اعتصم موظفو وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" اليوم الثلاثاء 17 نوفمبر/ تشرين الثاني في كافة مناطق عمليات الوكالة الخمس وذلك تلبيةً لدعوة المؤتمر العام لاتحادات العاملين في الوكالة، رفضاً لقرار مفوّض "أونروا" الأخير المتعلّق بتجزئة رواتب الموظفين.
قطاع غزّة
ففي قطاع غزّة، نفّذ الموظفون اليوم وقفة احتجاجية أمام مقر "أونروا" الرئيسي في مدينة غزّة، إذ طالب رئيس اتحاد الموظفين أمير المسحال خلال مؤتمرٍ صحفي الدول المانحة، بأن تسارع بسد العجز المالي "والذي لا يساوي شيء أمام حقوقنا التاريخية، حتى تتمكن الوكالة من استمرار تقديم خدماتها لجميع اللاجئين في ظل الظروف الصعبة".
كما طالب المجتمع الدولي بأن يتحمّل مسئولياته الأممية والإنسانية والأخلاقية اتجاه "أونروا" لتتمكّن من الاستمرار في تقديم خدماتها، داعياً الأمين العام للأمم المتحدة بالتواصل الحثيث مع كل الدول التي قدمت الدعم السياسي في ديسمبر الماضي لتفويض ولاية جديدة لأونروا، أن تفي بالتزاماتها اتجاه هذه المؤسسة.
كما دعا المسحال المفوض العام بإلغاء جميع القرارات التي صدرت أثناء الأزمة المالية، والتي مسّت بشكلٍ مباشر بخدمات اللاجئين خاصة عقب التقليصات الأمريكية للأونروا عام 2018 حتى تاريخه، لما لها تأثيرات سلبية على الموظفين واللاجئين، مُؤكداً أنّه "آن الأوان للمفوض العام الوصول إلى غزة ليقف عن قرب على معاناة اللاجئين والموظفين الذين يعيشون الحصار والبطالة وضيق العيش منذ 14 عاماً".
الضفة الغربية
أمّا في الضفة الغربية، فقد نظمت وقفات أمام مكاتب مديري مُخيّمات بلاطة وعسكر القديم وعين بيت الماء والفارعة وطولكرم ونور شمس وجنين، وساحة مستشفى الوكالة بمدينة قلقيلية، إذ شارك العشرات في وقفات أمام مقرات الوكالة الرئيسية ومكاتبها الفرعية، تعبيراً عن احتجاجهم على سياسة تقليص الخدمات وتجميد الوظائف وخصم رواتب الموظفين التي تنوي إدارة الوكالة تطبيقها.
كما سبق الفعالية تعليق الدوام في المدراس التابعة للوكالة، وتم تنفيذ ذات الخطوة في المدارس التي تعمل بالنظام المسائي، وتعليق الدوام في مختلف القطاعات الصحية والخدماتية الأخرى التي تقدمها "أونروا" للاجئين في أولى الخطوات التصعيدية ضد إدارة المؤسسة الدولية.
الأردن
وفي الأردن، أكَّد اتحاد العاملين في الوكالة على رفضه القاطع لتجزئة الرواتب بوصفها خطاً أحمر لا يمكن تجاوزه، مثلما تشكل اعتداءً صارخاً على حقوق الموظف وأفراد اسرته في العيش بكرامة، ورمياً بمطالبهم العادلة بعرض الحائط.
وخلال وقفةٍ احتجاجية، طالب الاتحاد بضرورة صرف كامل الراتب بدون خصم أو تجزئة، والإلغاء الفوري لقرار وقف التعيينات في كافة القطاعات والوظائف للتخفيف من البطالة بين صفوف اللاجئين، مناشداً الحكومة ممثلة بوزير الخارجية ومدير عام دائرة الشؤون الفلسطينية، التدخل الفوري لوقف القرار الجائر بحق العاملين في الوكالة.
وشدّد اتحاد الأردن على أنّ إدارة الوكالة اتخذت قراراً جائراً بحق الموظفين يقوم على اقتطاع جزء من رواتبهم لشهر تشرين الثاني (نوفمبر) الجاري وتأخيره إلى أجل غير مسمى ليدخل الموظفين بعدها في شهر كانون الأول (ديسمبر) ومن ثم إعادة الكرة مرة أخرى ليتم اقتطاع جزء آخر من الراتب وتأجيل دفعه مجدداً، مُعرباً عن قلقه من أن "يصبح الإجراء عادة متبعة رسمت خيوطها مع نهاية العام الجاري بحيث تترافق أزمة الرواتب مع تبعات جائحة "كورونا".
وبيّن أنّه سيكون في حالة انعقاد دائم وتنسيق مستمر مع رئاسة المؤتمر العام ورؤساء الاتحادات في الأقاليم الأخرى والتواصل مع دائرة الشؤون الفلسطينية لحين زوال القرار الأخير.
سوريا ولبنان
وشهد اقليم سوريا اعتصاماً صغيراً، أكَّد خلاله اتحاد العاملين المحليين في وكالة "أونروا" أنّ الراتب خط أحمر ولا يجوز المساس به، والحصول على الراتب في وقته هو حق لن نسمح لأحد بتجزئته أو سلبه.
كما شهد إقليم لبنان، سلسلة اعتصامات في مختلف المناطق اللبنانية، أمام مكاتب وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" رفضاً لإجراءات الوكالة بحق العاملين واللاجئين، بدعوة من اتحاد العاملين/لائحة العودة والكرامة.
ورفع المشاركون يافطات تؤكد التمسك بـ "أونروا" وبحقوق العاملين واللاجئين، وترفض تقليص الوظائف، وتطالب إدارة الوكالة بالتراجع عن دفع جزء من الرواتب أو تأخيرها، وسط تلويح بالإضراب الشامل ودعوات إلى محاسبة جميع المسؤولين عن القرارت الأخيرة.
بيان موحّد وتعبير عن مخاوف من أن تُحال القرارات المؤقتة إلى دائمة
وبحسب بيانٍ موحد أصدره المؤتمر العام (اتحادات العاملين في أونروا بالمناطق الخمس)، فأكَّد على أنّ الاعتصامات اليوم وجّهت ثلاث رسائل، في الرسالة الأولى وجهت "التحية والتقدير إلى أبناء شعبنا الفلسطيني وهم يتحملون الويلات نتيجة تدهور الأوضاع المعيشية والاقتصادية بسبب جائحة كورونا وما قبلها وما بعدها، يواجهون كل التحديات وهم مصرون على التمسك بحقهم بالعيش الكريم إلى حين انجاز حق العودة، مؤكدةً على أن الموظفين جزء أصيل من هذا الشعب الفلسطيني".
أما الرسالة الثانية "وجّهت الشكر إلى العاملين وقدمت لهم الشكر والتقدير على جهودهم ودورهم في مواجهة التحديات الصعبة في ظل جائحة كورونا، وهم يواجهون اليوم القرارات الجائرة للإدارة، حيث كان المتوقع منها تكريمهم، لكن المفاجئة كانت قرارات صادمة وجائرة من المفوض العام بحق الموظفين واللاجئين، وغير مسبوقة في تاريخ أونروا، تمثلت بوقف التعيينات وتجزئة الرواتب".
ورأى المؤتمر أنّ هذه القرارات تمس الخدمات المقدمة لأبناء شعبنا وبحوالي 30 ألف موظف يعملون في وكالة أونروا، خاصة أن هذه القرارات جاءت في توقيت حساس ألا وهو انتشار كورونا وازدياد الفقر والبطالة، مما سيؤثر على اللاجئين والموظفين.
وقال إنّ المعتصمون اليوم عبَّروا عن خشيتهم من أن يصبح هذا القرار المؤقت دائما ويتم ترحيل الأزمة من شهرٍ لآخر، ويصبح حل الأزمة على عاتق الموظفين واللاجئين، وهي سابقة خطيرة جداً لم يقدم عليها ولا مفوض عام رغم أن العجز وصل من قبل إلى حوالي نصف مليار دولار، كما عبروا عن خشيتهم أن يكون لهذه القرارات أبعاد سياسية في سياق انهاء عمل "أونروا" على حساب حلول أخرى.
ولفت إلى أنّ الرسالة الثالثة، أكدت على ضرورة معالجة إدارة "أونروا" لهذه الأزمة التي تتكرر كل عام، وأن تضاعف جهودها لتأمين التمويل الكافي لتغطية احتياجات اللاجئين والعاملين دون المساس بحقوق شعبنا في الخدمات والموظفين؛ لأن حقوق ورواتب العاملين خط أحمر غير قابل للمساومة أو التجزئة أو التأخير، كما أكدت رفض المساس بمدخرات الموظفين، والتمسك بقبض الراتب كاملاً، وبتوظيف المياومين والروسترات والعقود والعمال والرميديال، وتجهيز المدارس كما يجب لاستقبال أبنائنا الطلبة في بيئة صحية وتعليمية سليمة.
يُشار إلى أنّ اتحادات العاملين هددت بإعلان الإضراب العام والشامل في كافة مناطق عمليات "أونروا" في الاقطار الخمسة، ومقاطعة أي اجتماع مع كل مسؤول محلي أو دولي من الوكالة، في حال الاستمرار في تنفيذ القرارات التقليصيّة، ولا سيما التي تمس رواتب الموظفين.
وكان المتحدّث باسم وكالة "أونروا" سامي مشعشع، قد قال صباح اليوم، إنّ الوكالة تواجه عجزاً ماليّاً صعباً، بقيمة 115 مليون دولار، ومن ضمنها رواتب 28 ألف موظّف وبعض الالتزامات المباشرة.
وأكّد مشعشع في تصريحات صحفيّة الثلاثاء 17 تشرين الثاني/ نومفبر، أنّ الوكالة ستعجز عن توفير الرواتب كاملة للموظفين، في حال عدم توفير المبلغ المطلوب، مشيراً إلى التزام المفوّض العام فيليب لازاريني، بدفع ما تبقّى من الراتب قبل 15 من شهر كانون الأوّل/ ديسمبر المقبل.
ويُشار إلى أنّ "أونروا" أطلقت يوم الاثنين الماضي نداء استغاثة لتوفير 70 مليون دولار، لدفع رواتب موظفيها لشهري تشرين الثاني/ نوفمبر الحالي، وكانون الأول/ ديسمبر المقبل، إذ تُعاني الوكالة التي تقدّم خدماتها لنحو 5.3 لاجئ فلسطيني من أزمة ماليّة خانقة.