صحف

تحل اليوم الذكرى 25 لاتفاقية االتسوية الأردنية-الإسرائيلية، المعروفة بـ "اتفاقية وادي عربة"، والتي وقعت في 26 تشرين الأول/ أكتوبر عام 1994، بين رئيس وزراء الاحتلال يتسحاق رابين، ورئيس الوزراء الأردني عبدالسلام المجالي، خلال حفل أقيم بمنطقة وادي عربة، الواقعة بين البحر الميت شمالاً، وخليج العقبة جنوباً، بين الأردن وفلسطين المحتلة.

 

تاريخ من العلاقات المضطربة

نستعرض، بشكل موجز، أبرز المحطات التاريخية في العلاقات بين الاحتلال الإسرائيلي والأردن منذ التوقيع على "اتفاقية وادي عربة":

  • هبة النفق

لم يمض عامان على توقيع الاتفاقية، حتى شهدت العلاقات بين الطرفين أولى أزماتها، في 25 أيلول/سبتمبر عام 1996، مع انطلاق الهبة الشعبية الفلسطينية -"هبة النفق"-، رفضاً لحفر وافتتاح سلطات الاحتلال النفق الغربي أسفل المسجد الأقصى المبارك.

اعتبرت العملية جريمة بحق المقدسات الإسلامية الواقعة تحت وصاية الأردن، ما شكل حينها إحراجاً لهذا البلد من "صديقه" الجديد كيان الاحتلال.

 

  • عملية الدقامسة

بعد أقل من عام، وتحديداً في 12 آذار/مارس عام 1997، أطلق الجندي الأردني أحمد الدقامسة النار على 7 مستوطنات إسرائيليات إثر استهزائهن به أثناء أدائه الصلاة في الباقورة، ليقتل الفتيات السبعة، ويحكم عليه بالسجن المؤبد، قبل أن يفرج عنه عام 2017.

الدقامسة كان عسكرياً حين نفّذ عمليته، ما أشار حينها إلى أن السلوك السياسي والدبلوماسي للأردن لا ينسحب على الشعب والجيش، وهو ما أثبته رفض شعبي طويل ومستمر إلى الآن لتوقيع اتفاقية التسوية.

وبعد عام على إطلاق سراحه وصلت للدقامسة رسالة تهديد من كيان الاحتلال تقول: "لا تعتقد بأننا نسيناك. موعد الانتقام اقترب."

 

  • محاولة اغتيال خالد مشعل

بعد نحو 5 أشهر من توقيع اتفاقية "وادي عربة"، كادت محاولة "الموساد" اغتيال الرئيس السابق للمكتب السياسي لحركة حماس خالد مشعل، أن تطيح بالاتفاقية كلها.

إذ حقن عناصر من "الموساد" مشعل بمادة سامة قبيل دخول مكتبه في شارع وصفي التل بالعاصمة عمان، وتمكن أحد الحراس الشخصيين لمشعل من إلقاء القبض على أحد أحدهم، ثم سلمه إلى الأمن الأردني الذي ألقى القبض على عنصر آخر.

ولم تنته الأزمة إلا بعد موافقة رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو على تسليم الترياق المضاد للسم، كما أفرج عن قائد حركة حماس الشيخ الشهيد أحمد ياسين، مقابل تسليم عنصري "الموساد".

 

  • الإفراج عن 4 أسرى اردنيين

في 5 تموز/يوليو عام 2007، وافق الاحتلال على نقل 4 أسرى أردنيين في سجونه لإكمال محكومياتهم في السجون الأردنية، حيث أفرج عنهم في 21 آب/أغسطس عام 2008، بعفو ملكي.

 

  • تعثر مشروع ناقل البحرين

إلى عام 2013، حيث اتفاق الأردن والسلطة الفلسطينية مع الاحتلال على الشروع بالمرحلة الأولى من مشروع ناقل البحر الأحمر إلى البحر الميت لتحلية المياه وزيادة منسوبه، إلا أن المشروع لم يكتب له النجاح حتى اللحظة.

لاقى هذا المشروع معارضة أردنية واسعة كونه يشكل تطبيعاً اقتصادياً فجاً مع الاحتلال، ويحقق مكاسب للاحتلال على حساب سيادة الأردن

 

  • وفد إسرائيلي يغتال الشرطي إبراهيم الجراح

في العام نفسه، وجد الشرطي الأردني الأردني إبراهيم الجراح مقتولاً بعد مرافقته وفد سياح إسرائيليين في منطقة ماعين جنوب غرب عمّان، واتهمت عائلة الجراح الوفد الإسرائيلي بقتله، وطالبوا الأجهزة المختصة بالكشف عن ملابسات الحادثة كافة.

 

  • إعدام ميداني للقاضي رائد زعيتر

بعد أقل من عام، أطلق جندي إسرائيلي النار على القاضي الأردني رائد زعيتر عند معبر جسر الملك حسين على الحدود بين الضفة الغربية والأردن، ما أثار موجة غضب واحتجاجات عارمة في الأردن وفلسطين.

 
  • اتفاقية الغاز الأردنية – الإسرائيلية

بدأت الاتصالات بشأن الاتفاق منذ 2011، ووقع الاتفاق عام 2016 بوساطة أمريكية بعد تأجيلات عدة.

وأثار توقيع الاتفاقية بين شركة الكهرباء الوطنية الأردنية وشركة "نوبل إنيرجي" الأمريكية لنقل الغاز الإسرائيلي، رفضاً واسعاً على الساحة الأردنية، خلال الأشهر الماضية، بعد أن نظمت حراكات شعبية سلسلة فعاليات تندد بالتطبيع الاقتصادي مع الاحتلال، تحت شعار "غاز العدو احتلال".

 

  • العمال الأردنيون في "إيلات"

نشر ما يسمى وزير الداخلية في حكومة الاحتلال  سيلفان شالوم عام 2015 صورة جمعته بأول دفعة من العمال الأردنيين والمكونة من 172 عاملاً.

بدأ بذلك العمل في البروتوكول الموقع بين الجانبين منذ العام 2000 لتزويد فنادق "إيلات" بعمال أردنيين.

عمل الأردنينين في إيلات يخضع لبروتوكول موقع بين الجانبين الأردني والإسرائيلي منذ عام 2000، ليتم إيفاد نحو 1500 عامل على مراحل، عبر ثلاث شركات توظيف أردنية وسيطة، يوظف خلال أردنيون بالحد الأدني من الأجور ويعاملون بطريقة لا تليق مع كرامتهم المهنية حيث يمنعون من المبيت داخل الأراضي الفلسطينية المحتلة عام 48.

البرتوكول منذ توقيعه يلقى استياء شعبياً ونقابياً واسعاً لاعتباره أحد أشكال التطبيع مع كيان يهدد الوجود العربي، وتساؤلات عن سبب عجز مدينة العقبة الأردنية ذات الاستثمارات المليونية في قطاعي الإنشاءات والسياحة عن استقطاب الأيدي العاملة الأردنية، بدل دفعها إلى إيلات.

 

  • استشهاد شابين أردنيين في القدس المحتلة

في عام 2016، استشهد الشاب الأردني سعيد العمرو في القدس المحتلة برصاص قوات الاحتلال خلال زيارته الضفة الغربية، وتبعه استشهاد الأردني محمد الكسجي، إثر تنفيذه عملية طعن لاثنين من أفراد شرطة الاحتلال في القدس المحتلة عام 2017.

 

  • معركة البوابات الإلكترونية

شهدت العلاقات بين الطرفين أزمة جديدة عقب تركيب قوات الاحتلال بوابات إلكترونية أمام بوابات المسجد الأقصى في تموز/يوليو عام 2017، انتهت باتفاق يعيد الوضع في المسجد الأقصى إلى ما كان عليه.

 

  • اغتيال الشاب محمد الجواودة

وإبان معركة البوابات، أطلق حارس في سفارة الاحتلال في عمّان النار على الشاب الأردني محمد الجواودة، الذي كان ينقل أثاثاً لمبنى تابع لسفارة الاحتلال، ما أدى لتوتر العلاقات بين الجهتين، انتهت باعتذار إسرائيلي رسمي وتشكيل لجنة تحقيق لم تكشف نتائجها حتى الآن.

 

  • نقل السفارة الأمريكية إلى القدس المحتلة

اعتبر الأردن قرار رئيس الولايات المتحدة الأمريكية دونالد ترامب نقل سفارة بلاده إلى القدس المحتلة في 6 كانون الأول/ديسمبر عام 2017، والاعتراف بالمدينة المحتلة عاصمة للكيان الإسرائيلي، "خطورة على مستقبل عملية السلام".

 

  • الباقورة والغمر

قرر الملك الأردني عبدالله الثاني، عام 2018، إنهاء العمل بملحقي الباقورة والغمر من اتفاقية "وادي عربة"، ليستعيد الأردن هاتين المنطقتين بعد 25 عاماً من إعطاء الاحتلال حق التصرف فيهما، وتستعد عمّان لاستعادة المنطقتين بالكامل في 10 تشرين الثاني من العام الحالي.

 

  • الأسيران مرعى اللبدي

اعتقل الاحتلال خلال العام الحالي الأردنييْن عبد الرحمن مرعي وهبة اللبدي ليرتفع عدد الأسرى الأردنيين في سجون الاحتلال إلى 22 أسيراً.

 

قراءة إسرائيلية لواقع العلاقات الأردنية مع الاحتلال

في محاولة لقراءة الوضع الحالي للعلاقات بين الطرفين، نشرت صحيفة "يديعوت أحرونوت" ورقة بحثية لـ ليئور لاهارس، الباحث في العلوم السياسية والعلاقات الفلسطينية مع الاحتلال، خلصت إلى أن "الوصول إلى تطبيع العلاقات مع الدول العربية دون التقدم في العملية السياسية مع الفلسطينيين بات خاطئاً".

وأوضح لاهارس أنه وعلى الرغم من سياسة التفريق بين المسار العربي العام والمسار الفلسطيني الخاص، التي اتبعها رئيس الحكومة بنيامين نتنياهو طوال العقد الماضي، إلا أن "الأزمة التي نعيشها مع الأردن بسبب استئجار المناطق الزراعية دليل جديد على خطأ هذا النهج، بعكس ما سعى إليه نتنياهو".

وأشار إلى أن الواقع الحالي يؤكد صعوبة الفصل بين الساحتين الأردنية والفلسطينية، مستشهداً بأن الملك الحسين بن طلال، لم يوقع على "وادي عربة"، إلا عقب توقيع الجانب الفلسطيني على "اتفاقية أوسلو".

وأكد أن "الأردن موجود في قلب القضايا الأساسية الفلسطينية-الإسرائيلية، ففي قضية القدس تعتبر الأردن لاعباً أساسياً فيها، وقد اعترف اتفاق السلام الفلسطيني-الإسرائيلي بالدور الأساسي للأردن بالإشراف على الأماكن المقدسة، ومارس دوره في عديد الأزمات الدبلوماسية حول هذه القضية في سنوات ماضية، وكذلك في قضية اللاجئين الفلسطينيين، حيث يقيم مليونان منهم في الأردن، وكذلك في الترتيبات الأمنية في غور الأردن".

ونوه لاهارس إلى أن "الرفض الأردني اليوم لعدم تجديد استئجار إسرائيل للمناطق الزراعية، ورفض الملك عقد لقاء مع نتنياهو، يشير إلى حجم التدهور في العلاقات بينهما، على عكس مستوى الثقة الذي كان قائما بين الملك حسين ورابين، مما يجعل إسرائيل مطالبة بالعمل على تغيير الوضع السيئ مع الأردن، وتكثيف الحوارات معه، والتقدم في العملية السياسية مع الفلسطينيين، مما سيؤثر على العلاقات مع جارتنا الشرقية"، بحسب قوله.

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد