فلسطين المحتلة
 

أكّدت وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" استمرارها في تقديم خدماتها التعليميّة والصحيّة والاجتماعيّة للاجئين الفلسطينيين، بما يشمل القدس المُحتلّة، حسبما تنص ولايتها.

جاء ذلك في بيانٍ صدر عن "أونروا" الخميس 28 تشرين الثاني/نوفمبر، تعقيباً على أنباء حول مشروع قانون يسعى الاحتلال من خلاله إلى حظر نشاط المنظمة الدوليّة في القدس المُحتلّة.

ووقّع رؤساء الكُتل البرلمانيّة لدى الاحتلال لأحزاب "الليكود، اسرائيل بيتنا، شاس، يهدوت هتوراه، البيت اليهودي، اليمين الجديد"، على مشروع القانون الذي ينص على حظر نشاط وكالة الغوث في مناطق سيطرة الكيان الصهيوني ابتداءًا من العام 2020.

وزعم مشروع القانون أنّ "أونروا تُستخدم كمنصّة للتحريض والتربية على كراهية إسرائيل والمس بسكانها اليهود، وفي المدارس التي تُشغّلها في القدس يجري تدريس مضامين مُعادية للساميّة، ويُشيدون في الكُتب التدريسيّة بالإرهابيين الذين قتلوا أطفالاً ونساء."

وجاء في بيان "أونروا": "لم نُبلغ بمشروع القرار المُشار إليه إعلاميّاً، خدمات الأونروا في القدس ومنذ عقود ترتكز على القرارات الدوليّة واتفاقيّات لازمة تُقنّن وجودنا ومن ضمنها اتفاقيّات مع الطرف الإسرائيلي، والذي عبر اتفاقية واضحة تعهّد باحترام مكانة وحصانة وامتيازات الأونروا في القدس."

وفي تغريدةٍ على موقع "تويتر" كتبها رئيس بلديّة الاحتلال الأسبق في القدس المُحتلّة، نير بركات: "بعد القرار الفاضح للأمم المتحدة بتمديد ولاية الأونروا، وهي منظمة تُستخدم للتحريض والإرهاب، قدّمت مشروع قانون لإزالة المنظمة من إسرائيل"، وفق تعبيره.

وأضاف العضو في حزب "الليكود" الصهيوني، أنّ مُعظم الأحزاب لدى الاحتلال انضمّت إلى مشروع القانون الذي أعدّه.

ويحتاج مشروع القانون أن يمر في لجنة "الكنيست" على (3) قراءات، قبل عرضه للتصويت، قبل أن يتحوّل إلى قانونٍ نافذ، وهي عمليّة تستغرق عدّة أشهر.

ولا يُعتبر الأمر مُفاجئاً بالنسبة للاجئين الفلسطينيين في القدس المُحتلّة أو "أونروا"، حيث شهد العام الماضي بأكمله مُحاولات واسعة لطرد المنظمة الدوليّة من المدينة المُحتلّة ووقف عملها، من خلال الكثير من المُضايقات الإداريّة والميدانيّة والاقتحامات وإلحاق الضرر، والذي سبقه إعلان صريح من قِبل بركات لمُخططه الذي يقضي بإنهاء عمل "أونروا" في القدس المُحتلّة.

وكان رئيس وزراء الاحتلال بنيامين نتنياهو أيضاً قد طالب في حزيران/يونيو 2017 بتفكيك "أونروا" ودمج أجزائها في المُفوضيّة السامية لشؤون اللاجئين.

 

وهنا نستعرض لكم بعض ما تعرّضت له الوكالة الأمميّة في القدس المُحتلّة خلال العام الماضي، في إطار مُحاولات الاحتلال التضييق عليها.

بدأ الأمر بإصدار بلديّة الاحتلال بياناً في الرابع من تشرين أوّل/أكتوبر 2018 حول مُخطّط أعدّته من أجل طرد "أونروا" وتصفية اللاجئين الفلسطينيين في القدس المُحتلّة، بعد تصريحاتٍ سابقة لرئيس بلديّة الاحتلال آنذاك نير بركات، لفت فيها إلى قيامه بالإيعاز إلى مُوظفي بلديّته لإعداد خُطّة عمل لإجلاء "أونروا" من مدينة القدس، مُشيراً إلى أنّ الهدف من الخطوة هو إزالة العمل الذي يُعيق التطوير المُستمر للقدس، قائلاً "يجب أن نُنهي الإشارة إلى اللاجئين كلاجئين."

ونصّت بنود الخطّة آنذاك على إصدار أوامر إغلاق بحق (7) مدارس لوكالة الغوث تعمل في القدس، فيها ما يُقارب (1800) طالب فلسطيني لاجئ، ويُرافق ذلك بناء مدارس تابعة لبلديّة الاحتلال لاستيعاب طلاب مُخيّم شعفاط بالذات، والذي يقع ضمن نفوذ بلديّة الاحتلال.

يُضاف إلى ذلك أيضاً إصدار أوامر إغلاق ضد العيادات الطبيّة التابعة لـ "أونروا" العاملة في البلدة القديمة ومُخيّم شعفاط، على أساس أنها غير مُرخّصة من وزارة الصحة التابعة للاحتلال، واستيعاب المرضى في صناديق المرضى "الإسرائيليّة"، وإقامة مجمع لتقديم الخدمات الصحيّة على مشارف المُخيّم كبديل عنها.

كما سيتم تحويل الملاعب الرياضيّة ومراكز التدريب المهنيّة التابعة للوكالة في مُخيّم شعفاط ومنطقة كفر عقب "مركز التدريب المهني التابع لمُخيّم قلنديا يقع في منطقة القدس-نفوذ بلديّة الاحتلال"، ليد سلطات الاحتلال، وتحديداً لما تُسمّى بلجنة الرفاه والتشغيل في البلديّة.

ويشمل المُخطط أيضاً تحويل مسؤوليّة توفير المياه وتصليح شبكات المياه العادمة وجمع النفايات من مُخيّم شعفاط من "أونروا" لبلديّة الاحتلال وشركة "هجيحون" لدى الاحتلال، وسيعمل الاحتلال على إصدار أوامر إغلاق بحق اللجان الشعبيّة العاملة في مُخيّم شعفاط على اعتبار تنظيم غير قانوني يعمل على "التحريض والإرهاب"، حسب تعبير بلديّة الاحتلال.

وتطبيق كل ما سبق يجري من خلال تخصيص أرض بمساحة (11) دونماً قُرب مُخيّم شعفاط، وبناء مجمع خدمات "إسرائيلي" فوقها، يحوي مدرسة ومركز صحي وغيرها، وهذا لا ينفصل عن مركز الشرطة الذي أنشأه الاحتلال عند حاجز شعفاط ومكتب داخليّة الاحتلال.

وفي ذلك الحين أعربت "أونروا" عن قلقها من تصريحات بركات مؤكدةً أنها مُكلّفة من قِبل الجمعيّة العامة للأمم المتحدة بمُواصلة تقديم الحماية والمساعدة للاجئين الفلسطينيين في الأراضي المُحتلّة بما فيها القدس الشرقيّة، لحين التوصل إلى حل للنزاع القائم بين الطرفين.

وأشار المُتحدث باسم "أونروا" سامي مشعشع في حينها إلى أنّ ملف القدس وملف اللاجئين يتقاطعان بوجود الوكالة في القدس، وبالتالي وجود (110) آلاف لاجئ فلسطيني في البلدة القديمة ومُخيّمي شعفاط وقلنديا وضواحي القدس، يُشكّل نحو ثلث سكّان القدس الشرقيّة، كما يُشكّل تذكيراً بأنّ القدس مُحتلّة وتُشكّل امتداداً للأراضي الفلسطينيّة المُحتلّة.

وأكّد في حينها أنّ تصعيد الاحتلال الأخير بحق مؤسسات "أونروا" في القدس، سبقته حرب شرسة على الوكالة منذ بداية عام 2018، حاولت إنهاء وجود الوكالة الأمميّة ككُل وتجفيف مواردها، وتفتيت الدعم الدولي لها والتشكيك في نزاهتها.

واعتبر أنّ المُحاولات لإضعاف وجود "أونروا" هو لإنهاء دورها، خصوصاً أنّ دفّة عمليّاتها في القدس تُدار من مركز الوكالة في الشيخ جرّاح، قائلاً "نتعرّض لمُحاولات واضحة لتكبيل أيدينا فيما يتعلّق بأنشطتنا في المؤسسات والمراكز التابعة للوكالة في القدس وضواحيها."

وبالفعل شنّت قوات الاحتلال وطواقم بلديّته في الرابع والعشرين من أكتوبر/تشرين الأوّل عام 2018 هجمة على مُخيّم شعفاط وشرعت بتحرير مُخالفات للأهالي وأعقب ذلك اقتحام نير بركات للمُخيّم بعد أيام من تصريحاته حول إنهاء عمل "أونروا" في القدس المُحتلّة، وذلك كان بداية عمل سلطات الاحتلال على الأرض من أجل إجلاء الوكالة الأمميّة من المدينة.

بالعودة لتنفيذ الاحتلال لخطّته على الأرض، شهد مُخيّم شعفاط الذي يُعتبر التجمّع الأكبر للاجئين في المدينة المُحتلّة، في الحادي والعشرين من تشرين الثاني/نوفمبر 2018، أكبر عمليّة هدم نفّذها الاحتلال منذ عام 1967 داخل المُخيّم، طالت نحو (20) محلاً تجارياً، وهو ما اعتبره في حينها الباحث الفلسطيني زياد ابحيص مُرتبطاً بمُخطط الاحتلال المطروح بشأن إخضاع المُخيّم للسلطة المُطلقة للاحتلال وإزالة "أونروا"، وهنا الجزء الأساسي من القضيّة ليس اهتمام الاحتلال بتقديم خدمات للفلسطيني في منطقة كمُخيّم شعفاط، إنما التركيز الأساسي على "كيف يتم إخضاع المُخيّم والتأكّد من أنه بكُتلته البشريّة التي تُقارب نحو عشرين ألاف لاجئ فلسطيني، لن يكون مصدر أفعال مُقاومة أو اعتراض جماهيري، والغرض الأساسي هنا هو تحسين قُدرة الجيش الإسرائيلي على دخول المُخيّم والتدخّل فيه وتنفيذ عمليّاته بداخله، من زاوية البُنى التحتيّة"، حسب بحيص.

وهدّدت سلطات الاحتلال في شهر أيّار/مايو من العام الجاري بهدم أبنية في مُخيّم شعفاط للاجئين الواقع شمال شرقي القدس المُحتلّة، ما بين مؤسسات تعليميّة وأخرى مُتعلّقة باللاجئين، بالإضافة لاعتزام بلديّة الاحتلال وضع يدها على مدارس "أونروا" في المُخيّم.

وأخطرت البلديّة في مُنتصف أيّار/مايو بهدم مبنى اللجنة الشعبيّة في المُخيّم، بالإضافة إلى مدرسة ومركز الشباب الاجتماعي واللجنة الشعبيّة، والاستيلاء على مقر وكالة الغوث الدوليّة وتصفية عملها في المُخيّم والمدينة، حيث أخطرت سلطات الاحتلال في نهاية نيسان/ابريل الماضي (3) مؤسسات تعليميّة بالهدم بعد شهر من تاريخه.

وكانت سلطات الاحتلال قد أعلنت خلال العام الجاري أنها ستُغلق كافّة المدارس التابعة لوكالة الغوث الدوليّة في القدس مع مطلع العام الدراسي، وجاء القرار بعد اجتماعٍ سرّي لـ "مجلس الأمن القومي" لدى الاحتلال في مكتب نتنياهو، لإقرار خطة تهدف لإغلاق وطرد المؤسسات التي تُديرها "أونروا" في المدينة المُحتلّة.

ويسعى القرار لإغلاق كافّة مدارس "أونروا" والمراكز الصحيّة وتحويلها لبلديّة الاحتلال، ولاحقاً إصدار أوامر بمُصادرة كافة العقارات التابعة لها، فيما سيتم إلغاء تسمية مُخيّم شعفاط واعتباره حي من أحياء القدس، ما يعني تدمير وطمس أي ملامح ترتبط باللاجئين في المدينة المُحتلّة.

ويبلغ عدد اللاجئين الفلسطينيين المُسجّلين لدى "أونروا" في القدس المُحتلّة وضواحيها (100) ألف لاجئ، يُعانون من تشتّت مسؤولية تقديم الخدمات نظراً لكونهم لاجئين في مناطق نفوذ الاحتلال، ومن المُفترض أن تتحمّل "أونروا" جزءً من مسؤوليّتهم، وكونهم فلسطينيين بالأصل فذلك يُحتّم على السلطة الفلسطينيّة تحمّل جزء آخر من المسؤوليّة تجاههم، إلا أنّ ذلك لا يحدث.

متابعات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد