حلّ يوم اللاجئين العالمي يوم أمس السبت على اللاجئين الفلسطينيين وسط تحدياتٍ جمّة، لا سيما مع الأزمة المالية الخانقة التي تُعاني منها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، والتي بدأت تنعكس على خدماتها المقدمة في مناطق عملياتها الخمس لقرابة 5 ملايين و300 ألف لاجئ فلسطيني، إذ فصلت الوكالة مجموعة من الموظفين جرّاء هذه الأزمة.

هذه الأزمة تشتد على الوكالة الأمميّة في ظل ازدياد المخاطر الحقيقيّة كتداعيات جائحة "كورونا" على مُخيّمات اللاجئين التي هي بالأساس تعاني من قلة الخدمات المقدمة لها والمساعدات والبنى التحتية الملائمة للسكن، ما يُنذر بمشاكل حقيقية داخل المُخيّمات في حال تنصّلت الوكالة من مسؤولياتها كنتيجةٍ للأزمة المالية الآخذة بالتطوّر سلباً.

وفي سياق التحشيد لدعم الوكالة، أعلنت دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير الفلسطينية، السبت 20 يونيو/ حزيران، عن "انطلاق الحملة الرقمية متعددة اللغات لدعم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" على منصات التواصل الاجتماعي، وذلك تحت شعار #دعم_الأونروا_مسؤولية_دولية".

بدوره، أكَّد رئيس دائرة شؤون اللاجئين أحمد أبو هولي، أنّ "الحملة تأتي ضمن اطار خطة التحرك الفلسطينية المتعددة المسارات لإسناد وكالة الغوث في حشد الموارد المالية لسد العجز المالي الكبير في موازنتها"، مُشيراً إلى أنّ "الحملة الرقمية تهدف إلى تشكيل رأي عام عالمي من شعوب العالم ضاغط على حكومات دولهم لحثهم على دعم وكالة "أونروا"، ولدعم التحرك السياسي والدبلوماسي الفلسطيني باتجاه الدول المانحة "لأونروا"، وتحركها باتجاه احباط قرار الضم الاسرائيلي".

كما بيّن أبو هولي في بيانٍ له، أنّ "الحملة ستستمر لمدة أسبوعين، بالتزامن مع انعقاد سلسلة من المؤتمرات المرتبطة باللاجئين و"أونروا"، تبدأ بمؤتمر التعهدات المستمرة للدول المانحة الذي سيعقد في 23 الجاري في نيويورك، بمشاركة 70 دولة مانحة، مروراً بمؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين في جامعة الدول العربية، وصولاً لاجتماعات اللجنة الاستشارية "لأونروا"، والتي تشارك فيها 30 دولة مانحة في الأول من تموز/يوليو المقبل".

 

خطة متكاملة لحشد الدعم للوكالة

ولفت أبو هولي إلى أنّ "خطة التحرّك الفلسطيني أقرتها اللجنة التنفيذية لمنظمة التحرير في اجتماعها الأخير، واعتبرتها الدول العربية المضيفة للاجئين أرضية ترتكز عليها في تحركها باتجاه المانحين لوكالة أونروا، والتحرك الفلسطيني والدول المضيفة سيستهدف 25 دولة مانحة لم تتبرع "لأونروا" خلال العام الجاري، وتقدر قيمة تبرعاتها في العام الماضي مجتمعة إلى 150 مليون دولار، بالإضافة إلى 15 دولة مانحة قلّصت من قيمة تبرعاتها المالية مقارنة مع عام 2019، والتي تقدر قيمة التقليصات 159 مليون دولار".

وأشار أبو هولي في بيانه، إلى أن "دولة فلسطين من خلال خطة تحركها وترؤسها لمؤتمر المشرفين على شؤون الفلسطينيين الدورة (104) ستُطالب الأمانة العامة لجامعة الدول العربية بالتحرّك لحث الدول العربية وإلزامها على دفع قيمة مساهمتها بما نسبته 7.8% من الاجمالي العام لموازنة وكالة أونروا، لأنّ ما قدمته الدول العربية لدعم الموازنة في العام 2020 لا يزيد عن 18 مليون دولار، أي ما نسبته 1,2% من اجمالي موازنة وكالة الغوث، وكان من المفترض أن تكون قيمة تبرع الدول العربية  116,5 مليون دولار لهذا العام".

وفي السياق، دعا أبو هولي كافة "أبناء شعبنا في الوطن والشتات إلى المشاركة الفاعلة في كافة الحملات الرقمية لدعم القيادة الفلسطينية في معركتها السياسية لدعم وكالة "أونروا"، وإسقاط صفقة القرن الأميركية، ومنع تمرير مخطط الضم العنصري".

 

الحل السياسي غائب

وكالة "أونروا" لم تحصد من ميزانيتها السنوية للعام الجاري سوى النصف، وهذا ما أكَّده الناطق الإعلامي باسم الوكالة سامي مشعشع في سياق حديثه عن التحديات التي تواجه وكالة الغوث الدوليّة خاصةً بالتزامن مع اليوم العالمي للاجئين، إذ أشار خلال لقاءٍ مع قناة "المملكة" الأردنية، مساء السبت، أنّ "التحدي الأكبر هو غياب الحل السياسي لقضية اللاجئين الفلسطينيين، والظروف الحالية صعبة للغاية على اللاجئين الفلسطينيين في ظل كل الأخطار التي تحدّق بوكالة الغوث".

وقال مشعشع: "إنّ أضعف ما تستطيع الوكالة تقديمه للاجئ الفلسطيني هو الاستمرار في تقديم خدماتها، لكن هذه الخدمات هناك ضغط كبير عليها في ظل تزايد أعداد اللاجئين الفلسطينيين الذين يصنفون دون خط الفقر، في ظل الصعوبة في الحصول على الأموال اللازمة لهذه الخدمات".

 

"نتطلّع لنجاح مؤتمر المانحين"

وتابع مشعشع حديثه خلال اللقاء الذي تابعه "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "الوكالة بحاجة لمليار وأربعمائة مليون دولار للاستمرار في تقديم خدماتها العادية والطارئة للعام 2020 ومواجهة جائحة كورونا، ولكن حتى اللحظة لم نحصل إلا على نصف هذا المبلغ ونحن ما زلنا في منتصف العام"، مُشيراً أنّ "يوم الثلاثاء القادم سيكون هناك مؤتمر دولي للمانحين هام جداً برعاية وزير خارجية الأردن أيمن الصفدي ووزير خارجية السويد من أجل حشد الموارد المالية لوكالة الغوث، ونتطلّع بالتأكيد لنجاح هذا المؤتمر".

وأوضح مشعشع أنّ "الوكالة طلبت مبلغ 93 مليون دولار من أجل مواجهة تداعيات جائحة كورونا حتى شهر 7 القادم، ولكن حتى اللحظة لم نحصل إلا على 57% من هذا المبلغ، وفي ذات الوقت هناك ثناء كبير من مؤسسات دولية تراقب عمل الوكالة حول كيف استطاعت وكالة أونروا التكيّف والتأقلم في ظل هذه الظروف، وأنها استطاعت النجاح في تنفيذ التعليم عن بعد بسبب الخبرة الكبيرة التي اكتسبتها بسبب الحروب المتكرّرة على غزة، كما استطاعت ايصال الأدوية إلى بيوت المستحقين في ظل هذه الأزمة، وتوزيع المواد الغذائية لمنازل اللاجئين بعيداً عن التجمّع والتجمّهر".

جدير بالذكر أنّه يجري التحضير لمؤتمر كبار المانحين المقرر عقده في الثالث والعشرين من الشهر الجاري، لحشد مزيد من الدعم لوكالة "أونروا"، وذلك في ظل الأزمة المالية الكبيرة التي تُعاني منها الوكالة والتي انعكست على خدماتها وبرامجها.

بدوره، قال مدير الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين علي هويدي، إنّ مؤتمر المانحين الذي سيعقد بعد غدٍ الثلاثاء "يهدف لمحاولة تغطية العجز المالي للوكالة والذي وصل حتى تاريخ 20/6/2020 إلى حوالي 700 مليون دولار من أصل 1.4 مليار دولار هي ميزانية الوكالة لسنة 2020"، مُشيراً أنّه "يجري التحشيد من قِبل الأردن بصفته رئيس اللجنة الاستشارية لأونروا، ودولة السويد بصفتها رئيسة اللجنة الفرعية للجنة الأستشارية، والمفوّض العام لأونروا، ويبذلون جهوداً كبيرة لمحاولة حشد الدعم المالي والسياسي للوكالة".

 

مخاوف حقيقية بشأن العجز المالي

وأوضح هويدي أنّ "المؤتمر يشارك فيه كل من الدول المضيفة للاجئين والدول المانحة واللجنة الاستشارية للوكالة والإتحاد الأوروبي وجامعة الدول العربية ومنظمة التعاون الإسلامي ودائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير وآخرون"، لافتاً إلى وجود "مخاوف كبيرة من عدم الحصول على المبالغ الكافية لسد العجز المالي، على الرغم من الدعم السياسي والمعنوي الساحق للوكالة من خلال تصويت 167 دولة لصالح تمديد تفويض عمل الوكالة لثلاث سنوات جديدة، وذلك بسبب اهتمام الدول بجائحة كورونا، واستمرار الضغط الأمريكي والكيان المحتل على الدول المانحة لإضعاف الوكالة وفق رؤيتهما السياسية المزيفة لشطب حق العودة، وبسبب أن موازين القوى لدعم القضية الفلسطينية عموما لا تزال ضعيفة في الجمعية العامة للأمم المتحدة".

ورأى هويدي أنّ "هذا ينذر بإجراءات يمكن أن تتخذها الوكالة سيكون تداعياتها الإنسانية صعبة وكارثية على أكثر من 6 مليون لاجئ فلسطيني مسجل في مناطق عملياتها الخمسة لا سيما في الضفة الغربية وقطاع غزة وشرق القدس المحتلة كما ذكر مبعوث الأمم المتحدة للسلام في الشرق الأوسط نيكولاي ميلادينوف في شباط/فبراير 2020، وتتوافق مع ما أشارت إليه جريمة القرن".

 

الحل للخروج من الأزمة؟

ومن أجل الخروج من هذه الحالة، قال هويدي "نحتاج إلى استثمار حالة الإجماع الفلسطيني الوطني والسياسي، الدبلوماسي والشعبي التي تشكلت تحديداً منذ مجيء ترامب إلى الرئاسة في أمريكا، والمؤيد لـ"أونروا"، بالمبادرة إلى إعداد خطة وطنية إستراتيجية لحماية "أونروا" تكون قادرة على الحفاظ على استمرارية عمل الوكالة الأممية إلى حين عودة اللاجئين، تستمد الخطة قوتها ونفاذيتها من موازين القوى الذي بات يميل إلى صالح القضية الفلسطينية على المستوى الإستراتيجي، أمام ضعف وانكسار مشروع الكيان المحتل".

في وقتٍ سابق، قال رئيس دائرة شؤون اللاجئين الفسطينيين التابعة لمنظمة التحرير أحمد أبو هولي، وأردف أبو هولي بالقول: "إنّ التحرك الدبلوماسي يجري في كل الاتجاهات، لمواجهة استهداف الوكالة من قبل الولايات المتحدة وقطعها 360 مليون دولار كمساعدات لها، تنفيذاً لأحد بنود وأهداف (صفقة القرن) بتصفية قضية اللاجئين".

22222222.jpg
222222.jpg
2222.jpg
22222.jpg
222.jpg
22.jpg
متابعات/ بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد