تقرير الوليد يحيى 

فرضت جائحة فايروس "كورونا" المستجد، تغييراً في كافة الأنماط الحياتية والاجتماعيّة، وأبرزها التباعد الاجتماعي، وانعكس ذلك على العمليّة التعليمية للاجئين الفلسطينيين في سوريا، حيث اتبعت وكالة "أونروا" عقب قرار إغلاق مدارسها في مخيّمات وتجمعات اللاجئين هناك في 14آذار/ مارس الفائت من ضمن إجراءاتها لمنع تفشي الفايروس، أسلوب التعليم عن بعد، عبر التطبيق الالكتروني " واتساب" لإبقاء التلاميذ على تماس مع العملية التعليمية في منازلهم.

وتعتمد آلية التعليم عن بعد، تطبيق "واتساب" وروابط الكترونيّة أعدّتها الوكالة عبر تطبيقات "غوغل" لإجراء الاختبارات الصفيّة، كما هو الحال في مدرستي "صفد للبنين وقيساريّة للبنات" التابعة لوكالة " أونروا" في منطقة ركن الدين بالعاصمة دمشق، والتي تعمل بنظام الدوامين.

"أم سامر" وهي أم لتلميذ وتلميذة في مرحلة التعليم الأساسي بالمدرستين المذكورتين، شرحت لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين" آلية التعليم المتبعة خلال فترة الحجر، حيث يخصص مدرّس كل مادّة في كل مرحلة صفيّة، مجموعة "واتساب" تضم كل تلاميذ مرحلته، يرسل من خلالها مادة مسجلّة أو مكتوبة، يشرح خلالها الدرس في وقت يحدده مسبقاً، في حين يحدد وقت لاحق بعد انتهاء الشرح، يفسح فيه المجال للطلبة ارسال اسئلتهم واستفساراتهم.
 

 

وأضافت "أم سامر"، أنّ المدرّس كذلك يقوم بإرسال أسئلة للطلبة، على أن يرسلوا إجاباتهم ضمن وقت يحدده لهم، ويقوم بتصحيح الإجابات، وذلك في محاولة محاكاة للعملية التعليمية المباشرة ولكن عبر مجموعة "واتساب" بدلاً من الصف الدراسي، أمّا عن الاختبارات، فتتم عبر رابط مُعد من خلال تطبيقات "غوغل" يحتوي أسئلة وعدّة إجابات على طريقة " الاختيار من متعدد" يتوجب على الطالب الإجابة عليها خلال فترة نصف ساعة، لتصل النتيجة بشكل فوري عقب إرسال الإجابات.

 

 

 

وتصف والدة التلميذين، هذا الأسلوب بـ" الجيّد" من ناحيّة إبقاء التلاميذ على تماس مع العملية التعليمية في ظل حالة الحجر وإغلاق المدارس، مشيرةً إلى أنّ العمليّة لا تقتصر فقط على التعليم، إنّما تمتد إلى أنشطة يكلّف بها التلاميذ من قبل المرشد الاجتماعي، كإعداد رسومات أو تشكيلات بمادة المعجون عن طرق الوقاية من فايروس "كورونا" أو مجسمات ورقية وقماشيّة يجري عرضها عبر صفحة المدرسة في "فيسبوك".
 

صعوبات تفرضها ظروف الانترنت والكهرباء

لا يخلُ هذا الأسلوب من صعوبات ومعوقات، لم تأخذها وكالة " أونروا" بالحسبان، ولم تقدّم للأهالي ما يدعمهم لتخطيها، وأبرزها تقنين الكهرباء والانقطاع والمتكرر لشبكة الانترنت وضعفها، وهي عوامل باتت تحرم الكثيرين من الاستفادة من أوقات الشرح المخصصة، إضافة إلى غياب التنسيق بين والمدارس في تحديد أوقات الشرح، وهو عامل بات يؤثر على الأسر التي لديها تلميذين أو أكثر في مدرستين ومرحلتين مختلفتين، من حيث امتلاكهم لجهاز هاتف واحد، يتشاركون في استخدامه.

وحول هذا الأمر، تقول "أم سامر" إنّ تقنين الكهرباء لا يمكّن الكثير من الطلاب، من ملاحقة ما يجري بثّه عبر المجموعات، ويجعلهم متأخرين عن مواكبة زملائهم، فأوقات التقنين غير منتظمة ومتباينة من منطقة لأخرى، وبالتالي فإنّ تلقي التعليم في وقته، مرهون بمواعيد الكهرباء، وكذلك بجودة شبكة الانترنت وتوفرها وفق ما أضافت.

وتوضح، أنّ رداءة شبكة الانترنت وهي في غالب الأحيان تكون كذلك، لا تمكّن الطلبة من تحميل مواد الفيديو المرسلة، ما يدفع الأهالي للطلب من المعلمين إرسال الشرح مكتوباً على ورق عبر خاصيّة ارسال الصورة، الّا أنّ لذلك أيضاً مصاعبه، فبعض المواد يصعب شرحها على الورق كمادة الرياضيات، وذات الأمر يمتد على الروابط الامتحانيّة، والتي تعطّلها رداءة الانترنت في الكثير من الأحيان حسبما أضافت.
 

في المخيّمات الحال أصعب

الحال أعلاه، يوضّح سير الأمور مع هذا الشكل التعليمي الطارئ والمستجد، في التجمعات الفلسطينية داخل العاصة دمشق، والتي يعتبر الحال فيها أفضل نسبيّاً عن المخيّمات، سواء الواقعة في ريف العاصمة، أم في محافظات أخرى كحال مخيّم درعا على سبيل المثال وهو الأكثر فقراً بين مخيّمات اللاجئين، ولا يمتلك معظم سكّانه أجهزة هاتفيّة تكفي ليستخدمها أبنائهم خصوصاً الأسر التي لديها أكثر من طالب وفي مدرستين مختلفتين.

في المخيّم المذكور، قلّما يتوفّر في المنزل الواحد أكثر من جهاز هاتف، يحتوي تطبيق "واتساب" فيضطر الأب مثلاً لتسخير هاتفه لخدمة أبنائه، وكلّ واحد منهم في مرحلة مختلفة وفي مدرسة مختلفة، وغالباً ما تتقاطع أوقات الدرس مع بعضها، وهو ما يحرمهم من تلقي الحصّة التدريسيّة، ويجري تنظيم الأمر وفق أولويات، حسبما قال اللاجئ ابن المخيّم "أبو تيسير" لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين".

ويوضّح "أبو تسيير" وهو أب لثلاثة طلّاب، بأنّ المفاضلة تجري بين أبنائه الثلاثة، بحسب أهميّة الحصّة، مثلاً من لديه شرح لدرس علوم أو رياضيات تكون له الأولويّة عمّن لديه شرح لدرس لغة عربية أو انجليزيّة حسبما قال، مضيفاً أنّ بقيّة دروس أبنائه، يضطّر للذهاب إلى المدرس وجلبها من عنده مطبوعة على ورق.

وينتقد ابن مخيّم درعا، وكالة "أونروا" التي هي على دراية كاملة بضعف الإمكانيات التقنيّة لدى الأهالي للتعامل مع هذا الأسلوب، من حيث عدم امتلاكهم أجهزة هاتف لكل فرد من أفراد العائلة، فضلاً عن ضعف الكهرباء والانترنت، وهي حالة مشتركة بين جميع المخيّمات وفق قوله، الّا أنّه يعتبر هذا الشكل من التعليم أفضل من انعدامه في ظل هذه الظروف.

وتتواصل في سوريا، إجراءات الوقاية من انتشار فايروس " كورونا" لا سيما المتعلقّة بإغلاق المدارس والمرافق التعليميّة إلى أجل غير مُسمّى حتّى تاريخه.

وكان الناطق باسم وكالة غوث وتشغيل اللاجئين سامي مشعشع، قد أشار في تصريح إعلامي له، إلى أنّ خدمة التعليم الالكتروني عن بعد، تصل إلى 70% من التلاميذ من لاجئي فلسطين في سوريا، من عموم 526 الف تلميذ وتلميذة على كافة الأراضي السوريّة.

 

صور من أنشطة التعليم عن بعد في مخيّم درعا:
 

 

 

 

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد