سوريا

وسط ظروف تهجير غير إنسانيّة في مخيّم دير بلّوط للمهجّرين في الشمال السوري، حيث تسكن مئات العائلات الفلسطينيّة والسوريّة في خيام لا تقي حرّ الصيف ولا برد الشتاء، وفي ظل انعدام لأبسط مقوّمات العيش، وتدنّي مستوى الخدمات اللوجستيّة والصحيّة إلى ما دون مستوى الصفر، يلتفت المهجّرون إلى حقّ أطفالهم بأن لا يكونوا ضحيّة للجهل في القرن الحادي والعشرين.

فمن بدائيّة عيشهم، اجترح المهجّرون في المخيّم ما يبدد ولو قليلاً من وقع المستقبل الغامض على أبنائهم، ليسلحوهم بما تيّسر من علم ولو اقتصر على الكتابة والقراءة وأساسيات الحساب والعلوم، علّ الواقع القادم يتيح لهم استكمال ذلك في مدارس تليق بآدميتهم وحقّهم في التعليم والعيش.

مدرسة "كيدزنيا" وهو اسم لمشروع تعليمي ياباني يقوم على مكان يمارس في الطلبة كل أنشطتهم التعليميّة والحياتيّة، تلقفّه نشطاء ومتطوعون في مخيّم دير بلّوط من أحد البرامج التلفزيونية، فحاولوا تجسيده بأدوات واقعهم، فلا بناء نموذجي ولا كادر مدرّب، إنّما خيمة كبيرة " هنغار" تتسع لـ250 طالباً وطالبة، على أرضٍ ترابيّة وبلا صفوف ومقاعد.

من هذه الخيمة، يحاول الكادر التعليمي المكوّن من تسع مدرسين ومدرّسات، بإدارة أستاذ مدرسة مهجّر من مخيّم اليرموك للاجئين الفلسطينيين، بذل جهود وبإمكانيّات صفر، لبثّ التعليم في عقول الأطفال والترفيه في نفوسهم، رغم المعوّقات الكثيرة. فالحال بدائيّ جدّاً كما يقول أحد القائمين على المدرسة لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" واصفاً المشهد: "حلقات طلّابيّة من الصف الأوّل الإبتدائيّ حتّى الثاني الإعدادي يجلسون في حلقات دائريّة بنفس الخيمة، ويتلقون التعليم من معليمهم بنفس الوقت، فينتج عن ذلك تشويش كبير، وسط انعدام الإمكانيّة لتقسيم الصفوف والدوام، فعدد الطلّاب كبير ولا مكان سوى هذه الخيمة".

مشهدٌ وإقبال من قبل التلاميذ، يعزز إصرار المعلّمين المتطوعين على مواصلة العمل، فبالرغم من انعدام الإمكانيّات وعدم توفّر حتّى المقاعد الدراسيّة والأدوات القرطاسيّة، لا يدخّر كادر المدرسة جهداً في محاولات توفير بعض الأدوات، من خلال المناشدات وما يأتي من دعم بسيط من قبل بعض الهيئات والجمعيّات، فمع بدء العام الدراسي قبل أيّام، جرى توزيع بعض الدفاتر والأقلام على التلاميذ لقسم من الطلّاب، بينما كثيرون لم ينالوا شيئاً، على أمل أن يُسدّ النقص خلال الأيّام المقبلة وفق ما يؤكد أحد الكوادر لـ" بوابة اللاجئين".

كثير من الأمل، يواجه فيه كادر المدرسة عوامل اليأس الكامنة في واقعهم، ولم يكفّوا عن الطموح رغم عدم تقاضيهم لأيّ أجر منذ شهرين ونصف من العمل في هذا المشروع، وفي نفوسهم أمل بأن تتبنّى جهة ما مشروعهم ومشروع الأطفال المهجّرين، حيث قاموا بإنجاز تصميم لمدرسة من ستّ صفوف ومقاعد ومرافق صحيّة، بانتظار من يلتفت لمستقبل الطلبة المهجّرين ويساعدهم في تجسيد هذا التصميم، مشيرين لوعود تلقوها من عدّة جهات حقوقيّة ورسميّة من قبل السلطات في الشمال السوري منذ أشهر، لكن دون أيّ فعل يذكر.

هي محاولة لفعل شيء ما، وفق ما يقول أحد القائمين على المشروع، في ظل التهميش الكامل للعائلات المهجّرة، ولا سيّما المهجّرين الفلسطينيين الذين طالما تساءلوا عن غياب وكالة " الأونروا" المعنيّ الأوّل في ملف التعليم للاجئين الفلسطينيين، فمهجّرو دير بلّوط لم يخرجوا من الأراضي السوريّة، فلماذا تحرمهم الوكالة من خدماتها؟







خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد