لم يكن يدرك مجرم الحرب، أرئيل شارون، أن اقتحامه المسجد الأقصى المبارك،  في الثامن والعشرين من أيلول/ سبتمبر عام 2000 بحماية ألفي عنصر من قوات الاحتلال، سيؤدي إلى انتفاضة فلسطينية كبرى تستمر لما يزيد عن خمس سنوات، وتسطر تاريخاً جديداً في مسار القضية.

في ذلك اليوم بدأت المواجهات في ساحات المسجد المبارك، الذي هب الفلسطينيون فيه للتصدي لدخول شارون، وامتدت إلى القدس فالضفة الغربية، ثم ما لبثت أن توسعت إلى الداخل المحتل عام 1948 وقطاع غزة في اليوم التالي.

 

محمد الدرة.. رمز الانتفاضة

ومما أشعل حدة الانتفاضة، الشهيد محمد الدرة (11 عاماً)، الذي اعتبر رمزاً للانتفاضة، وذلك حينما أظهر شريط فيديو التقطه مصور قناة "فرنسا 2"، شارل إندرلان، في 30 أيلول/سبتمبر عام 2000، مشاهد إعدام ميداني للدرة الذي كان يحتمي مع أبيه ببرميل إسمنتي في شارع صلاح الدين جنوبي مدينة غزة، حينما صرخ أبوه "قتلوا الولد".

g34g.jpg

وتميزت هذه الانتفاضة، مقارنة مع انتفاضة الحجارة عام 1987، بزخم المواجهات والأعمال الفدائية ضد جنود الاحتلال والمستوطنين.

كما نفذت المقاومة الفلسطينية هجمات داخل المدن الإسرائيلية، استهدفت تفجير مطاعم وحافلات، وتسببت بمقتل مئات الإسرائيليين.

 

سياسة تصفية الصف الأول

عمل مجرم الحرب شارون على تصفية العدد الأكبر من قيادات الصف الأول الفلسطينيين، حيث اغتال الأمين العام للجبهة الشعبية، أبو علي مصطفي، والشيخ أحمد ياسين وعبدالعزيز الرنتيسي، كما زج بآخرين داخل السجون، كـ مروان البرغوثي وأحمد سعدات، في محاولة لإخماد الانتفاضة وإضعاف المقاومة وتشتيتها.

tg34g.jpg

وكان من أبرز أحداث الانتفاضة اغتيال وزير السياحة في حكومة الاحتلال، رحبعام زئيفي، على يد عناصر من الجبهة الشعبية، رداً على اغتيال الشهيد أبو علي مصطفى.

 

بناء جدار الفصل العنصري

في 23 حزيران/يونيو، وفي عهد شارون، شرعت حكومة الاحتلال في بناء جدار الفصل العنصري.

وكان العامل "الأمني" من أهم دوافع الاحتلال لإقامة هذا الجدار، في محاولة للقضاء على العمليات الاستشهادية والهجمات المتنوعة من فصائل المقاومة الفلسطينية.

h45.jpg

يخترق الجدار أراضي مأهولة وزراعية في الضفة الغربية، ويمنع وصول الفلسطينيين إلى بعض الشوارع المحلية وبعض الحقول، كما أن مساره في الشمال يعزل أكثر من 5 آلاف فلسطيني ضمن مناطق "مغلقة" بين "الخط الأخضر" والجدار.

يبلغ طول الجدار في الضفة الغربية المحتلة 770 كيلومتراً، بينها نحو 142 كيلومتراً في الجزء المحيط بالقدس المحتلة، أما ارتفاع الجدار فيصل إلى 8 أمتار.

وقامت سلطات الاحتلال بتأسيس شبكة من البوابات في الجدار ونظام تصاريح مرور للتحرك خلاله، لا يزال الفلسطينيون يعانون منها إلى اليوم.

وأصدرت محكمة العدل الدولية في 9 تموز/يوليو عام 2004، رأياً استشارياً يقضي بعدم شرعية الجدار، كما تبنى 150 بلداً عضواً في الجمعية العامة للأمم المتحدة، بينهم  جميع دول الاتحاد الأوروبي الـ 25 حينها، قراراً ضد الجدار في وقت متأخر من مساء الثلاثاء 20 تموز/يوليو 2004، فيما عارضته 6 دول تتقدمها الولايات المتحدة وأستراليا والكيان الإسرائيلي، وامتنعت عن التصويت 10 دول.

لكن قرار الجمعية، كقرار محكمة العدل، استشاري وليس إلزامياً.

 

أول صاروخ فلسطيني محلي الصنع

كان من أبرز ما خرجت به الانتفاضة الثانية تطور أدوات ووسائل المقاومة الفلسطينية، مقارنة بالانتفاضة الأولى التي اقتصرت على الزجاجات الحارقة والحجارة.

في 26 تشرين الأول/أكتوبر عام 2001، كانت مستوطنة "سديروت" على موعد مع أول صاروخ فلسطيني محلي الصنع، أطلقته كتائب عز الدين القسام بعد عام على اندلاع الانتفاضة.

فاجأ الصاروخ قصير المدى، والذي يبلغ طوله 70 سنتيمتراً، ويصل مداه كيلو متراً ورأسه المتفجر يزن كيلوغرام واحد الاحتلال الصهيوني، خصوصاً وأن المقاومة الفلسطينية بعده طورت قدراتها التصنيعية بنحو متسارع.

fewf.jpg

 

دور محوري لمخيمات اللاجئين

لا يمكن ذكر الانتفاضة الثانية دور ذكر الدور الريادي للمخيمات الفلسطينية في الضفة الغربية وقطاع غزة.

شكلت المخيمات الفلسطينية  مراكز للعمل النضالي ضد الاحتلال في الانتفاضة الثانية، من خلال الزخم الشعبي في المظاهرات والعمل الكفاحي ضد الاحتلال، حتى إن كثيرين باعوا ممتلاكاتهم بهدف شراء الأسلحة ما جعلها هدفاً دائماً ومركزياً لهجمات الاحتلال.

مُخيّما البريج والنصيرات وسط قطاع غزة  تعرّضا لنحو 8 أو 10 اجتياحات كُبرى، وشن الاحتلال عملية عسكرية كبرى ضد مخيم بلاطة، تخللها قصف جوّي وآخر عبر القذائف المدفعيّة  والرشاشات الثقيلة والمتوسطة، استشهد وجرح فيها عشرات الفلسطينيين ودمرت الكثير من الممتلكات ووقع قتلى من عناصر الاحتلال.

كانت العملية على مُخيّم بلاطة تمهيداً للاجتياح الشامل للضفة المحتلة التي أطلق عليها عملية "السور الواقي".

لكن مخيم جنين كان على موعد مع معركة كبرى، باعتباره شرياناً رئيسياً للعمليات الفدائية ضد الاحتلال.

شرع الاحتلال بمجزرته داخل المخيم عقب تطويق محاوره الأربعة وقصف مختلف أحيائه في أكبر حشد عسكري بالضفة الغربية منذ نكسة عام 1948، لكن المقاتلين الفلسطينيين قرروا القتال حتى الاستشهاد لتستمر المعارك بعدها نحو 15 يوماً، لم تتمكن قوات الاحتلال من دخول المخيم إلا بعد أن أخذت قراراً بهدمه وتحويله لأنقاض.

fwef.jpg

انتهت المعركة بارتقاء 58 شهيداً إلى جانب جرح واعتقال المئات، وتدمير 455 منزلاً تدميراً كاملاً و800 منزلاً بصورة جزئية، واعترف جيش الاحتلال بمقتل 23 من جنوده، لتتحطم مقولة "الجيش الذي لا يقهر"عند أسوار مخيم جنين.

بدأت وتيرة العمليات والمواجهات تتراجع شيئاً فشيئاً، لتتوقف الانتفاضة الثانية في 8 من شهر شباط/فبراير عام 2005، بعد اتفاق هدنة بين الاحتلال والسلطة الفلسطينية في قمة "شرم الشيخ".

وبحسب إحصائيات فلسطينية وإسرائيلية، فقد أسفرت الانتفاضة الثانية عن استشهاد 4412 فلسطينياً، وإصابة 48 ألفاً و322 آخرين، فيما قُتل 1100 إسرائيلي، بينهم 300 جندي، وجرح نحو 4500 آخرين.

 

البريج والنصيرات وجنين وبلاطة وغيرهم .. مخيمات كان لها بصمة كبرى في #الانتفاضة الفلسطينية الثانية .. #انتفاضة_الأقصى التي انلعت شرارتها في 28 أيلول/ سبتمبر 2000

Julkaissut ‎بوابة اللاجئين الفلسطينيينMaanantaina 28. syyskuuta 2020

 

خاص/بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد