تقرير صابر حليمة

 

منذ ما قبل خطاب الرئيس الامريكي دونالد ترامب، وإعلانه رسمياً عن تفاصيل "صفقة القرن"، أجمع الفلسطينيون، بمختلف انتماءاتهم وتوجهاتهم على رفض هذه الخطة والعمل على إفشالها.

وفي لبنان، يعيش الفلسطينيون أوضاعاً توصف بـ "غير الإنسانية" ويضطرون إلى مواجهة رد فعل لبناني غاضب على ورافض لفكرة "التوطين" رغم أنها لم تأت من قبل الفلسطينين الذين يرفضونها بدورهم، ويؤكدون مراراً وتكراراً إصرارهم على الحفاظ على هويتهم الفلسطينية، وتعريفهم في هذا البلد كلاجئين.

يأتي  الإعلان الأمريكي عن خطه التسوية التي تتضمن في بعض بنودها فكرة "التوطين" مستغلة الأوضاع الاقتصادية التي يعاني منها لبنان وحاجته إلى دعم دولي مقابل تنازلات سياسية، ليثير رفضاً فلسطينياً تاماً، وتوحيداً لرؤية الفصائل الفلسطينية في النظر إلى هذه الخطة، وطرق الرد عليها، رغم عدم اتضاح رؤية متكاملة لمنظمة التحرير في هذا الصدد.

 

إجماع على رفض "الصفقة"

أمين سر اللجان الشعبية في لبنان، أبو إياد الشعلان، أكد أن "الصفقة" ولدت ميتة، باعتبار أنها تمت بين طرف واحد وهو الإسرائيلي-الأمريكي.

وشدد، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، على ألا شريك فلسطيني في هذه "الصفقة"، وهناك رفض لها من جميع المستويات السياسية والشعبية الفلسطينية.

واعتبر أن "الصفقة" كانت تنفذ ضمن آليات دون إعلان، وذلك منذ توقيع ترامب على اعتبار القدس المحتلة عاصمة للاحتلال.

أبو إياد الشعلان


بدوره، أوضح ممثل حركة حماس في لبنان، أحمد عبدالهادي، أن ترامب لم يأت بجديد، فـ "صفقة القرن" يجري تنفيذها منذ فترة طويلة، منذ اللحظة التي أعلن فيها ترامب أن القدس المحتلة هي عاصمة للكيان الصهيوني، ونقل السفارة الأمريكية إليها.

وأشار إلى أن أغلب البنود التي أعلن عنها تم تسريبها منذ فترة طويلة، ولذلك، فإن الجانب الفلسطيني بصورتها منذ مدة، ويبقى المتغير الحقيقي هو الإعلان الرسمي عنها.

وشدد عبدالهادي أنه "عندما يتكلم ترامب لا يعني ذلك أنه أمر واقع، وأنه قدر بالنسبة إلينا، يجب أن نسلم به، نحن فلسطينياً وبموقف موحد نرفض رفضاً قاطعاً هذه الصفقة الخطيرة المشؤومة الهادفة إلى تصفية القضية الفلسطينية".

وأكد "سنواجه الصفقة بموقف فلسطيني موحد مستخدمين كافة الوسائل وفي مقدمتها المقاومة المسلحة".

أحمد عبدالهادي

وفي السياق، أكد مسؤول الجبهة الديمقراطية في لبنان، علي فيصل، أن الصوت الفلسطيني موحد في مواجهة "صفقة القرن"، معتبراً إياها مشروعاً للإبادة السياسية للشعب الفلسطيني والتنكر لوجوده وحقوقه.

و أشار الحقوقي الفلسطيني، سهيل الناطور، أن المشروع الذي أعلنه ترامب هو "جزء من حلقات استكمال المشروع الأمريكي الصهيوني لإبادة الحقوق الوطنية للشعب الفلسطيني"، موضحاً أن هدفه الأساسي هو "القضاء على الإمكانات الفلسطينية الموجودة في الضفة الغربية وأن السلطة الفلسطينية جزء من الاستهداف الرئيسي في هذا الموضوع".
 

سهيل الناطور

 

آمال بخطوات جدية نحو المصالحة.. ووفد فتحاوي إلى غزة

وفيما يتعلق بالانقسام الداخلي الفلسطيني، كشف الشعلان أن  وفداً من اللجنة المركزية لحركة فتح سيتوجه قريباً إلى غزة، ومن ثم يتبعها زيارة لرئيس السلطة الفلسطينية، محمود عباس، إلى القطاع.

واعتبر أن "المصالحة باتت أقرب بكثير مما كانت عليه قبل إعلان صفقة القرن".

كما أكد أنه "يجب وضع المراحلة الماضية وراء ظهرنا، والبدء بمرحلة جديدة ضمن آليات عمل مشترك لإفشال هذه الصفقة".

بدوره، قال عبدالهادي إن هناك بوادر إيجابية في هذا الملف.

وذكر أن هذه البوادر تتمثل في الاتصال بين عباس ورئيس حركة حماس، إسماعيل هنية، إلى جانب دعوة عباس للفصائل في الضفة الغربية والتشاور معها في مجابهة التحديات الراهنة.

لكنه أشار إلى أن "الخطوة العملية الأكثر فاعلية هي دعوة الأمناء العامين للفصائل الفلسطينية بلا استثناء إلى لقاء عاجل تتم فيه مناقشة هذه التحديات"، مشدداً "لا يمكن مواجهة هذه الصفقة بانقسام ولا بد من توحيد الموقف الفلسطيني".

مسؤول الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين في لبنان، مروان عبدالعال، اعتبر أن أفضل أشكال الردود على "صفقة القرن" هو رد الفعل الاستراتيجي.

هذا الرد، بحسب عبدالعال، يجب أن يطرح جميع أشكال المواجهة، وأهمها إعادة الاعتبار لوحدة الشعب الفلسطيني ومؤسساته، أي إعادة الاعتبار لإدارة الصراع وفق نهج مقاوم وشامل.

وشدد أن الولايات المتحدة لا يمكن أن تكون نصيراً لأي قضية حرية أو عدالة للشعب الفلسطيني، لأنها حليف كامل للاحتلال الإسرائيلي وهي التي تحرص على وجوده وأمنه.
 

مروان عبدالعال


كذلك، أكد علي فيصل أن الفصائل تسعى بكل الوسائل لتوحيد جهودها.

وطالب بـ "استراتيجية فلسطينية موحدة وخارطة طريق جديدة ثابتها المقاومة بكل أشكالها والانتفاضة الشعبية والعصيان الوطني ضد الاحتلال وفك العلاقة بأوسلو والتنسيق الأمني وبالتبعية الاقتصادية، إضافة إلى إعلاء شأن المقاطعة الاقتصادية ومحاكمة الاحتلال".

وفي السياق، قال الناطور إن "إعلانات عباس إيجابية لأنها ادت إلى وحدة الموقف الفلسطيني دون أي اختراقات إسرائيلية وأمريكية"، إلا أنه لم يخف قلقه من أن تكون هذه المواقف مجرد مواقف سياسية عامة.

وشدد أن الحاجة اليوم تكمن في آليات عمل لمواجهة "صفقة القرن"، لأن الإعلانات الأمريكية-الإسرائيلية ليست موقفاً، بل مشروع يطبق في عدة اتجاهات.

ودعا الناطور إلى تشكيل قيادة فلسطينية على انعقاد دائم في الداخل، وقيادة فلسطينية في الخارج على انعقاد مستمر، وأن يتم التواصل  بينهما بهدف وضع خطط في جميع الاتجاهات.

 

علي فيصل

دور جوهري للاجئين الفلسطينيين في الشتات

أما فيما يتعلق بدور الشتات الفلسطيني في التصدي لهذه "الصفقة"، أوضح الشعلان أن اللاجئين الفلسطينيين عبروا عن ذاتهم تكراراً، و"على المجتمع الدولي والعربي أن يفهم أن اللاجئ الفلسطيني لا يمكن أن يتنازل عن حق عودته".

واعتبر أن اللاجئين عبروا عن تمسكهم بحق العودة بعد انتهاء كلمة ترامب مباشرة، من خلال التحركات الشعبية التي عمت مخيمات لبنان وسوريا والأردن، وفي دول العالم أجمع".

وفي هذا الصدد، أكد عبدالهادي أن اللاجئين الفلسطينيين يستطيعون مواجهة "الصفقة" عبر تمسكهم بحق العودة، الذي تستهدفه الخطة الأمريكي بشكل رئيسي.

لكن الناطور حذر من الوقوع في "فخ خطير جداً"، وهو مخططات التوطين "وتحويل قضية اللاجئين إلى صراع فلسطيني-عربي، على أنه صراع فلسطيني عربي ضد الاحتلال الصهيوني.

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد