تقرير وليد صوان

"حياة مع وقف التنفيذ نمضيها هنا في مخيم مالاكاساه باليونان، يزيدها سوءاً المخاوف من تفشي فيروس كورونا" بهذه العبارات تختصر معاناة الشاب الفلسطيني أحمد الذي وصل مؤخرا من تركيا إلى اليونان.

ابن بلدة جديدة عرطوز جنوب غرب دمشق عبّر لموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين عن خشيته من انتشار جائحة كوفيد- 19 في المخيم، نتيجة الازدحام واستخدام الكثير من الأشياء المشتركة بين الخيم مثل "أباريق الشاي والصحون والكؤووس وغيرها".

وقال أحمد:  "رغم إجراء اختبارات فيروس كورونا للمقيمين بالمخيم وعدم وجود أي إصابة حالية الآن، إلا أن قلة مواد التنظيف المقدمة لنا وعدم وجود مطهرات كحولية يزيد مخاوفنا من وصول هذا الوباء إلى المخيم".

ويضيف "عدم تقديم ملابس للاجئين ونقص مواد التنظيف ربما يؤديان إلى الإصابة بأمراض أخرى، فالكثير من العائلات قاموا بحياكة ملابس للأطفال من الأغطية القديمة، كي يبدلوا ملابسهم عند اتساخها".

الشاب الفلسطيني الذي أمضى في رحلته بالقارب المطاطي نحو 3 ساعات من تركيا إلى اليونان، ليصل ليلاً إلى جزيرة ميتيليني تعرض مع من كانوا بالقارب إلى هجوم من عدد من سكان الجزيرة إلى أن تدخلت الشرطة ومنعتهم من مواصلة اعتدائهم.

وتابع "أمضينا في الاحتجاز بميناء ميتليني نحو اسبوع وبعدها نقلونا إلى سفينة حربية وبقينا فيها نحو ١٥ يوماً، ثم أخدونا إلى هذا المخيم الذي أنشئ حديثاً ويبعد عن أثينا حوالي 35 كم".

وأوضح أن الخيم سيئة، ويمنع الدخول والخروج منه، ولا توجد زيارات، فليس بإمكانه زيارة عائلته الموجودة في أثينا ولا حتى عائلته يمكنها زيارته.
 

وضع معيشي سيء يفتقد للنظافة

منذر ابن مخيم خان الشيح جنوب غرب العاصمة السورية دمشق، وصل مع عائلته مؤخراً من تركيا إلى اليونان، بعد أن قررت السلطات التركية فتح الحدود أمام اللاجئين، ليبقى محتجزاً نحو أسبوع في جزيرة ميتيليني باليونان، ثم يُنقل ضمن عبّارة عسكرية الى البر اليوناني وينتهي به المطاف مع عائلته إلى مخيم مالاكاساه الذي أنشئ حديثاً.

يصف منذر لموقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين الحياة في مالاكاساه:  "لا توجد خدمات هنا، فالوضع المعيشي سيء للغاية، حين جئنا قدموا لنا علبة "شامبو" للمقيمين بالخيمة، وبعدها بأسبوعين أعطوا كل شخص علبة شامبو صغيرة".

يتابع:  "يبلغ تعداد المقيمين في المخيم 450 لاجئاً،  خصص لهم نحو 10 حمامات و10 مراحيض مصنوعة من البلاستيك للرجال وأخرى للنساء وهي سيئة جداً، يتم تنظيفها مرة باليوم، وينبغي على الشخص انتظار ساعتين للحصول على الماء الساخن".

ويضيف: "هناك 3 مخيمات أخرى مجاورة لنا، معزولة عن بعضها بالأسلاك الشائكة، وكلها مغلقة لا يسمح لنا بالخروج والدخول، ومنذ فترة أشرفت على المخيم منظمة "إيمو" قدمت لنا مواد تنظيفية و"حصيرة" ومنشفة وغطاء للنوم، بيد أنها ليست حياة".

كما لفت إلى أن المقيمين في المخيم هم فلسطينيون وسوريون وعراقيون وأفغان وصوماليون ودول افريقية أخرى، وكل خيمة تضم نحو 10 أشخاص، فخيمة منذر قسمت بشكل يتسع لثلاث عائلات.

وأكد منذر أن هناك إهمالاً مقصوداً فالأماكن المخصصة للنفايات تجاور المكان المخصص لمياه الشرب، كما أن المخيم غير مخدم بالكهرباء، إذ يوجد فقط عدد قليل من مقابس للكهرباء قرب الباب الرئيسي، حيث يجب الانتظار ساعات طويلة لشحن الهاتف النقال.
لا خدمات طبية مقبول

بالنسبة للوضع الطبي أوضح الشاب الفلسطيني أن سيارة الصليب الأحمر تأتي يومياً الساعة 9:30 وتبقى حتى الساعة 3 ظهراً لمعاينة المرضى الذين ينتظرون ساعات طوال كي يحين دورهم وفي النهاية يصطحب الأطباء 5 او 6 أشخاص للعلاج خارج المخيم.
 

وأشار إلى أن من يخرج للتداوي لا تصل عنه أي أخبار لعائلته، فلا جواب لدى إدارة المخيم عند الاستفسار عنهم، كما لا يسمح لأحد بمرافقة المريض إلى المشفى حتى لو كان الزوج.

وقال "نحن الان في المخيم منذ شهر تقريباً لا نعرف وضعنا القانوني، ولا نعرف متى نخرج من المخيم، فقد وقع العديد من اللاجئين على ورقة إخلاء سبيل ولانزال هنا".

معاناة مستمرة

يروي منذر قصة سيدة سورية تعرضت خلال رحلتها البحرية من تركيا لهجوم من خفر السواحل اليوناني فغرق القارب ومات ابنها الوحيد البالغ من العمر 10 سنوات في البحر، فأصيبت بحالة نفسية سيئة بين كل فترة وأخرى.

الانتظار عند سيارة الإسعاف

وقال منذر "في إحدى المرات انهارت المرأة على الأرض وأخذت بالصراخ وبقيت 3 ساعات على الأرض دون أن يسعفها أحد، ولولا صراخ المقيمين في المخيم والضرب على الأبواب والخشية من تدهور الوضع لم تسعفها الشرطة إلى المشفى"

وأضاف "المرأة أصيبت بفقدان الذاكرة فنسيت كل شيء حتى اسمها، إنها تعاني صدمة نفسية، وتصاب بين الفينة والأخرى بنوبات عصبية ونفسية، فهي بحاجة للعلاج المستمر، وهذا لا يتوفر هنا".
 

وتابع "سيدة إفريقية أصابها مخاض الولادة وبقيت تتحمل الآلام لثلاث ساعات من 7 مساء حتى الـ 12 ليلا إلى أن جاءت سيارة اسعاف، هذه بعض القصص التي تحدث هنا".

وبحسب مجموعة العمل من أجل فلسطينيي سوريا فإن عدد الفلسطينيين في اليونان يقدر بأكثر من 4 ألاف.

هؤلاء اللاجئون الفلسطينيون يعيشون في هذا الواقع السيء، هم لم يختاروه طواعية، فظروف الحرب في سوريا و الحصار المفروض على قطاع غزة أجبروهم على خوض غمار مغامرة اللجوء بحثاً عن حياة كريمة، لم يطالوها حتى اللحظة، ليزيد تفشي فيروس "كورنا" في مجمل بقاع العالم المخاوف على حيواتهم وأمانهم الصحي.

حين نسألهم من تناشدون، لا يذكرون كثيراً المسؤولين الفلسطينيين "لأننا نعرف بأن أحداً لن يستجيب، لو اهتموا بنا منذ البداية لما وصلنا إلى هنا".

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد