عدنان الحمد – مخيم نهر البارد
 

في ظل ارتفاع الأسعار المتصاعد شبه اليومي للسلع الغذائية والأدوية والمحروقات، بسبب هبوط قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي يعجز الكثيرون من اللاجئين الفلسطينيين عن تأمين الحد الأدنى من مدخولهم وتوفير قوتهم اليومي، حيث انعكست الأزمة اللبنانية بشكل كبير على أوضاع اللاجئين الفلسطينيين الاقتصادية والإنسانية العامة أكثر من سواهم، نظراً إلى هشاشة أوضاعهم أصلا، وفقدان مئات العمال والموظفين الفلسطينيين وظائفهم وأعمالهم بسبب إقفال المؤسسات والورش والمصانع، لكونهم من العمال والحرفيين المياومين، وقد انضم هؤلاء إلى صفوف العاطلين عن العمل، أو فقدوا أكثر من نصف رواتبهم تحت وطأة الأزمة.

 ولا شك أنه مع بدء الأزمة الاقتصادية اللبنانية منذ شهور، ارتفع معدل الفقر والبطالة في صفوف اللاجئين الفلسطينيين ليتجاوز ما كشفت عنه دراسة سابقة قامت بها وكالة غوث وتشغيل الأونروا للاجئين الفلسطينيين “الأونروا” بالتعاون مع الجامعة الأمريكية في بيروت، حول الأوضاع الاجتماعية والاقتصادية للاجئين الفلسطينيين في المخيمات اللبنانية، بأن ثلثي اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، يعانون الفقر، فيما يعاني 7.9 في المئة منهم من الفقر المدقع، بمعنى أن مدخولهم اليومي يقل عن دولارين ونصف الدولار يومياً. ونظراً لهذه الأوضاع، شهدت المخيمات الفلسطينية في لبنان مؤخراً تحركات شعبية واسعة، طالبت بمساعدات إغاثية دولية، وبخطة طوارئ لإنقاذ الفلسطينيين من الوضع المأساوي الذي يتعرضون له.
 

أزمة تؤثر على البائع والمشتري في مخيم نهر البارد

وأشار بشار النصار "صاحب أحد المحال التجارية لبيع الألبسة" في مخيم نهر البارد إلى أن  "هبوط قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي أثر على اللاجئين الفلسطينيين وأصبحوا غير قادرين على توفير احتياجاتهم الأساسية بسبب ارتفاع أسعار السلع بنسبة ٧٥٪ بسبب فرق العملات".

وقال محمد السعدي صاحب أحد محال "وان دولار": إن هبوط قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار أدى إلى كساد في البضاعة وأن كل البضائع أصبحت تباع بقيمة الدولار الأميركي وليس الليرة اللبنانية مما زاد الأعباء على التجار في المخيم.

ولفت سمير عوض وهو "عامل في مخيم نهر البارد" إلى تسريح العديد من العمال عن أعمالهم بسبب هبوط قيمة الليرة اللبنانية مقابل الدولار الأمريكي وأن العمل أصبح شبه معدوم، فيما وصف أحمد سهيل" صاحب أحد محال بيع الحلويات الوضع بالكارثي وأنه شارف على الإفلاس وإغلاق محله.

ومن ناحيته قال، جمال أبو علي، عضو اللجنة الشعبية في مخيم نهر البارد: إن المخيم البارد هو أكثر مخيم متضرر جراء الأزمة الاقتصادية الخانقة حيث كان المخيم سوق تجارياً يقصده كل اللبنانيين قبل حرب ٢٠٠٧ التي وقعت بين الجيش اللبناني وعناصر فتح الإسلام والتي أدت إلى تدمير المخيم وأصبح المخيم مغلقاً ولم يعد مقصدا للتجار والتسوق مما أدى إلى زيادة البطالة، لتأتي هذه الأزمة وتسكتمل كل وجوه الركود الاقتصادي.

 

"أونروا" تتذرع بتلكؤ المانحين

 وأمام الأوضاع الصعبة التي يعانيها الفلسطينيون في لبنان ناشد علي فيصل عضو المكتب السياسي للجبهة الديمقراطية ومسؤولها في لبنان " وكالة غوث وتشغل اللاجئين "أونروا"  بصرف المساعدات الإغاثية للاجئين الفلسطينيين بالدولار الأميركي أسوة بموظفي "أونروا"، حتى تحافظ على قيمتها الشرائية.

كما دعا علي فيصل إلى لقاء فصائل منظمة التحرير وأن يترأس الاجتماع الرئيس الفلسطيني محمود عباس وعلى مستوى أمناء الفصائل وفصائل التحالف لوضع خطة مواجهة،موجهاً الدعوة للجميع لوضع هذه الخطة المشتركة للضغط على الأمم المتحدة والدول المانحة لكي تفي بالتزاماتها من أجل حياة كريمة للاجئين الفلسطينيين، بعيداً من أي ابتزازات كما دعا قيادة السلطة الفلسطينية للتحرك الفوري من أجل الحشد الدولي لتعويض نقص التمويل في ميزانية الوكالة.

وحول هذا الموضوع، نقلت تسريبات عما جرى في اجتماع مفوض عام "أونروا" بالوكالة كريستيان ساوندرز ومدير عام الوكالة بلبنان كلاوديو كوردوني مع قيادات فصائل فلسطينية في لبنان، بأن الدول المانحة حتى  اللحظة لم تتبرع لتمويل خطة تحتاج  7 مليون دولار لتقديم مساعدة طارئة للاجئين الفلسطينيين في لبنان لمرة واحدة قيمتها تتراوح بين 50-70 دولاراً للفرد.

 وكان مدير عام "أونروا" بلبنان  كلاوديو كوردوني وعد لجنة التحركات الشعبية بتقديم مساعدة لأهالي المخيم نهاية آذار/ مارس، وتأمين السيولة المالية لذلك.

وفي بيان صادر عن اللجنة عقب اجتماعات منفصلة لها بكوردوني وقياديين في الفصائل الفلسطينية  قالت: إن كودوني وعد بالعمل على زيادة مبلغ الشؤون – وهو مبلغ مالي شهري تقدمه الوكالة للعائلات الفقيرة جداً-  وإيجاد صيغة مع البنوك اللبنانية لدفع أموال الشؤون بالدولار.

وأكد فيصل أن معدل البطالة في صفوف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان ارتفع من 56 إلى 80 في المئة بسبب انهيار الأوضاع اللبنانية، إلى جانب ارتفاع نسبة الفقر لـ 65 في المئة لغياب فرص العمل وارتفاع الأسعار على المواد الغذائية والحاجات الأساسية وتدهور العملة المحلية بالإضافة إلى إقفال أسواق العمل في وجوههم، وحرمانهم من الضمان الصحّي وحق التملّك، على الرغم من أنّ العمال الفلسطينيين يقيمون في لبنان منذ فترة طويلة، إلا أنه يجري معاملتهم كأجانب، بموجب المرسوم الوزاري رقم 17561 الصادر عام 1964.

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان 174.422 استناداً لنتائج التعداد العام للسكان والمساكن في المخيمات والتجمعات الفلسطينيّة في لبنان، الذي أجرته “لجنة الحوار اللبناني-الفلسطيني” بالشراكة مع إدارة الإحصاء المركزي اللبناني والجهاز المركزي للإحصاء الفلسطيني عام 2017.

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد