واصل جيش الاحتلال "الإسرائيلي" قصفه الجوي والمدفعي على مناطق متفرقة من قطاع غزة تركز في مدينتها، مستهدفاً خيام النازحين وتجمعات الفلسطينيين بينما واصل عمليات تدمير المباني والشقق السكنية في ظل مأساة التجويع المتفاقمة وأوامر الاحتلال بمغادرة المدينة قسرياً، في حين أعلنت منظمة الصحة العالمية بقائها في غزة لتقديم الخدمات الطبية لسكانها المنكوبين.
وأفادت مصادر في مستشفيات غزة، باستشهاد 16 فلسطينيا بنيران وغارات جيش الاحتلال منذ فجر اليوم الخميس 11 أيلول/ سبتمبر بينهم 11 بمدينة غزة وسط تفاقم المأساة الإنسانية ومطالبة الاحتلال بإخلاء السكان نحو جنوبي القطاع.
وأعلنت وزارة الصحة الفلسطينية في غزة، أن مستشفيات القطاع استقبلت خلال الساعات الأربع والعشرين الماضية 72 شهيدًا و356 إصابة جديدة، مشيرة إلى أن عددًا من الضحايا لا يزالون تحت الأنقاض وفي الطرقات، وسط عجز طواقم الإسعاف والدفاع المدني عن الوصول إليهم.
وبذلك، ارتفعت حصيلة العدوان "الاسرائيلي" المستمر منذ السابع من أكتوبر 2023 إلى 64,718 شهيدًا و163,859 إصابة. فيما بلغت حصيلة الضحايا منذ 18 مارس 2025 وحتى اليوم 12,170 شهيدًا و51,818 إصابة.
وضمن ضحايا "شهداء لقمة العيش"، أوضحت الوزارة أن ما وصل إلى المستشفيات خلال الـ24 ساعة الماضية بلغ 9 شهداء و87 إصابة، لترتفع الحصيلة الإجمالية لهذه الفئة إلى 2,465 شهيدًا وأكثر من 17,948 إصابة، نتيجة استهداف الاحتلال المتكرر للمدنيين أثناء محاولتهم الحصول على المساعدات الإنسانية.
كما سجّلت مستشفيات القطاع 7 حالات وفاة جديدة بسبب المجاعة وسوء التغذية، من بينهم طفل، ليرتفع العدد الإجمالي إلى 411 وفاة بينهم 142 طفلًا. ومنذ إعلان شبكة التصنيف المرحلي المتكامل للأمن الغذائي (IPC) حالة المجاعة في غزة، تم تسجيل 133 وفاة جراء الجوع وسوء التغذية، بينهم 27 طفلًا.
وأكد المدير العام لوزارة الصحة الفلسطينية في قطاع غزة منير البرش أن أكثر من مليون شخص يتلقون الخدمات الصحية في مستشفيات مدينة غزة.
وأشار في حديث إلى "التلفزيون العربي" إلى أن السماح لقوات الاحتلال بدخول مدينة غزة سيتسبب في مجازر جماعية وقال إننا "عاجزون عن نقل 4800 شخص من مبتوري الأطراف إلى خارج مدينة غزة".
وفي الساعات الماضية دمر جيش الاحتلال ثلاثة منازل في مخيم الشاطئ غربي مدينة غزة، كما أعلن مستشفى المعمداني عن استشهاد سيدة وإصابة آخرين في قصف استهدف حي الشجاعية شرق غزة.
وصعّد الاحتلال تهديداته باستهداف الأبراج السكنية في غزة، حيث أعلن الجيش "الإسرائيلي" أن تلك المباني "تشكل تهديدًا مباشرًا"، بينما توعّد وزير الحرب يسرائيل كاتس بمزيد من الدمار ملوحًا بـ"إعصار هائل" و"فتح أبواب الجحيم".
وفي موازاة ذلك، اعتقلت قوات الاحتلال سبعة صيادين قبالة ساحل غزة واقتادتهم إلى جهة مجهولة، في وقت يواصل فيه الجيش "الإسرائيلي" منع الصيد واستهداف من يحاول النزول للبحر، رغم أن الصيد بات من الوسائل شبه الوحيدة لتأمين الغذاء وسط الانهيار الإنساني الحاد.
في الأثناء، تواصلت الغارات "الإسرائيلية" على وسط قطاع غزة وجنوبه حيث ارتقى طفل في مخيم البريج، وفلسطيني آخر شمال مخيم النصيرات برصاص الاحتلال.
كما استشهد فلسطيني في قصف على محيط مدينة حمد شمال غربي خان يونس فيما أكد مستشفى العودة استشهاد فلسطينيين وإصابة العشرات من منتظري المساعدات في رفح.
وفي سياق التحذيرات الأممية المستمرة بشأن تهجير سكان مدينة غزة، أكدت وكالة "أونروا" أن العمليات العسكرية "الإسرائيلية" تشرد مئات الآلاف من السكان في غزة، مشيرة إلى أنه لا يوجد مكان آمن في القطاع.
وكشفت أن ما لا يقل عن 2000 فلسطيني جائع قُتلوا أثناء محاولتهم الوصول إلى المساعدات، معظمهم بالقرب من ما يسمى "مؤسسة غزة الإنسانية"، التي اتهمتها بأنها تُدار من "مرتزقة وعصابات معادية للمسلمين".
كما شددت الوكالة الأممية على ضرورة السماح بوصول آمن وواسع النطاق للمساعدات، محذرة من كارثة إنسانية غير مسبوقة.
وانتقدت الأمم المتحدة ومنظمات الإغاثة الدولية أوامر الاحتلال بإخلاء مدينة غزة إلى الجنوب، واعتبرتها "تصعيدًا خطيرًا"، مشيرة إلى أن "المنطقة الإنسانية" التي حددتها "إسرائيل" تفتقر إلى الخدمات الأساسية ولا توفر الحماية للمدنيين.
أما منظمة الصحة العالمية فأكدت عزمها البقاء في مدينة غزة رغم أوامر التهجير، مبدية استياءها من "المنطقة الإنسانية" التي وصفتها بأنها غير قادرة على استيعاب السكان أو تقديم الخدمات الضرورية.
بدورها، أدانت منظمة العفو الدولية التهجير الجماعي الوحشي وغير المشروع" مؤكدة أن دفع الفلسطينيين إلى النزوح القسري يرقى إلى جرائم حرب ويضاعف ظروف الإبادة الجماعية التي يواجهها سكان غزة.
وأضافت أن استمرار بعض الدول في تزويد "إسرائيل" بالسلاح غير مقبول ويُسهم في تدمير حياة الفلسطينيين، معتبرة تجاهل الاحتلال للتحذيرات الدولية دليلًا على نيته المضي في سياسة الإبادة.