صابر حليمة – بيروت

 

على بعد 26 كيلومتراً من مدينة مراكش، واجهة المغرب السياحية، بدأت في 17 تموز/يوليو الماضي أعمال البناء في ورش أكبر نصب تذكاري لـ"هولوكوست"  أو ما يسمى "المحرقة اليهودية" في العالم، والأول من نوعه في شمال إفريقيا، والثاني على مستوى القارة، بعد ذلك المبني في جنوب إفريقيا.

وسيفوق هذا النصب خمس مرات نصب "هولوكوست" في العاصمة الألمانية برلين، والذي افتتح عام 2005، في الذكرى الستين لنهاية الحرب العالمية الثانية، بتصميم من المهندس المعماري الأمريكي بيتر أيزنمان.

 

أعمال بناء مستمرة لأكبر نصب تذكاري في العالم لـ "هولوكوست" في مراكش

 

صحيفة "جيروزاليم بوست" الإسرائيلية، التي أعدت تقريراً يحتفي بهذا المشروع "الأول من نوعه"، قالت: "إن  المنظمة الألمانية "بيكسل هيلبر" تؤسس مركزاً تعليمياً في مراكش، لتدريس أهوال المحرقة للكبار وأطفال المدارس، ويعتمد مدرسين متخصصين ومعارض ومعدات خدمة لهذا الهدف".

ونقلت الصحيفة عن مؤسس المنظمة، أوليفر بينكوفسكي: "بصفتي ألمانياً ذا جذور بولندية وخلفية ماسونية، بدأت العمل على هذا المشروع حتى أظهر للعالم ما قد يفعله الناس بالآخرين إذا خضعوا لمنطق الدكتاتورية مثل ألمانيا النازية في عهد أدولف هتلر"، كاشفاً أنه "سيتم عرض عشرة آلاف شاهدة حجرية تحيط بمركز معلومات لإعلام الزوار عن الهولوكوست".

 


 

وذكر بينكوفسكي للصحيفة أن: "من الأهمية بمكان عرض مقاطع الفيديو والصوت والعروض المسرحية الحية، حتى يفهم الناس في أذهانهم وحشية المحرقة"، موضحاً أن "الهدف منه هو توطيد ركائز لإعطاء الزوار شعوراً بالعجز والخوف الذي كان لدى الناس في معسكرات الاعتقال في ذلك الوقت، وإنشاء مكان في شمال أفريقيا يحيي الذاكرة بواسطة إمكانيات العصر الرقمي".

وبحسب بينكوفسكي، فإنه سيقام في وسط النصب في مراكش، "قوس قزح" من الصخور الحجرية لـ "التذكير بخمسين ألف رجل مثلي ماتوا في معسكرات الاعتقال".


 




تنديد مغربي.. أليس من الأجدر بناء نصب للضحايا الفلسطينيين على أيدي الصهيونية؟ 

هذا المشروع الذي يتم بموافقة حكومية مغربية، يواجه معارضة شعبية واسعة لا سيما من قبل أحزاب وطنية، ومؤسسات تعنى بدعم القضية الفلسطينية ونضال الشعب الفلسطيني.

وفي هذا الصدد، قال الكاتب العام للمرصد المغربي لمناهضة التطبيع مع الكيان الصهيوني، عزيز هناوي، إنها ليست المرة الأولى التي يُخطط فيها لاختراق الساحة المغربية عبر محاولات صهيونية مباشرة.

واعتبر هناوي، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أن هذه الحاولة وسابقاتها تهدف إلى التسلل عبر الممر الحقوقي والإنساني لـ "المحرقة" لتمرير الرواية الصهيونية.

كما حذر هناوي من أن مدينة مراكش باتت قبلة للحركة الصهيونية للمرور إلى الوجدان والعقل المغربي، مشدداً أن المرصد المغربي لمناهضة التطبيع ومجموعة العمل الوطنية من أجل فلسطين ستعملان على التصدي للمشاريع الصهيونية، والتي كان آخرها وقف تنظيم مهرجان الرقص الشرقي في مراكش برعاية صهيونية أواخر رمضان الماضي.

وتساءل هناوي: "لماذا لا يتم بناء نصب تذكاري لضحايا الإرهاب الصهيوني النازي الحقيقي على مدى أكثر من 70 عاماً بحق فلسطين الأرض والإنسان والمقدسات منذ فترة الانتداب البريطاني وبعد إعلان قيام كيان صهيون حتى هذه اللحظة؟ ولماذا لا يتم بناء نصب تذكاري لحارة المغاربة في القدس التي اغتصبها اليهود الصهاينة في الساعات الأولى من احتلال القدس عام 67 عندما قتلوا سكانها وهجروا من بقي منهم حياً وأحالوها ساحة مبكى زوراً بجوار حائط البراق؟ ولماذا لا يتم بناء نصب تذكاري لضحايا المحارق الإسرائيلية بحق أطفال صبرا وشاتيلا ودير ياسين وجنين وغزة وقانا؟".

وأضاف: "ما علاقة المغرب بالهولوكوست حتى يتم بناء أكبر نصب له في العالم؟ وكيف لمؤسسة ألمانية أن تأتي إلى المغرب لبناء نصب خاص بالدعاية الصهيونية عن الهولوكوست، لماذا لا يبنيه الألمان عندهم هناك حيث مكان وعنوان المجرم النازي فعلا قبل أكثر من نصف قرن؟".

 

كما استنكر نشطاء على مواقع التواصل الاجتماعي، هذه الخطوة مطالبين بمشاريع تعزز من ثقافة العروبة والوعي بالقضية الفلسطينية والمحاولات الصهيونية لتمرير أفكار مسمومة في المجتمع المغربي.

 


 


من هي منظمة "بيكسل هيلبر" الألمانية؟

يقع المقر الرئيس لمنظمة "بيكسل هيلبر" الألمانية في العاصمة برلين. وتعرف عن نفسها على موقعها الإلكتروني بأنها "منظمة غير ربحية، تحارب الأمراض الاجتماعية بوسائل غير عادية".

وتقول المنظمة إن عملها ينصب على "حقوق الإنسان ولا سيما إطلاق سراح السجناء السياسيين والدول التي تنتهك اتفاقية جنيف لحقوق الإنسان".

منظمة "بيكسل هيلبر" تطلق حملة تبرعات على صفحاتها على مواقع التواصل لدعم بناء النصب التذكاري لـ "هولوكوست" في مراكش

 

 

جدل قديم حول إدراج "هولوكوست" في مناهج التعليم المغربية

يذكر أن موقع "Breaking Israel News" العبري كان قد أورد أواخر العام الماضي أن "مسؤولين إسرائيليين أشادوا بالعاهل المغربي بعد قراره دمج التعليم حول "هولوكوست" في المناهج الدراسية لبلده"، زاعماً أن "وزير التعليم المغربي سعيد أمزازي أعلن هذا القرار في اجتماع رفيع المستوى عقد في الجمعية العامة للأمم المتحدة".

كما أكد العاهل المغربي في رسالة وجهها إلى المشاركين في المائدة المستديرة رفيعة المستوى حول "قدرة التربية على التحصين من العنصرية والميز: معاداة السامية نموذجاً"، التي نظمت على هامش أشغال الدورة الـ 73 للجمعية العامة للأمم المتحدة في نيويورك في أيلول/ سبتمبر 2018، أنه "لابد للتعليم الجيد الذي ننشده، أن يعلم أبناءنا التاريخ برواياته المتعددة، من خلال استعراض اللحظات المشرقة في ماضي البشرية، لكن دون إغفال صفحاته الأكثر قتامة".

لكن وكالة الأنباء الفرنسية أوضحت حينها أن العاهل المغربي: "لم يأمر نهائياً في تلك الرسالة بتدريس "هولوكوست" في المقررات الدراسية المغربية"، معتبرة الأمر "سوء فهم".

وفي عام 2016، وقعت اتفاقية شراكة في الرباط بين "أرشيف المغرب" و"النصب التذكاري للهولوكوست" لإقامة تعاون حول جميع المواضيع المتعلقة بتاريخ اليهود واليهودية في بلدان شمال أفريقيا في مجال البحوث وتبادل الأرشيفات والأحداث الثقافية والعلمية.

ووفق صحيفة "هآرتس" العبرية، وافق المغرب بعد مرور سنة، على اقتراح للعمل مع متحف ذكرى "هولوكوست" بالولايات المتحدة للتوعية بالمحرقة ومكافحة التعصب.

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد