط الصفوف من الأول إلى الثالث بين البنين والإناث في سبيل تنفيذ قرار الدمج، مشيراً إلى أن الحد الأقصى في المدرسة لا يتجاوز الـ 44 أو 45 طالباً في الصف الواحد.

وسيشرف على المدرسة مدير واحد ونائبان، بحسب ديب.

وحول الأزمة في مخيم الجليل، رفض ديب تسمية ما حصل في مدرستي القسطل وطبريا بـ "الدمج"، بل اعتبر أنه جرى ضمهما في مجمع واحد يضم المدرستين.

وأوضح إلى أن مدرستي القسطل وطبرية صغيرتان، ولا يتجاوز عدد الطلاب فيهما معاً الـ 900 طالب، ولهما مدخل واحد وملعب واحد.

وذكر أنه منذ العام الماضي، توجد إدارة واحدة للمدرستين، مشيراً إنه حين التقى ونائبة المدير العام لـ "أونروا" ومدير منطقة البقاع في الوكالة بالأهالي، لم يبدوا اعتراضاً "إلى حد ما".

وأشار ديب إلى أن الوكالة في معترك حالياً بسبب الأزمة المالية، مؤكداً أنه يحق لها استثمار مواردها المادية والبشرية بالطريقة الأمثل.

وحمّل ديب الأهالي واللجان الشعبية مسؤولية تأخير المسيرة التعليمية للطلاب من خلال إغلاقهم المدرستين.
 


اعتصام للمعلمين رفضاً لسياسات الوكالة

مشاكل الدمج ليست الوحيدة التي تعترض العملية التعليمية، إذ شارك عشرات المعلمين العاملين في مدارس "أونروا" في اعتصام، صباح يوم أمس الجمعة، أمام مقر الوكالة الرئيسي في العاصمة بيروت.

 


وطالب "مؤتمر المعلمين الفلسطينيين في لبنان"، الذي نظم الاعتصام، بوقف إجراءات دمج المدارس والتراجع عن زيادة عدد الساعات التدريسية الأسبوعية لمعلّمي المرحلة الثانوية، من 20 ساعة إلى 22 ساعة.

كما دعا المؤتمر إلى "تصحيح التزوير الفاضح الذي مارسته الإدارة في حق المعلمين عند إقرار زيادة سلسلة الرتب والرواتب المزعومة"، مطالبة بـ "لجنة تحقيق ولجنة مسح جديدة لتصحيح التزوير السابق ومحاسبة المسؤولين عنه".

وشدد المؤتمر على ضرورة "إنهاء معاناة خريجي دار المعلمين والروسترات بإعادة التثبيت والتعيينات وملء الوظائف الشاغرة وإلغاء العقود واليومي"، رافضاً بشدة التشكيلات الصفية الخمسينية.

ورداً على عدد من مطالبات المؤتمر، قال مدير قسم التعليم في "أونروا"، سالم ديب، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينين"، إن الأستاذ ليس ملزماً بـ 22 ساعة، إذ "إن العملية التعليمية ليست أرقام، نحن نتعامل مع الموضوع بشكل علمي، وعندما يكون المعلم غير قادر على إعطاء 22 ساعة، فلا نلزمه بذلك".

كما أكد ديب إلى أن الوكالة لن تسرح أياً من الموظفين، مشيراً إلى أن المفوض العام شدد على ذلك، معتبراً الأمان الوظيفي "مقدس" لدى الوكالة.

أما حول خريجي دار المعلمين، فأشار ديب إلى أن هناك أولوية في توظيفهم، وأنه جرى توظيف الكثير منهم، إلى أن موضوع التثبيت هو بعهدة إدارة "أونروا"، حيث إنها أصدرت قراراً بعدم التثبيت في أقطارها الخمسة، وليس في لبنان فقط.

ودعا ديب إلى توحد الجميع في سبيل الحفاظ على "أونروا" في ظل "المؤامرة الكبيرة التي تتعرض إليها".

 

 آخر المستجدات المالية للوكالة: عجز بقيمة 120 مليون دولار

أكد الناطق الرسمي باسم "أونروا"، سامي مشعشع، في حديث إذاعي اليوم السبت إلى أن عجز الوكالة لهذا العام بلغ حوالي 120 مليون دولار ضمن الميزانية البالغة ملياراً و200 مليون دولار.

وذكر مشعشع أن الوكالة نجحت في افتتاح العام الدراسي لهذا العام والاستمرار في تقديم خدماتها في مناطق عملياتها الخمس بالرغم من محاولات تصفيتها.

وأشار إلى أن الوكالة تسعى بالتعاون مع الدبلوماسية الفلسطينية والأردنية والجامعة العربية لحشد الدعم السياسي والمالي للوكالة وتجديد تفويض عملها خلال السنوات الثلاث المقبلة في الأمم المتحدة.

وحول قضايا الفساد، أكد مشعشع أن الوكالة ملتزمة بالتعاون مع لجنة التحقيق المكلفة بخصوص تهم الفساد، وأنه يجب "الفصل بين الفساد في الوكالة وتفويض عملها الذي تستغله بعض الدول لأهداف سياسية"، معتبراً أن "محاولة إدخال تعديلات بخصوص أعداد اللاجئين وتعريف من هو اللاجئ لن تنجح".

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد