الشروخات السياسية في المنطقة حرمت الفلسطينيين من الاحتفال بالعيد بيوم واحد

الثلاثاء 04 يونيو 2019
أطفال يحتفلون بعيد الفطر في مخيم برج البراجنة جنوبي بيروت
أطفال يحتفلون بعيد الفطر في مخيم برج البراجنة جنوبي بيروت

إيمان العبد

يُكمل الفلسطينيّون صومهم في فلسطين المحتلة يوم الثلاثاء،وكذلك الأمر بالنسبة للاجئين الفلسطينيين في سوريا والأردن ومصر، فيما يحتفل أشقاؤهم في لبنان بأوّل أيام عيد الفطر، وكذلك تركيا، وآخرون في أماكن أخرى حول العالم مُتفرّقين يتبع كل منهم عيداً آخر غير الذي تركه في منزلٍ خلفه في البلاد، لم تعد تكبيرات فجر العيد تجمعهم، ولا كعك الصباح وزيارات الأحباب في المقابر، وخليط الأصوات الأخيرة الذي يعلو لإتمام تجهيزات العيد.

جغرافيا المكان المُتقاربة لم تشفع لهم أن يتشاركوا يومهم الأوّل في العيد لهذا العام، بل حكم الخلاف السياسي هذه المرة، فحتى داخل المنطقة الجغرافيّة الواحدة ساد خلافٌ أدّى ببعض الجماعات لإطلاق تكبيرات العيد في شوارع الخليل بالضفة المحتلة، والذي قوبِل بقمع واعتداء على الناس في الشوارع من قِبل الأجهزة الأمنيّة التابعة للسلطة الفلسطينية.
واقع الحال هذه من التشتت الفلسطيني يأتي في ظل ظروف مختلفة يعيشها الفلسطينيون حول العالم، تبعاً لأماكن وجودهم والظروف المفروضة عليهم في كل بلد. 

في فلسطين المحتلة، يأتي العيد لهذا العام في ظل تصاعد العدوان الصهيوني على الفلسطينيين في كافّة أرجاء الأرض المحتلة، حيث شهدت القدس المحتلة قبل أيام مواجهات عنيفة إثر اعتداء قوات الاحتلال على المُعتكفين في المسجد الأقصى خلال الأيام الأخيرة من شهر رمضان، بالإضافة لحملة اعتقالات واسعة، مع انتشار مُكثّف في المدينة المُحتلّة وإجراءات مُشدّدة بالتزامن مع ذكرى يوم احتلال الشطر الشرقي من القدس، وانتشار مسيرات المستوطنين واستفزازاتهم للمقدسيين.

وتستمر مُعاناة أهل المدينة المُحتلّة من سياسات الاحتلال في تضييق الخناق عليهم من خلال الاعتقالات والاقتحامات المُتكررة والضرائب ومُلاحقتهم في تجارتهم وعملهم، وحتى في التعليم، بالإضافة للمُصادرات والتوسّع الاستيطاني حول المدينة.

ويشهد العام الحالي هجمة شرسة من قِبل سلطات الاحتلال على مؤسسات "أونروا" وعملها داخل القدس، وسط استهداف واضح للاجئين وحقوقهم، في محاولة لإنهاء عمل وكالة الغوث في المدينة، والقضاء على صفة اللجوء عنهم.

أما في الضفة المحتلة، تتآكل أراضي الفلسطينيين بشكلٍ شبه يومي في ظل تصعيد التوسّع الاستيطاني، حيث تطرح سلطات الاحتلال مشاريع بمئات الوحدات الاستيطانيّة في أراضي الضفة المحتلة، وسط مُلاحقة لأصحاب هذه الأراضي، وفي ذات السياق قامت سلطات الاحتلال بتشجيع المُستثمرين ودعمهم للقيام بمشاريع استيطانيّة سياحيّة داخل الضفة المحتلة.

 

ولا يقتصر الأمر على ذلك فحسب، فالاقتحامات والاعتقالات اليوميّة لكافّة أرجاء الضفة مُستمرة وتطال كل صغير وكبير وامرأة وحتى أسرى سابقين، والإعدامات الميدانيّة للفلسطينيين في الشوارع وعلى الحواجز لم تتوقّف، وكذلك سياسة التضييق والتنكيل والإغلاقات والعقاب الجماعي وهدم المنازل.

في قطاع غزة، يُواصل أكثر من (2) مليون فلسطيني حياتهم تحت حصار برّي وبحري وجوّي واقتصادي وصحّي وتعليمي وكافّة الجوانب الحياتيّة، مُستمر منذ نحو (13) عاماً تخلّلها عدواناً واسعاً من قِبل جيش الاحتلال لثلاث مرّات، بالإضافة للتصعيد العدواني والحرب الوشيكة من وقت لآخر، وكل ذلك وسط تجفيف مصادر الدخل لأهالي القطاع وارتفاع نسب البطالة والفقر لمُعدلات غير مسبوقة، والاختلال في تقديم خدمات وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "أونروا" الذين يُشكّلون أكثر من (70) بالمائة من أهالي القطاع، ما يعني الوصول إلى مرحلة كارثة مُحقّقة تناولتها عدّة تقارير ونتائج مُنظّمات دوليّة تُحذّر من انهيار كامل للوضع الإنساني في القطاع.

أما الأراضي المحتلة عام 1948، يُواصل الاحتلال حرب الهويّة مع الفلسطينيين في هذه الأرض، والتعاطي معهم بمنطق "أقليّة" داخل أراضيهم وبيوت أجدادهم، واستخدامهم أمام العالم لتبييض وجه الاحتلال، إلّا أنّ السياسات الاحتلاليّة العنصريّة لم تتجنّبهم، حيث يُهدّد الاحتلال آلاف المنازل للفلسطينيين داخل الأراضي المحتلة بالهدم بحجّة "عدم الترخيص"، وكذلك المعركة المُستمرة منذ سنوات في قرية العراقيب المُهددة بشكلٍ دائم بالهدم، حيث تجاوزت عدد مرّات هدمها وتدميرها (100) مرة. ويُواصل الاحتلال العمل على مشاريعه الاستيطانيّة الكُبرى منذ عشرات السنين مثل "مُخطط برافر" الذي لاحق الفلسطينيين في النقب المُحتل.

فيما يُواصل اللاجئون الفلسطينيّون في مُخيّمات سوريا معركتهم اليوميّة مع الحياة في ظل اللجوء والحرب التي كادت أن تقضي على أملهم في حقّهم بعودة إلى البلاد التي لطالما كانت حلمهم اليومي. وها هم اليوم تقطّعت أوصالهم بين من يُلاحقون مُتطلبات الحياة اليوميّة في المُخيّمات، ومن هُجّروا من منازلهم لتُعاد نكبتهم المُستمرة مُجدداً وتبدأ حكايتهم في الخيمة مرّة أخرى.

ومنهم من اضطر إلى الهرب من الموت إلى بلادٍ أخرى عبر قوارب وحدود الموت، فبعضهم لم يُفلح في الوصول والبعض الآخر بات يُعاني اللجوء والاغتراب وحيداً بعيداً عن الوطن وعن المُخيّم الذي كان قطعة من وطنه يوماً ما، وسط أزمات العمل والإقامة والهويّة وغيرها بعد أن خرج لا يملك ما يكفيه لحياةٍ كريمة.

بينما تستمر مُعاناة اللاجئ الفلسطيني في مُخيّمات لبنان وسط ظروف حياتيّة قاتلة، ما بين منازل آيلة للسقوط في أي لحظة وبنية تحتيّة معدومة وحرمان من فُرص التعليم والعلاج والعمل والحياة الكريمة. وانعدام الاستقرار والأمان وسط اشتباكات مُسلّحة تُهدّد حياتهم في ظل صراع جهات سياسيّة لا تأبه بمسؤوليّتها تجاه هؤلاء اللاجئين الذين يعيشون موتاً بطيئاً يقتلهم يوميّاً.

ومع كل المُعاناة والموت الذي يُلاحقهم في كل مكان، يعيش الفلسطينيّون تهديداً يوميّاً بفعل المُخططات الأمريكيّة التي تستهدف وجود الشعب الفلسطيني بما يُسمّى بخطّة السلام الأمريكيّة التي أطلق عليها "صفقة القرن"، حيث من المُقرر أن تُعلن عنها الإدارة الأمريكيّة بعد شهر رمضان، مُستهدفةً القدس المُحتلّة وقضيّة اللاجئين وحقّهم في العودة، حسب خطوطها العريضة التي تناولها الإعلام والجهات السياسيّة منذ نحو عام، بالإضافة للحديث عن تقسيمات جديدة للأراضي الفلسطينيّة والفلسطينيين وأماكن وجودهم.

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد