عبّر الفلسطينيون النازحون في مراكز الإيواء شمال قطاع غزة وجلهم من اللاجئين الفلسطينيين عن غضبهم تجاه وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" التي تخلت عن مراكزها في الشمال، وتركت مراكز الإيواء دون تقديم خدمات غذائية وصحيّة وإغاثية.
ونفذ النازحون داخل أحد مراكز الإيواء في منطقة جباليا شمال القطاع، وقفة غاضبة، لتخلي وكالة "أونروا" عنهم، وانسحابها إلى مناطق جنوب غزّة، ورفعوا لافتات طالبت الوكالة بتحمل مسؤولياتها، واعتبروا انسحابها من مراكز النزوح، عمل غير إنساني، ويتناقض مع دورها ووظيفتها.
وألقى المحتجون بياناً، نبهوا فيه إلى خطورة انسحاب الوكالة من مهامها الإنسانية شمال القطاع، معتبرين ذلك أوّل تخل للوكالة عن مهامها تجاه اللاجئين الفلسطينيين منذ العام 1948، وتركها النازحون في غزّة دون غذاء ودواء ومأوى.
أكد النازحون، أنّ ترك مئات الآلاف من النازحين في مراكز الإيواء، وصمة عار على جبين وكالة "أونروا"، داعين إلى ضرورة عودة الوكالة للعمل في مراكز الإيواء وتحمل مسؤولياتها تجاه اللاجئين في شمال غزة، والعمل من أجل الهدف الذي أنشأت من أجله.
وقال متحدث باسم النازحين خلال لوقفة، ان عدم عودة الوكالة إلى مراكز الإيواء يعني قتل آلاف الأبرياء، وأن انسحاب الوكالة من مسؤولياتها يعد خروجاً للمنظمة عن مبادئها والهدف الذي وجدت من أجله.
وطالب النازحون، المجتمع الدولي والأمين العام للأمم المتحدة بالعمل على دعم مراكز الإيواء، وإلا سيموت الآلاف من الأبرياء الذين لم يتلقوا المعونات منذ 8 أيام، محملين المفوض العام للوكالة فيليب لازاريني وتوماس وايت مديرها في عزة عما يترتب عليه نفاد الغذاء في مراكز الإيواء، وفقدان مقومات العيش للنازحين.
قرارات الأونروا في غزة تتماهي مع إرادة الاحتلال
وانتقد مدير الهيئة (302) للدفاع عن حقوق اللاجئين الفلسطينيين، مقرها بيروت، علي هويدي سلوك وكالة "أونروا" واصفاً بأنها تنفذ لأونروا تنفذ الطلب "الإسرائيلي" بتوزيع المساعدات الإنسانية على النازحين فقط في جنوب قطاع غزة وليس النازحين في شمال ووسط القطاع.
وقال هويدي لبوابة اللاجئين الفلسطينيين: هذا ما أكده لي مصدر مسؤول في وكالة الأونروا، بأن القرار هو قرار "اسرائيلي"، وليس قراراً من الأونروا وهذا بالنسبة إلينا مرفوض جملة وتفصيلاً، ويجب على وكالة الأونروا أن لا تخضع لإملاءات الاحتلال، وأن تعمل وفق القانون الدولي الذي ينص بأن النازحين محميون، وبنفس الوقت أن تصل المساعدات إلى جميع النازحين والمحتاجين في قطاع غزة، ولا فرق بين الشمال أو الوسط أو الجنوب.
وأضاف هويدي: بأن التماهي مع هذا القرار "الإسرائيلي" بتوزيع المساعدات في الجنوب، يمثل طلباً غير مباش للنازحين الموجودين في منطقة الشمال أو الوسط بالنزوح إلى منطقة الجنوب، وهذا يكرس مفهوم التهجير الذي يدعو له الاحتلال "الإسرائيلي"، مشيراً إلى أن وكالة الأونروا ليس مطلوب منها أن توافق على هذا القرار، وأن تدفع باتجاه توزيع المساعدات على جميع اللاجئين الفلسطينيين والمحتاجين.
وتساءل هويدي حول تخلي وكالة "أونروا" عن مسؤوليتها تجاه النازحين في مدارسها شمال ووسط قطاع غزة، قائلاً: "لماذا وكالة الأونروا هربت بكل ما للكلمة من معنى مع ١٦ موظف دولي مع بداية القصف الإسرائيلي على قطاع غزة وتركت ١٣ ألف موظف محلي يعمل في الوكالة في الشمال والوسط، وأيضاً هناك من يعمل منهم في الجنوب؟" معبراً بأن هذا الأمر "مرفوض جملة وتفصيلاً لأن وكالة الأونروا المطلوب منها أن تبقى إلى جانب اللاجئين الفلسطينيين وأن تعمل بأن تبقى مراكزها محمية وذلك وفق القانون الدولي، ووفق التعميم الصادر عن الأمم المتحدة بأن هذه المراكز محمية وفق القانون الدولي، لا أن تقول بأن مراكزها ومنشآتها لم تعد آمنة".
ووصف هويدي قرارات وكالة "أونروا" هذه بالمشبوهة، مستنكراً تصريحات إدارة الوكالة بأن مراكزها لم تعد آمنة في الشمال وفي الوسط لذا انتقلت إلى الجنوب، ومتسائلاً: " متى كانت مراكز الأونروا محمية في الواقع وفق ما ينص عليه القانون الدولي، في جميع الحروب منذ أكثر من ١٥ سنة ومراكز الأونروا تتعرض للقصف والانتهاك من قبل الاحتلال الإسرائيلي؟".
وتابع قائلاً: "هذه القرارات تتماهى مع قرارات التهجير التي يدعو إليها الاحتلال الإسرائيلي جهاراً نهاراً، بأنه يسعى لتهجير الفلسطينيين من شمال ووسط غزة إلى الجنوب وواضح بأنها مقدمة للهجرة إلى سيناء، وهذا الأمر مرفوض رفضاً قاطعاً بالنسبة إلينا، وعلى الأونروا أن تراجع مثل هذه القرارات وأن تدقق فيها، وأن تلتزم بما تقوله الأمم المتحدة نفسها، لأن الأمم المتحدة قالت منذ البداية: بأن عملية الترحيل القصري مخالف للقانون الدولي، وكما دعت الأمم المتحدة الاحتلال إلى الرجوع عن هذا المخطط".
ويرى هويدي، أن المفوض العام لوكالة "أونروا" "فيليب لازاريني" يجب أن يُحاسب عندما تنتهي الحرب على غزة، لأنه خرج عن المهام الموكلة إليه كمفوض عام للوكالة، وأن هناك ملاحظات كبيرة على قراراته التي تتناسب مع ما يريده الاحتلال، بحسب تعبيره.
وتضم مراكز الإيواء وهي عبارة عن المدارس والمراكز التابعة للوكالة، آلاف الأسر النازحة عن الأحياء السكنية ومخيمات اللاجئين المستهدفة بحرب الإبادة والتهجير "الإسرائيلية" تجاه أهالي القطاع ومناطق الشمال تحديداً.
وكانت الوكالة قد غادرت مقراتها في الشمال، عقب إنذار تهجيري وجهه الاحتلال لأهالي شمال القطاع يوم 13 تشرين الأول/ أكتوبر الجاري، بالتوجه إلى منطقة وادي غزّة جنوباً.
وأدانت الحكومة في غزة، ومنظمات المجتمع المدني والفصائل الفلسطينية، قرار الوكالة بالانسحاب من شمال غزّة، كونه "يخدم المحاولات "الإسرائيلية" لخلق نكبة جديد بحق اللاجئين، وهو ما يجب التصدي له بالقوة، وسيفشله شعبنا بكل ما أوتي من قوة".
وتعاني مراكز النزوح شمال قطاع غزّة، أوضاعاً إنسانية صعبة، جرّاء النقص الحاد في المستلزمات الإغاثية الإيوائية، فضلاً عن الطعام والمياه والدواء، في حين تبذل المنظمات التطوعية والمبادرات الأهلية جهوداً لتوفير الغذاء والمياه، وسط مناشدات متكررة لعودة الوكالة وإنقاذ حياة مئات الآلاف المتروكين دون إغاثة وحماية، في ظل الاستهداف "الإسرائيلي" الذي يتعمد قتل المدنيين.