اسطنبول – تركيا
 

في إطار مشروع بوابة اللاجئين الفلسطينيين لتوثيق حكايا اللاجئين الفلسطينيين أينما حلوا، التقى فريق الموقع بلاجئ فلسطيني يختصر بتفاصيل حياته قصة النكبة الثانية التي حلت بفلسطينيي سوريا، بعد حصار مخيماتهم وقصفها واضطرار آلاف منهم النزوح إلى مناطق أخرى في سوريا أو إلى خارجها.

في أواخر نيسان/ إبريل عام 2018 انتهى الحصار المفروض على مخيم اليرموك بعد حملة عسكرية جوية شنها النظام السوري وحليفه الروسي على مسلحي تنظيم داعش الإرهابي الذين كانوا موجودين في المخيم، وأسفر هذا القصف عن دمار كامل، وفق ما أكد بعد أسابيع قليلة من الحملة السورية- الروسية المتحدث بإسم الأمين العام للأمم المتحدة "استيفان دوغريك".

والحال هذه، لم يبق لمن نجى من المجزرة التي حلت باليرموك - بعد أن تم ضمان خروج مسلحي داعش ضمن اتفاق تسوية مع النظام- سوى خيار الهجرة القسرية إلى الشمال السوري، بسبب ما وصفوه بـ "غياب الضمانات" حول أمنهم وسلامتهم فيما إذا بقوا بعد ذلك في منطقة جنوب دمشق الملاصقة للمخيم المدمر المفقود الأمل بالعودة إليه في وقت قريب، ونزعت شريحة الشباب بالذات إلى المغادرة بسبب تخوّفها من الاعتقال والسوق إلى الخدمة الإلزاميّة في صفوف جيش النظام، ومحاسبتهم على سنوات التخلّف عن الخدمة.

وبذلك انتقلت إلى الشمال السوري آلاف العائلات الفلسطينية المهجرة من اليرموك، لتسكن في خيم فاقدة لأي مقومات تصلح للحياة الإنسانية ومنهم  اللاجئ الفلسطيني محمود الشيخ خالد الذي استطاع أن يجتاز الحدود التركية بطريقة غير شرعية أملاً في إيجاد استقرارٍ لعائلاته كان مفقوداً طيلة سنوات، وعلاجٍ له ولابنه وزوجته، لكن آماله اصطدمت بواقع مرير يعاني منه الفلسطينيون السوريون في تركيا.

يروي محمود تفاصيل هجرته القسرية من مخيم اليرموك وصولاً الى تركيا مروراً بالشمال السوري، بالقول: "تهجرنا للشمال السوري وقعدنا سنة ونص، الخيمة ما بتحميك لا من المطر ولا من الشمس.. وإحنا وعدونا إنه غير هيك يصير معنا .. بس الوعد كان كذّاب.. زتونا بوادي الأفاعي وقاسينا كتير أنا وولادي ..  يعني في عندي ولد مصاب ومرتي معها الكلاوي (مرض قصور كلوي) وأنا مصاب ..قاسينا كتير لحتى جماعة ساعدونا وطلعونا.. وصلنا ع تركيا.. انكمشنا (ألقي القبض علينا) بتركيا وفوتونا".

وفي تركيا فوجئ اللاجئ االفلسطيني أنه يحارب وحيداً وسط غلاء المعيشة والبطالة وعدم امتلاكه وثيقة لجوء قانونية تخوله العمل أو العلاج .

وأشار محمود الشيخ خالد إلى صعوبة القوانين والقرارات التركية وصعوبة استصدار أوراق الحماية المؤقتة " الكمليك" للاستفادة من خدمات التعليم والطبابة التي تقدمها الحكومة التركية ، بالإضافة الى عدم وجود فرصة عمل بسبب طلب إذن العمل الذي يصعب استخراجه لعدم القدرة على الحصول على بطاقة الحماية المؤقتة "الكمليك".

وأطلع محمود فريقنا على سوء المنزل الذي يقطنه: "أعيش بمنزل شبيه بالخرابة تأكله الرطوبة، لا يدخل إليه شمس ولا هواء، بعض الأشخاص قدموا لي أريكتين ومدفأة كهربائية وثلاجة شبه معطلة".

لم يطلب هذا اللاجئ الفلسطيني أي مساعدة مادية، بل توجه بالمناشدة إلى سفارة السلطة الفلسطينية في أنقرة لتساعده على إيجاد حل لوضعه القانوني، عبر منحه وعائلته بطاقات حماية مؤقتة كي يستطيع من خلالها الخروج إلى الشارع مع أبنائه وإيجاد عمل والحصول على علاج له ولزوجته ولولده الذي يعاني من إصابة قذيفة في يده وكتفه، بات بعدها بحاجة إلى تركيب أسياخ في العظم من أجل التعافي.

وتحدث الشيخ خالد عن عدم تمكنه من الحصول على جواز سفر السلطة الفلسطينية لعدم امتلاكه مبلغ 200$ يجب أن يدفعها كرسوم لأربع جوازات سفر له ولأفراد عائلته.

وختم اللاجئ محمود حديثه مع بوابة اللاجئين قائلاً: "جربنا كل أنواع العذاب والمآسي من عيش تحت الخيام إلى هجرة ثانية إلى الشمال السوري ومن ثم إلى تركيا لقد -تعبنا-".

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين السوريين في تركيا حوالي 2400 عائلة فلسطينية مسجلة، وموزعة على كل الأراضي التركية في الوسط والجنوب، وعدد العائلات الموجودة في مدينة اسطنبول مايقارب حوالي 1200 عائلة فلسطينية، 500 عائلة تمتلك وثائق الحماية المؤقتة صادرة عن مدينة إسطنبول و400 عائلة منهم لا تمتلك أوراق الحماية المؤقتة "الكملك"، وأعداد العائلات التي تمتلك هذه الوثائق لكن من ولايات أخرى تجاوز الـ 300 عائلة، فيما 390 عائلة منها لا تمتلك وثائق الحماية المؤقتة.

ويهدد الترحيل إلى الشمال السوري كل من لا يملك هذه البطاقة نظراً لحملة بدأتها السلطات التركية في آب / أغسطس الماضي لـ "مكافحة الوجود غير الشرعي في اسطنبول".
 

شاهد الفيديو

 

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد