الفقر في صفوف اللاجئين الفلسطينيين يلقي بتبعاته على عيدهم في سوريا

الإثنين 12 اغسطس 2019
طقوس عيد خجولة ..الصورة من مخيّم سبينة " تواصل اجتماعي"
طقوس عيد خجولة ..الصورة من مخيّم سبينة " تواصل اجتماعي"

الوليد يحيى _ سوريا
يمر عيد الأضحى التاسع على اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، بظل الأزمة التي تشهدها البلاد، وسط ظروف  اقتصادية معيشيّة غير مسبوقة في ترديها. ورغم التحسّن الملحوظ في الوضع الأمني، الّا أنّ ذلك لم يمنع أن يلف الفقر الغالبية العظمى  حيث صُنّف 129 الف منهم كضعفاء للغاية، في حين يحتاج 95% منهم إلى مساعدات دائمة وفق أرقام  تقرير " النداء الطارئ 2019" الصادر عن وكالة " أونروا".

فقر وبطالة وارتفاع في الأسعار ومحدوديّة في الدخل، قضمت العديد من مظاهر البهجة، وانقصت طقوساً أساسية طالما كانت من أبرز علامات حلول العيد في المخيّمات، كصنع كعك العيد وتبادل الزيارات والضيافات بين الأقارب والجيران والمعارف.

اللاجئة "أم هشام عطوة" من سكّان مخيّم جرمانا وأم لأسرة من 4 أولاد، لم تمارس طقسها الأجمل في صنع كعك العيد، بسبب غلاء الأسعار، فالأولويات قد طغت وفق ما قالت لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، فمصاريف الأولاد ولبسهم الجديد أهم من أي شيء آخر يمكن فعله "فلا شيء يعوّض أولادنا عن قطعة ملابس جديدة مهما كانت نوعيتها رخيصة" وفق ما أضافت.

وتؤكد "أم هشام"، أنّ الكثير من العائلات لم تتمكّن من شراء ملابس جديدة لأولادها، " ولولا بعض الجمعيات التي توزّع الملابس لما ارتدى العديد من الأطفال قطعة جديدة هذا العيد" حسبما قالت.

فقرٌ وعوز، خلّف حالة من الانطوائيّة بين الناس، فتبادل الزيارات قد شحّ وفق "أبو إبراهيم" من سكّان مخيّم سبينة للاجئين بريف دمشق، الذي قال " إنّ الناس باتت تقلل من زيارات العيد تجنّباً للإحراج بسبب ضعف القدرة على تقديم واجبات الضيافة" ويضيف لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّ جمعات العيد خصوصاً بين الأقارب الذين يسكنون في مناطق بعيدة عن بعضها باتت قليلة جداً " فأنا لم أزر بيت أخي الكبير الذي يسكن في ركن الدين كما اعتدت في كل عيد أن أفعل أنا وزوجتي وابنائي، بسبب الوضع العام وتكلفة المواصلات وعدم القابلية لفعل أي شيء بسبب تردي الأوضاع" على حد قوله.

مناخ سلبي عام، وضغوطات معيشية ونفسيّة، لم تمنع مظاهر العيد من الانبلاج في شوارع وازقة المخيّمات، حيث نصب أبناء مخيّم سبينة ساحة للعيد في منطقة شارع النهر، يقول عنها أبناء المخيّم بأنها " أحسن من بلاش" بعد أن كان الشارع العام في ما مضى يتحوّل بكليّته إلى ميدان للألعاب.

مخيم سبينة

 

ولم يقتصر ضيق مظاهر العيد، على الساحات و الحيّز الجغرافي في مخيّم سبينة فحسب، إنّما امتدّ إلى الحيّز البشري، حيث أحيت الكثير من العائلات طقوس العيد، وهي تنقص بعض من أفرادها، الذين مازالوا مشتتين خارج المخيّم الذي طالته الحرب السوريّة خلال السنوات السابقة، وآخرون دفعتهم الحرب الى الهجرة خارج البلاد.

أمّا في مخيّم جرمانا، دأب بعض الشبّان على القيام بمبادرة لتنظيف مقبرة الشهداء، التي بدأ أهالي المخيّم اليوم الأوّل لعيدهم بزيارتها كما جرت العادة، تتقدّمهم وفود من كافة الفصائل الفلسطينية العاملة.
مقبرة مخيم جرمانا

كما انتصبت في إحدى المساحات الفارغة الملاصقة للمخيّم، بعض الألعاب والمراجيح التي عجّت بالأطفال والأهالي، رغم ضيقها، والاكتظاظ الكبير للمخيّم بالسكّان بسبب استقباله اعداداً كبيرة من النازحين والمهجّرين عن مخيّم اليرموك وسواه من المخيّمات والمناطق المنكوبة.

وفي مخيّم درعا، لم يحل الانهيار المعيشي والخدمي الشامل، من أن تحيي العائلات العائدة عيد الأضحى من أجل أطفالها، حيث نصب بعض الشبّان المراجيح والألعاب في أزقة المخيّم بمبادرات تطوعيّة وفق ما أفاد مراسل "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، ويبلغ عدد العائدين نحو 650 عائلة، يعيش معظمهم فقراً مدقعاً، فضلاً عن حذر أمني شديد بسبب ما تشهده محافظة درعا من حملات أمنية وبعض حوادث الخطف والتفجير بين الحين والآخر.
مخيم درعا



 

هذا وتتواصل الأرقام بالتدليل على انحدار مستمر يصيب واقع اللاجئين الفلسطينيين في سوريا عاماً بعد عام وعيداً بعد عيد، حيث ما يزال 60% من اللاجئين الفلسطينيين في سوريا، نازحين داخل البلاد وبعضهم تعرّض للتهجير لمرّتين وفق " اونروا" ومن بينهم 144 ألف لاجئ فلسطيني في مخيّم اليرموك بدمشق، صاروا بين نازح داخل البلاد ومهجّر خارجها، وفق تقرير نشره المرصد "الأورو متوسطي لحقوق الانسان" عام 2018، وكذلك 13 ألف لاجئ نازح عن مخيّم درعا، و5500 عن مخيّم حندرات بحلب، يُضاف إليهم مئات العائلات الفلسطينية من سكّان غوطة دمشق، الذين نزحوا بسبب الحرب إلى مناطق مختلفة داخل البلاد، إضافة إلى أكثر من 1500 عائلة تعيش في مخيّمات التهجير في الشمال السوري.

 

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد