ترقب حذر في المخيمات

  المحجورون في غزّة بسبب "كورونا" يناشدون: المكان لا يليق بالبشر

الثلاثاء 17 مارس 2020

 

 أحمد حسين – غزّة
 

خرجت عدّة مناشدات من الفلسطينيين المحجورين في معبر رفح جنوب قطاع غزّة وقرب حاجز ايرز/ بيت حانون شمالًا بسبب فيروس "كورونا"، وهم من العائدين من الخارج، إذ قررت وزارة الداخلية بغزّة بالتعاون مع وزارة الصحة حجر جميع العائدين إلى غزّة مدّة 14 يومًا –فترة حضانة الفيروس-، وإذا ثبت خلوهم من المرض يذهبون بعد ذلك إلى منازلهم.

شكاوي عدّة ومناشدات أكثر أطلقها الموجودون في الحجر، إذ قالوا: إنّ المكان غير مجهزٍ على الاطلاق، عدا المعاملة السيئة التي يتلقونها هناك من القائمين على هذه الأماكن.

أحد القادمين إلى قطاع غزّة عائدًا من مصر -رفض كشف هويته- أكَّد لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّ "95 سيارة قدمت من مصر مليئة بالمسافرين، استقبلونا ووضعونا بالقوّة داخل باصات كبيرة ومن ثم نقلونا إلى مدرسة في رفح للحجر الصحي"، مُشيرًا أنّ "عائلات العائدين إلى غزّة سينظمون اعتصامًا أمام بوابة معبر رفح رفضًا لهذه المعاملة وللأماكن الغير مجهّزة التي هي عرضة للأمراض".

وأوضح الشاب لموقعنا "نرفض كافة هذه الإجراءات، المكان غير مجهزّ بتاتًا، وهناك فصل تام، أنا عائد من مصر أنا وزوجتي ووالدتي وطفلي كيف ممكن أن يعزلوا كل أحد في جهة؟"، مُشيرًا أنه "في المدرسة يوجد حمام واحد وماسورة مياه واحدة لـ400 شخص، وإذا افترضنا أن أحد الأشخاص مصاب بالمرض دخل الحمام ومن ثم خرج ليغسل يديه سينقل العدوى ويصيب كافة الموجودين في المدرسة".

وبيّن أنّ "غالبية الموجودين هنا هم من كبار السن والمرضى والأطفال"، مُطالبًا "بحجر صحي سليم وفق المعايير، أو في فندق وليس في المدارس غير المجهزة، هنا يعاملوننا كأننا متهمين، الشرطة العسكرية هي من كانت في استقبالنا وليس وزارة الصحة"، مُشيرًا أنّ "العائدين اليوم عن طريق المعبر سيخوضون إضرابًا عن الطعام حتى يتم نقلهم إلى مكانٍ آمنٍ وصحي".

يُشار إلى أنّ وزارة الصحة تقوم بإجراءات الفحص الطبي للعائدين عبر معبري رفح وبيت حانون "إيريز"، وتحتجزهم في 3 مراكز (مدرستا مرمرة الأساسية للبنات وغسان كنفاني الأساسية للبنين في محافظة رفح، ومدرسة الصفوة الأساسية المشتركة في محافظة خانيونس)، والتي خُصصت لاحتجازهم كإجراء وقائي لمدة 14 يومًا، ونُقل نحو 80 فلسطينياً إلى مدرستي مرمرة وغسان كنفاني برفح، وذلك فور عودتهم من مصر، وبينهم عشرات المرضى الذين كانوا يتلقون العلاج في المشافي المصرية، والطلبة الدارسين في الجامعات المصرية، فيما نُقل نحو 300 فلسطينياً إلى مدرسة الصفوة بخانيونس بعد عودتهم من معبر بيت حانون "إيريز"، ومن بينهم مرضى يعانون من أمراض السرطان والكلى والشلل النصفي كانوا يتلقون العلاج في مشافي الضفة الغربية ومدينة القدس المحتلة والمشافي الصهيونية.

إحدى المحجورات إم محمد زعرب، تواصلت مع موقعنا، وقالت إنّ "الحمَّامات في المدرسة غير نظيفة، ويعاملوننا كأننا مجرمين ومرضى، ونحن بحمد الله سالمين، ويوجد في الغرفة الواحدة ثمانية أشخاص، والحمام مشترك أيضًا في كل المدرسة للأطفال والشباب والنساء"، مُناشدة الجميع "بضرورة التدخّل الفوري لإنقاذنا".

عدّة مناشدات رصدها موقعنا خلال اليوم عبر إذاعات محليّة مُختلفة في غزّة، أغلبها أجمع على عدم "آدميّة المكان والمعاملة السيئة".

بدوره، قال نائب مدير عام الرعاية الأوليّة بوزارة الصحة، ورئيس اللجنة الصحية لمواجهة فيروس كورونا في غزة د.مجدي ضهير إنّ "جميع العائدين إلى قطاع غزّة يتم حجرهم في معبر رفح، أو في المدارس المُخصّصة للحجر، وبعض الحالات التي تحتاج للراعية يتم تحويلها إلى المستشفى"، مُؤكدًا لموقعنا أنّ "كل من يعود إلى القطاع سيتم حجره إجباريًا ولن يعود إلى منزله حتى نتحقق من خلوه من الإصابة طول فترة الحضانة التي تقدر بـ14 يومًا".

وحول مناشدات المحجورين وعدم ملائمة الأماكن للحجر الصحي، أوضح ضهير لـبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أنّ "وزارة الصحة على تواصلٍ دائم مع الجهات المعنيّة المسؤولة عن مثل هذا الملف، والوزارة هدفها تقديم الرعاية الصحيّة لمنع دخول هذا الفيروس إلى قطاع غزة"، مُضيفًا: "نقدّر أنّ أماكن الحجر الميداني قد تكون ليست ذات مستوى عالي الجودة، ولكن الجهات المعنيّة تسعى لتحسين هذا الوضع".

وأشار ضهير إلى أنّ الوزارة "اضطرّت للحجر الإلزامي للعائدين، لأنّها طلبت في وقتٍ سابق تنفيذ الحجر المنزلي ولكن لم يلتزم أحد بهذا الحجر، نحن في غزة لدينا إمكانيات هشة جدًا، وإذا دخل المرض إلى غزة لن نستطيع أن نقدم الخدمات الصحيّة بالإمكانيات المتاحة وسيُهدد الخطر كافة الناس في غزة، مُتمنيًا أن "يتفهّم أهلنا هذه الإجراءات في ظل أنّ هناك دول عظمى تنهار اليوم"، مُؤكدًا أنّ "قطاع غزة خالٍ من المرض حتى اللحظة".
 

ترقب وخشية في المخيمات

بالتوازي، يتخوّف اللاجئون في قطاع غزّة من وصول فروس "كورونا" إلى المُخيّمات الفلسطينيّة، إذ تشهد هذه المُخيّمات اكتظاظًا للسكان، في ظل خدماتٍ قليلة تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين "أونروا"، والتي قال مدير عملياتها أكثر من مرّة إنّ "هذه الخدمات سوف تقلّص بفعل الأزمة المالية".

في هذا السياق، تحدّث بوابة اللاجئين الفلسطينيين إلى عضو المكتب التنفيذي للجان الشعبيّة في منظمة التحرير الفلسطينيّة بكر أبو صفية، إذ قال إنّ "اللجان الشعبيّة في غزّة طلبت اجتماعًا مع مدير عمليات أونروا في غزّة ماتياس شمالي لحث الوكالة على تشكيل لجان طوارئ في المُخيّمات الفلسطينيّة".

وبيّن أنّه "سيجري الطلب من وكالة أونروا تزويد كافة المُخيّمات بكل سُبل الوقاية لمنع وصول هذا الفيروس الخطير إلى الأماكن المكتظة بالسكان وخاصة المُخيّمات"، موضحًا أنّه "يجري تشكيل لجان تطوعيّة على مستوى المحافظات لتنظيف الشوارع المتسخة في سياق مسؤولية الجميع وأخذ كافة الإجراءات الاحترازية".

وبشأن شكاوي المحجورين في المدارس، أشار أبو صفية وهو مسؤول ملف اللاجئين في الجبهة الشعبية لتحرير فلسطين، إلى أنّ "الإجراءات التي تؤخذ من قبل القائمين على غزة هي عظيمة جدًا ووفق الإمكانيات المُتاحة. هناك دول اليوم تحاصر نفسها بنفسها للسيطرة على الفيروس، ولكن يجب علينا الإبتعاد عن الهلع والخوف الزائد".

كما أكَّد أنّ الشعبيّة "تنسق حاليًا مع كافة المسؤولين عن ملفات اللاجئين في الفصائل الفلسطينيّة من أجل الخروج بتصوّر وتسليمه لمدير عمليات "أونروا" في غزة لحثهم على تقديم أفضل الخدمات للمُخيّمات في ظل هذا الخطر الحتمي"، مُشددًا على أنّه "لا وقت للمناكفات السياسيّة. إذا وصل فيروس كورونا سيحصد الأخضر واليابس، وأكثر المناطق المعرضة للإصابة بصورة كبيرة هي المناطق المزدحمة وغالبيتها في المُخيّمات".

وفي بيانٍ لها، دعت الهيئة المستقلة لحقوق الإنسان، اليوم الثلاثاء، إلى سرعة نقل الأشخاص المطبق عليهم قرار الحجر الصحي إلى أماكن مجهزة بما يتناسب مع المعايير التي أقرتها منظمة الصحة العالمية بهذا الشأن، وذلك لتحقيق الهدف المرجو من الحجر الصحي.

وأكدت أنه وفقًا لرصدها ومتابعاتها تنفيذ وزارة الصحة قرار الحجر الصحي الإلزامي للعائدين على معبر رفح البري، تبين "عدم جاهزية اللجنة الحكومية ووزارة الصحة لاستقبال الأشخاص المطبق عليهم الحجر الصحي"، مُشيرةً أنّ "عدم الجهوزية تتمثل في الطواقم للتعامل مع تلك التدابير، وأماكن الحجر وتوفير المتطلبات الضرورية لهم. يتواجد في الغرفة الواحدة ما يقارب ثمانية أشخاص، وعدم وجود أسرة، ولا مرافق صحية كالحمامات، إذ إنها مشتركة بين المواطنين المحجورين، ولا تراعِ الخصوصية الخاصة بالمرضى والأطفال وكبار السن، وعدم إمكانية الاستحمام داخل الحجر".

أخيرًا، الجهات المختصة في قطاع غزة، بدأت اليوم بأعمال تسوية لأراضي جنوبي وشمالي قطاع غزة؛ تمهيدًا لإقامة حجر صحي، إذ قال مدير دائرة الصحة والبيئة في بلدية رفح مهند معمر، إنّه "تم البدء بتسوية قطعة أرض تبلغ (20دونمًا/20ألف متر مربع)، غربي محافظة رفح، لتخصيصها لحجر صحي".

وأوضح أيضًا أنّه "سيتم بناء 500 غرفة خرسانية برفح ومثلها في شمال غزة، مزودة بحمام لكل غرفة؛ وسيستمر العمل لعشرة أيام، حتى يصبح الحجر جاهزًا"، في حين أشرف رئيس حركة حماس في غزة يحيى السنوار بنفسه على أعمال الإنشاء في المنطقتين.
 



 أعمال تسوية أراضي في قطاع غزة لإقامة موقع للحجر الصحي
 
خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد