أحمد حسين- قطاع غزّة

 

"هذا واجبٌ إنساني.. لا أقدر على عدم مساعدة طلابي في هذه الظروف لأنني لا أتقاضى راتبي".. بهذه الكلمات بدأ يوسف الرملاوي وهو أحد المعلّمين في وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" على بند "عقود المياومة" وأجلسته الوكالة الأمميّة في البيت هو وقرابة 800 معلم بعد قرارها وقف دفع رواتبهم خلال توقف الدراسة في ظل أزمة فيروس "كورونا".

يقول المعلم يوسف لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين": إنّ "أزمة المعلمين المياومين بدأت بتاريخ 5 آذار/ مارس الماضي، وأبلغتنا الوكالة بضرورة الجلوس في البيت مع توقف رواتبنا على عكس كل العقود الأخرى في حكومة الدولة المُضيفة التي قالت إنّ حقوق العقود اليومية محفوظة"، مُؤكدًا أنّ "موازنة عقود المعلمين المياومين متوفرة لدى أونروا لكن للأسف تركونا لنواجه مصيرنا المجهول".
 

"الموازنة موجودة"

وأشار الرملاوي (31 عامًا) إلى أنّ "الحالة الاقتصادية صعبة للغاية، وكل معلّم من الذي أجلستهم الوكالة في البيت لديه أسرة كاملة ومسؤوليات وأقساط منتظمة بحاجة إلى سداد، ونحن على أبواب شهر رمضان أيضًا"، مُطالبًا إدارة الوكالة "بإعادة النظر في هذا القرار".

وبيّن الرملاوي أيضًا أنّه "خلال الحروب السابقة التي تعرّض لها قطاع غزّة كانت تدفع لنا الوكالة رواتبنا حتى في وقت الأزمات وتعطيل الدراسة، وأؤكّد أنّ الوكالة لا توظف أحدًا إلّا إذا كانت الموازنة مرصودة ومُؤمّنة قبل عملية التوظيف"، مضيفاً "أنا اليوم يأتيني الطلاب على البيت للاستفسار عن أي شيء، ماذا أقول لهم؟ راتبي متوقف؟.. بالطبع لا، هذه مهمة إنسانيّة ونحن في ظروف بأمس الحاجة لأن نقف بجانب بعضنا البعض".

وخلال حديثه، تابع الرملاوي: "الوكالة تحجّجت بأنّه لا يوجد تعليم في هذه الفترة والدراسة معطّلة، لكن أولياء الأمور والطلاب على تواصلٍ مباشر معنا حتى اليوم، ومن غير المعقول أن نرفض مساعدتهم"، مُؤكدًا في ختام حديثه "المعلّم رسالته أكبر وأسمى من كل الأموال، ولكننا ننتظر شيئاً من التقدير من قِبَل الوكالة الأمميّة التي اشترطت علينا حين توقيع العقود ترك أي عملٍ آخر".
 

"أونروا استغلت جائحة كورونا"!

هاني جودة معلمٌ آخر تضرّر بفعل قرار وكالة الغوث، وهو منسق ملف المعلمين المياومين في قطاع غزّة، أكَّد أنّ "المعملين المياومين في غزّة 800 معلم، وجميعنا تضرّر بفعل الوقف التعسّفي وغير القانوني لعقودنا، علماً أن رواتبنا رصدت منذ مطلع العام الجاري 2020".

وشدّد جودة على أنّ "إدارة أونروا استغلّت جائحة كورونا لوقف هذه الرواتب، وتم إيقاف العقود بطريقة غير قانونيّة علمًا أنّ قرار الحكومة الفلسطينيّة ينص على إعطاء نصف راتب لكل من هو على رأس عمله في القطاع الخاص وهذا قرار من الدولة المضيفة، لكن أونروا لم تلتزم وتحجّجت بالأزمة الماليّة في ظل أنّ الاتحاد الأوروبي تبرّع بـ82 مليون يورو، والسويد تبرّعت الأسبوع الماضي بما يقارب 60 مليون يورو، والأزمة الماليّة هي أزمة عالميّة لا تقتصر على الوكالة لوحدها".

وبيّن جودة (33 عامًا) خلال حديثه مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّه جرى "التواصل مع إدارة الأونروا والمفوّض الجديد، ومدير العمليات في غزة، واتحاد الموظفين، لكنّ للأسف ردود الوكالة سلبيّة وتتعلق بالأزمة المالية".
 

"أونروا لا تستجيب"

في السياق، قال رئيس قطاع المعلّمين في اتحاد موظفي "أونروا" بغزة، محمود حمدان: إنّ "الاتحاد طلب من الوكالة القيام بمثل ما قامت به المنظمات والهيئات الدولية حول العالم بشأن الجلوس في المنازل بفعل الأزمة العالميّة ويتم احتساب أجر بدل لهم في هذه الأيام كبقيّة الدول، لأن هؤلاء المعلمين يستطيعون التعليم عن بعد والقيام بمهامهم".

وأوضح حمدان أنّه "وحتى اللحظة لا يوجد أي استجابة من قبل الوكالة، ونؤكّد أنّ الوكالة أقيمت كمنظمةٍ إنسانيةٍ من أجل خدمة الناس بشكلٍ سليم"، مُطالبًا "باحتساب رواتب لهؤلاء المعملين في ظل هذا الحصار، وعلى إدارة الوكالة أن تعيد النظر بهذا القرار أو احتساب جزء من رواتبهم على الأقل لإعالة أسرهم".

وشدّد أيضًا على أنّ "إدارة الوكالة مُقصرة من الأساس تجاه ملف المياومين، لأنه كان المفترض أن تقوم الوكالة بتثبيتهم ونحن بحاجة لهم منذ حوالي عامين، والآن يتم قطع رواتبهم!".
 

"لا رواتب بدون عمل"

"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" تواصل مع المستشار الإعلامي لوكالة "أونروا" في قطاع غزّة، عدنان أبو حسنة، الذي أوضح أنّ "الوكالة لن تصرف رواتب للمعلمين المياومين، وهذا يُطبّق في مناطق عمليات الأونروا كافة"، مُشيرًا إلى أنّه "يتم الدفع لهم في حال عادوا إلى العمل حسب العقد الموقعين عليه، وإذا عاد التعليم قريبًا من الممكن أن يتم الدفع لهم".

وفي معرض إجابته حول قيام "أونروا" بدفع رواتب خلال الحروب السابقة، قال: "للأسف الشديد المجتمع الدولي يساعد أونروا وقت الحروب بمئات الملايين لذلك كنّا ندفع رواتب، ولكن اليوم هناك عجز مالي طاحن، ومن الميزانية العامة مليار و400 مليون لم نحصل إلا على 20 مليون دولار فقط".
 

"تمييز واضح"

وتعليقاً على ذلك قال منسّق الملف هاني جودة: إنّ "العقد الموقّع بيننا ينتهي بتاريخ 30-5-2020 ينص أنّه إذا كانت التخلية من قِبّل أحد الطرفين يجب أن يبلّغ خطيًا بذلك من قِبَل الجهة المُشغّلة تتضمن سبب توقيف العقد ويوضَّح لنا أنّنا نعمل بأجر يومي كالعمّال، مع كامل التحيّة والتقدير لكل عامل، ولكن هذه إهانة مباشرة لوظيفة المعلّم التي لا يمكن أن تكون بأجر يومي، فوظيفة المعلّم لا تنتهي في المدرسة فقط، وجميع المدرسين اليوم يعملون في منازلهم لخدمة الطلبة واحتياجاتهم التعليميّة".

وأشار أيضًا إلى أن "الوكالة دفعت رواتب كاملة لمعلّمي اليومي في الأردن بحجّة أنّهم يعملون عن بعد من منازلهم، ونحن نقول أنّ المعلّمين في غزّة يعملون اليوم أيضًا من منازلهم.. ما الفرق؟!، ولم يتم الصرف لا في غزة ولا سوريا ولا لبنان ولا الضفة، وهنا يوجد ألف علامة استفهام".

وعبرَ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" خاطب منسق المعلّمين هاني جودة، المفوّض العام الجديد لوكالة "أونروا" فليب لازاريني الذي باشر عمله بشكلٍ رسمي، الأربعاء 1 أبريل/ نيسان، بالقول: "إنّ شروط العقد الموقّع بيننا والعمل في وكالة أونروا وقوانينها التي وضعتها الأمم المتحدة يجب أن تُحترم ويجب أن يكون هناك معاملة خاصة للمعلّمين، بل يجب أن يلتغي مصطلح (مياومين) من الأصل في وكالة أونروا عن طريق تثبيت هؤلاء المعلمين على عقود الـ (Fixed Term)".
 

مقترحات لإنصاف المياومين

من جهته، قدّم مدير عام الهيئة (302) للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي، عدّة مقترحات لوكالة "أونروا" من أجل إنصاف "المياومين" من الموظفين، فقال إنّه "لدى المفوض العام لأونروا لازاريني الحق بنقل ميزانيات الوكالة والتصرّف فيها في حالة الطوارئ، ونحن فيها الآن".

وأوضح هويدي "تعتبر الوكالة جزءاً من بروتوكولات منظمة الصحة العالمية لذلك مطلوب منها استثمار هذه العلاقة والتقدم بطلب الدعم المالي واللوجستي من المنظمة"، مُشيرًا إلى أنّه "يمكن للوكالة الحصول على قرض مالي من إحدى المنظمات التابعة للأمم المتحدة كما حصل سابقًا وحصلت على قرض بقيمة 30 مليون دولار من مكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانيّة (OCHA) لدفع رواتب الموظفين حتى نهاية العام 2019، فلماذا لا يتم الاقتراض ودفع رواتب المياومين وتغطية احتياجات مكافحة الفيروس؟!".

وتساءل هويدي في ختام تصريح له: "هل هي أزمة مالية في وكالة أونروا، أو أزمة إدارة، أم الاثنتين معًا؟".

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد