تقرير خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين
تمر اليوم الذكرى (69) على قرار تقسيم فلسطين، وهو الاسم الذي أطلق على قرار الجمعية العامة التابعة لهيئة الأمم المتحدة رقم (181) الذي تم إصداره بتاريخ 29 تشرين الثاني من العام 1947 بعد تصويت (33) دولة مع، و(13) دولة ضد، وامتناع عشرة دول عن التصويت، وكان هذا القرار من أولى محاولات الأمم المتحدة لحل النزاع "العربي-اليهودي".
الجمعية العامة للأمم المتحدة... خارطة تقسيم فلسطين 1947
وتبنّى القرار خطة تقسيم فلسطين التي تقضي بإنهاء الانتداب البريطاني على فلسطين وتقسيم أراضيها إلى 3 كيانات جديدة كالتالي:
أولاً. دولة عربية: تبلغ مساحتها حوالي (4300) ميل مربع (11000 كم مربع) وتقع على الجليل الغربي ومدينة عكا والضفة الغربية والساحل الجنوبي الممتد من شمال مدينة اسدود وجنوباً حتى رفح، مع جزء من الصحراء على طول الشريط الحدودي مع مصر.
ثانياً. دولة يهودية: تبلغ مساحتها حوالي (5700) ميل مربع (15000 كم مربع) على السهل الساحلي من حيفا وحتى جنوب "تل أبيب"، والجليل الشرقي بما في ذلك بحيرة طبريا واصبع الجليل، والنقب بما في ذلك أم الرشراش.
ثالثاً. تحت الوصاية الدولية: القدس وبيت لحم والأراضي المجاورة.
بدأت فكرة تقسيم فلسطين إلى دولتين يهودية وعربية مع تحديد منطقة دولية حول القدس، في تقرير لجنة "بيل" عام 1937 وتقرير لجنة "وودهد" عام 1938، وصدر التقريران عن لجنتين تم تعيينهما على يد الحكومة البريطانية لبحث قضية فلسطين، في أعقاب الثورة الفلسطينية الكبرى (1933-1939).
بعد الحرب العالمية الثانية طالبت الأمم المتحدة إعادة النظر في صكوك الانتداب التي منحتها عصبة الأمم للإمبراطوريات الأوروبية، واعتبرت حالة الانتداب البريطاني على فلسطين من أكثر القضايا تعقيداً وأهمية.
وقامت هيئة الأمم بتشكيل لجنة مؤلفة من عدة دول باستثناء الدول دائمة العضوية لضمان الحياد في عملية إيجاد حل للنزاع.
قامت اللجنة بطرح مشروعين لحل النزاع، تمثّل المشروع الأول بإقامة دولتين مستقلتين، وتدار مدينة القدس من قبل إدارة دولية. وتمثّل المشروع الثاني في تأسيس فيدرالية تضم كلاً من الدولتين اليهودية والعربية. واتجه معظم أفراد لجنة UNSCOP إلى المشروع الأول والرامي لتأسيس دولتين مستقلتين في إطار اقتصادي موحد. وقامت هيئة الأمم بقبول مشروع لجنة UNSCOP الدّاعي للتقسيم مع إجراء بعض التعديلات على الحدود المشتركة بين الدولتين، العربية واليهودية، على أن يسري قرار التقسيم في نفس اليوم الذي تنسحب فيه قوات الانتداب البريطاني من فلسطين.
أعطى قرار التقسيم 55% من أرض فلسطين للدولة اليهودية، واستند مشروع تقسيم الأرض الفلسطينية على أماكن تواجد التّكتّلات اليهودية بحيث تبقى تلك التكتّلات داخل حدود الدولة اليهودية.
التصويت على قرار التقسيم
في تشرين الثاني 1947 بلغ عدد الدول الأعضاء في الأمم المتحدة 57 دولة فقط، وشارك في التصويت 56 دولة، أي جميع الدول الأعضاء باستثناء دولة واحدة هي مملكة سيام (تايلند حالياً) بسبب غيابها عن المشاركة في الاجتماع.
وافقت الدول العظمى في ذلك الحين - الاتحاد السوفييتي، الولايات المتحدة وفرنسا - على خطة التقسيم، باستثناء بريطانيا التي كانت حينها سلطة الانتداب والتي فضلت الامتناع عن التصويت. ومن بين الدول المعارضة للخطة كانت جميع الدول العربية والإسلامية وكذلك اليونان، الهند وكوبا.
في مساء 29 تشرين الثاني جرى التصويت فكان ثلاثة وثلاثون صوتاً إلى جانب التقسيم، وثلاثة عشر صوتاً ضدّه وامتنعت عشر دول عن التصويت، وغابت دولة واحدة وعندما أعلنت النتيجة انسحب المندوبون العرب من الاجتماع وأعلنوا في بيان جماعي رفضهم للخطة واستنكارهم لها.
مع القرار: أستراليا، بلجيكا، بوليفيا، البرازيل، بيلاروسيا "روسيا البيضاء"، كندا، كوستاريكا، تشيكوسلوفاكيا، الدانمارك، جمهورية الدومينيكان، إكوادور، فرنسا، غواتيمالا، هاييتي، أيسلندا، ليبيريا، لوكسمبورغ، هولندا، نيكاراغوا، النرويج، بنما، باراغواي، بيرو، الفلبين، بولندا، السويد، أوكرانيا، جنوب أفريقيا، الاتحاد السوفييتي، الولايات المتحدة الأمريكية، أوروغواي، فنزويلا.
ضد القرار: أفغانستان، كوبا، مصر، اليونان، الهند، إيران، العراق، لبنان، باكستان، السعودية، سوريا، تركيا، اليمن.
امتناع: الأرجنتين، تشيلي، الصين، كولومبيا، السلفادور، إثيوبيا، هندوراس، المكسيك، المملكة المتحدة، يوغسلافيا.
/تصويت الأمم المتحدة على قرار التقسيم عام 1947، الأخضر: مع/البني: ضد/ الأصفر :امتنع عن التصويت الأحمر :غائب
يشار إلى أنه بين يومي الأربعاء والجمعة أي بين 25 و28 تشرين الثاني بعد تأجيل التصويت المفترض إقامته في 25 نتيجة تأجيل الجلسة من قبل رئيس الجمعية العمومية آنذاك "أوزوالدو أرانها"، انهالت الضغوطات (الأميركية والصهيونية) على بعض الدول المعارضة للقرار لتغيير موقفها، وبشكل خاص على (هاييتي وليبيريا والفلبين وإثيوبيا والصين واليونان) ونتيجة الضغوط بدلت كل من (هاييتي وليبيريا والفلبين) من معترض إلى موافق على مشروع قرار التقسيم فتأمنت بذلك الأغلبية المطلوبة لتمرير القرار.
ويذكر عدد من المصادر حجم الضغوطات غير المسبوق لتمرير هذا القرار بما في ذلك الضغط الذي تعرضت له (الهند والصين وفرنسا) إضافة إلى الضغط السوفياتي على أوروبا الشرقية، شملت تلك الضغوطات تهديدات بوقف المساعدات وتمويل المشاريع، كما فعل "هارفي صامؤيل فايرستون" صاحب مصانع الإطارات المعروفة وصاحب مزارع المطاط مع الحكومة الليبيرية.
ردود الفعل
تنامت الضغوط السياسية على هيئة الأمم المتحدة لقبول خطة التقسيم، واستحسن معظم اليهود مشروع القرار وبخاصّة الوكالة اليهودية، إلا أن المتشددين اليهود من أمثال مناحيم بيغن رئيس منظمة الأرجون الصهيونية، وعضو عصابة الشتيرن إسحاق شامير رفضوا هذا المشروع. وتشير سجلّات الأمم المتحدة إلى فرحة الفلسطينيين اليهود الذين حضروا جلسة الأمم المتحدة بقرار التقسيم، وإلى هذا اليوم تشيد كتب التاريخ "الإسرائيلية" بأهمية 29 تشرين الثاني 1947.
رفضت الزعامات العربية، باستثناء زعماء الحزب الشيوعي، خطة التقسيم ووصفتها بالمجحفة في حق الأكثرية العربية التي تمثّل 67% مقابل 33% من اليهود، فقد أعطى الاقتراح 56.5% من فلسطين لليهود الذين كانوا يملكون 7% فقط من أرض فلسطين، والسبب الثاني لرفض العرب خطة التقسيم كان الخوف من المستقبل، إذ خشي العرب أن تكون خطة التقسيم نقطة البداية لاستيلاء اليهود على المزيد من الأراضي العربية.
وكان أعلن بن غوريون في حزيران 1938، في كلام أمام قيادة الوكالة اليهودية بشأن اقتراح آخر لتقسيم فلسطين عن نيّته في إزالة التقسيم العربي - اليهودي والاستيلاء على كلّ فلسطين بعد أن تقوى شوكة اليهود بتأسيس وطن لهم.
اجتمعت الجامعة العربية الناشئة بعد هذا القرار وأخذت بعض القرارات كان أهمها:
أصدروا مذكرات شديدة اللهجة لأمريكا وإنجلترا، إقامة معسكر لتدريب المتطوعين في قطنة بالقرب من دمشق بسوريا لتدريب الفلسطينيين على القتال، تكوين جيش عربي أطلق عليه جيش الإنقاذ وجعلوا عليه فوزي القوقجي، رصد مليون جنيه لأغراض الدفاع عن فلسطين.
ما بعد قرار تقسيم فلسطين
بعد أشهر من صدور قرار التقسيم، سيطرت منظمات صهيونية مسلحة على غالبية أراضي فلسطين، بعد خروج بريطانيا منها، وأقاموا عليها دولة "إسرائيل" عام 1948 والتي عُرفت بـ "النكبة"، التي هُجّر خلالها الفلسطينيين من أراضيهم، ووقعت خلالها ثلاثة أرباع فلسطين تحت السيطرة "الإسرائيلية" في حين حكمت الأردن الضفة الغربية ووقع قطاع غزة تحت السيطرة المصرية.
وفي الرابع من حزيران 1967 احتل الكيان الصهيوني الضفة الغربية بما فيها شرقي القدس وقطاع غزة مع شبه جزيرة سيناء ومرتفعات الجولان السورية.
وصدر عن مجلس الأمن التابع للأمم المتحدة القرار (242) في تشرين الثاني عام 1967 الذي يدعو "إسرائيل" إلى الانسحاب من الأراضي التي احتلتها في حزيران من العام ذاته.
خلال توقيع اتفاق اوسلو بين عرفات ورابين ويتوسطهم كلينتون
وبعد توقيع اتفاقية "أوسلو" بين "اسرائيل" ومنظمة التحرير الفلسطينية عام 1993 خضعت بعض المناطق في الأراضي الفلسطينية لحكم ذاتي تحت سيطرة السلطة الفلسطينية.
في تشرين ثاني عام 1975 دعت الأمم المتحدة إلى اعتبار تاريخ 29 تشرين الثاني يوماً للتضامن مع الشعب الفلسطيني.
في المادة الـ19 من الميثاق الوطني الفلسطيني الذي أقرته منظمة التحرير الفلسطينية في تموز 1968 ورد "تقسيم فلسطين الذي جرى عام 1947 وقيام إسرائيل باطل من أساسه مهما طال عليه الزمن لمغايرته لإرادة الشعب الفلسطيني وحقه الطبيعي في وطنه ومناقضته للمبادئ التي نص عليها ميثاق الأمم المتحدة وفي مقدمتها حق تقرير المصير."
في وثيقة إعلان الاستقلال التي أعلنتها منظمة التحرير الفلسطينية في تشرين الثاني 1988 يوجد نوع من الاعتراف المتحفظ بشرعية قرار التقسيم من 1947.
في رسالة ياسر عرفات إلى إسحق رابين ضمن تبادل رسائل الاعتراف بين منظمة التحرير الفلسطينية ودولة "إسرائيل"، أكد عرفات على تمسك منظمة التحرير بقراري مجلس الأمن (242) و(338) وأن بنود الميثاق الوطني الفلسطيني التي تنفي حق "إسرائيل" بالوجود فقدت سريانها. وفي دورة المجلس الوطني الحادية والعشرين التي عقدت في غزة في نيسان عام 1996 جرى إلغاء تلك البنود وشطبها.
ومع انهيار المفاوضات السياسية لجأ الفلسطينيون نهاية عام 2014 إلى المجتمع الدولي مطالبين بالاعتراف بالدولة الفلسطينية على حدود عام 1967، كما طالبوا بالانضمام إلى المؤسسات والمعاهدات الدولية.
وفي تقرير صادر عن الإحصاء المركزي الفلسطيني في أيار 2016، فإن "إسرائيل" تستولي على 85% من أراضي فلسطين التاريخية والبالغة حوالي 27 ألف كم مربع، ولم يتبقَ للفلسطينيين سوى حوالي 15% فقط من مساحة تلك الأراضي.