قطاع غزة 

قرابة الساعة الواحدة ظهرًا من يوم الخميس 5 آذار/ مارس، انقلبت الأمور رأسًا على عقب في قطاع غزّة، وفياتٌ وعشرات الإصابات في مُخيّم النصيرات للاجئين الفلسطينيين وسط القطاع جراء حريقٍ ضخم اندلع في سوق المُخيّم المركزي.

جاءت المعلومات تباعًا، انفجاراتٌ ضخمة، ثم عشرات الإصابات في المكان، حتى أعلنت الصحة في حصيلةٍ نهائية وفاة 10 من أهالي المُخيّم بينهم نساء وأطفال، وإصابة العشرات بينهم بحالةٍ خطرة، غير الأضرار الماديّة الكبيرة التي خلّفها الحريق.

يقول مشرف التمريض في مستشفى شهداء الأقصى التي استقبلت عشرات الحالات، خليل أحمد الدقران، إنّه "في حوالي الساعة الواحدة بعد الظهر، وصل إلى مستشفى شهداء الأقصى عدد كبير من المصابين إصابات بالحروق، حوالي 53 إصابة، وتم التعامل معها".

وأشار الدقران خلال حديثه مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إلى أنّه من بين الحالات "حوالي 15 إصابة خطيرة، وتم تحويل معظم الحالات، إلى مستشفيات قطاع غزة، كمستشفى الشفاء، والأوروبي، ومستشفى ناصر"، مُؤكدًا "وصول 9 حالات متوفاة جراء الحريق إلى مستشفى شهداء الأقصى".

وأوضح الدقران أنّه "تم التعرف على ثمانية حالات من بينهم حالة واحدة مجهولة لم يتم التعرّف عليها، وهناك من الوفيات أربعة أطفال وثلاث سيدات".

 وأضاف الدقران: إنّ "معظم الإصابات كانت حروق في الوجه والصدر والبطن، وبعض الحالات في الأطراف"، مُشيرًا كونه صحفيًا كان في مكان الحدث إلى أنّ "معظم الحالات التي تمّ تحويلها إلى مستشفيات أخرى كانت خطيرة جدًا، ومنها تم إدخالها إلى أقسام العناية المركزة في المستشفيات المجاورة".
الصحفي الفلسطيني ابن مخيم النصيرات محمود الشافعي 
أكَّد أنّ "مُخيّم النصيرات أصابه حادث جلل، حريق كبير امتد من خلف مرطبات حمادة وخلف المعمل إلى جميع المحلات التجارية في المُخيّم"، مُشيرًا أنّ "22 محلاً تجاريًا ومطعم ومخبز، ومؤسسة التأهيل والتدريب الاجتماعي الخاصة بذوي الإعاقة، احترقوا بالكامل".

وأوضح أبو حسن أنّ "الحريق كان كبيرًا جدًا، وامتد إلى مناطق متفرقة من المُخيّم، وفي محيط الحريق المركزي أصاب هذا الحريق عدد من السيارات لا يقل عن 22 سيارة احترقت بالكامل".

وبيّن خلال حديثه أنّ "مُخيّم النصيرات كان ما يعرف بالعاصمة الاقتصادية للمحافظة الوسطى، لكن اليوم ضربت هذه العاصمة بحريقٍ"، مُبيّنًا أنّ "الاكتظاظ السكاني داخل المُخيّم ساهم في ارتفاع عدد الضحايا وكمية الخسائر، هؤلاء اللاجئين لهم حقوق يجب توفيرها"
وفي السياق، تحدّث "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، مع خالد محمد أبو حسن وهو الناطق باسم اللجان الشعبية في مُخيّمات غزة،  الذي دعا الأمم المتحدة لمد يد العون للمتضررين عبر وكالة "أونروا" قائلاً: "نقول للأمم المتحدة والعالم، أنّ اللاجئين يتعرضون للظلم، وأنّ اللاجئين في المُخيّمات ضعفاء وفقراء للغاية"، مُكملاً حديثه "انظروا ماذا حدث اليوم، نسأل الله أن يكونوا شهداء وأن يرحمهم".

من جهته، روى شقيق أحد أصحاب المحلات المحروقة جراء الحريق، أسامة أبو زيد لموقعنا، ما جرى خلال الحدث، يقول: "جيت أجري بشوف ما حدا قادر يمرق، ولا حد.. ناس طالعة محروقة، وحالة مخيفة يعني رعب كأنه يوم القيامة، الحدث كان قوي كثير. أنا أخوي لما سمع صوت الغاز عرف إنه رح يصير حادث، أخذ أولاده والعمال يلي عنده وشرد (هرب) وهو طالع حصل الانفجار، يعني تضرر بس حروق، شيء بسيط أمَّا في ناس هون جيراننا يعني الله يرحمهم".

صاحب بسطة أدوات التجميل في السوق محمود أبو شميس، أوضح لموقعنا أيضًا أنّه "بلحظة الانفجار هربت، لما شفت الانفجار والنار طالعة، يعني النار يلي شفتها أنا، بعمري ما شفتها بحياتي إلا في المسلسلات والأفلام، فشردت، وبعد عشر دقائق رجعت لقيت خالي وجاري سايحين واقعين على الأرض، يعني اللحم والجلد تبعهم طالع كله، فما عرفت ايش أعمل، طلعناهم في سيارات وبعدين طلعنا الناس وكله كان محروق".

ويتابع "زي ما إنتِ شايفة هذا كله أصبح رماد يعني بسطتي بس ضايل منها الحديد، جاري ما في حاجة عنده، كل جيراني يعني تدمروا من الحريق يلي صار، نتمنى من الله العوض ويصبر أهالي يلي ماتوا والشفاء للشباب يلي تصاوبوا".

أمَّا أبو عبد الله، اللاجئ الفلسطيني في مُخيّم النصيرات، عبَّر عمَّا جرى بطريقته، يقول "تسونامي صار.. تسونامي نار مش ماء.. أجت علينا نار وانفجارات، نار ولعت برا وجوا في المحلات، فاتت مرّة وحدة علينا، وحتى في الشارع فحّم المحل هيو كله، ولا حاجة، كل الخضرة، الفواكه، الفلوس، دفاتر الدين، الجوال، الميزان، الكراسي، كله، الثلاجة يلي جوا كله صار فحم، هيو المحل قدامكوا".

وأشار خلال حديثه "في كان شباب وصبايا على باب المحل عم يشتروا ثياب ولعت فيهم النار، دخلوا جوا في المحل، فكروا يعني المحل بيحميهم من النار، كانت النار من جوا ومن برا فاحترقوا داخل المحل، وفي ناس بالشارع، شباب، كان ينزل الغاز مع النار مولع، في ناس كان ييجي عليهم الغاز ويولعوا وهم ماشيين في الشارع".

تجدر الإشارة إلى أنّ أصحاب المحلات في قطاع غزة يضطرون لتخزين الغاز والوقود، واقتناء مولدات كهرباء إضافية بسبب أزمة الوقود والكهرباء جراء الحصار المفروض عليهم منذ 13 عامًا.

ويرى مراقبون أنّه لولا الحصار والاكتظاظ السكّاني في المُخيّم لكان حجم الخسائر أقل بكثير ممّا جرى، في حين يرى البعض الآخر أنّه من الضروري أخذ كافة احتياطات السلامة خصوصًا داخل المُخيّمات الفلسطينية المعروفة باكتظاظها السكّاني، ومُراعاة أنّ هذه "اسطوانات الغاز" عبارة عن قنابل موقوتة داخل المُخيّمات، ما يستدعى عمل كافة الاحتياطات وسبل الأمان.

يوم أمس مساءً، كشف اللواء زهير شاهين مدير الدفاع المدني في قطاع غزة، أنّه "عندما وصلت الطواقم المختصة للمكان تفاجأنا بحجم النيران المشتعلة في كامل المنطقة"، مشيرًا إلى أنّ "التحريات الأولية من خلال الإدارة العامة للأمانة والسلامة والتفتيش تبيّن أن هناك صهريج 3 طن من الغاز كان متسربًا قبل وصول خاصات الدفاع المدني والوزارات المعنية للمكان".

وأوضح شاهين أنّ "سماء المنطقة تغطّت بالغازات خلال دقائق وهنا جاءت إشارة الاشتعال فكانت المنطقة عبارة عن قنبلة انفجار، وخلال الثلاثة أو الأربعة دقائق الأولى نشبت النيران في كامل محيط المكان".

وأوضح أنّه "في جوار المكان كان هناك منجرة وألواح "الدكت والساندوتش" بالإضافة إلى صفائح من "التنر" والمواد القابلة للاشتعال، فضلاً عن وجود 18 أنبوبة غاز تعرضت للحرائق والنيران مما تسبب بانفجارها فزادت رقعة الانفجار"، مُؤكدًا "وجود المزيد من صهاريج الغاز، ولو طالتها ألسنة النيران لكنَّا أمام كارثة قومية حقيقيّة".

وتوجّه شاهين "لكافة المؤسسات الإنسانية في قطاع غزة بضرورة الوقوف أمام مسؤولياتهم الأدبية والأخلاقية ودعم جاهز الدفاع المدني بشكلٍ خاص بكافة الإمكانيات واللوجستيات من أجل القيام بالمهام الإنسانية المنوطة به".

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد