"كورونا" يلقي بظلاله على واقع النشاط الثقافي والفني في أوساط الفلسطينيين بلبنان

الجمعة 29 مايو 2020


لبنان
 

لا شك أن أزمة فيروس "كورونا" وتبعاتها، تحديداً المتمثلة بتقييد الحركة والالتزام بالمنازل، أثرت على شتى مناحي الحياة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في لبنان.

هذا التقرير يستعرض تأثير جائحة "كورونا" على واقع النشاط الفني والثقافي في مخيمات لبنان الصعب بالأساس، إلى جانب المطلوب لتعزيز هذا المجال.

 

الحاجة إلى نقابة فنانين

أكد المدرس الموسيقي وأستاذ الغناء في مدرسة فرقة القدس للفنون الشعبية، محمد دياب عطية، وهو من الفلسطينيين المهجرين من مخيم اليرموك إلى مخيم نهر البارد بطرابلس أن الفنانين الفلسطينيين في لبنان يفتقدون إلى الحاضنة المتمثلة في النقابة.

وأشار، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إلى أن الواقع الفني يعاني تراجعاً كبيراً، على الرغم من أهميته في نشر الثقافة والوعي الفلسطيني في المخيمات.

وأضاف: "لدينا قامات وكتّاب وأشياء جميلة كثيرة، شعبنا حي وعنده الكثير لكن لا حاضنة.. للأسف نفتقد جداً للنقابة في هذه الأيام وفي جميع أيامنا".

وبحسب عطية، فإن النشاط الفني والثقافي يقتصر على عمل بعض المؤسسات، وعندما ينتهي عملها يتشرذم الفنانون من جديد.

وحول تأثير فيروس "كورونا"، أوضح عطية أنه حد كثيراً من جميع الأنشطة الثقافية والفنية، مشيراً إلى أنه يتواصل مع تلاميذه وجمهوره عبر الإنترنت، إلا أن هذا لا يغني عن التماس المباشر.

وأكد أن المخيم هو نقطة الانطلاق للأعمال الفنية الفلسطينية التي يجب أن تقدم إلى جميع الناس، في داخل وخارج المخيمات، ولطالما زخرت مخيمات الفلسطينيين بكل مجالات الإبداع.

 

صيداوي: نفتقد إلى مكان يجمع الفنانين و"كورونا" أوقف كل شي

بدورها، أوضحت الممثلة والمخرجة الفلسطينية، ميرا صيداوي، أن النشاط الثقافي والفني في مخيمات لبنان محدود جداً.

وقالت لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": إن هذا النشاط يحتاج إلى دعم كبير غير متوفر أصلاً، وإن كان متوفراً من بعض الجمعيات المدنية، لكنه لا يزال غير كافٍ.

وذكرت صيداوي أن حالات الدعم شحيحة جداً وغير متوفرة، الناس تحتاج إلى الكثير لتعيش بداية، قبل أن تصنع الفن، في إشارة منها إلى سوء الأحوال المعيشية التي يرزح تحتها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان.

فعلى الصعيد المسرحي، أشارت صيداوي إلى أن الفنانين الفلسطينيين يفتقدون إلى مكان للتدريب أو أماكن يجتمعون فيها بهدف بناء عملية تواصلية بين الأفراد العاملين في المجال الواحد، في محاولة للتقرب أكثر إلى ثقافة المخيم وبنائها وتطويرها.
 

 

صيداوي، التي كانت تعرض مسرحية "أيوبة" في عدد من مخيمات لبنان، قبل بداية أزمة "كورونا"، أكدت أنه على الرغم من الدعم القليل، إلا أن المسرحية جابت عدداً من المخيمات، لافتة إلى أن تفاعل الأهالي كان كبيراً والجميع كان سعيداً بالعرض، ما يدل على الحاجة الملحة لأعمال من المخيم للمخيم، وفق صيداوي.

وأضافت: "كورونا أوقف كل شي، من الطبيعي أن عملنا توقف داخل المخيمات بسب الفيروس، على أمل انتهاء الأزمة وصنع فن من المخيم إلى المخيم وداخل المخيمات".

وأكدت أن الحاجات الأساسية تتمثل في وجود أماكن مخصصة ورعاية للأفراد الذي العاملين في المجال الفني، إلى جانب الدعم الكافي والكامل لهم ومساندتهم لتقديم مزيد من الأعمال.

 

دور بارز للجمعيات الفنية والثقافية داخل المخيمات

الدعم الشحيح هو أيضاً ما أكدته منسقة جمعية "الكمنجاتي" في لبنان، نور أبو ريا، التي شددت على وجود طاقات كبيرة في المخيم تفتقد إلى من يدعمها.

كما نوهت أبو ريا، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، إلى أنه في ظل الأوضاع الصعبة التي تمر بها المخيمات الفلسطينية، يكون التركيز بشكل كبير على حاجات الناس الأساسية فقط، مشيرة إلى أن هذا يسبب في التقصير من ناحية الأنشطة الفنية، والواقع الثقافي في المخيمات.

وأكدت أهمية الجمعيات التي تعنى بالنشاط الفني والثقافي داخل المخيمات، كـ "الكمنجاتي" و"بيت أطفال الصمود" وما شابههما، خصوصاً وأنه من الصعب على اللاجئ الفلسطيني في لبنان الانضمام إلى المعاهد والجامعات الموسيقية خارج المخيمات، بسبب التكاليف الباهظة جداً.

وبحسب أبو ريا، فإن العائق المادي هو الأبرز، خصوصاً أن وطأته ستشتد عقب الانتهاء من أزمة "كورونا" الراهنة، مؤكدة الحاجة المحلة لهذا الدعم في سبيل الاستمرارية ومواصلة تقديم الأعمال الفنية.

وحول العوائق الأخرى، أشارت أبو ريا إلى أن هناك حاجة إلى وجود مراكز أكبر من الموجودة الآن، تتسع إلى مزيد من الطلاب، إلى جانب توفير الأدوات والآلات بشكل أكبر.

وخلال فترة "كورونا" المستمرة، والإجراءات المفروضة على الحركة والتنقل، أوضحت أبو ريا أن عمل "الكمنجاتي" متوقف منذ شهر آذار/مارس المنصرم، إلا أنهم تابعوا مع الطلاب عبر دروس "أون لاين"، قبل أن يتوقفوا مع بداية شهر رمضان.

لكن الدروس عبر الإنترنت، لا يمكن مقارنتها بالحضور الفعلي، إذ إن الجمعية لم تستطع إجراء صفوف جماعية أو دروس الأوركسترا منذ نحو 3 أشهر.

وعلى الرغم من هذه العوائق، استطاعت جمعية "الكمنجاتي" إنتاج أغنية "حلم وتلال" خلال فترة "كورونا"، عبر مشاركة موسيقيين من فلسطين ولبنان.

 

وكشفت أبو ريا أن التحضير جار على قدم وساق لإصدار مقطوعة جديدة من طلاب الجمعية في لبنان حصراً.
وختمت: "المطلوب هو الدعم، نحن بحاجة للدعم، وجميع المؤسسات الثقافية بحاجة لدعم مماثل، لا يمكن أن نتخلى عن الجانب الثقافي الذي يشكل جزءاً من حياتنا اليومية كفلسطينيين ويعبر عن مخيماتنا".

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد