تقرير: الوليد يحيى 
مع  نهاية آب / أغسطس الجاري يتم اللاجئون المهجّرون قسراً من مخيّم اليرموك وبلدات جنوب دمشق الثلاث " يلدا – ببيلا – بيت سحم" وفق اتفاق التسوية المبرم بين النظام السوري من جهة والمعارضة السوريّة المسلحّة من الجهة الثانية في أيّار/ مايو  الفائت، شهرهم الرابع في مخيّمات الشمال السوري، وسط تفاقم أوضاعهم الإنسانيّة المزريّة.

من مخيّم دير بلّوط في بلدة جندريس بريف مدينة عفرين شمالي سوريا، تلّقت "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أصواتاً للاجئين فلسطينيين من مخيّم اليرموك، أطلقوها على أمل أن تلقى صدىً لدى الجهات المسؤولة، لتتحرّك قبل فوات الأوان، فالأمور تتجه بهم نحو "مجزرة معيشيّة" لتكون عنواناً مضافاً إلى مجازر الحرب التي طالت اللاجئين الفلسطينيين في سوريا طوال السنوات السبع الفائتة.

 لا معونات للأونروا في شمالي سوريا ولا موارد مادية للفلسطينيين

أطفالٌ ونساء وشيوخ وشبّان، من قد ينجو منهم من الموت مرضاً قد يطاله قهراً، كحال اللاجئة الفلسطينيّة أم منال من أبناء مخيّم اليرموك المهجّرين في دير بلّوط، وهي أرملة لشهيد قضى جرّاء قصفٍ على مخيّم اليرموك، وأمّ لفتانين، وقد عبّرت عن مرارة قد تصل بها حدّ الموت " فقد هربنا من المرّ إلى الأمرّ" تقول أم منال، التي تكابر على مرضها من أجل بناتها.

"تركتنا الأونروا وحدنا ومعيشتنا في جنوب دمشق كانت فقط على المعونات التي تقدّمها لنا" تقول أم منال، وهي مريضة ضغط لا تتمكّن من شراء أودويتها لعدم توفر المال، فالوكالة قد حرمّت المهجّرين في الشمال السوري من المعونات الماليّة، ولم تلتفت لصرخات ورسائل عدّة أطلقها مهجّرو دير بلّوط عبر الإعلام ووسائل أخرى للوكالة، علّها تلتفت إلى معاناة مئات الأسر الفلسطينية المهجّرة في الشمال وفق ما يؤكد لاجئ آخر وهو محمد من أبناء مخيّم اليرموك.

خيام اللاجئين لا تحميهم من تقلبات الطقس

محمد وصف الحال في "دير بلّوط" بأنّه لا يصلح لعيش البشر، فدرجة الحرارة داخل الخيام تصل نهاراً إلى 60 درجة مئوية حسبما سجّل مؤشر الحرارة في هاتفه المحمول، كما أكّد لـ"بوابة اللاجئين"، فالمخيّم يقع في منطقة منخفضة تحيط بها الجبال من جميع الجهات، ما يجعل سكّانه ضحايا لحرارة الصيف العاليّة، ومخاطر السيول في الشتاء، والخيام التي تأوي المهجّرين لا تردّ عنهم مخاطر الفصلين.

"الأطفال يقضون معظم أوقاتهم في العراء، إسهال مزمن وضربات شمس  والخوف من موجة سحايا قد تجتاح الصغار والكبار" يقول محمد منتقداً شحّ الرعاية الصحيّة وتقاعس منظمّة " أفاد" التركيّة لإدارة الكوارث، عن التصدي لمهامها كون المخيّم يقع تحت إدارتها بشكل مباشر.

وحول ما تقدّمه منظمّة " أفاد" أضاف محمد، أنّها تقدّم كل 25 يوماً، ما قدره 8 كيلوغرامات من المواد الغذائيّة بالإضافة إلى ربطة خبز واحدة، تقتات عليها العائلة حتّى موعد الإغاثة اللاحق، وسط عدم قدرة على شراء الحاجيّات نظراً لغلاء الأسعار وعدم توفّر الموارد الماليّة.

حياة بدائية بكل ما للكلمة من معنى

حالٌ معيشيّ وصحيّ وإيوائي يصعب وصفه، ظلام دامس ليلاً لعدم وجود إنارة، فالطاقة بكل أشكالها معدومة في المخيّم، وموقع جغرافيّ يحفهم بالمزيد من المخاطر، حشرات خطيرة وعقارب تتسلل إلى الخيام، وأمّهات يسهرن طوال الليل لحراسة أطفالهنّ من مخاطرها، وفق تؤكد اللاجئة أم أحمد إحدى مهجّرات مخيّم اليرموك.

تقضي أمّ أحمد جلّ وقتها في تأمين المياه الصالحة للشرب كما تقول، فمنظمة " أفاد"  توزع كميّات غير كافيّة، وأهالي المخيّم يعانون من انقطاعها منذ نحو أسبوعين، أمّا في حال الاضطرار لجلب المياه من الضيع والقرى المجاورة، فتكلفة المواصلات تصل إلى 7 آلاف ليرة سوريّة، وهذا ما يعجز عنه المهجّرون.

 

نكبةٌ أقسى و مجتمع دولي يغض الطرف عنهم

وضعٌ كارثيٌّ، يفسّر عبارات اليأس التي يطلقها الفلسطينيون المهجّرون في دير بلّوط، فاللاجئ محمد لم يتوانى على قول عبارة تختزن قهر التهميش والنسيان " يا محلى النكبة الأولى أمام نكبتنا الثانيّة"، فوكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين " الأونروا" قد تخلّت عنهم نهائيّاً رغم أنهم مازالوا ضمن الأراضي السوريّة، وفصائل منظمة التحرير وهيئة شؤون اللاجئين التابعة للمنظمة لم تول حتّى اهتماماً إعلاميّاً بقضيّة نحو ألف عائلة فلسطينية مهجّرة في الشمال السوري، 282 عائلة منهم في دير بلّوط، يتواصل نيسانهم فلسطينيّاً ودوليّاً، ولا شيء في أفقهم سوى المجهول، وحياتهم برسم الجميع.

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد