لبنان
سامي حمود*


بعد حوالى مضي ستة أشهر على الأزمة المفتعلة من قبل الإدارة الأمريكية تجاه تجميد تمويل ميزانية الأونروا السنوية، والإعلان لاحقاً عن تخفيض حجم التمويل إلى النصف، الأمر الذي انعكس على حجم المساعدات المقدّمة للاجئين الفلسطينيين في مناطق عمليات الأونروا الخمس ومن ضمنها لبنان. أيضاً انعكس سلباً على مستوى الأداء العام لدى دوائر صنع القرار في الأونروا، إذ بات الهم الأكبر لديهم في تخفيض الأعباء عن كاهل الأونروا والدفع بها بعيداً دون تقدير للنتائج الكارثية المترتبة من تقليص الخدمات أو توقيف البعض منها، في ظل واقع اقتصادي واجتماعي وإنساني صعب يعيشه شعبنا الفلسطيني في لبنان.

إن حجم الحراك الذي تقوم به إدارة الأونروا تجاه إيجاد حلول للأزمة المالية يُعد خجولاً مقارنةً بحراكها المحلي في المخيمات والتجمعات الفلسطينية في لبنان، من أجل تبرير إجراءاتها التقليصية وفرض سياسة الأمر الواقع على اللاجئين الفلسطينيين. والخطير في الأمر أن الأونروا تحاول خداع البعض بهذه "الشفافية" في طرح القضايا ومناقشتها أمام المجتمع المحلي الفلسطيني، كسباً لموقف مؤيد أو السكوت عن أي قرار فيه تقليص للخدمات، بل استطاعت أن تجنّد بعض الأبواق المدافعة عن سياساتها.

إن المتابع لسياسة وبرنامج عمل الأونروا في لبنان، يّدرك تماماً حجم الاستهداف الكبير الذي يتعرض له شعبنا الفلسطيني في ضرب أبسط مقومات الصمود، جرّاء الإجراءات اليومية التي تمّس عصب الحياة من تقليص خدمات مثل الصحة والاستشفاء والتعليم، وصولاً اليوم إلى قرار بإغلاق بعض المدارس ودمجها مع مدارس أخرى، ومدرسة الطنطورة في تجمع المعشوق نموذجاً.

وقد جاء اعتصام أهالي تجمع المعشوق داخل مدرسة الطنطورة بتاريخ 19 حزيران 2018، رداً طبيعياً ضد قرار الأونروا إغلاق المدرسة ودمج طلابها في مدارس المخيمات الأخرى. إذ أن هذه القرارات العبثية من قبل إدارة الأونروا حتماً ستضر بواقع ومستقبل التعليم لطلاب اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، و تُساهم في زيادة حجم التسرب المدرسي والنتائج المتدنية لدى الطلبة نتيجة اكتظاظ الصفوف والمدارس وأيضاً عدم قدرة الأساتذة على تقديم مستوى جيد من التعليم في ظل هكذا أجواء..
 
لا شك أن سياسة إغلاق المدارس أو دمجها تندرج ضمن مشروع تقليصي شامل تعمل إدارة الأونروا على تنفيذه على مستوى برامج العمل والخدمات المقدّمة للاجئين الفلسطينيين في لبنان، وصولاً إلى تفريغ المؤسسة الدولية من دورها الطبيعي ونقل مهامها إلى مؤسسات دولية ومحلية أخرى بالإضافة إلى المؤسسات الحكومية، مع العلم أن وكالة الأونروا تُعتبر المسؤول الأول والمباشر عن إغاثة وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين لحين تحقيق العودة لهم، والشاهد الأبرز على نكبة الشعب الفلسطيني. 

فالمطلوب فلسطينياً، القيام بتحركات شعبية في مختلف المناطق لمواجهة مشاريع الأونروا في تقليص خدماتها ورفض أي قرار يضر بحياة ومستقبل اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، ودعم تلك التحركات سياسياً وإعلامياً وميدانياً لمنع سياسة فرض الأمر الواقع من قبل الأونروا. بالإضافة إلى التأكيد على تمسك اللاجئين الفلسطينيين بوكالة الأونروا مع ضرورة زيادة الخدمات وتحسين الأداء لضمان حياة أفضل للاجئين إلى حين العودة..

*مدير منظمة ثابت لحق العودة
خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد