خان الشيح - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

مع حلول شهر تشرين الثاني المقبل، تدخل  التسوية التي أبرمت في منطقة خان الشيح ومخيّمها، بين النظام السوري وفصائل المعارضة المسلحة، عامها الأوّل، فيما لا يزال غبار ما قبلها يخيّم على أجواء مخيّم خان الشيح اللاجئين الفلسطينينين بريف العاصمة دمشق، وسط محاولات الأهالي نفضه عن واقعهم وإعادة تأهيل حياتهم من جديد، مصطدمين بمعوّقات كثيرة، تبدأ من شحّ الموارد الماليّة وانتشار البطالة، وتمر بسلسلة طويلة من الصعوبات.

إحدى عشر شهراً من عمر التسوية قد انقضت،  سُمح خلالها بعودة الكثير من النازحين عن المخيّم الى منازلهم، وفق ما أفاد أحد أبناء المخيّم لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، لتجد الكثير من العائلات منازلها قد تعرّضت لأضرار جسيمة جرّاء ما شهده المخيّم من معارك وقصف جويّ وصاروخي خلال الأعوام الماضيّة، ما يجعلها بحاجة الى إعادة ترميم.

مضيفاً: أنّ "من وجدو منازلهم ومحالهم مدمّرة بشكل كامل أو شبه كامل،  يستحيل عليهم إعادة إعمارها نظراً للغلاء الفاحش في أسعار مواد البناء، حيث وصل سعر القطعة الواحدة من " بلوك" البناء الى أكثر من 100 ليرة سوريّة، عدا عن غلاء المواد الأخرى الأساسيّة كالحديد والاسمنت والرمل".

إرتفاع الأسعار قد طال كلّ شيء، بشكل يفوق القدرة الشرائيّة لمعظم العائلات التي ليس لديها مورداً ثابتاً، وفق تأكيدات الأهالي،  فبإستثناء الموظفين ومن يتلقون تحويلات من أبنائهم المغتربين في الخارج، تنعدم الموارد الماليّة الثابتة لدى معظم العائلات التي فقدت أعمالها تأثرّاً بالظروف السوريّة الراهنة، كأصحاب الدكاكين والتجّار الصغار، وأصحاب المهن الحرّة والحرف، والذين يشكّلون نسبة عاليّة من تركيبة مخيّم خان الشيح السكّانية.

فإنتعاش الأعمال مقرونٌ بالمال والأسعار، لذلك تحوّل أصحاب المهن الحرّة الى عاطلين عن العمل، وفق ما أفادنا أحد سكّان المخيّم، وأضاف لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّ الدهّان وعامل البناء والصحيّة والنجّار والحداد وسواهم، قد توقّفت أعمالهم نتيجة غلاء المواد والمعدّات وعكوف الناس عن إصلاح وترميم منازلها وممتلكاتها، من منطلق أنّ الأمور المعيشيّة كالطعام والشراب والعلاج أولى من سواها، عدا عن توقّف الورش الصغيرة وتحوّل عمّالها الى عاطلين عن العمل.

يأتي كل ذلك، في ظل تردًّ كبير في الواقع الخدمي لأبناء المخيّم، وبحسب ما أكّد عدد من السكّان لـ"بوابة اللاجئين" فإنّ الحصول على ربطة خبز، يعتبر من الصعوبات الكبيرة التي تواجه الأهالي، نظراً لعدم تأهيل الأفران وإعادتها للعمل، باستثناء فرن واحد جرى إعادة تأهيله الّا أنّ وزارة التموين السوريّة لم ترفد له المخصصات اللازمة من مادة الطحين منذ أشهر، وهو ما يثير تساؤلات الأهالي الذين يضّطرون للحصول على الخبز من أفران بعيدة خارج المخيّم بشكل يومي.

والى جانب أزمة الخبز، تتموضع أزمة تأمين المياه ، فالجهات البلديّة تملأ الخزّان الرئيسي الذي يغذي المخيّم بالمياه مرتان في كل أسبوع، وهو ما لا يلبّي احتياجات السكّان الذين يضطرّون لشراء الماء عبر الصهاريج، وبتكلفة تبلغ 500 ليرة سوريّة للخزان الواحد سعة 5 براميل، الأمر الذي يضيف أعباءً إضافيّة على كاهل الأهالي.

أمّا واقع المواصلات، فيشكّل بالنسبة للأهالي وجهاً لأزمة خانقة، نظراً لملاصقته حياتهم اليومية، خصوصاً فئة الموظفين والطلّاب الذين يهمّون للذهاب بشكل يومي الى مناطق عملهم وجامعاتهم في مناطق العاصمة دمشق والجوار، وحول هذه الأزمة نقل أحد السكّان لـ"بوابة اللاجئين" أنّ نقصاً كبيراً في وسائط النقل بين المخيّم وجواره والعاصمة دمشق، يجعل من يريد الذهاب الى عمله أو جامعته ينتظر لساعات قدوم " الميكرو" عدا عن استغلال السائقين لهذا النقص، عبر رفع تعرفة الركوب بشكل مضاعف، الأمر الذي دفع عدد من الأهالي واللجان في المخيّم للتوجه الى مدير النقل العام في منطقة قطنا، الذي وعد بدوره تخصيص حافلتي نقل للمخيّم تعملان على مدار الساعة.

وفي مقابل تلك المصاعب، برزت بعض التحسّنات في بعض المجالات الملازمة لحياة الأهالي خلال الأشهر الماضيّة، ووفق ما  نقل سكّان من أبناء المخيّم لـ" بوابة اللاجئين" فإنّ انتعاشاً  طفيفاً بدأت تشهده أسواق المخيّم  مقارنة بواقعها قبل أشهر، كما عاودت  بعض  المؤسسات المدنيّة والإغاثية نشاطها في تقديم بعض المساعدات الإغاثيّة والتموينيّة التي يعتمد عليها الاهالي بشكل كبير، بالإضافة الى إستئناف وكالة " الاونروا" تقديم خدماتها التعليميّة والصحيّة عبر مستوصف المخيّم، فضلاً عن خدمات النظافة، كما لوحظ تحسّن ملحوظ في التغذيّة الكهربائيّة حيث بلغت ساعات التغذيّة عتبة 18 ساعة يوميّاً.

ووسط كل ذلك، يبقى الهاجس الأمني يلوح شبحه فوق منازل مخيّم خان الشيح وشوارعه، حيث تُحكم الشوارع والأزقّة بقبضة أمنيّة شديدة، وتطّقع أوصال المخيّم بحواجز الأمن العسكري و "جيش التحرير الفلسطيني"، عدا عن حملات إعتقال يشهدها المخيّم بين الحين والآخر بحق شبّان من أبناءه، الأمر الذي انعكس على واقع الحياة الإجتماعيّة للأهالي، وبات الحذر رفيقاً لتحركاتهم التي خفتت بشكل كبير، داخل المخيّم وخارجه.

 

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد