فلسطين المحتلة

بعد ساعات تنطلق مسيرة العودة العاشرة في غزة على طول السياج الأمني العازل الذي يفصل القطاع عن الأراضي المحتلة، وترافقها جنباً إلى جنب مسيرة حيفا المحتلة، كلاهما تحت مظلّة وحدة الشعب ووحدة المصير، تحمل شعار "من غزة إلى حيفا وحدة دم ومصير مُشترك"، وتحيّة تخترق كل محاولات الاحتلال لفصل وتفرقة أبناء الشعب الواحد.


مواجهة محاولات تقسيم الفلسطينيين

حاول الاحتلال لسنوات طويلة تقسيم الفلسطينيين وفلسطين، فصل الفلسطيني في الأراضي المحتلة عن فلسطيني آخر لاجئ في المخيّم، محاولاً إقناع أحدهما أنه ليس جزءاً من الشعب الفلسطيني، ومحاولاً أيضاً سلب حقّهم في العيش مستقبلاً واحداً مشتركاً حراً وكريماً في كل بلادهم، بالإضافة إلى محاولته أن يُجذّر داخلهم الوعي الزائف بأنّ الفلسطيني في الأراضي المحتلة لا يستطيع أن يُناضل مع أبناء شعبه في الضفة المحتلة وغزة والشتات، لا يستطيعوا أن يكونوا مُوحّدين ومتلاحمين مع كل الشعب في أدوات النضال وتطلّعاته وشعاراته.

هذا ما عبّر عنه الفلسطينيون في حيفا وباقي الأراضي المحتلة، في بيانٍ بدأ بالنداء "يا أهلنا في كل فلسطين، يا أهلنا العائدين حتماً"، يدعو للمشاركة في تظاهرة تنطلق بالتزامن مع غزة يوم الجمعة الأوّل من حزيران/يونيو، على مفرق الشهيد باسل الأعرج في جادّة الكرمل بحيفا المحتلّة. مُعتبرين نداء غزة "خطوة واحدة مُهمّة وجذريّة، في الطريق الذي بدأنا السير فيه، طريق النضال الواحد والأمل الواحد، والوعي الوطني الجماعي، بأنّ كل هم ووجع ومأساة يعيشها إنسان فلسطيني، أينما كان في العالم، سببها النكبة، وأنّ شعبنا لن يرى يوماً كريماً سعيداً وحرّاً إلا حين يعود اللاجئون إلى بيوتهم التي هُجّروا منها، وتنتصر الحريّة على الصهيونيّة."


حيفا خرجت لكل فلسطين

يُشير أحد نشطاء الحراك في حيفا، أنها لم تكن المرة الأولى التي تخرج فيها حيفا لغزة، سبقها حراك عام 2014 أثناء العدوان الصهيوني على قطاع غزة، شارك فيه نحو ألف مُتظاهر، والذي يُعتبر عدداً هائلاً بالنظر إلى مدينة مُحتلّة يُحاول الاحتلال بأقصى ما عنده فرض معاييره عليها وطمس حقيقتها كمدينة فلسطينية يسكنها فلسطينيّون. وخرج المتظاهرون فيها كذلك للأسرى في سجون الاحتلال وفلسطين ومخيّم اليرموك، ولم تخلُ تلك التظاهرات من القمع والاعتقال.

يقول ناشط آخر في الحراك إنّ قرار تنظيم تظاهرة جاء مُسبقاً بالفعل للإعلان من غزة، على أن تخرج تظاهرة في حيفا بالتزامن مع تظاهرة غزة في ذكرى النكسة، وبدون ترخيص من الاحتلال كسابقتها في حيفا المحتلة، ترفع شعار وحدة الشعب الفلسطيني ووحدة مصيره.

ويُتابع "كان مُهماً للجميع إيصال رسالة أننا مع غزة، بعزيمة وإصرار، وقمع شرطة الاحتلال لا يُرهبنا، ورغم كل ما تعرّضنا له أو ممكن أن نتعرّض له، فهذا أقل القليل ولا يساوي شيئاً أمام تضحيات غزة"، وتابع "بعد سماع خبر تظاهرة غزة تُحيي حيفا، ودون أن يطول النقاش تقرّر تنظيم تظاهرة أخرى بالتزامن معها في حيفا."

تصعيد الاحتلال مُتوقّع لكنه خارج حساباتنا

حول تصعيد قوات الاحتلال، أكّد أحد نشطاء الحراك أنّ الاحتلال يُحاول البحث عن طريقة لاعتراض التظاهرات قبل الإعلان عنها، فعلى سبيل المثال قبل تظاهرة يوم الجمعة، نفّذت شرطة الاحتلال اعتقالات احترازيّة بحق عدد من النشطاء، وحذّرتهم من نتائج التظاهرة، لكن في النهاية التظاهرات ستستمر.

ويقول آخر "لا نعرف كيف يُمكن أن يكون رد فعلهم، لكن كل ما نعرفه أنّ هناك حالة كسر لحاجز الخوف، المشاركون في التظاهرات يعرفون عنف وهمجيّة الاحتلال، لكنه خارج حساباتهم."

وحسب الناشط فإنّ الأسابيع الأخيرة حملت معها ما يُشجّع على الاستمراريّة، فرغم محاولات قمع النشطاء قبل التظاهرات واعتقال البعض ومطاردة البعض الآخر، ورغم عنف شرطة الاحتلال في التظاهرات، الناس حضرت واستمرت في المجيء، فالتظاهرة التي أقيمت أمام المحكمة أثناء محاكمة مُعتقلي تظاهرة دعم غزة، كانت إثباتاً على انه "مش خايفين ومكملين."

"الأخبار التي كانت تصل من غزة عن ترقّب الناس لما يحدث في حيفا والأمل الذي وصلهم من حيفا، شجّعت على الاستمرارية، بل ودفعت باتجاه التوسّع في الحراك"، يُتابع قوله.

عن فراغ المواقع الأخرى
بالعودة إلى تظاهرة حيفا التي خرجت مؤخراً لدعم غزة، يقول أحد نشطاء الحراك إنّ الضجّة التي حدثت حول التظاهرة كانت لها أسبابها، فالفراغ في الأماكن الأخرى سلّط الضوء على التظاهرة وجعلها تبدو وكأنها الحدث المركزي، إذ خلت بقيّة المناطق من أي حراك مُرافق لمسيرة العودة الكبرى في غزة.

ويُضاف إلى ذلك التغطية الحيّة من عدة مصادر، وكون المُعتقلين كانوا معروفين في أوساط غزة والضفة المحتلة ومواقع التواصل الاجتماعي، ما جعل لمسألة اعتقالهم صدى، فعلى سبيل المثال خرجت تظاهرة قبل عامين في عكا حضرها نحو (40) مُتظاهر واعتقل الاحتلال منهم (22)، إلا أنها لم تأخذ ذات الصدى، فدائماً الظروف المُحيطة تحكم.
خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد