فلسطينيو العراق.. محنة لجوء استثنائية منذ 72 عاماً

الإثنين 18 مايو 2020
الطريق المؤدي إلى منطقة "تحت التكية" ببغداد حيث عاش الفلسطينيون بداية لجوئهم
الطريق المؤدي إلى منطقة "تحت التكية" ببغداد حيث عاش الفلسطينيون بداية لجوئهم

 

 إياد عز الدين – بغداد

قد تبدو تغريبة فلسطينيي العراق، مختلفة عمّا عاناه نظرائهم ممن هجّروا إلى لبنان وسوريا والأردن ومصر وسواها منذ العام 1948 حتّى الآن، وذلك لاختلاف طبيعة وظروف البلد الذي هجّروا إليه والأحداث التي شهدتها عقود الوجود الفلسطيني فيه.

ويمكن تقسيم اللجوء الفلسطيني إلى العراق، إلى 3 موجات تبعاً لمراحل تهجيرهم، أولها اللجوء بعد نكبة عام 1948، حيث توافد القسم الأكبر من الفلسطينيين وبلغ عددهم آنذاك نحو 3500 لاجئ، ومعظمهم ينحدرون من حيفا وما جاورها مثل قرى جبع، عين غزال، اجزم، الصرفند، والمزار، الطيرة، عتليت، أم الزينات، طنطورة، أم الفحم، كفرلام، إضافة إلى نسبة قليلة جداً من يافا وعكا وغزة.

أمّا الموجة الثانيّة، فكانت عقب نكسة حزيران عام 1967، حين استكمل العدو الصهيوني احتلال قطاع غزّة والضفّة الغربيّة، وخلّف ذلك تهجير موجة ثانية من الفلسطينيين إلى العراق ولم يقدر عددهم بشكل رسمي، أمّا الموجة الثالثة، فكانت سنة 1991 حين غزا العراقُ الكويت، واضطر المئات من الفلسطينيين ممن كانوا يعيشون في الكويت الرحيل إلى العراق، وبعضهم جرى طردهم من الكويت بالقوة بسبب موقف الرئيس الفلسطيني الراحل  ياسر عرفات  الداعم للرئيس العراقي صدام حسين حينها،  ولم يجدوا سوى العراق  ليعيشوا فيه.

ظروف البدايات

كان وصول اللاجئين الفلسطينيين إلى العراق عام 1948، قد جرى عبر حافلات الجيش العراقي الذي قاتل في حرب فلسطين بعام النكبة، وانسحب بعد هزيمة الجيوش العربيّة، مصطحباً معه أعداداً من الفلسطينيين الذين هجّرتهم العصابات الصهيونية من قرى حيفا، ووصل بهم الى محافظة البصرة جنوبي العراق، وتحديداً في منطقة الشعيبة وذلك لكونها كانت  مقراً للجيش العراقي، وقد تم إبلاغهم من قبل الضباط العراقيين بأنّ مجيئهم إلى العراق ليس دائماً كما يروي من عايشوا تلك الفترة.

استمرّ مكوث الفلسطينيين في معسكرات الجيش في البصرة حيث أُسكنوا في مجمعات بعضها طينية و في خانات مهجورة، قرابة سنتين وبضعة أشهر، واعتمدوا في معيشتهم، على مساعدات الطعام التي كانت تقدم لهم يومياً من قبل الضباط العراقيين، قبل أن يتم صرف مبالغ مالية شهرية لهم بلغت ثلاثة دنانير شهرياً، وكان معظمهم حينها، يبحثون عن مقاهي تحتوي على جهاز مذياع  ليستمعوا إلى أخبار تحرير فلسطين والعودة الى بلدهم.

واستمر هذا الحال إلى أن أصدرت حكومة المملكة العراقية حينها،  قراراً بسحب العوائل الفلسطينية من البصرة إلى بغداد، وكان ذلك منتصف عام ١٩٥٠ واعتبروهم ضيوفاً يجب إكرامهم، فسكنوا في مناطق متفرقة من بغداد القديمة مثل منطقة "تحت التكية" والقريبة من سوق "قمبر علي" الشهير و منطقة الفضل و باب المعظم، ولم يخلُ واقعهم الإيوائي حينذاك من المتاعب، بسبب ضيق المنازل التي سكنوها، وهي بيوت قديمة ذات سقوف خشبيّة، حيث قطنت  كل أربع عوائل في منزل واحد.

 

منزل في "تحت التكية" جمع 4 عوائل فلسطينية في خمسينيات القرن الماضي


استطاع الفلسطينيون في بغداد، تحقيق الاندماج مع المجتمع المحلّي بكافة مكوناته، وكان الوجود اليهودي في بغداد حينها ما يزال قائماً، وخصوصاً في المناطق التي سكنها الفلسطينيون، إضافة إلى الوجود الكردي والمسيحي فيها، وتمكّن الكثير من اللاجئين الفلسطينيين من ولوج سوق العمل، لتحقيق أكبر قدر من الاعتماد على الذات في معيشتهم، كما شهدت  تلك الفترة احتضاناً لهم من قبل البغداديين، الذين يقدّرون احترام الضيف، وكانوا يتعاطفون مع الفلسطينيين لكونهم يعتبرون أنّ قضيّة تحرير فلسطين هي قضيتهم.

لم تكن بغداد الحاضنة الوحيدة للاجئين، الذين تمددوا إلى مناطق أخرى بعد تكاثر أعدادهم، فتوجه كثيرون منهم إلى العيش في الموصل، وهي ثاني أكبر محافظة يوجد فيها لاجئون فلسطينيين بعد العاصمة، وتمكّن من عاشوا فيها من نسج علاقات قوية مع المجتمع الموصلي، الذي يعتبر الأقرب لثقافة بلاد الشام، نظراً لكون المدينة حدوديّة سوريا، وللعلاقات القديمة التي تربط أهالي الموصل بفلسطين، حيث إنّ العديد من الرحلات كانت تنطلق منها باتجاه فلسطين لزيارة القدس والمعالم التاريخية، وهو ما جعل الموصل من المناطق التي وفّرت قدراً كبيراً من الطمأنينة والاندماج الاجتماعي للفلسطينيين.

واستمر انتشار الفلسطينيين في محافظات عراقية عدة، لأسباب، أبرزها العمل فحين يجد الفلسطيني الأمان والراحة يقوم بنقل أهله وأقربائه، لتأتي محافظة البصرة بالمرتبة الثالثة من حيث عدد الفلسطينيين، حيث إنّ عدد اللاجئين في البصرة قبل الاحتلال الأمريكي للعراق بلغ 150 عائلة، وأكثرهم يعملون في القطاع الحكومي والقطاع الخاص مثل العمل في آبار النفط والطب الطب وغيرها  .

 الوضع القانوني للفلسطينيين في العراق

من الضروري التذكير، بأنّ اللاجئين الفلسطينيين في العراق غير مُدرجين ضمن سجّلات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فمع تشكيل الوكالة عام 1949، رفضت الحكومة العراقية بشكل قاطع، أن يكون العراق من مناطق عملياتها وتعهد العراق للوكالة الدولية، بالإشراف الكامل على شؤون الفلسطينيين، وتقديم كافة المساعدات مقابل عدم دفع العراق أي مبالغ للوكالة.

 كما أتاحت الحكومة العراقية للفلسطينيين على أراضيها، فرص التعليم، حيث شملتهم مجانية التعليم في كافة المراحل الدراسية، وكانت مدارس "الهيثمية والمهدية" من أوّل المدارس التي استقبلت الطلبة الفلسطينيين منذ أواخر الخمسينيات، كما شُمل اللاجئ الفلسطيني أيضاً بمجانية الصحة، ومُنح حق التوظيف في كافة الوزارات ما عدى وزارة الدفاع والداخلية.

 


أمّا من الناحية القانونية، فقد بقى وضع اللاجئين الفلسطينيين ملتبساً، على أكثر من صعيد قانوني، حتى صدور قرار ٢٠٢ لسنة 2001، والذي ساوى اللاجئ الفلسطيني بالمواطن العراقي بكافة الحقوق والواجبات باستثناء الحقوق السياسية، وذلك بعد المرور التدريجي بعدّة مراحل.

ففي العام ١٩٦١ صدر قرار من الحكومة العراقية رقم 26،  يقضي بمنح الفلسطينيين وثائق سفر، وفي سنة ١٩٦٤ صدر أمر بمعاملة الفلسطينيين معاملة العراقي باستثناء الحق في منح الجنسيّة والتملّك، وفي سنة ١٩٦٥ أصدر قرار بإلغاء كلمة لاجئين من كافة الوثائق الرسمية الممنوحة لهم.

وفي  سنة ١٩٦٧ قامت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية بالتكفل برعايتهم ونقل كافة ملفاتهم إلى الوزارة، وقامت بجولات في المجمعات و الملاجئ التي يسكنها الفلسطينيون، فصدموا من حالة البؤس والحرمان، وعلى إثر ذلك أصدرت الحكومة العراقية قانوناً بتخصيص أراضي للاجئين ومنح سلف نقدية للبناء، لكن بعد انقلاب حزب البعث عام ١٩٦٨ ألغي هذا القرار وبعدها بسنوات قليلة تم إنشاء مجمعات سكنيّة لهم. 

المجمعات السكنية يقطنها الفلسطينيون في العراق

توزع الفلسطينيون في العراق وانتشروا في عدّة مناطق، بعد أن تكاثرت أعدادهم فقامت وزارة العمل والشؤون الاجتماعية في عهد الرئيس عبد الكريم قاسم، بنقل أعداد منهم من مناطق "تحت التكية والفضل" إلى منطقة "مدينة الحرية" وأسكنتهم بيوتاً بمساحة خمسين متراً للبيت الواحد، وكان يقدر عدد من نُقلوا حينذاك بستين عائلة، إضافة الى مجمعات صغيرة يطلق عليها " الملاجئ"، كما نقل عدد من الفلسطينيين إلى منطقة الطوبجي حيث سكنوا دوراً ضيقة لا تستوعب سوى أربعة أفراد، جرى توسيعها على حسابهم مع مرور السنين.

في عهد الرئيس أحمد حسن البكر بحقبة الستينيات، جرى تشييد مجمع البلديات وهو عبارة عن شقق سكنيّة حديثة، ويعتبر المجمع أكبر تجمّع للاجئين الفلسطينيين، إلى يومنا هذا، حيث بلغت أعدادهم بعموم العراق 41 ألف لاجئ في فترة ما قبل الاحتلال الأمريكي للبلاد عام 2003.

الفلسطينيون في العراق والأوضاع السياسية العامة في البلاد

منذ مجيئهم إلى العراق، لم يتدخل الفلسطينيون بالشؤون السياسية، وذلك لكونهم ضيوفاً حتى تحرير فلسطين والعودة إليها، معتبرين أنّ التدخل  في السياسة العراقية ليس من شأنهم،  لا سيما الأحداث السياسية الكبرى التي شهدها العراق، سواء الانقلابات والاغتيالات السياسية منذ الخمسينيات والعقود اللاحقة، سوى أنهم كانوا يفرحون بفرح العراقيين، ويحزنون مع أحزانهم في كل مناسبة وطنية أو سياسية،  وقد شاركوا مع العراقيين ببعض المظاهرات التي شهدتها فترة خمسينيات وستينيات وسبعينيات القرن الماضي كتعبير عن ولاءهم للعراق الذي احتضنهم .

واقتصر نشاط الفلسطينيين السياسي، ضمن صفوف المنظمات والفصائل الفلسطينية التي كان لها وجود في العراق، كجبهة التحرير الفلسطينية جناح " أبو العبّاس" وجماعة صبري البنّا "أبو نضال" ومنظمة التحرير الفلسطينية، وبعضهم التحق في صفوف حزب البعث الحاكم في العراق إبان فترة حكم الرئيس العراقي الراحل صدام حسين.

ماذا أعطى الفلسطينيون للعراق منذ مجيئهم؟

خرّج المجتمع الفلسطيني في العراق، أعداداً كبيرة من الشبّان الذين درسوا الطب والهندسة والصيدلة وسواها من اختصاصات، والتحقوا بعدّة مجالات وظيفية سواء في الحقل الطبّي والهندسي أو التربية والتعليم والثقافة.

كما برز منهم العديد من المثقفين اللامعين، ومنهم المؤلف والرسام والناقد الكبير جبرا ابراهيم جبرا  الذي ولد في عام ١٩٢٠ وتوفى في عام  ١٩٩٤، و الشاعر خالد علي مصطفى والذي ينحدر من قرية عين غزال،  والأديب محمد سمارة والذي ينحدر من قرية جبع، والأديب نصر محمد راغب،  وكل هؤلاقي بمؤلفات كثيرة، كما كتبوا عن اللجوء والمعاناة التي كابدوها في الشتات والبعد عن وطنهم الأم فلسطين.

و عالم الفن والتمثيل كان للفلسطيني حضور بارز، كالممثل المشهور محمد حسين عبد الرحيم، وهو فنان كوميدي أضحك العراقيين على مدى أربعين عاماً، و الفنان القدير زهير محمد رشيد، صاحب البصمة في عالم الكوميديا العراقيّة، وقد عرفه جميع العراقيين بأنّه فلسطيني وأحبوا حركاته التمثيلية، و كذلك الفنان جلال كامل الذي اشتهر ببداية حياته كمطرب ثم اتجه الى عالم التمثيل، وقد مثّل عدة أفلام ومسلسلات كبيرة وفيما بعد أصبح جلال مخرجاً كبيراً وله حضوره، وقد فاز بإخراج  فلم يحمل اسم " بحيرة الوجع" ضمن فعاليات  بغداد عاصمة الثقافة العربية لعام 2013 ليحكي هموم العراقيين المختلفة بعد الاحتلال الأمريكي للبلد عام 2003  .

ماذا حلّ بالفلسطينيين بعد الاحتلال الأمريكي للعراق؟

بدت الأوضاع حين دخلت القوات الأمريكيّة إلى بغداد يوم 9 نيسان/ إبريل، هادئة بالنسبة للفلسطينيين في البلاد، حتّى اليوم الثالث حين قامت فرقة أمريكية مدرعة بالتوجه إلى مقر السفارة الفلسطينية، واقتحمتها وعبثت في غرفها بحثاً عن ملفات،  وقد شكك عدد من العراقيين الذين كانوا يسكنون في محيطها في ذلك الوقت، بهوية المقتحمين، حيث أنّ البعض قال: إنهم إسرائيليون بغطاء من القوات الأمريكية، كما جرى في اليوم الرابع مداهمة جميع  مقرات أمين عام جبهة التحرير الفلسطينية أبو العباس، وإغلاق أبوابها بالشمع الأحمر بعد اعتقاله، حيث رشحت الأخبار لاحقاً أنّه جرى تسميمه في أحد السجون في الولايات المتحدة بعد نقله إلى هناك.

تأزّم الوضع الأمني لفلسطينيي العراق، كما تدهورت أحوالهم القانونية، مع تشكيل الأحزاب المُعارضة لنظام الرئيس صدام حسين، أوّلَ حكومة خلال الاحتلال، وقامت بعض تلك الأحزاب بتعبئة ضد الوجود الفلسطيني، معتبرة إياه من مخلفات نظام صدام حسين، وبدأت تشهد في شوارع  بغداد وباقي المحافظات كتابة عبارة " العراق للعراقيين " على الجدران.

 ولعل سنة  ٢٠٠٦ وما تلاها، كانت الأكثر صعوبة على اللاجئين، حين شهدت مدينة سامراء تفجير مرقد الإمامين العسكريين، وانطلقت على إثر ذلك شرارة الأحداث الطائفية، وكان للفلسطينيين نصيب كبير منها،  حيث اتهموا بانتمائهم لتنظيم القاعدة وللقيادي فيه "أبو مصعب الزرقاوي"، وبعدها بات اتهام الفلسطيني سهلاً بعد كل تفجير انتحاري تشهده البلاد.

فقامت الميليشيات المسلّحة التابعة للأحزاب الطائفية الحاكمة، بقتل المئات من الفلسطينيين، واعتقال آلاف منهم على الهوية، إضافة إلى تهجير قسري جرى بحق الفلسطينيين في مناطق سيطرت عليها الميليشيات المسلّحة، فضلاً عن اقتحامات  متكررة لمجمع البلديات والقيام بحملات تفتيش للشقق بحجة البحث عن السلاح باصطحاب كلاب بوليسية، والقيام بحملات اعتقال.

نتيجة هذه الأوضاع، فرّ آلاف الفلسطينيين من العراق، وقصدوا سوريا والأردن حيث رفضت الدولتان استقبالهم، ما اضطرهم إلى نصب الخيام والمكوث فيها، ومنها مخيّم التنف على الحدود العراقيّة - السورية، الذي أشرفت عليه المفوضية الأممية السامية لشؤون اللاجئين، واستمرّ المخيّم لـ3 سنوات، إلى أن تم "إعادة توطينهم"  في دول البرازيل، التشيك، وأمريكا , بريطانيا، النروج وغيرها، أما من بقى من الفلسطينيين في العراق فهم الشريحة الأكثر فقراً ولا يملكون المال الكافي لمغادرة العراق وتبلغ أعدادهم حاليّاً نحو 3500 لاجئ.

ويعيش اليوم من تبّقى من فلسطينيين في العراق، في ظل حالة من الاستلاب الحقوقي الشامل،  حيث جرى تجريدهم من كافة المميزات القانونية التي تمتعوا بها سابقاً، كحرمان الفلسطيني من التعيين في المؤسسات الحكومية، و قطع  راتب تقاعد الفلسطيني بعد موته وحرمان ورثته منه، و تأخير معاملات الفلسطيني في الدوائر العراقية .

كما أصبحت عملية تجديد تصاريح الإقامة الخاصة بالفلسطينيين صعبة للغاية على عكس غيرهم من اللاجئين في العراق، بينما في ظل نظام صدام حسين لم يكن هناك حاجة  بأن يقوم الفلسطينيون بالحصول على تلك التصاريح، كما فُرض عليهم الخضوع لاستجواب عند تجديد تصاريحهم كل شهرين، وفي حالة عدم وجود وثائق إقامة سارية المفعول، فان ذلك يعرضهم لخطر المضايقة والاعتقال عندما يطلب منهم وثائق لتعريف أنفسهم عند نقاط التفتيش.

شهادات من فلسطينيين في العراق مملوءة بالجراح

ثائر عبد الله، فلسطيني هُجّر من العراق بعد الاحتلال الأمريكي، ويقيم حاليّاً في أمريكا،  يصف ما حلّ بفلسطينيي العراق بالنكبة الثانيّة، حيث اضطّر إلى الهرب وكان مع أوائل من ذهبوا إلى مخيّم " الوليد" على الحدود السوريّة العراقيّة، ليعيش في خيمة.

يقول لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" :" كنت أول فلسطيني  يلتحق في مخيم الوليد على الحدود العراقية السورية بسبب تدهور الأمن، وقد لحقني الكثير من الفلسطينيين ليصبح عددهم بالمئات من العوائل" ويضيف :"وقد عانيت كثيراً حيث كنا نعيش في الخيام، حينها تذكرت حديث أمي رحمها الله حين سردت عن بدايات مجيئهم للعراق، حيث كانوا أيضاً يعيشون في الخيام، وكأنما التاريخ يعيد نفسه".

 

اللاجئ الفلسطيني ثائر عبد الله 


وقال اللاجئ الفلسطيني معن محمد محمود الموجود في بغداد لبوابة اللاجئين الفلسطينين: "كان جدي يحدثني عن قريته في قضاء جبع، وكان حسب قوله من الفلاحين ويملكون أراض مزروعة بالحمضيات  والزيتون، وأخبرني أن ترابها مبارك والزرع فيها وفير، وكانوا يأكلون مما يزرعون، كان جدي حينها شاباً تعرف على جدتي عن طريق عمه الذي زوجه، كانوا يعيشون بسلام و محبة، وفي عام  1948  بدأت الاعتداءات والمجازر من قبل العصابات الصهيونية وبمساعدة بريطانية لينتهي كل شيء، بلغت الأربعين من العمر ولا اعرف عن فلسطين سوى ما كان يحدثني به جدي، أنا ولدت في العراق وما زلت من دون زواج بسبب وضعي المالي والوضع الصعب الذي يعيشه الفلسطيني في العراق، وطردت من وظيفتي بسبب هويتي الفلسطينية، حلمي الوحيد ان أعود لقريتي في فلسطين، وأكمل ما كان يزرعه جدي

وتقول أحلام ملحم التي تعود أصولها الى  قرية جبع: "في الماضي كانت فلسطين قضية العرب الأوى، أما اليوم  فلديهم مشاكلهم التي أنستهم فلسطين ومسجدها الأقصى ومن يتكلم عن التحرير يعتبرونه مجنوناّ!؟ "

وتضيف:  "بعد سقوط العراق كل شيء تغير.. فقدت أخي وابن شقيقتي بالحرب الطائفية التي حصلت في العراق وتم قتلهم بسبب هويتهم الفلسطينية، وقد بحثنا عنهم طويلاً إلى أن وجدنا جثثهم في الطب العدلي، وهذه كانت لنا أكبر نكبة نتلقاها بعد نكبة فلسطين".

   محمد يوسف وتعود أصوله إلى قرية عين غزال في فلسطين يقول: " تزوجت من عراقية  كي لا أتعرض إلى أي أذى، وقد انتميت لعشيرة زوجتي لأحمي نفسي من أي موقف أو مشكلة لأن العراق اليوم تحكمه العشائر وهي من تحل المشاكل، أنجبت أربعة اطفال وقد حصلوا على الجنسية العراقية، كي لا يعاتبوني حين يكبرون ويقولون لي " لماذا نحن بلا وطن "  ورغم ذلك  لكنني ما زلت أواجه التمييز من قبل البعض الذين ينظرون لي كغريب، رغم أني من مواليد بغداد..أتمنى الرجوع إلى وطني فلسطين لأتخلص من كل هذا".

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد