صعّد وزيران "إسرائيليان" من مخططات إبادة سكان قطاع غزّة، عبر رفض إدخال أي مساعدات إلى القطاع المحاصر، تحت ذريعة "عدم حاجة القطاع لها"، في موقف يتناقض بشكل صارخ مع دعوات دولية تؤكد أن إدخال المساعدات بات ضرورة إنسانية عاجلة، وسط تحذيرات من قرب مجاعة شاملة.
فقد أكد وزير دفاع كيان الاحتلال "يسرائيل كاتس"، ووزير المالية "بتسلئيل سموتريتش"، خلال اجتماع المجلس الوزاري المصغر (الكابينت) يوم الأربعاء 23 نيسان/أبريل، رفضهما القاطع إدخال أي مساعدات إنسانية إلى قطاع غزة.
ونقلت هيئة البث "الإسرائيلية" عن كاتس قوله إن "لا حاجة إلى إدخال مزيد من المساعدات"، زاعماً أن "الإمدادات الحالية كافية"، في تجاهل تام للتحذيرات الدولية من مجاعة وشيكة. وأضاف أن أي مساعدة تدخل إلى غزة "تستخدم من قبل حماس كسلاح لبناء بنية تحتية إرهابية"، على حد تعبيره.
أما سموتريتش، فذهب أبعد من ذلك، مطالباً رئيس وزراء الكيان بنيامين نتنياهو باحتلال غزة، مؤكداً رفضه المطلق لأي دور في "إدخال مساعدات لوجستية تصل إلى حماس"، بحسب وصفه.
تأتي هذه التصريحات في وقت تحذر فيه وكالات أممية ومنظمات إغاثية من انهيار كامل في نظام المساعدات داخل غزة، حيث لم يُسمح بدخول أي شاحنات غذاء أو وقود أو دواء منذ إعادة فرض الحصار "الإسرائيلي" الكامل على القطاع في الثاني من آذار/مارس، والذي تزامن مع تجدد القصف في الثامن عشر من الشهر ذاته، منتهكاً بذلك اتفاق وقف إطلاق النار.
المفوض العام لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا"، فيليب لازاريني، وصف الوضع في غزة بـ"المأساة المتعمدة"، مؤكداً أن الجوع يتسع، وأن الحرمان من الإمدادات هو "من صنع الإنسان".
وكتب لازاريني في منشور له على منصة "إكس": "غزة أصبحت أرض اليأس، حيث يتعرض مليونا شخص – غالبيتهم من النساء والأطفال – لعقاب جماعي". وأضاف أن هناك نحو 3,000 شاحنة محملة بالمساعدات المنقذة للحياة جاهزة للدخول، لكن سلطات الاحتلال تمنع مرورها، رغم بدء انتهاء صلاحية الكثير من محتوياتها.
وأشار المفوض الأممي إلى أن المرضى والمسنين والجرحى محرومون من العلاج، وعلّق قائلاً: "تستخدم المساعدات الإنسانية كورقة مساومة وسلاح حرب. يجب رفع الحصار، ويجب تدفق الإمدادات، ويجب الإفراج عن الرهائن، ويجب استئناف وقف إطلاق النار".
في السياق ذاته، حذرت 12 منظمة إغاثة مستقلة في بيان مشترك من "انهيار تام" يواجهه نظام المساعدات في القطاع، وأعلنت العديد من تلك المنظمات تعليق أنشطتها جراء خطورة الوضع بعد استئناف الغارات الجوية "الإسرائيلية".
وقالت بشرى خليل من منظمة "أوكسفام": "الأطفال يتناولون أقل من وجبة واحدة في اليوم... سوء التغذية ومناطق المجاعة تنتشر بلا شك في غزة".
ووفق تقرير لمكتب الأمم المتحدة لتنسيق الشؤون الإنسانية (أوتشا)، فإن قرابة مليوني فلسطيني في غزة باتوا يعتمدون كلياً على مطابخ الجمعيات الخيرية، التي لا توفر سوى نحو مليون وجبة يومياً – أي نصف الحاجة الأساسية – وتفتقر إلى اللحوم والخضراوات الطازجة.
الأسواق المحلية بدورها تشهد نقصاً حاداً في المواد الغذائية، وسط ارتفاع كبير في الأسعار، ما جعل المساعدات الإنسانية تُشكّل المصدر الغذائي الرئيسي لما لا يقل عن 80% من سكان القطاع، بحسب تقرير برنامج الغذاء العالمي لشهر نيسان/أبريل.
هذا التدهور الإنساني شددت عليه بعض الدول الغربية، حيث أصدر وزراء خارجية ألمانيا وفرنسا وبريطانيا بياناً مشتركاً يوم الأربعاء 23 نيسان/أبريل، طالبوا فيه "إسرائيل" بالسماح بدخول المساعدات إلى غزة دون عوائق، مؤكدين أن "استخدام المساعدات الإنسانية كأداة سياسية أمر غير مقبول".
وجاء في البيان: "يجب ألا تستخدم المساعدات الإنسانية مطلقاً كورقة ضغط سياسية، ويجب احترام القانون الدولي الإنساني".
كما شدد البيان على ضرورة عدم تقليص مساحة الأراضي الفلسطينية أو السعي إلى تغييرها ديموغرافياً، ودعا إلى استئناف وقف إطلاق النار، مطالباً حركة حماس بالإفراج عن المحتجزين.
وبينما تتصاعد الدعوات الدولية، تواصل الحكومة "الإسرائيلية" انتهاج سياسة التجويع، ضاربة عرض الحائط بكل المواثيق والقوانين الدولية، في وقت تتعمق فيه المجاعة يوماً بعد يوم، وسط استمرار ارتكاب جرائم إبادة جماعية بحق أكثر من مليوني فلسطيني محاصرين في قطاع غزة.