الحجر المنزلي يلقي الضوء على أوضاع اقتصادية قاسية في تجمعات الفلسطينيين بلبنان

السبت 28 مارس 2020
حي صبرا - بيروت
حي صبرا - بيروت


محمد شهابي – بيروت

 

تمتد على طول الأراضي اللبنانية، من شماله إلى جنوبه، مخيمات وتجمعات فلسطينية، بعضها معترف بها من قبل الدولة اللبنانية ووكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" وأخرى غير معترف بها، نتناول في هذا التقرير الحديث عن التجمعات الفلسطينية خاصة، وأوضاع اللاجئين فيها ومن يتابعها في ظل تفشي فيروس كورونا في لبنان والعالم.

باختصار.. "للتجمعات الفلسطينية في لبنان.. رب يحميها"، قالها لنا أحد المسؤولين الفلسطينيين خلال حديثنا معه. فوكالة "أونروا" أشبه بالغائبة عنها، ومناشدات لمنظمة التحرير الفلسطينية بالتحرك لإنقاذ اللاجئين الفلسطينيين خاصة في ظل تطورات أزمة فيروس كورونا المستجد، أما عن الفصائل الفلسطينية فحدث بلا حرج، مع حجج دائمة بميزانيتها المالية المعدومة، وكل يلقي بالمسؤولية على الآخر.

المفارقة أن هذا الحديث يأتي فيما تشكل الفصائل الفلسطينية المنضوية تحت منظمة التحرير وكذلك فصائل التحالف مع إدارة "أونروا" في لبنان  لجنة طوارئ لمتابعة المخيمات والتجمعات الفلسطينية في ظل انتشار فيروس كورونا (كوفيد-19) في هذا البلد، وبالأمس فقط أجرت اللجنة اجتماعاً بوزير الصحة اللبناني للتنسيق فيما يخص الوقاية والعلاج من الفيروس بالنسبة لأماكن وجود الفلسطينيين، ما يشير إلى وجود تباينات بين ما تتحدث عنه الفصائل وما يتحدث عنه الشارع الفلسطيني في لبنان.

وفي الغالب، فإن هذه التباينات تتركز حول الأولويات بالنسبة لكل طرف، فبينما تعمل الفصائل للتنسيق مع الجهات اللبنانية من أجل تأمين علاج أي حالة فلسطينية قد تصاب بالفيروس ضمن المشافي المخصصة لذلك في هذا البلد، تشكل المخاوف لدى اللاجئين الفلسطينيين مستويين اثنين، أولهما الخوف من وصول المرض إلى المخيمات، والثاني هو الخوف من الجوع والفقر في ظل الحجر المنزلي الصحي الذي تفرض سبل الوقاية حدوثه، وبالتالي عدم مقدرة شريحة واسعة من الفلسطينيين الذين يمارسون أعمالاً يتقاضون بموجبها أجوراً يومية أو أسبوعية على تأمين سبل حياتهم مع توقف أعمالهم وأجورهم.

مناشدات من تجمع الشبريحا

في هذا السياق ناشد مسؤول اللجنة الشعبية في تجمع الشبريحا، وهو تجمع للفلسطينيين واقع بمدينة صور جنوبي لبنان، أصحاب الخير مساعدة اللاجئين الفلسطينيين في التجمعات، قائلًا : إنه "نتيجة لالتزام اللاجئين الفلسطينيين بقرار الحجر المنزلي، تزداد الأوضاع الاجتماعية سوءًا مع توقف العمال عن العمل، لتصبح المعاناة الفلسطينية صعبة جدًا".

وتابع مسؤول اللجنة الشعبية، خلال حديثه مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين، "سبقَ أزمة كورونا، أزمة اقتصادية في لبنان ما زلنا نعاني منها حتى اللحظة، العامل كان يتقاضى 8 دولارات في اليوم، ما يعني أن وضعه الاقتصادي مزر جدًا، فكيف مع قرار بقاءه في المنزل دون مدخول يومي".

وأردف العلي، "في ظل غياب الوكالة (أونروا) عن الالتزام بواجباتها، لم يبق للاجئين الفلسطينيين سوى الله، وبعض الحصص الغذائية التي قامت على توزيعها مبادراتٌ من قبل عدد من المؤسسات"، واصفًا إياها "بغير الكافية".

وأشار العلي، إلى أن "جمعيات طبية وبالتعاون مع اللجان الشعبية في التجمعات قد قامت بحملات تعقيم في المنطقة، فيما تقوم بلديات المنطقة، وعلى سبيل المثال: بلدية العباسية اللبنانية والتي يتبع لها تجمع الشبريحا إلى القيام بجولات لمنع التجوال وتطبيق قرارات وزارة الصحة اللبنانية".

 ويقيم أكثر من نصف اللاجئين الفلسطينيين في لبنان داخل 12 مخيمًا معترفًا به لدى وكالة "أونروا"، فيما يقيم باقي اللاجئين في مناطق محاذية للمخيمات أو في المدن والقرى اللبنانية إضافة إلى تجمعات سكنية جديدة نشأت بسبب تطورات الأوضاع في لبنان. ومن أهم هذه التجمعات غير المعترف بها من قبل "أونروا": المعشوق، جل البحر، شبريحا، القاسمية، البرغلية، الواسطة، العيتانية، أبو الأسود، عدلون، الغازية، وادي الزينة، الناعمة، سعد نايل، ثعلباية، غزة، الداعوق، سعيد غواش وغيرها.

تجمع وادي الزينة يتكاتف مع غياب "أونروا"

بدوره اشتكى المسؤول السياسي لحركة حماس في إقليم الخروب، حسن العريض، من "عدم تحمل وكالة أونروا لمسؤولياتها فيما يخصّ توزيع المساعدات الإغاثية كمود التعقيم أو المواد الغذائية ".

وأضاف العريض، في حديث مع بوابة اللاجئين الفلسطينيين، "قامت جمعية الشفاء بالتعاون مع القطاع الشبابي في حركة حماس وجهود من الجبهة الديمقراطية، بتعقيم الشوارع والمحال التجارية في المنطقة، بالإضافة إلى تسيير سيارات لحث الناس على البقاء في منازلها وبث معلومات توعوية للأهالي".

 وأصاف إن "جهود بلدية سبلين اللبنانية اقتصرت على إغلاق المحال التجارية، فيما انتشرت مخابرات الجيش والقوى الأمنية للتأكد من تطبيق قرار التعبئة العامة الصادر عن الحكومة اللبنانية".

واسترسل العريض، "بهدف التكاتف بين الإخوة الفلسطينيين، أطلقت لجان المساجد الخمسة في المنطقة، حملة إغاثية وزّع فيها 600 حصة غذائية".

ويقع تجمع وادي الزينة في منطقة سبلين في قضاء الشوف، غربي العاصمة اللبنانية بيروت، ويؤوي ما يقارب من 15 ألف فلسطيني، كما أنه يحتوي على عيادة لوكالة "أونروا" ومدرسة ابتدائية ومتوسطة وثانوية تابعة للوكالة، إلا أن بلدية سبلين لا تعترف فيه كتجمع فلسطيني، بل تعامله على أنه أرض لبنانية تتبع للبلدية، رغم عدم الاهتمام به شأن المناطق الأخرى التابعة لها، وفق ما يؤكد اللاجئون الفلسطينيون هناك.

أحزمة بؤس في تجمعات اللاجئين في بيروت

فيما قال اللاجئ الفلسطيني فؤاد عابد، وهو من المقيمين في مخيم شاتيلا، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إن "الزائر لمنطقة صبرا وشاتيلا قد لا يلحظ الفرق بين منطقة صبرا أو التجمعات الفلسطينية في المنطقة وبين حدود المخيم، بسبب تداخل المخيم مع جواره اللبناني نتيجة لاشتداد أحزمة البؤس والفقر في المنطقة".

وتابع عابد، "سكان المنطقة خاصة اللاجئين الفلسطينيين بحاجة إلى من ينقذهم من وضعهم المأساوي، و يقدم لهم مساعدات شتى من أيادي الخير".

وتابع، "ينقص التجمعات الفلسطينية التمويل المالي حيث غالبية اللاجئين عاطلون عن العمل، بالإضافة إلى نقص بالمأكل والملبس والطبابة".

وأوضح عابد، "طلب منّا البقاء في منازلنا، إلا أن أيًا من المنظمات والهيئات لم تقدم لنا مساعدات خلال فترة الحجر"، وأردف، "تشرف الشؤون الاجتماعية اللبنانية على تسجيل اللبنانيين لمساعدتهم خلال أزمة كورونا، فمن لنا نحن..".

ويقع في منطقة صبرا وشاتيلا، عدد من التجمعات هي تجمع الداعوق، تجمع غزة، سعيد غواش بالإضافة إلى مبنى مشفى غزة، فيما تؤوي ما يقارب من 7 آلاف لاجئ فلسطيني.

انضباط بالقرارات الصادرة عن الحكومة اللبنانية

هذا وتشهد المخيمات والتجمعات الفلسطينية، حالة من الانضباط التزامًا منها بالقرارات المتعلقة بعدم التجوال وإغلاق المحال التجارية والمؤسسات، فيما تقوم جهود فردية وأخرى لجمعيات ومؤسسات خيرية بتوزيع عدد من المعونات الغذائية والعينية، فيما تشرف جهات طبية وإغاثية على تعقيم المناطق وفقًا للتبرعات التي تحصل عليها.

ووفق الإحصاء المركزي اللبناني، فإن تعداد اللاجئين الفلسطينيين في لبنان، بين مخيمات وتجمعات فلسطينية تقدر بأكثر من 183 ألف لاجئ فلسطيني، وفق إحصائية عام 2019.

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد