لا شك أن الثاني عشر من شهر آب/أغسطس، منذ 44 عاماً وحتى اليوم، هو يوم حرقة وغصة في قلب كل فلسطيني.. كيف لا، وهي ذكرى إحدى أفظع المجازر التي ارتكبت بحق الفلسطينيين في لبنان..

إنها مجزرة تل الزعتر، ذلك المخيم، الذي، لم يتخيل قاطنوه يوماً، من الفلسطينيين واللبنانيين على حد سواء، والذين طالما تمتعوا بعلاقات طيبة من الجوار، أن يحل بهم ما حل، وأن ترتكب بحقهم جرائم مريعة، تأنف الأذنان عن سماع تفاصيلها لوحشيتها، فكيف بمن ارتكبت بحقه أو كان شاهداً عليها؟

لا توجد أي إحصائية دقيقة لعدد الشهداء، لكنها بحدها الأدنى تتجاوز الـ 3000، بل إن رئيس رابطة تل الزعتر، يوسف الحاج، أكد أن الأيام الأخيرة وحدها شهدت قضاء الآلاف.

 وبعد أكثر من 4 عقود على المجزرة ما يزال  أهالي المخيم يطالبون بمعرفة مصير مئات المفقودين من أبناء المخيم، دون جدوى .

في آب/ أغسطس 1967 دمر المخيم عن بكرة أبيه 

وصف الحاج ما حل بتل الزعتر بإحدى أكبر الفظاعات منذ الحربين العالمتين، حيث دمر المخيم عن بكرة أبيه، وأخرج كل سكانه.

وكان تل الزعتر، المخيم الثاني الذي يجري تدميره في لبنان، عقب تدمير مخيم النبطية في الجنوب، على يد قوات الاحتلال الإسرائيلي عام 1974.

وحينما خرج سكان المخيم، بطريقة مسيئة جداً، وفق الحاج، بات كل واحد منهم يذهب إلى أهله أو أحد أقربائه ليسكن عندهم، فيما عملت الثورة الفلسطينية حينها على تأمين بيوت لعدد من الأهالي.

لكن، وعلى الرغم من مرور ما يزيد عن أربعة عقود على تلك المأساة، شدد الحاج أن أهالي المخيم لم يأخذوا حقهم الإنساني.

وذكر أنه خلال عملية الخروج من المخيم، سقط مبنى سكني على العشرات، ولا يزالون حتى اليوم تحت الأنقاض.

وأوضح الحاج أن الرابطة طالبت، ولا تزال، الصليب الأحمر الدولي ومختلف المؤسسات بإيجاد المفقودين.

أما الناجون، فلفت الحاج إلى أن أياً من منظمة التحرير الفلسطينية أو الأمم المتحدة لم تقدم لهم أي شيء، حيث يعيش اليوم الكثير من أهالي المخيم ظروفاً معيشية مزرية جداً.

وأكد أن أهالي المخيم سيواصلون مطالبهم بتحقيق العدالة مهما مرت السنين، خاتماً: "ما بضيع حق وراه مطالب".

مخيم بـ 50 ألف لاجئ فلسطيني صار ذكرى

المجزرة التي ارتكبت بحق 50 ألف لاجئ فلسطيني قدموا عام 1948 إلى لبنان، وسكنوا على أرض المخيم المستأجرة من قبل أونروا، بدأت شراراتها في كانون الثاني/ يناير عام 1976، حين فرض أحزاب اليمين اللبناني المكونة من "مليشيا نمور الأحرار" وهي الذراع العسكري لحزب الوطنيين االأحرار بزعامة رودي شمعون آنذاك، ومليشيا حراس الأرز، ومليشيا حزب الكتائب حصاراً محكماً على المخيمات الفلسطينية شرقي بيروت التي صمدت دفاعاً عن نفسها.
لكن هذا الصمود، جعل المليشيات تستعين بجيش النظام السوري الذي تدخل بعد حوالي خمسة أشهر في حزيران / يونيو من ذات العام ليشتد الخناق على مخيم تل الزعتر الذي كان يؤوي عشرين ألف لاجئ فلسطيني بالإضافة إلى مواطنين لبنانيين في مساحة لا تتعدى كيلو متراً واحداً .
في 22 حزيران/ يونيو بدأ الهجوم العسكري على المخيم، وعلى مدى 52 يوماً متتالياً، أمطرت القذائف والصواريخ المخيم بلا رحمة ولا توقف، حيث قدر عدد القذائف بخمسة وخمسين ألف قذيفة انهمرت على لاجئين فلسطينيين عزّل، كان قد أنهكهم الحصار والجوع والعطش، إلى حد يفوق التخيل، ويصل إلى مرحلة أكل لحوم القطط والكلاب الشاردة.

أكثر من ألف لاجئ ما يزالون موجودين في أطلال المخيم 

 ابن مخيم تل الزعتر، الكاتب والشاعر الفلسطيني، ياسر علي، كان طفلاً حين ارتكبت المجزرة، ويتذكر جيداً أجواء الرعب والخوف التي سادت حينها بين الأهالي، يقول اليوم إن مطلبه الرئيس ودعوته الأساسية هي البحث عن المفقودين الذين لا يزالون تحت الأنقاض، مؤكداً أن هناك أكثر من ألف شهيد، لا يزالون موجودون في زوايا وحواري وأماكن أطلال المخيم تحت الأرض.

وقال لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين": "شخصياً عندي قبر عمي، وجثتان أيضاً إلى جانبه، مدفونتان على حائط مصنع في موقف سيارات، وكل مرة أذهب إلى هناك وأقرأ له الفاتحة وأعود".

وتابع: "الآن أنا وأبناء عمي نطالب باستعادة جثمان عمي، أو على الأقل رفاته، لندفنه دفناً كريماً، في مقابر أحد المخيمات التي نقيم فيها.."

لا أحد يحرك ملف المفقودين 

وشدد أن لا أحد يحرك هذا الملف.. ملف استعادة جثامين الشهداء من مخيم تل الزعتر.

وأوضح علي أنه جرى استعداة نحو 80 جثماناً بعد الحصار بثلاثة أشهر، بالاتفاق بين رئيس منظمة التحرير السابق ياسر عرفات و زعيم حزب الكتائب حينها بيير الجميل، حيث ذهبوا بشاحنة ريو وجرافات وسحبوا الجثث التي كانت موجودة تحت مستشفى الهلال الأحمر الفلسطيني، ومن ثم دفنوا في مقبرة الشهداء على دوار شاتيلا.

عقب ذلك، كان عدد من الأشخاص، وتحديداً اللبنانيين ممن كانوا في تل الزعتر، يذهبون لسحب الجثامين.

أما مطالب أهالي المخيم الأخرى، فتتمثل بـ "استرداد الحقوق المسلوبة، لا نقول الانتقام، ولكن تحقيق العدالة، لن ننسى ولن نغفر، لأن العدالة هي حق شرعي ومطلب لكل شخص".

الضحايا لم يوافقوا على إغلاق الملفات 

ورفض علي ما أقره من شاركوا في الحرب الأهلية اللبنانية أن "الله عفا عما مضى"، مؤكداً أن الضحايا لم يوافقوا عليه، بل لم يأخذ حتى رأيهم في هذا الأمر.

وأوضح: "العدالة التي اسعى إليها كابن للمخيم على الأقل، أن يعترف الجاني بخطئه، هذا كحق أدنى، ثم أن يُعوض أهالي المخيم، طبعاً التعويضات لن توفي حق الشهداء، ولكن لدينا من أهالي تل الزعتر من هم تحت خط الفقر، وتحت خط الفقر المدقع، وسبب ذلك أنهم لم يأخذوا أي حق من حقوقهم ولم يستلموا أي تعويض.."

واعتبر علي أن تحقيق العدالة اليوم بات صعباً جداً في المدى المنظور، نظراً لأن الساحة اللبنانية فيها اتفاق بين اللبنانيين بعضهم البعض، والفلسطينيون خارج هذا الاتفاق، بل إنه سيكون من الجيد لو حقق الفلسطينيون مطالبهم الآنية المتمثلة بحقوق التملك والعمل والصحة..

أما حيال المطلوب فلسطينياً، لفت علي أنه يتوجب ترتيب حملة إعلامية وسياسية من أجل المطالبة باستعادة الجثمانين والتعويض عن أهالي تل الزعتر.

 
مخيم تل الزعتر .. الذكرى 44 للمجزرة

في الذكرى 44 للمجزرة .. موقع بوابة اللاجئين الفلسطينيين يعيد نشر تقرير سابق عن المخيم الشهيد .. #مخيم_تل_الزعتر

Julkaissut ‎بوابة اللاجئين الفلسطينيين‎ Keskiviikkona 12. elokuuta 2020

 

بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد