أونروا
أكدت الهيئة "302" للدفاع عن حقوق اللاجئين أن جهات معروفة بعدائها المنهجي لوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا "تستغل مزاعم الفساد لاستهداف الوكالة كمؤسسة وليس الأفراد المتهمين بمزاعم الفساد.
وأكدت الهيئة أن وسائل الإعلام العربية والأجنبية استغلت "بشكل جنوني" تسريبات التحقيقات، لدرجة أن موقع "UN Watch"، المعروف بعدائه المنهجي للوكالة، طالب المفوض العام للوكالة بالإستقالة الفورية، "وكأنه قد تم تسليم مزاعم التقرير لامبراطورية الإعلام الموجه لاستهداف الوكالة كمؤسسة وليس الأفراد المتهمين بمزاعم الفساد".
وبالرغم من حجم الاستهداف الأمريكي للوكالة، وتحديداً منذ تسلم دونالد ترامب الرئاسة الأمريكية، مطلع العام 2017، إلا أنه، ووفق الهيئة، جرى استغلال مزاعم التقرير المسرب كمادة دسمة لاستهداف ليس موظفي الوكالة، ولكن الوكالة نفسها، إلى درجة أن كان لذلك الاستهداف تأثير على ثلاثة دول مانحة علّقت مساهماتها المالية للوكالة إلى حين الإنتهاء من عملية التحقيق، هي بلجيكا وهولندا وسويسرا.
استغلال المزاعم.. بالرغم من تقييم أداء "أونروا" الجيد
وبحسب الهيئة (302) فإن المفارقة في هذه القضية أن شبكة تقييم أداء المنظمات متعددة الأطراف "موبان"، والتي تتألف من 18 دولة، بينها الولايات المتحدة وبريطانيا وسويسرا وهولندا، قد قيّمت أداء "أونروا" وأثنت على الأداء.
وأثنى التقييم على الوكالة لإدارتها القوية وهيكلها التنظيمي القوي والمرن ورؤيتها الإستراتيجية وفعالية تقديمها لخدماتها، علاوة على مقدرة وإلتزام قوتها العاملة ونهجها الإسترتيجي في حشد الموارد.
وأكد التقييم، الذي نشرته "أونروا" في 10 حزيران/يونيو 2019، على قوة نهج الوكالة تجاه النتائج والمخاطر والإدارة المالي، معتبراً "أونروا" في وضع جيد فريد يؤهلها لضمان أن الإحتياجات الإنسانية واحتياجات التنمية البشرية واحتياجات الحماية للاجئي فلسطين ملباة".
واستغربت الهيئة من عدم التفات محققي الأمم المتحدة، على مدار 6 أشهر (كانون الأول/ديسمبر 2018 حتى حزيران/يوينو 2019)، إلى ما تقوم به شبكة تقييم أداء وكالة الأونروا "موبان" وفيها ما فيها من الدول المؤثرة والمهمة.
وشددت الهيئة أن هناك استخداماً مسيئاً جداً لما ورد من مزاعم في التقرير لاستهداف الوكالة، وليس لموظفين متورطين فيها فقط، متهمة "أيادٍ أمريكية وإسرائيلية" بإدارة ماكينة إعلامية خبيثة وموجهة، خدمة لما تسمى "صفقة القرن".
دعوة إلى المتابعة الحثيثة لتطورات التحقيقات ونتائجها
وطالبت الهيئة، في "تقدير موقف" أصدرته اليوم، بالمتابعة الدقيقة والدائمة لتطورات التواصل الدبلوماسي بين سفراء الكيان الصهيوني في الدول المانحة والمؤيدة لعمل الوكالة وما ينتج عن ذلك التواصل.
ودعت الهيئة الفصائل الفلسطينية ومؤسسات المجتمع المدني والدول الصديقة واللجنة الإستشارية للوكالة ورئاستها والدول المضيفة إلى طلب الإسراع بالإعلان عن نتائج التحقيق من الأمين العام للأمم المتحدة أنطونيو غوتيريش، مؤكدة ضرورة لفت نظره إلى "عملية الإستغراب من التأخير في إعلان النتائج وبأن التأخير ليس لصالح الوكالة ولا اللاجئين ولا الدول المضيفة، وسيكون له إنعكاس سلبي على طبيعة الخدمات التي تقدمها الوكالة، وعلى أهمية الوكالة على المستوى السياسي وارتباطها بحق العودة".
تقدير الموقف تضمن كذلك الحديث عن أهمية دور الاتحاد الأوروبي والجامعة العربية ومنظمة التعاون الإسلامي في ممارسة دورهم لمطالبة غوتيريش بالإسراع والإعلان عن نتائج التحقيق.
وشددت الهيئة على ضرورة الاستمرار في عملية الضغط والمناصرة حول أهمية الوكالة واستمرار عملها إلى حين العودة، وذلك عبر فعاليات نوعية يتم تغطيتها إعلامياً بشكل إحترافي تصل إلى صانع القرار، سواء من خلال إحاطات تقدم في الأمم المتحدة أو من خلال مؤتمرات نوعية.
وطالبت الهيئة رئيس دائرة شؤون اللاجئين في منظمة التحرير أحمد أبو هولي ورئيس السلطة الفلسطينية محمود عباس تحديداً بتحمل مسؤولياتهم تجاه الوكالة بما يمثلون، وحمل هذا الملف الى جامعة الدول العربية والجمعية العامة.
ودعت أيضاً إلى تفعيل الحراك الشعبي المؤيد والداعم والمستمر للوكالة في مخيمات اللاجئين الفلسطينيين في مناطق عمليات "الأونروا" الخمسة والتجمعات ودول الغرب عموماً.
سيناريوهات محتملة
وضمن القراءة التي قدمتها الهيئة، فإن السيناريوهات المحتملة تتمثل في :
أولاً: الإعلان عن نتائج التحقيق وتبرئة المفوض العام من تلك الاتهامات، وبالتالي ممارسة عمله بشكل طبيعي إلى حين إنتهاء ولايته في آذار/مارس 2020، مع اتخاذ بعض الإجراءات ببعض الموظفين إذا ثبت عليها الإدانات.
ثانياً: الدفع باتجاه بقاء المفوض العام على الرغم من الإعلان عن نتائج التحقيق، تظهر بأن الرجل بالفعل متورط ببعض القضايا وذلك للمزيد من اتهام الوكالة بالفساد وعملية الاستغلال وهو احتمال وارد، لكنه ليس قوياً.
ثالثاً: وصول لجنة التحقيق إلى نتيجة دامغة تشير إلى تورط المفوض العام بشكل كامل والوصول إلى تسوية معينة بحيث يغادر الرجل منصبه من خلال إجباره على الإستقالة وهو مستبعد.
رابعاً: تمديد عدم الإعلان عن نتائج التحقيق وتوصيات غوتيريش، بضغط ربما من أحد أعضاء لجنة التحقيق المؤيدين للإدارة الأمريكية وللاحتلال، أو بضغط من قبل اللوبي الصهيوني في الأمم المتحدة، إلى تاريخ ما بعد التصويت على التجديد للوكالة بهدف إفساح المجال للمزيد من الاستغلال والضغط على الدول المانحة والداعمة والمؤيدة للوكالة وهو السيناريو الأرجح.
يذكر أنه جرى تشكيل لجنة خاصة من قبل الأمم المتحدة، هي "لجنة الأخلاقيات الأممية"، عقب تقارير رفعها عدد من موظفي "أونروا" في الأقاليم الخمسة إلى غوتيريش، يشكون فيها أداء موظفين كبار في الوكالة، بينهم المفوض العام بيير كرينبول ونائبته السابقة ساندرا ميتشل وحكم شهوان وغيرهم، ويشيرون فيها إلى ممارسة الفساد المالي والإداري والأخلاقي داخل الوكالة.
وبدأت اللجنة عملها في جمع المعلومات وإعداد التقرير الخاص منذ حزيران/يونيو 2018، حتى كانون الأول/ديسمبر 2018، حيث زارت اللجنة المكلفة مكاتب الوكالة في القدس وعمان عدة مرات، وقد أُرسل التقرير إلى غوتيريش في كانون الأول/ديسمبر 2018.
وبناء على ذلك التقرير بدأت لجنة تحقيق خاصة من الأمم المتحدة عملها حيث التقت بجميع من جاء ذكرهم في التقارير، وانتهى التحقيق في الأسبوع الأول من شهر أيلول/سبتمبر 2019 دون الإعلان عن النتائج حتى اليوم.
لكن، تم تسريب محتوى التقرير إلى وسائل الإعلام في شهر تموز/يوليو 2019، وقد ألمح المفوض العام بأن من سرب محتوى التقرير موظف كبير في الوكالة، وعلى إثر ذلك تم إتخاذ إجراء بحق ذلك الموظف.
وفور الإعلان عن ما تم تسريبه من التقرير، سارع المفوض العام للوكالة إلى رفض تلك المزاعم التي تتهمه شخصياً، والإعلان عن تعاونه التام مع لجنة التحقيق، وبأنه جاهز لأي إصلاحات في الوكالة يمكن أن تطلبها اللجنة والإنصياع لقراراتها، وقد واكب هذا تقديم نائبته ساندرا ميتشل استقالتها لأسباب شخصية، كما قالت.