ساوباولو - أحمد أبو حسنة 

"في العام الجاري، تضاعف عدد عمليات هدم المنازل الفلسطينية.. من قبل القوات الإسرائيلية مقارنة بعام 2015. ولا تزال غزة تشكل حالة طوارئ إنسانية، حيث يوجد هناك مليونا فلسطيني يعانون من الهياكل الأساسية المتداعية وشلل الاقتصاد، وعشرات الآلاف من المشردين الذين ما زالوا ينتظرون إعادة بناء المنازل التي دُمرت بفعل الصراع".

ما سبق، كان جزءاً من رسالة الأمين العام للأمم المتحدة بمناسبة اليوم الدولي للتضامن مع الشعب الفلسطيني، الموافق للتاسع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 2016.

لا جديد في هذه الرسالة التي خطّها الأمين العام "القَلِق" دوماً. رغم أنه لم يبد قلقه في هذه المرة. ولكن لا غرابة، فالرسالة لم تخرج عن سياسة منظمة الأمم المتحدة الشريكة في نكبة شعبنا الفلسطيني؛ والمسؤولة عن قسم كبير من عذاباته من خلال إصدارها للقرار الذي حمل الرقم (181) في التاسع والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 1947، والقاضي بتقسيم فلسطين ومنح 56% من أراضيها لدخلاء مستوطنين ليقيموا دولتهم عليها، رغم أنهم لم يكونوا يمتلكون 5% (في أحسن الأحوال) من أراضي فلسطين في ذلك الوقت.

ولربما كان إصدار القرار (32/40 ب)  القاضي بإعلان يوم التاسع والعشرين من نوفمبر يوماً للتضامن مع الشعب الفلسطيني في الذكرى الثلاثين لإصدار قرار التقسيم، بحثاً عن "صك غفران أخلاقي" تناله الأمم المتحدة لنفسها من نفسها، عله يمحي ذكرى القرار الظالم. لتعود الجمعية العامة وتصدر القرار (37/60) في الأول من كانون الأول/ديسمبر 2005، الداعي إلى "تنظيم معرض سنوي عن حقوق الفلسطينيين" في مقر الجمعية العامة في نيويورك، وكذلك إلى "تشجيع الدول الأعضاء على مواصلة تقديم أوسع دعم وتغطية إعلامية للاحتفال بيوم التضامن". وقد شهد العام 2015 رفع العلم الفلسطيني أمام مقرات ومكاتب الأمم المتحدة حول العالم.

يوم التضامن في البرازيل

لقد كانت البرازيل ولا تزال من الدول السباقة في دعم الحقوق الفلسطينية، وهي من أوائل الدول التي تحتفي بيوم التضامن مع الشعب الفلسطيني. لا بل إن أغلب الولايات البرازيلية قد سنت قوانين في برلماناتها من أجل تنظيم يوم مخصص في كل عام لتسجيل التضامن مع الشعب الفلسطيني.

ويسجل للنائب بينديتو سينترا (Bendito Cintra) عن الحزب الشيوعي للبرازيل (PCdoB) أنه صاحب أول قانون تم إقراره في برلمان ولاية ساو باولو لجعل من يوم 29/11 يوماً للتضامن مع الشعب الفلسطيني في الولاية. وقد أقر القانون الذي حمل الرقم (4439) في السابع من كانون الأول/ديسمبر 1984، وأصبح نافذاً منذ ذلك الوقت.

وقد اشتمل القانون على فقرة خاصة بأن يتم "تنسيق هذا النشاط مع الكيانات العربية والفلسطينية الكائنة في ولاية ساو باولو". مما يرتب مسؤولية على المؤسسات والجمعيات الفلسطينية والعربية في ولاية ساو باولو أيضاً في المحافظة على استمرار هذا النشاط واستثماره لتعزيز حالة التضامن مع الشعب الفلسطيني في البرازيل.

كانت أهمية هذا القانون في أنه فتح الطريق أمام البرلمانات في عدة ولايات ومدن برازيلية لإقرار قوانين مشابهة ترسخ وتؤطر حالة التضامن مع الشعب الفلسطيني في البرازيل في إطار قوانين، بحيث تترجم حالة التضامن هذه على شكل سياسات ملزمة، عوضاً عن كونها حالة تعاطف مؤقتة أو رغبات شخصية وحزبية تتغير مع مرور الزمن. فتتالى إقرار القوانين في مدينة "فلورانابوليس" (ولاية سانتا كاتارينا)، وولاية "ماتو غروسو "وولاية "بيرانبوكو" وكذلك ولاية "باهيا".. ليكون آخر القوانين المقرة وليس أخيرها في ولاية "ريو غراندي دي سول"، وهو القانون الذي حمل الرقم (337/2010) وصدر بتاريخ 03/05/2011.  هذا على الرغم من أن ولاية "ريو غراندي دي سول" تعتبر إحدى الولايات التي تنشط فيها الحركة الصهيونية بقوة كبيرة في البرازيل، مما يحتسب لقوة حركة مقاطعة "إسرائيل" التي تشهد تصاعداً في البرازيل وحول العالم.

وفي الحقيقة، فإن التضامن الشعبي البرازيلي مع الشعب الفلسطيني لا يقتصر على النشاطات في يوم التضامن، بل يمتد أياماً وأسابيع. وغالباً ما تمتلئ برامج الأحزاب والمؤسسات البرازيلية في شهر تشرين الثاني/نوفمبر من كل عام بالعديد من النشاطات التضامنية على مختلف أنواعها.

 في هذا العام، ستشهد ولاية ساو باولو، على عادتها، جلسة مفتوحة في برلمان الولاية مخصصة ليوم التضامن، وستكون هذه الجلسة في 28 الجاري. فيما أعلنت عدة جهات برازيلية، بالشراكة مع هيئات فلسطينية، نشاطات أخرى تنوعت بين توقيع الطبعة الثانية من كتاب "القضية الفلسطينية"، وكذلك بطولة كرة قدم بين فريق يمثل الفلسطينيين في ساو باولو وعدة فرق برازيلية. وسيكون الجمهور على موعد مع عرض للفيلم الوثائقي (A Palestina continua sendo a questão) (لا زالت القضية هي فلسطين) في جامعة سانتو أندريه الفيدرالية. وسيعرض مركز مساعدة المهاجرين في بلدية ساو باولو محاضرة حول الهجرة واللجوء الفلسطيني في ساو باولو في الثلاثين من الشهر الجاري. هذا بالإضافة إلى عشرات النشاطات التي تمتد على طول البرازيل وعرضها.

كل هذه النشاطات تدل على أن الحالة المتضامنة مع فلسطين وشعبها في البرازيل هي حالة أصيلة وقوية، وتفرض على الجالية العربية والفلسطينية في ساو باولو أن تحافظ على هذا التضامن وتعززه، لإن كسب دعم في الساحة البرازيلية له أثره الكبير على تفعيل حالة التضامن مع فلسطين في العالم وفي أمريكا اللاتينية على الأخص.

(الصور: ملصق لإعلان بعض النشاطات التضامنية في ولاية ساو باولو)

 

خاص بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد