الوليد يحيى
 

مجدداً، إنّها الذاكرة الفلسطينية، التي تتنبه من تلقاء نفسها مع كل ذكرى نكبة أو مجزرة أو ترحيل.

 في مثل هذه الأوقات من العام 2012، كانت لا تزال النكبة طازجة.

نكبة مخيّم اليرموك التي انطلقت بشكلها الصريح مع "مجزرة الميغ"، في السادس عشر من كانون أول/ديسمبر 2012، حيث استهدفت طائرة النظام السوري الحربيّة مسجد عبد القادر الحسيني الذي كان ملجأً لمئات العوائل النازحة من مناطق أخرى، وأردت العشرات منهم ضحايا وجرحى، ومنذ ذلك التاريخ و الخلايا تنبض مع كل ذكرى، ألماً ولجوءاً وتذكرّنا بطزاجتها المستمرة.
 


وتطل اليوم في 16 من كانون الأوّل/ ديسمبر 2019 ذكراها السابعة، ومهجّرو اليرموك ما يزالون يبحثون عن بارقة أمل لعودتهم إلى مخيّهم المدّمر، بين وعود الجهات المعنيّة سواء حكوميّة أو فصائليّة فلسطينية، والتي لم تبخل في إطلاقها منذ استعادة المخيّم من قبضة تنظيم الدولة "داعش" في أيّار/ مايو من العام 2018 الفائت، في ظل غياب الوضوح الرسمي السوري والفلسطيني، لمستقبل المخيّم العمراني والإداري، المرتبط بمصير أكثر من 160 ألف لاجئ فلسطيني نازح عن المخيّم الذي يعتبر من أكبر مخيّمات الشتات الفلسطيني.

سبعُ سنوات، ومفردات النكبة باتت أكثر جزالة، ولم يغيّر من وقعها "تحرير المخيّم"  فأبناء اليرموك اليوم مهجّرون بين داخل سوريا وخارجها، الآلاف منهم أضحوا خارج البلاد بعدما دفعتهم نكبتهم إلى خوض البحر باتجاه دول اللجوء الأوروبية، فيما يقضي آلاف آخرون أيّامهم تحت جور أنظمة وقوانين دول الجوار في لبنان والأردن وتركيا، والتي تبدو أنها ستسمر على المدى القريب، إلّا أنّ البعض يحاول إنهاءها عبر الاندفاع نحو طرق الهجرة التي باتت أكثر تعقيداً وخطورة وتكلفة، لا يقوى غالبيتهم على سلكها.

أمّا في داخل سوريا، ما تزال الأغلبيّة من أبناء المخيّم، يئنون تحت سياط النزوح الداخلي، وما يترتب عليه من تكاليف عيش باهظة بين إيجارات منازل مرتفعة، وبطالة وغلاء معيشيّ جعلتهم لا يكفّون عن مناشدة الهيئات الإغاثيّة ووكالة " أونروا" التي صنفتّ حالهم بـ" الأكثر هشاشة" بين شرائح اللاجئين، فيما تتواصل حياة التهجير القسري لمئات العائلات في الشمال السوري، في ظل واقع ايوائي ومعيشيّ لا إنسانيّ في مخيّمات التهجير.

يعيش اليوم أبناء اليرموك ذكرى ضربة الميغ، التي شكّلت البداية الفعليّة لنكبة تهجيرهم، وفصلاً انعطافياً في نكبة المخيّم، لا ينفك ابن المخيّم عن تذكّرها كما يتذّكر الفلسطيني نكباته، فالتذكّر بالنسبة لديه أيضاّ شكل للمقاومة.
 

فذّكر إن نفعت الذكرى بمخيّم اليرموك ونكبته!

بلغ عدد سكان مخيم اليرموك حتى العام 2011 نحو 190 ألف نسمة من اللاجئين الفلسطينيين وفق إحصاءات وكالة "أونروا"، و800 ألف نسمة من غير الفلسطينيين.
 

البداية

بدأت الأوضاع في المخيم تشهد توتراً بعد ما عرف "بأحداث الخالصة" يوم تشييع شهداء ذكرى النكسة في 6/6/2011 الذين ارتقوا على الحدود مع الجولان السوري المحتل برصاص الاحتلال الإسرائيلي، حيته توجه المتظاهرون المشاركون في التشييع غاضبين لمحاصرة مقر الخالصة التابع للجبهة الشعبية- القيادة العامة استنكاراً لاستغلال بعض الفصائل المتحالفة مع النظام السوري مسيرات إحياء ذكرى النكبة والنكسة في منطقة الجولان السوري المحتل للتغطية على الأحداث في سورية، ووقوع  عدد كبير من الشهداء برصاص العدو الصهيوني أثناء محاولتهم العبور إلى الطرف الآخر المحتل.

سقط بذات اليوم عدد من الضحايا المدنيين من أبناء مخيم اليرموك برصاص عناصر "القيادة العامة" خلال المظاهرة أمام مبنى الخالصة ليشهد هذا اليوم تحولاً في استقرار وحياد مخيم اليرموك.

انتقل بعدها المخيم لحالة غضب مؤقتة، بعد أن استشهد الطفل يزن الخضراء في شارع فلسطين وعدد آخر من الشبان الفلسطينيين، جراء تعرضهم لرصاص قوات النظام أثناء مشاركتهم في شهر تموز عام 2012 بمظاهرة تندد بمقتل (16) لاجئاً من عساكر جيش التحرير الفلسطيني، وجدت جثثهم في مدينة بنش بإدلب بعد خطفهم من قبل جهات مجهولة على طريق حلب مصياف، وأغلبهم من أبناء مخيم النيرب في حلب.  

بعد ذلك، ولفترة ما قبل نهاية العام 2012، اعُتبِر المخيم المنطقة الوحيدة التي لم تتأثر بالنزاع المسلح المباشر بين قوات النظام والمعارضة السورية المسلحة في المنطقة الجنوبية للعاصمة دمشق، باستثناء استهداف المخيم بقذائف الهاون بين الفينة والأخرى، ما تسبب بوقوع ضحايا جراء هذا الاستهداف، وكان أكثرها وقعاً ما عرف بـ"مجزرة حي الجاعونة" بتاريخ 2/8/2012 وقد خلف قصف الحي بقذائف الهاون (19) ضحية من أبناء الحي.

لكن المخيم استمر في كونه المكان الأكثر أماناً من بين الأحياء الجنوبية واستقبل في مدارسه ومساجده وعدد من البيوت التي قدمت للنازحين أو المستأجرة من قبلهم  حوالي (300) ألف نسمة على دفعات، وذلك من نهاية عام 2011 وحتى نهاية عام 2012. وكان هناك عشرة مراكز إيواء  افتتحت لإيواء النازحين من المدنيين من مختلف المناطق المجاورة، إذ قارب العدد في كل منها (1500) شخصاً، وعملت أكثر من ست مؤسسات وجمعيات وهيئات إغاثية  داخل المخيم على تقديم مختلف الخدمات لهم ورعايتهم.
 

النزوح الكبير 17-12-2012

بعد معارك عنيفة  بين عناصر "القيادة العامة" واللجان الموالية للنظام السوري مع المعارضة المسلحة سيطرت خلالها الأخيرة على أجزاء واسعة من مخيم اليرموك، تعرض المخيم  للقصف الجوي بطيران "الميغ" ظهيرة يوم 16/12/2012،  واستهدف القصف جامع "عبد القادر الحسيني" ومدرسة "الفالوجة" التابعة لـ"أونروا"، ما أسفر عن سقوط أكثر من 150 شخص بين قتيل وجريح.

على إثر تلك الحادثة والقصف الذي شهده المخيم، وما صاحبه من انتشار شائعات عن نية القوات النظامية اقتحام المخيم في اليوم التالي، شهد المخيم عملية نزوح جماعي صباح يوم 17/12/2012، خرج خلالها الآلاف من اللاجئين الفلسطينيين ونزح  أيضاً سكان المخيم من السوريين، ولكن بقي داخله آلاف الفلسطينيين المدنيين.

في حين تمركز عناصر الجبهة الشعبية - القيادة العامة وقوات النظام عند المدخل الرئيسي شمال المخيم. ومنذ ذلك الوقت والمخيم يشهد اشتباكات ومعارك شبه يومية. كما تعرّضت مختلف الأحياء إلى القصف بكل أنواع الأسلحة إضافة إلى السيارات المفخخة مما أوقع العديد من الضحايا بين قتيل وجريح وأدى إلى دمار واسع للأحياء السكنية في منطقة شمال غرب المخيم.
 

ملامح حصار

مع بداية العام 2013 بدأت ملامح الحصار تلوح في الأفق، وذلك من خلال الإجراءات التي اتخذها حاجز القوات السورية واللجان التابعة للجبهة الشعبية _  القيادة العامة وفتح الانتفاضة. شملت هذه الإجراءات منع إدخال المواد الغذائية والطبية والصحية إلا بشكل خفيف. إضافة إلى عمليات التفتيش الدقيقة والتحكم في الدخول والخروج من وإلى المخيم، إلى جانب عمليات الاعتقال (ذكوراً وإناثاً)، وتذكر الإحصائيات غير الرسمية إلى أن عدد المعتقلين الفلسطينيين من أبناء المخيم وصل حينها لما يقارب الـ (500) معتقل في سجون النظام.

وفي أوائل شهر تموز/ يوليو من العام نفسه تعرض المخيم لمحاولة اقتحام من جانب الفصائل المتواجدة عند مدخله الرئيسي ما أدى إلى نزوح آلاف العائلات خوفاًمن اشتباكات محتملة، ولكن العملية العسكرية فشلت.

شهد منتصف شهر تموز 2013 إغلاقاً تاماً وحصاراً كاملاً لمخيم اليرموك والمنطقة الجنوبية التي كانت تعتمد بشكل كامل على المنفذ الوحيد شمال مخيم اليرموك للحصول على الغذاء وبعض المواد الأخرى.

 ونتيجة للتضيق والحصار الجزئي مع بداية العام 2013، شهد المخيم نقصاً حاداً في الحاجات الأساسية من غذاء ودواء ومحروقات، ونقصاً في الرعاية الصحية والطبية وانعداماً للخدمات من كهرباء مع بداية نيسان 2013، وانقطاع الاتصالات الجوالة منذ بداية شهر كانون الثاني 2013، وكذلك المياه.

وباءت المناشدات التي قام بها عدد من مؤسسات المجتمع المدني والإغاثي العاملة على الأرض، ووكالة "أونروا" من أجل كسر الحصار المفروض وإدخال المساعدات، ما اضطر المحاصرين لانعدام وجود المواد التموينية والغذائية للجوء إلى أنواع من الطعام كخبز العدس، ونبات رجل العصفورة (وهي عشبة برية سيئة الطعم)، وشوربة البهارات، وأيضاً وصل بهم الحال إلى تناول لحم والكلاب والقطط من أجل سد الرمق، ففي 14 تشرين الأول/ أكتوبر 2013، كان المخيم هو المنطقة الأولى في سوريا بعد عام 2011 التي لجأ سكانها لمثل هذا الفعل بعد مرور 90 يوماً من الحصار المطبق.

جاءت عملية ذبح وأكل لحم الكلاب بعد صدور فتوى من قبل الشيخ "صالح الخطيب البلداني" من منبر جامع فلسطين في المخيم، ونصت الفتوى على "جوازِ أكلِ لحمِ القطط والحميرِ والكلابِ للمُحاصَرينَ في المخيّم بعدَ أن بلَغُوا مرحلةَ الاضطرارِ المُفضي إلى الهَلاك".

بقي هذا الوضع حتى كسر جزء من الحصار لأول مرة في الشهر الأول من العام 2014، إذ تم إدخال عدد من الطرود الغذائية من خلال حملة الوفاء الأوروبية بالتعاون مع وكالة "أونرو" والهيئة العامة للاجئين الفلسطينيين في سوريا.

بيد أن هذه الحملة لم تقدم إلا القليل ولم تصل لكافة المحاصرين في المخيم، واستمرت معاناة السكان المحاصرين مع استمرار فشل إدخال المساعدات، وقضى في ذلك الوقت (187)  شخصاً من أبناء المخيم جوعاً ومرضاً جلهم من الأطفال والنساء، وارتفع الرقم حتى العام 2016 بسبب استمرار الحصار إلى (192).

"فيليبو غراندي" المفوض السابق لـ "أونروا"، وصف أوضاع المخيم المأساوية بعد زيارة المخيم في الشهر الثاني من عام 2014 :" أشعر بالانزعاج الشديد لما رأيته اليوم. لقد عانى اللاجئون الفلسطينيون ممن تحدثت إليهم الكثير، والعديد منهم في حاجة واضحة لدعم فوري، لا سيما الغذاء والعلاج الطبي. ما شاهدته واستمعت إليه اليوم يؤكد أهمية صدور قرار مجلس الأمن الدولي 2139 في الوقت المناسب حول إيصال المساعدات الإنسانية والحاجة إلى التزام جميع الأطراف بتنفيذ هذا القرار".

"نأمل أن تعطي التطورات الإيجابية في اليرموك الزخم للحوار السلمي بين جميع الأطراف بحيث يمكن إيصال المساعدات الإنسانية لجميع المدنيين في سورية الذين عانوا بما فيه الكفاية".

شهد المخيم خلال فترة حصاره وإلى الآن عدة هدن ومبادرات من أجل فك الحصار ودخول المساعدات وعودة المدنيين، إلا أنها باءت بالفشل جميعها.
 

الوضع الصحي

خلا المخيم من المشافي إلا مشفى وحيد هو مشفى فلسطين، بعد أن كان يوجد 3 مشافي في اليرموك، مشفى فلسطين ومشفى الباسل (المجمع الطبي الخيري) والمركز الإغاثي الطبي الجراحي ومئات العيادات.

وعمل المشفى بالحد الأدنى واقتصر عمله على حالات الإسعاف الأولي وعمليات البتر وبعض التحاليل الطبية البسيطة نتيجة معاناته من نقص كبير في المستلزمات الطبية والنقص الحاد بالمحروقات اللازمة لتشغيل ما تبقى من تجهيزات في المشفى.

يذكر أنه سجل في مخيم اليرموك انتشار عدد من الأمراض المزمنة مثل الحمى التيفية واليرقان، إذ وصل عدد حالات المصابين بمرض التيفوئيد  داخل اليرموك إلى أكثر من 110 إصابات، وذلك بسبب النقص الحاد بالأدوية والخدمات الطبية نتيجة استمرار الحصار ومنع دخول مساعدات طبية إلى المخيم ما أدى إلى انتشار أوبئة وأمراض عدة بين المحاصَرين، إذ وثقت مصادر طبية داخل المخيم الحالات المرضية التالية: التهاب الكبد الإنتاني (A)/يرقان 69 حالة، والإلتهابات التنفسية العلوية 160 حالة، والإلتهابات الهضمية 94 حالة، والحمى المالطية 5 حالات. إضافة إلى أمراض الكلى الناتجة عن اعتماد السكان على مياه الآبار.
 

الوضع التعليمي

كان يوجد في المخيم رغم ظروف الحصار والأوضاع المعيشية السيئة وإغلاق وكالة "أونروا" لمدارسها، ثلاث مدارس بديلة تقدم الخدمات التعليمية للطلاب: مدرسة الأمل الابتدائية وفيها 150 طالباً وطالبة، مدرسة الجرمق ابتدائية/اعدادية وفيها 800 طالباً وطالبة، والمدرسة الدمشقية 150 طالباً وطالبة، إضافة إلى روضة واحدة هي روضة الأمل 90 طفلاً وطفلة، لكن هذه المدارس أوقفت تعليمها بعد أن صدرت أوامر من تنظيم "داعش" الذي سيطر على المخيم فيما بعد بأن لا تعليم في المخيم  دون وصايته وعبر غير مناهجه.  

الأمر الثاني الذي عانى منه طلاب الجامعات والشهادتين الإعدادية والثانوية من أبناء المخيم هو صعوبة الخروج والدخول إلى المراكز الامتحانية في العاصمة دمشق، حيث تعرض عدد منهم للاحتجاز من قبل قوات النظام السوري إضافة إلى المضايقات التي تعرضوا لها من قبل داعش وجبهة فتح الشام في المخيم حيث جرت محاولات منعهم من الخروج أكثر من مرة.
 

دخول داعش إلى المخيم

في الأول من نيسان 2015 قامت عناصر من تنظيم داعش في الحجر الأسود باقتحام مخيم اليرموك بالتنسيق مع جبهة فتح الشام التي سهل عناصرها دخول داعش من منطقة الحجر الأسود. ودارات بعدها معارك عنيفة مع أكناف بيت المقدس وهي مجموعة مسلحة فلسطينية كانت تسيطر على اليرموك قبل دخول التنظيم المتطّرف.

وفور وصول التنظيم بدأ بحملات ترويع للأهالي  فتم خطف العشرات من المدنيين، إلى جانب دوره بعدد من عمليات الإعدام والاغتيال إضافة إلى فرض حظر تجول على السكان.

أدى ذلك، إلى حرمان اللاجئين من الحصول على الماء والطعام والرعاية الصحية وخاصة للجرحى الذين سقطوا نتيجة الاشتباكات.

وقام التنظيم كذلك باقتحام مقرات المؤسسات الإغاثية ونهب محتوياتها وملاحقة ناشطيها الذين لجؤوا إلى بلدة يلدا المجاورة، كما لاحق التنظيم أيضاً الناشطين الإعلاميين والإغاثيين، ويُتهم عناصره باغتيال أشخاص عدة ممن ينشطون في المجال الإغاثي والخدمي من أبناء المخيم.

في المقابل دخول داعش إلى المخيم نتج عنه نزوح حوالي 9 آلاف من السكان إلى يلدا وببيلا وبيت سحم المجاورة حيث أقام الكثيرون منهم في مراكز إيواء جماعية. ولم يتبقَ في المخيم  في ذلك الحين إلا (2500) عائلة.
 

الفصل الأخير

عصر  الخميس 19 نيسان/إبريل، بدأت قوات النظام السوري والتنظيمات المتحالفة معه، عمليّة عسكريّة واسعة باتجاه مخيّم اليرموك ومناطق سيطرة تنظيم "داعش" في الحجر الأسود وحي التضامن، بدأتها تلك قوّات النظام بعمليات قصف مدفعي مكثّف، وغارات للطيران الحربي، وتحركات بريّة على المحاور المحاذيّة.

واستمرّت الحملة العسكريّة التي كان مُعلنها" القضاء على تنظيم داعش" لمدّة شهرين، تخللها إسقاط آلاف الصواريخ والبراميل المتفجّرة جوّاً وأرضاً، على مخيّم اليرموك، ودمّرت قرابة 80% من أبنيته، وأتت على بناه التحتيّة، في مشهديّة تدمير، قال عنها مراقبون أنّها غير مبررة بأيّ فقه عسكريّ، ولا انضباطيّة حرفيّة في معالجات حرب المدن.

انتهت العمليات الحربيّة، في أيّار/ مايو 2018 الفائت، وكشفت عن تدميرٍ شبه كامل للمخيّم في عمرانه وبناه التحتيّة، دون سقوط عدد يذكر من مسلحي تنظيم "داعش" الذين استطاعوا الخروج بناء على تسوية مع النظام.

فيما خاف عدد من أبناء اليرموك المدنيين الذين نزحوا إلى البلدات المجاورة البقاء، لعدم حصولهم على تطمينات من قبل النظام السوري والفصائل الموالية له بأن لا يتم التعرض لهم ولعائلاتهم، فهجروا إلى الشمال السوري، ليبدؤوا فصلاً جديداً من فصول نكبتهم.

 

 وتبدأ  بعدها عمليات سلب ونهب منظّمة من قبل قطعات جيش النظام  السوري وحلفائه، لممتلكات الأهالي ومقتنياتهم في المخيم، حتّى طالت شبكات المياه والصرف الصحّي والتمديدات الكهربائيّة وكل ما يمت للبنى التحتية والخدميّة.

وحتى اللحظة لا يزال أهالي مخيم اليرموك لا سيما االنازحين منه إلى مناطق عدة داخل دمشق وضواحيها، ينتظرون بفارغ الصبر لحظة عودتهم إلى بيوتهم، لكنهم ممنوعين من ذلك، والحجة أن المخيم غير مؤهل للسكن بعد، وما يجعل الانتظار أكثر مرارة أن لا ملامح لإعادة إعماره تلوح في الأفق، كما لا ملامح لشكله بعد الإعمار واضحة، ولا جواب عن تساؤلات المهجرين منه عن مصير ممتلكاتهم، هل سيستعيدونها أم أنها ستدخل في إطار مشاريع تنظيمية جديدة لمدينة دمشق، حتى "أونروا" لم تعد بناء مؤسساتها في المخيم، والمبرر أنها تنتظر موافقة من الحكومة السورية.

 

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد