المفوض العام للأونروا في خطابه أمام اللجنة الاستشارية: ينبغي على العالم أن يواصل اهتمامه بلاجئي فلسطين

الأربعاء 16 نوفمبر 2016
بيير كرينبول المفوض العام للاونروا
بيير كرينبول المفوض العام للاونروا

الاردن - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

حظيت بعض القضايا مؤخراً على اهتمام أكبر من حركة اللاجئين والمهاجرين واسعة النطاق، وظهر هذا جليّاً خلال الأسبوع رفيع المستوى للجمعية العامة للأمم المتحدة، والذي تضمّن تبنّي إعلان نيويورك حول اللاجئين والمهاجرين، بالإضافة إلى قمة القادة التي استضافها الرئيس الأمريكي باراك أوباما، حسب المفوض العام لـ "الاونروا" بيير كرينبول في كلمة ألقاها في الأردن أمام اجتماع اللجنة الاستشارية لـ "أونروا".

وقال كرينبول أنه غالباً ما يتعرّض للسؤال عن السبب الذي ينبغي فيه على العالم أن يواصل اهتمامه بلاجئي فلسطين، على الرغم من أن وضعهم قد خرج من جدول الأعمال الدولي وطغت عليه العديد من الأزمات الأخرى في الشرق الأوسط، وأن هناك إحساس بالتعب حيال هذه المسألة.

ويرى المفوّض العام أنه "ليس هناك أي مكان في العالم يمكن للإحساس بالتعب أن يكون فيه أكبر مما هو لدى لاجئي فلسطين، وليس هناك مكان يمكنكم رؤية الإرهاق واليأس بوضوحٍ جليّ أكثر مما هو في مخيمات مثل شاتيلا في بيروت، بالألم المتراكم والصدمة والأزقة المكتظة والضغوط الاجتماعية المؤلمة، وليس هناك مكان في العالم يمكن أن تروا فيه الإحساس بالتخلّي أكثر حدّة مما هو في مخيمات مثل اليرموك في دمشق بمساحات الأراضي المدمّرة والحياة المكسورة والكرامة المتناثرة، وليس هناك مكان في العالم يمكن أن يكون الاختناق والمرار أكثر طغياناً عمّا هو الحال في مخيمات مثل جباليا في غزة، التي ولدتم فيها وستبقون محاصرون بداخلها."

وأضاف أنه ليس بمقدور العالم أن يتحمّل كلفة أن يكون متعباً، وهو لا يمكنه تحمّل كلفة النظر في الاتجاه الآخر، لأنه في نفس الوقت الذي سيقول فيه المسؤولون والمواطنون في سائر أرجاء المعمورة بأن لاجئي فلسطين ليسوا على رأس قائمة جدول أعمالهم، فإنهم سيضيفون بأن الظلم الذي لم يتم حلّه والمرتكب بحق لاجئي فلسطين، يبقى في صلب عدم الاستقرار في الشرق الأوسط وما أبعد منه، وأن جيلاً شاباً من لاجئي فلسطين ينمو ويفقد الثقة في قيم السياسة والتسوية والدبلوماسية الدولية.

وسلّط الضوء في حديثه على اللاجئين في وسورية وقطاع غزة والضفة الغربية المحتلة.

قطاع غزة

يرى كرينبول أن السكان موسومون بآثار حروب متكررة، فالأطفال البالغين من العمر تسعة أعوام، عاشوا ثلاثة نزاعات عنيفة جداً على مدار السنوات الماضية، ومليوني شخص من بينهم 1.3 لاجئ فلسطيني، يرون كافة أوجه حياتهم محكومة بالحصار غير القانوني المفروض عليهم.

وحرية الحركة غير متوافرة عملياً، فحوالي 90% من طلبة "اونروا" في غزة والبالغ عددهم 260 ألف طالب وطالبة، لم يغادروا قطاع غزة مطلقاً في حياتهم، ووصل معدل البطالة إلى مستويات عالمية غير مسبوقة، فنسبة الشباب العاطلين عن العمل يصل إلى (60-65%) فيما تصل معدلات البطالة في أوساط الشابات إلى مستويات أعلى.

ومع العواقب المادية والدمار من الحروب المتعاقبة في غزة، ليس هناك أية وسيلة يمكن من خلالها تقدير الجراح النفسية وعمق اليأس لدى أوساط الشباب، والأسباب الكامنة وراء الزيادة غير المسبوقة في معدلات الانتحار في القطاع.

ويرى كرينبول أنه يتم التقليل من شأن الوضع في غزة بشكلٍ خطير، قائلاً "يتوجّب عليّ أن أخبركم بأنني لا أستطيع رؤية كيف أن أي شيء يحدث هناك تحت بصرنا جميعاً، قابل لأن يتصالح مع الكرامة الإنسانية أو أمن أي شخص في المنطقة"، وينبغي على الجميع فعل ما بوسعهم لتجنّب جعل هذا الوضع أكثر سوء.

وأعلن أن الدعم لاستجابة "أونروا" الطارئة يستمر بالانحدار، والأمور على وشك أن تصبح أكثر سوء بالنسبة للاجئين المعرضين للمخاطر، ومنهم الذين فقدوا بيوتهم في العدوان على غزة عام 2014، والقلق الأكثر إلحاحاً هو تلك العائلات التي يبلغ عددها 6500 عائلة في غزة تعتمد على المعونة النقدية لوكالة الغوث من أجل تلبية احتياجات مساكنهم المؤقتة إلى أن تتمكن "أونروا" من إعادة بناء بيوتهم، واعتباراً من كانون الثاني المقبل ستضطر إلى التوقف عن تقديم المساعدة لهم، ما لم تتسلّم خمسة ملايين دولار في الأسابيع المقبلة.

 

الضفة المحتلة

الحكم والاحتلال العسكريين يؤثران على كافة جوانب الحياة العامة والخاصة، بدءً من التوغلات العسكرية والقيود المفروضة على حركة الأشخاص والبضائع وهدم البيوت كإجراء عقابي، والتوسّع المستمر وغير القانوني للمستوطنات، وكل ذلك مستمر.

وتساءل المفوض العام "إلى متى سيتم التعامل مع هذه الأمور على أنها مسائل لا يمكن إيقافها أو أنها خارج مقدرة المجتمع الدولي ليتم تغييرها؟"

واعتبر أن هذه التوجهات جميعها هي الشغل الشاغل، فغالبية لاجئي فلسطين الشباب في قطاع غزة والضفة المحتلة "بما في ذلك القدس الشرقية"، ولدوا بعد اتفاقية أوسلو، قال لهم العالم بأنهم إذا تبنّوا المفاوضات واعتنقوا الشعور بالحل الوسط، فإن حلاً عادلاً ودائماً سيتم التوصل إليه على شكل دولة فلسطينية تعيش جنباً إلى جنب مع "اسرائيل" بسلام وأمن، وهذا لم يحدث، والخطر كبير في فقدان جيل كامل لفكرة أن العمليات السياسية تهدم بالفعل.

سوريا

الكارثة المروّعة من العنف والدمار لا يبدو عليها أنها ستنتهي قريباً، وليس هناك أحد في البلاد بمنأى عن آثارها، إن أكثر من 60% من لاجئي فلسطين الذين يبلغ عددهم 560 ألف لاجئ كانوا يقيمون في البلاد عندما اندلع النزاع عام 2011، تشرّدوا مرةً واحدة على الأقل، وقام ما لا يقل عن 120 ألف شخص بالفرار من البلاد إلى لبنان والأردن ومصر وأوروبا.

وتعرّضت مخيمات الفلسطينيين في سوريا لأضرار بالغة، ويكافح لاجئو فلسطين من أجل البقاء على قيد الحياة في الأنقاض في حلب واليرموك.

وأبدا كرينبول قلقه من احتمالية أن يصبح مخيم خان الشيح هو مخيم اليرموك القادم، وبالنظر إلى المنطقة فإنه يشعر بخطر تطرّف الشباب اليائس كبير، والمتطرفون مستمرون في البحث عن مجندين جدد، وحتى تاريخه فإن القليل من الفلسطينيين الشباب قد لبّوا دعوات جماعات مثل "داعش."

وأضاف أننا نتأمل قيام الجهود المبذولة من قبل كافة الأطراف بما في ذلك المجتمع الدولي، بالتخفيف من حدة الإحساس بالانعدام الكبير للأمن الذي يشعر به لاجئو فلسطين، وإعادة التأكيد على الالتزامات بالمساعدة في الإيفاء بالاحتياجات التنموية والإنسانية لهذا المجتمع.

وذكر كرينبول بعض الملاحظات عن "اونروا"، إذ تشهد تصاعداً في عمليات الطوارئ لتصل إلى 1.3 مليون شخص في الأراضي الفلسطينية المحتلة وسوريا.

في سوريا هذا العام، قامت "اونروا" بزيادة معدل الالتحاق بالمدارس، فالمعلمين والطلبة الذين نزحوا أو الذين يعيشون في مناطق النزاع قد بدأوا بالحضور للمدارس وهناك حوالي 50 ألف طالب وطالبة يتلقون تعليمهم، وذلك صعوداً من أدنى عدد وصلت إليه "اونروا" وهو 28 ألف طالب وطالبة عام 2012.

وتم إكمال التحوّل إلى برنامج "من الغذاء للمال" في ثلاثة أقاليم لعمليات الوكالة، هي الأردن ولبنان والضفة المحتلة، إذ أصبح المستفيدون من برنامج شبكة الأمان الاجتماعي يستخدمون بطاقات إلكترونية للحصول على المعونة الغذائية، وخدمات الاستشفاء في لبنان باتفاق تم التوصل إليه منتصف العام مع ممثلي اللاجئين، وجاء ذلك فيما أسمته وكالة الغوث بـ "الإصلاحات"، التي اعتبرت أنها نفذتها بفضل البلدان المضيفة التي قامت باتخاذ خطوات رئيسية لتسهيلها.

وأعلن أن الحد الأدنى الذي تحتاجه "اونروا" للعمل عام 2017 هو 715.5 مليون دولار، وذلك فيما يتعلق بالموازنة الرئيسية، والعجز للعام المقبل وفقاً لتوقعات الدخل الحالية، يبلغ 115 مليون دولار.

وكالات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد