فلسطين المحتلة 

ربما لا يختلف حال اللاجئ الفلسطيني أدهم الطهراوي عن حال غيره من الآلاف في قطاع غزة اللذين يسعون لكسب رزق يومهم وجلب قوت أطفالهم من فم الحصار المطبق على القطاع منذ أكثر من 13 عامًا، سيما وأنّهم مصابون برصاص الاحتلال، ما تسبّب لهم بإعاقاتٍ دائمة.

بساقٍ معدنيّة يسعى أدهم يوميًا لكسب رزق أبنائه الخمسة، فرصاص جنود الاحتلال المتوارين في قاعدة زيكيم العسكرية، أصابه في ساقيه بعدما حاول اجتياز "السلك الفاصل" شرقي القطاع، خلال مشاركته في مسيرات العودة الكبرى وكسر الحصار، لكنه لم يُصب إرادته قط.
 

صح لاجئين، بس احنا شعب الجبارين

يقول أدهم الذي أسّس مشروعه الخاص -محل لبيع الشاورما-، لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّه وبرفقة مجموعة من الشبّان "حاولنا نعدي الحدود، بس كيف نعدي والنار في وجهنا؟".

وتحدّث الطهراوي عن تصيّدهم من قِبل جنود الاحتلال المختبئين وراء التلال الرملية، ويأخذون بقنص الشبَّان بشكلٍ متعمّد، يتابع: "إحنا شباب بنرمي صدورنا عالموت، بس الجندي بكون قاعد ورا قنّاص وبيتحددله مين الشخص اللي بده يطخه، وفي شباب دخلوا جوا عند الجنود، صح استشهدوا.. بس إنهم قدروا يدخلوا جوا الحدود ويجتازوا الدبابات والقناصات، هذا بيأكد إنو إحنا شعب الجبارين فعلاً".

وأضاف أدهم خلال حديثه لموقعنا "إحنا لاجئين آه.. بس إحنا شعب الجبارين، أنا رجعت تاني للحياة رغم إني عندي بتر، وعندي ألم في رجلي التانية، ورغم اني عندي وجع وشظايا، لكن رجعت للحياة لإني ما بدي أعيش عالة على البشر".

أدهم الذي كان يتحدّث لموقعنا ويشرد بنظراته هنا وهناك، ربما كان يستذكر اللحظات الأولى لقنصه من قِبل جنود الاحتلال، إذ أصيب برصاصٍ مُتفجّر تسبّب ببتر ساقه اليُسرى، في ظل إمكانياتٍ طبيّة فقيرة جرّاء الحصار الصهيوني المُستمر على القطاع، إلا أنّه لم يستسلم لهذا القدر.
 

بداية جديدة

يُكمل أدهم حديثه: "أتيحت لي الفرصة بأنّ أعمل في مشروعٍ مموّل من اللجنة الدوليّة للصليب الأحمر الدولي، وخلال الفترة التي سبقت فتح المشروع كنت أساعد الجرحى، أرفع من معنوياتهم"، مُشيرًا أنّ اللجنة استغربت عندما أخبرتهم أنّني سأفتح مطعمًا بالتمويل الموفّر من قِبلهم، فاستغربوا "مطعم!؟، صعب.. فأخبرتهم بأنّي كلي ثقة بنفسي، وبمقدرتي على فتح هذا المطعم وإدارته".
 

وبعد تصميم أدهم النابع من إرادته التي يواجه بها متاعب الحياة في غزّة، وافقت اللجنة على مراده وفتح مطعمه الذي أسماه "شاورما الملك".

أدهم الطهراوي هو واحدٌ من الآلاف الذين بتر الاحتلال أطرافهم برصاصه الغادر خلال مشاركتهم في مسيرات العودة التي أصيب خلالها 13384 فلسطينيًا عند الحدود الشرقيّة لقطاع غزّة.

الواضح أيضًا، أنّ منظمة التحرير الفلسطينيّة لا تملك الإمكانيات الكافية وغير قادرة على توفير احتياجات الجرحى وعلاجهم بالشكل المطلوب.

"بوابة اللاجئين" قابل خلال إعداد هذا التقرير، المتحدّث باسم مؤسسة الشهداء والجرحى التابعة لمنظمة التحرير، علاء البرواي، الذي أوضح أنّ "المؤسسة تقوم بعمل اللازم لهؤلاء الجرحى، وتحويل الملف إلى المركزيّة في غزة، ومن ثم عرض الجرحى على لجنة طبيّة لتحديد حالاتهم".
 

وبيّن البراوي أنّ هناك حالات "تحتاج إلى ستّة أشهر يُصرف لها مصاريف بدل علاج، وهناك حالات البتر والتشوّه الكامل يتم اعتمادها بشكلٍ كامل دون انقطاع".

حديث البراوي يأتي في ظل أنّ الأعداد الكبيرة في صفوف الجرحى تبطئ من عملية متابعتهم، وهو ما أكده بالقول: إنهم في مؤسسة الشهداء والجرحى تمكنوا حتى اللحظة من تسجيل الجرحى الذين أصيبوا منذ بداية مسيرات العودة في 30 آذار/ مارس 2018 حتى أيار / مايو 2018.

بدورها، قالت صابرين الطرطور، وهي الباحثة في المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان، إنّه "وبعد زيارة المصابين وأخذ إفاداتهم وتصويرهم، يتم تحويلهم إلى الوحدة القانونيّة الخاصة بالمركز لرفع قضايا من خلال المُحامين في المركز لمُلاحقة ومُقاضاة الاحتلال على الجرائم التي يرتكبها بحق المدنيين".
 

يوم 13 آذار/مارس 2020، صادف ذكرى يوم الجريح الفلسطيني الذي يأتي في ظل تزايد معاناة الفلسطينيين عمومًا، والجرحى خصوصًا، مع استمرار اعتداءات الاحتلال والمستوطنين وتطبيق الخطة الأمريكية للتسوية المعروفة بـ "صفقة القرن"، إلى جانب الانقسام الفلسطيني، وحصار قطاع غزة وسوء أحوال اللاجئين في الشتات.

وبحسب "إعلام الجرحى"، فإن عدد الجرحى الفلسطينيين يصل إلى نحو 300 ألف جريح، منذ الانتفاضة الأولى في أواخر عام 1987.

وفي العام الماضي، حذَّر منسق الأمم المتحدة للشؤون الإنسانية في الأراضي الفلسطينية المحتلة، جيمي مكغولدري، من أنّ "نقص التمويل للقطاع الصحي في قطاع غزة يعني أنه ربما يتعيّن إجراء عمليات بتر أعضاء خلال العامين القادمين لنحو 1700 شخص ممن أصيبوا برصاص جيش الاحتلال الإسرائيلي".
 

شاهد التقرير

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد