لاجئ نازح، ولاجئ مهجّر.. صفات مركّبة لفلسطينيين سوريين أختُزلت أمنياتهم في العيد

الأربعاء 05 يونيو 2019
لاجئون ينزحون عن مخيّم اليرموك " ارشيف"
لاجئون ينزحون عن مخيّم اليرموك " ارشيف"

الوليد يحيى _ سوريا 
يطلُّ عيد الفطر التاسع على اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، منذ اندلاع الأحداث في البلاد، وحالهم بات يتكرّس في توصيفات جديدة  ومركّبة، فبين لاجئ نازج، ولاجئ مهجّر، بات يتموضع الكثير من فلسطينيي سوريا، وكلّ صفة تتشارك مع الأخرى الكثير من سماتها، حيث لا ميزة لواحدة على واحدة.

قرابة 50% من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، باتوا نازحين داخل البلاد، وفق تقديرات غير رسميّة، بعد أن فقدوا مخيّماتهم، ومن بينهم 144 ألف لاجئ فلسطيني في مخيّم اليرموك بدمشق، صاروا بين نازح داخل البلاد ومهجّر خارجها، وفق تقرير نشره المرصد "الأورو متوسطي لحقوق الانسان" عام 2018، وكذلك 13 ألف لاجئ نازح عن مخيّم درعا، و5500 عن مخيّم حندرات بحلب، يُضاف إليهم مئات العائلات الفلسطينية من سكّان غوطة دمشق، الذين نزحوا بسبب الحرب إلى مناطق مختلفة داخل البلاد، وآخرون من مخيّم الحسينية تتعثّر عودتهم إلى مخيّمهم.

و في مناطق الشمال السوري، تعيش نحو 1500 أسرة فسطينية، تحت صفّة اللاجئ المهجّر، بعد أنّ رُحّلوا قسراً عن مخيّمات خان الشيح ودرعا واليرموك، إلى خيام التهجير في أعزاز بريف حلب، ودير بلّوط والمحمدّية في ريف مدينة عفرين، عدا عمن تناثروا بين إدلب وجرابلس وسواها، وذات الصفة يتشاركها من اضطّروا للرحيل إلى خارج البلاد، وأعدادهم عشرات الآلاف في تركيا ولبنان والأردن وأوروبا، فهؤولاء هجّرتهم الحرب، ودفعتهم لخوض البحر وطرق التهريب للهروب والفكاك من موت أو مذلّة.

الحاج أبو أشرف، لاجئ نازح عن مخيّم اليرموك، وفق ما يعرّف نفسه، وإن كان لشكل نزوحه ملامح التهجير، ومن أخباره الحياتيّة، أنّه يعيش في حي بستان الدور بمنطقة الصناعة بدمشق، وهو حيّ ذو طابع عشوائي، تكفي معونة " الأونروا" الماليّة التي ينالها كلّ 3 أشهر، لدفع مستحقات إيجار المنزل الذي يسكنه مع زوجته وابنتيه، بعد هجرة ابنه الأكبر إلى أوروبا منذ 6 سنوات، ليصير معيلاً لأهله في دمشق بما يرسله لهم من تحويلات ماليّة.

أبو أشرف كسواه، أًختزلت أمنياته المباشرة، بالعودة إلى مخيّم اليرموك، مُنطلقاً من استذكاره لواقع فقده، وهو ابن السبعين عاماً، عمره يقارب عمر نكبة فلسطين، حيث كان يعيش في اليرموك بعضاَ من دفء بلاده، حيث اجتماع العائلة والأقارب.

فالمخيّم المُدمّر، مثّل سابقاً حالة اجتماع عليا للاجئين الفلسطينيين، ومنهم أبو أشرف الذي طالما رأى فيه منطلقاً لجيل العودة، وهو جيل أبنائه وأحفاده الذين صاروا إمّا نازحين أو مهجّرين، يتمنّى أن يعود ذلك الاجتماع بما احتواه من حيوية مميّزة لمجتمع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، وفق ماقال ابنه أشرف لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" عن والده باختصار يشبه أمنياته.

وأشرف الذي يعيش اليوم في ألمانيا، يعرّف نفسه باللاجئ المهجّر، إذ هجّرته الحرب والظروف الأمنيّة التي لاحقت الشبّان في سوريا، إلى تركيّا، ومنها انطلق إلى ألمانيا، وفيها يمارس التمنّي، المتضمّن لأمنية والده، فالعودة إلى المخيّم حلم عميق، مجبول بحنين النشأة والذكريات، والوطن المؤقت، الذي حملت شوارعه وحاراته أسماء مدن وقرى فلسطين، ومورس فيه صخب العيد وبهجته وهو ما يفتقده اليوم في مهجره الأوروبي.

يضيف أشرف، أمنية فلسطينية أزليّة يسعى لتحقيقها، وهي رؤية الوطن المسلوب، حيث من الممكن أن تتيح له الجنسيّة الألمانيّة حين الحصول عليها، فرصة لزيارة صفّورية قريته وقرية أجداده، " فلا بأس من ذلك طالما أننا سنرجع في يوم ما كعائدين" وفق أشرف، والذي يصف حالته وسواه كمهجّرين في أوروبا بالخطير على هويتهم الفلسطينية، يتطلّب منهم فعل الكثير من الأمور لإثباتها، فهو لاجئ مهجّر من بلد لجوء، وجدّه قد هُجّر من بلده الأم، بينما يصنّفون في أوروبا " بلا وطن".

أبو أشرف وابنه، حالتان من بين عشرات الآلاف من الحالات للاجئين فلسطينيين سوريين، بات واقعهم الجديد إثر الحرب السوريّة، نكبةَ مُضافة، لا عيد يحضر في واقعهم المركّب هذا، والذي لم يمنعهّم من التمنّي مهما كان مختزلاً.

 

خاص _ بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد