استمرار محاولات تمرير "صفقة القرن" وأمريكا تُوزّع الأدوار

الجمعة 22 يونيو 2018
من جمعة "الوفاء للجرحى" ضمن مسيرات العودة الكبرى في قطاع غزة
من جمعة "الوفاء للجرحى" ضمن مسيرات العودة الكبرى في قطاع غزة
فلسطين المحتلة

تُواصل الولايات المتحدة خطتها في محاولة تمرير "صفقة القرن"، وذلك في إطار سعيها لإنهاء القضيّة الفلسطينية بكافّة مكوّناتها، وفرض خيارات لصالح الكيان الصهيوني، من خلال تهيئة الأجواء عبر قنوات عربيّة من جهة ومواصلة الضغط على الفلسطينيين من جهةٍ أخرى بعدة طرق.

وفي هذا السياق، يستقبل رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو، الجمعة 22 حزيران/يونيو، مستشار الرئيس الأمريكي جاريد كوشنر وموفده إلى الشرق الأوسط جيسون غرينبلات، وذلك ضمن جولة للمسؤولين الأمريكيين في عواصم عربيّة طالت القاهرة وعمّان والرياض والدوحة.

الرؤية الأمريكية لـ "التسوية والدولة الفلسطينية المستقبليّة"
تقول التسريبات المتواصلة بشأن "صفقة القرن" أنّ خطة الرئيس الأمريكي دونالد ترامب المُرتقبة لـ "تسوية القضية الفلسطينية"، حسب صحيفة "هآرتس" التابعة للاحتلال، تتضمّن عرض الإدارة الأمريكية على الفلسطينيين بلدة أبو ديس شرقي القدس المحتلة عاصمة لدولتهم المستقبليّة، عوضاً عن القدس، وذلك مقابل انسحاب "إسرائيلي" من (3-5) قرى من بلدات عربيّة تقع شمال وشرق القدس، فيما تبقى البلدة القديمة تحت سيطرة الاحتلال.

ووفق تقارير سابقة، حسب الرؤية الأمريكية لما يُسمّى بـ "خطة السلام"، سيكون على "إسرائيل" في المرحلة الأولى الانفصال عن أربعة أحياء في القدس الشرقيّة "شعفاط، جبل المكبر، العيساوية، أبو ديس"، ويتم نقلها إلى السلطة الفلسطينية وفصلها عن القدس.

وحسب المحلل العسكري في "هآرتس"، عاموس هرئيل، فإنّ الخطة الأمريكية لا تشمل إخلاء البؤر الاستيطانية في الضفة المحتلة، بما في ذلك المستوطنات "المعزولة"، فيما تكون منطقة الأغوار تحت سيطرة الاحتلال الكاملة.


وتكون الدولة الفلسطينية وفق الرؤية الأمريكية "دولة ناقصة" بدون جيش أو أسلحة ثقيلة، وذلك مقابل ما وصفه هرئيل بـ "حزمة من الحوافز المادية الضخمة" الممنوحة من السعودية ودول خليجية أخرى.

جولة أمريكية لتمرير "صفقة القرن"
الأردن مع كسر جمود "عمليّة السلام" ويخشى سحب البساط

خلال الجولة الأمريكية زار كوشنر وغرينبلات ملك الأردن عبد الله الثاني لبحث مسار ما يُسمّى بـ "عمليّة السلام" بين الفلسطينيين والاحتلال، وجاء اللقاء بعد أقل من (24) ساعة على لقاء جمع رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو بملك الأردن في العاصمة عمّان، فيما يزور الملك الولايات المتحدة الاثنين المقبل للاجتماع بالرئيس الأمريكي في البيت الأبيض.

وفي بيان صدر عن البيت الأبيض، ذكر أنّ كوشنر وغرينبلات تناولا في مباحثاتهما في الأردن، "زيادة مجالات التعاون بين الولايات المتحدة والأردن، والقضايا الإقليمية، والوضع الإنساني في غزة، وجهود إدارة ترامب لتسهيل التوصل إلى سلام بين الفلسطينيين والإسرائيليين."

من جانبه أفاد الديوان الملكي الأردني في بيان، أنّ الملك أكّد خلال مباحثاته مع كوشنر وغرينبلات على ضرورة التوصل إلى السلام العادل والشامل في المنطقة، وأنّ ذلك يجب أن يُمكّن الشعب الفلسطيني من تحقيق تطلّعاته المشروعة بإقامة دولة فلسطينية مُستقلة على خطوط الرابع من حزيران 1967 وعاصمتها القدس الشرقيّة.

كما شدّد عبد الله الثاني على ضرورة كسر الجمود في عملية السلام بما يُفضي إلى إعادة إطلاق مفاوضات جادة وفاعلة بين الفلسطينيين والإسرائيليين استناداً إلى حل الدولتين"، مؤكداً أنّ "مسألة القدس يجب تسويتها ضمن قضايا الوضع النهائي، باعتبارها مفتاح تحقيق السلام في المنطقة."

وبالعودة إلى زيارة نتنياهو، أكّد عبد الله الثاني خلالها على "ضرورة تحقيق تقدّم في جهود حل النزاع الفلسطيني الإسرائيلي استناداً إلى حل الدولتين"، منوّهاً إلى أنّ "الأردن مستمر في القيام بدوره التاريخية في حماية المقدسات الإسلامية والمسيحية في مدينة القدس، من منطلق الوصاية الهاشميّة عليها."

من جهته، قال رئيس الوزراء الأردني عمر الرزاز خلال مؤتمر صحفي الثلاثاء مُعلقاً على زيارة نتانياهو وكوشنر إنّ "موقف الأردن ثابت لم يتغيّر في أي من هذه الزيارات، واللقاء مع رئيس الوزراء الإسرائيلي ركّز على أنّ الأردن لا يعتقد أنّ هناك حلاً للأزمة خارج عن حل الدولتين وقرارات الشرعيّة الدولية، وتابع "هذا هو السبيل الوحيد لتحقيق السلام والاستقرار الدائم في المنطقة."

وخلال لقاء نتنياهو، أكّد لملك الأردن التزام الكيان بما أسماه "الحفاظ على الوضع الراهن في الأماكن المُقدّسة" بالمدينة المحتلة.

وفي إطار الحديث حول "صفقة القرن" بالنسبة للأردن، أشارت صحيفة "هآرتس" في عددها ليوم الجمعة، إلى ما اعتبرته تخوّفات أردنيّة من أن تمنح الخطة الأمريكية موطئ قدم للسعودية ودول خليجية أخرى في الحرم القدسي الشريف، ما يسحب الامتياز الأردني في الإشراف على الأوقاف الدينية الإسلامية والمسيحية في المدينة المُقدسة.

وأشارت تقارير صحفيّة في وقتٍ سابق إلى وجود أزمة حقيقيّة بين عدة أطراف "أمريكا والسعودية والإمارات من جهة، والأردن والسلطة الفلسطينية من جهةٍ أخرى"، بسبب المسودة التي صاغها كوشنر لخطة السلام الأمريكية، في وقت تتمسّك فيه الأردن بإدخال تعديلات واضحة تتعلّق بالإشراف الأردني على المُقدّسات في القدس المحتلة والبلدة القديمة.

مصر تدعم حل يُوفّر "الاستقرار والأمن" لمختلف دول المنطقة
من جانبه أكّد الرئيس المصري عبد الفتاح السيسي دعم بلاده للجهود والمبادرات الدولية الرامية للتوصل إلى تسوية عادلة وشاملة للقضية الفلسطينية، مُشيراً إلى أنّ "التسوية" يجب أن تكون طبقاً للمرجعيّات الدولية المُتفق عليها وعلى أساس حل الدولتين وفقاً لحدود 1967، وتكون القدس الشرقية عاصمة لدولة فلسطين.

وأشار السيسي إلى أنّ التوصل إلى حل عادل وشامل لهذه القضيّة المحوريّة، سيُوفّر واقعاً جديداً يُساعد في تحقيق الاستقرار والأمن لمختلف دول المنطقة، ونوّه إلى "الجهود التي تبذلها مصر لإتمام عملية المصالحة الفلسطينية وتهدئة الأوضاع في غزة، وما تقوم به من إجراءات لتخفيف المعاناة التي يتعرض لها سكان القطاع، فضلاً عن الاتصالات المستمرة التي تُجريها مع الأطراف المعنيّة من أجل الدفع قُدماً بمساعي إحياء المفاوضات بين الجانبين الفلسطيني والإسرائيلي."

وفي ذات السياق، قال المتحدث باسم الرئاسة المصرية بسام راضي، إنّ "كوشنر أكّد خلال اللقاء على ما تُمثله مصر كركيزة أساسية للاستقرار في منطقة الشرق الأوسط، وما يُمكن أن تقوم به استناداً لدورها التاريخي في هذا الإطار."

السعوديّة مُموّل "صفقة القرن"
أما حول زيارة السعودية ولقاء المسؤولين الأمريكيين بولي العهد السعودي محمد بن سلمان الأربعاء الماضي، أوضح بيان صدر عن البيت الأبيض، أنّ المسؤولين ناقشوا تدعيم العلاقات بين الولايات المتحدة والسعودية، وتقديم مساعدات إنسانية لغزة.

أمريكا توزّع الأدوار
وبالنظر لما سبق، فإنّ الرؤية الأمريكية التي تحظى بتوافق عربي من أقطاب تعتبر أنّها مسؤولة وقادرة على التحكم بمصير الفلسطينيين، حيث شهدت طروحات ما تُسمّى بـ "عملية السلام" قبول عربي من تلك الجهات وتوزيع أدوار بينها.

من جهة، الجانب الأردني لا مانع لديه لكنه يخشى سحب البساط من قِبل السعودية بشأن الإشراف على المسجد الأقصى، والسعودية ودول خليجية أخرى تعتبر نفسها المُموّل لطرح "السلام" الراهن، أما مصر فبحكم قربها الجغرافي من غزة وعلاقتها التاريخية بالجانب الفلسطيني، فيكمن دورها بممارسة الضغوطات مرة والتفاوض مرة، وذلك ليس بمعزل عن التوصية السعودية للجانب المصري.

أما عن شكل الدولة المستقبليّة الذي تراه الإدارة الأمريكية، فهي حالة ليست بعيدة عمّا أنتجته "اتفاقية أوسلو"، بل تُعتبر امتداد لها، حيث نتج عنها سلطة بدون جيش أو أسلحة ثقيلة، مقابل ما اعتبروه آنذاك "امتيازات اقتصادية."

واستمرار الحصار على قطاع غزة وتشديده من جهة، وقبضة السلطة على المقاومة في الضفة المحتلة وفرضها عقوبات على غزة من جهةٍ أخرى، بالإضافة إلى ما تقوم به جهات عربيّة من تكريس التطبيع مع الاحتلال، كل المؤشرات السابقة تسعى إلى تحويل القضيّة الفلسطينية لقضيّة معونات ومساعدات إنسانيّة، بغرض أن تأخذ كل جهة دورها في تنفيذ "صفقة القرن" وفرضها على الفلسطينيين.
بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد