نقلاً عن صحيفة البيان 

في الخامس من رمضان من عام 1367هـ الموافق لـ11 من تموز/ يوليو 1948م، ارتكبت وحدة كوماندوز صهيونية بقيادة  موشيه ديان  مجزرة في مدينة الّلد بفلسطين، حيث اقتحمت المدينة وقت المساء تحت وابل من القذائف المدفعية.
الصهاينة أطلقوا على تلك العملية اسم »داني« وقاموا بالهجوم على مدينتي اللد والرملة الواقعتين في منتصف الطريق بين يافا والقدس.

ففي 10 تموز / يوليو قصف الصهاينة المدينة من الجو، وكانت أول مدينة تهاجم على هذا النحو، وتبع القصف هجوم مباشر على وسط المدينة، تسبّب بمغادرة من كان من متطوعي جيش الإنقاذ المرابطين بالقرب من المدينة، التي تلقت الأوامر بالانسحاب من قائدها البريطاني غلوب باشا.

وفي إثر تخلِّي المتطوعين وجنود الفيلق العربي عن سكان اللد، احتمى رجال المدينة المتسلحون ببعض البنادق العتيقة بمسجد (دهمش) وسط المدينة، وبعد ساعات قليلة من القتال نفدت ذخيرتهم، فقتلتهم العصابات الصهيونية المهاجمة  داخل المسجد المذكور.

أورد الدكتور عبد المجيد همو في كتاب (المجازر اليهودية والإرهاب الصهيوني: 140) أن الهجوم الصهيوني بدأ على اللد والرملة يوم 9/ 7/ 1948م، وسعى الصهاينة إلى عزل المدينتين عن أي مساعدة تأتي من الشرق، فتقدم إلى شرقي اللد والرملة لواءان،أحدهما من الجنوب، حيث دخل قرية (عنّابه) في الساعة الواحدة صباح 10 تموز/ يوليو، ثم قرية (جمزد).

وثانيهما من اتجاه تل أبيب في الشمال الغربي، وقد احتل هذا اللواء (ولهمينا) ثم مطار اللد، وباحتلاله عزلت سرية الجيش الأردني في (الرملة والعباسية واليهودية). وهكذا اكتمل تطويق المدينتين وعزلهما، ولم يستطع المناضلون في القرى المذكورة ومطار اللد الصمود طويلاً أمام هجمات الدبابات والمدفعية المنسقة.

تعرضت المدينتان أثناء ذلك لقصف جوي ثقيل وجّه إلى مركز شرطة الرملة خاصةً، وقصف مدفعي شمل الأحياء الآهلة بالسكان.

بطولات المجاهدين

استمر ضغط الصهاينة على امتداد واجهة القتال، وركزوا هجومهم على مدينة اللد أولاً، فشنوا عند الظهر هجوماً قوياً عليها من الناحية الشرقية عند قرية (دانيال)، ولكن مجاهدي المدينة استطاعوا أن يصدوا الهجوم بعد معركة دامت ساعة ونصف، خسر الصهاينة فيها 60 قتيلاً، وعاد المجاهدون وقد نَفِد عتادهم.

ثم شن الصهاينة هجوماً آخر بقوات أكبر تدعمها المدرعات، وتمكنوا في الساعة  الرابعة عصراً تقريباً من دخول اللد واحتلالها، وهم يطلقون النار على الأهالي دون تمييز.

في الأثناء أرسلت القيادة الأردنية فئة من المدرعات للتثبت من الموقف في مدينة اللد، ولما رآها الأهالي على مشارف اللد ظنوا أنه هذه الفئة مقدمة رتل قادم لإنقاذ اللد، فتشجعوا وراحوا يهاجمون الصهاينة في كل مكان، ولا سيما من الناحية الشمالية، حيث دخلت المدرعات الأردنية، ولكن المدرعات الأردنية انسحبت بعد وقت قصير، وقد أدى ذلك إلى تغلب القوات المعادية على المناضلين، وتمكنت من سكان اللد، فقتلت 426 فلسطينياً منهم 176 قتلوا في مذبحة مسجد دهمش في المدينة.
نقلاً عن موقع "كي لا ننسى"  
تفاصيل المذبحة


تولي موشي دايان قيادة هذه العملية، وقد قاد رتلاً من سيارات الجيب العسكرية، والتي كانت تقل عدداً كبيرا من الجنود المسلحين بالبنادق والرشاشات من طراز ستين والمدافع الرشاشة التي تتوهج نيرانها، وأخذ هذا الرتل يتجول في الشوارع الرئيسـية ويطلق النيران على كل شئ يتـحرك فيها، وطبقا لشهادة الصحفي كينيث بيلبي مراسل جريدة الهيرالد تريبيون، والذي دخل اللد يوم 12 تموز/يوليو، يقول إن جثث العرب كانت في كل مكان، رجالاً ونساء وكذلك جثث الأطفال كانت متناثرة في الشوارع في أعقاب هذا الهجوم .

وعلى أثر تلك المذبحة ترك معظم السكان واللاجئين المدينة، وقدر عدد الباقين في المدينة بألف نسمة فقط، حسب شهادات بعضهم ، أما بحسب تقرير المؤرخ الإسرائيلي "بيني مورس" فإن الجنود الإسرائيليين وبعد انتهاء المعارك قتلوا 167 شخصاً من سكان اللد بعد أن جمعوهم في مسجد دهمش، وللعلم فإن المسجد بقى مغلقاً لسنوات طويلة حتى تم ترميمه وافتتاحه في عام 2002.

 وقد قال ممن دخلوا المسجد قبل بداية أعمال الترميم أنهم لاحظوا وجود بقع من الدم على جدران المسجد، لتكون شاهدة على شناعة الأعمال الإرهابية التي ارتكبتها العصابات الصهيونية. 

كان الهدف من تلك العملية هو تنفيذ السياسة التي كان يتبعها الصهاينة في ترحيل وطرد جميع الأهالي الفلسطينيين، وقد بلغ عدد سكان المدينة حوالي عشرين ألفاً بالإضافة إلى عشرين ألفا آخرين من مهجري يافا وغيرها من البلدات المحيطة، ولم يبرحوا المدينة إلا بعدما قامت قوات الاحتلال بعمليتها القذرة وقامت بذبح مجموعة من الفلسطينيين لجأت الى المسجد. 

شهود على المجزرة

ادوار طنوس وهو من أبناء عائلات الضحايا المسيحية قال: إنه لم يبق من أهل اللد الأصليين سوى 1030 نسمة، أجبرهم الصهاينة على ترك سكنهم الأصلي وحشروهم داخل حي صغير سمي بـالجيتو ومنعوهم من مغادرته.

 كما يذكر أن قوات الاحتلال الإسرائيلي احتلت اللد في 10 تموز/ يوليو 1948، أي بعد حوالي الشهرين من قيام "إسرائيل"،. 

وإ الذي أمر بترحيل الأهالي هو رئيس الوزراء الاول في الكيان الاسرائيلي ديفيد بن غوريون، ونفذه عدد من كبار قادة الجيش الذين أصبحوا في ما بعد من كبار القادة السياسيين، مثل موشيه دايان قائد العملية، الذي أصبح رئيس أركان ووزير حرب ووزير خارجية، وكذلك اسحق رابين، الذي احتل منصب رئيس أركان ثم رئيس حكومة ووزير حرب، وأيضاً ييجال يدين، الذي أصبح رئيس أركان ونائب رئيس وزراء.

حليمة النقيب - العجو (إم سليم ) من مواليد عام 1930 تحكي قصة المذبحة وتقول: "عندما بدأ الهجوم على المدينة قاومت بشدة من الجهة الغربية ولكن اليهود تسللوا من الجهة الشرقية ودخلوا عليها، وكان أول ما فعلته كان مذبحة جامع دهمش، وتذكر أن حوالي 97 شخص قتلوا غير اللي ذبحوهم عند بير الزئبق. "  

وتذكر الشاهدة أيضا أن الجيش الاسرائيلي أخذ يطرد السكان ويقولون لهم بسخرية "يللا على عبد الله .. عند الملك عبد الله ..عبد الله اشتراكم"، وكانوا يأخذون الشباب على الأسر، وقد اعتقلوا أخويها عبد الحميد والذي كان عمره 19 عاماً وأحمد الذي كان يبلغ 23 عاماً، وأخذوهم أسرى واحتجزوهم لمدة سنتين بين معسكري صرفند وعتليت بالإضافة إلى أولاد عمها الاثنين، وما تبقى من أهالي كان معظمهم من كبار السن.

وتحكي الشاهدة عن معركة ومجزرة كبيره، فالكثير قتلوا من أهالي اللد ومن اللاجئين من سرفند وسلمة، وقد ذهب البعض للمسجد ليحتمي به فقتلهناك ، ولم يكن كلهم من المقاومة، بل منهم عائلات كثيرة، وتقول أنها شاهدت عائلة من أم وابن وبنت وزوج البنت وأخوها قد خرجوا محاولين الهرب، ولكن أحد الصهاينة قتلهم جميعا. ومثلهم الكثير.

حرق جثث القتلى

بعد ستة أيام على المذبحه وعند بئر الزئبق حضر اليهود وطلبوا ممن تبقى جمع جثث الشهداء، وكانوا بين 200 و 300 جثه، في ساحة المقبرة وأحرقوها. 

وتروي الشاهدة قصة مواطن اسمه علي الخليلي وكان يمتلك عربة وحصاناً، وطلبوا منه جمع الجثث، وخلال عمله شاهد جثة أم وبجوارها طفل يبلغ عمره حوالي 8 أشهر يزحف على الأرض بجوار أمه جائعاً، وتعتقد أنه استمر يرضع من حليب أمه وهي ميتة لمدة أسبوع، أخذه الخليلي، ولكن الجندي اليهودي الموجود طلب منه ترك الطفل، وحاول الخليلي وقتها الاحتفاظ بالطفل وقال  الصهيوني "والله يا خواجا ما عندي أولاد... خلّيني اربي الولد" ولكن ذلك الصهيوني رفض وأخذ الطفل منه، والقاه على الأرض وضربه بالرصاص وقتله، بكى الخليلي ودفن الطفل مع أمه.

سجن داخل مدينتهم

تقول الشاهدة أن اليهود أخذوا ما تبقى من السكان وطوقوهم داخل منطقة تقع عند المستشفى والكنيسة والجامع، تسمى الجيتو وبقوا بها حوالي سنتين، بعد أن شيدوا سياجا حولها!

ومن أهل اللد الذين غادروا عائلة الميمي والحصوني وعائلة النقيب وعائله العزوق وقد  هاجر معظمهم إلى الأردن.
وكالات - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد