فلسطين المحتلة - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

مقال: ظاهر صالح

تشكل ذكرى النكبة في العقل والوعي الفلسطيني جزءاً هاماً، وعلامة مميزة في ، تتعمق داخل شخصية الفلسطيني وبواطن وجدانه رغم كل محاولات الاحتلال الصهيوني محو الذاكرة الفلسطينية الجماعية لأحداث النكبة.

رحل الأجداد والآباء عن أرضهم وديارهم واقتلُعوا منها وهُجروا تهجيراً قسرياً بعد أن ارتكبت عصابات "الهاغانا"و "شتيرن" و"الإرغون" الصهيونية أبشع المذابح بحق أصحاب الأرض الأصليين ولم ينجُ منهم إلا من كُتبت له النجاة.

لم تنطو تلك الأحداث، ولم يُنسَ ما فات من تفاصيل، وهي تفاصيل ما زالت مُسطرةً في الذاكرة والتاريخ .

ما حدث من جرائم خلال عام 1948 وما قبله على أيادي العصابات الصهيونية لم يكن مصادفة إنما كان مخططاً له بدقة متناهية.

حين تضاف مفردة ذكرى إلى مفردة النكبة فإنها تتوجه بكليتها إلى أساس النكبة واتساعها وشموليتها ونتائجها التي ليس لها حدود، فهي تعيش في عقل ووجدان كل فلسطيني، تجعله متعمّداً في الثبات وموغلاً بتمسكه بأرضه وحقوقه.

يوازي مصطلح "ذكرى النكبة" من ناحية الرؤى، ذاكرة جيل النكبة، لأنها كانت علامة فارقة في تاريخ الأمتين العربية والإسلامية عموماً، والشعب الفلسطيني خصوصاً، بما تحتويه من جرائم وتطهير عرقي وإبادة جماعية طالت البشر والحجر.

إن فكرة تهجير الشعب الفلسطيني وطرده من أرضه متجذرة في الفكر الصهيوني وكذلك خلال العمل على إقامة كيان على أرض آهلة بالسكان، وقد طرحت الفكرة بأشكال متعددة منذ مؤتمر "هيرتسل" عام 1904، لكنها إزاء المواجهة مع المقاومة الفلسطينية وتحديداً بعد الثورة الفلسطينية الكبرى عام 1936 - 1939 راحت تتبلور حول أسلوب العنف المسلح، أي التهجير القسري بالقوة المسلحة وتكرّس هذا الأسلوب في ذهن القادة الصهاينة بعد مشروع التقسيم الذي قدمته لجنة بيل عام 1937، فإلى جانب طرح فكرة إقامة دولة يهودية بذلك المشروع، طُرحت أيضا فكرة ترحيل السكان الفلسطينيين عن المنطقة المخصصة لتلك الدولة المزعومة، والتركيز على استخدام القوة العسكرية في ذلك.

 

نجحت الجرائم الصهيونية عام 1948 في الإستيلاء على الجزء الأكبر من أراضي فلسطين بالاحتلال والتهويد وتفريغ الأراضي من أصحابها بالعنف والطرد المباشر وقيام القوات الصهيونية قبل أشهر من دخول القوات العربية "جيش الإنقاذ"  إلى أرض فلسطين بارتكاب المذابح التي راح ضحيتها الآلاف من الشهداء والجرحى وتدمير القرى والمدن، فيما تم تهجير أكثر من 800 ألف فلسطيني بقوة السلاح وتحت التهديد و بتسهيل من البريطانيين الذين مهدوا لليهود الصهاينة احتلال أرض فلسطين وفتح باب الهجرة اليهودية إليها على مصراعيه، وكذلك قيامهم بتسليم مصانع السلاح والذخيرة للحركة الصهيونية وتدريب المستوطنين الجدد ودمجهم داخل الجبش البريطاني.

ما حدث من جرائم في ذلك الوقت،  لم يكن عشوائياً أو عبثياً إنما كان مخططاً له بدقة متناهية وعبر مراحل مختلفة، لم تنته بالترويج لأكذوبة أن الفلسطينيين خرجوا من أرضهم وديارهم طوعاً.

لذا لم يكن مستغربا أن يتم تزوير الحقائق التاريخية لأن الحرب الصهيونية على الشعب الفلسطيني لم تتوقف عند حد المذابح والانتهاكات التي اُرتكبت بحقه، إنما تجاوزتها إلى حرب وجودية، تعمدت طوال الوقت طمس التاريخ والهوية الفلسطينية وممارسة الإبادات بكافة أشكالها وأنواعها والتخطيط لها على المدى القريب والبعيد.

لم تكن النكبة حدثاً وحيداً وإنما مجموعة من المآسي والآلام التي ما تزال تداعياتها تُوجع قلب الفلسطيني أينما حل أو ارتحل، ويستمر حملها من جيل إلى جيل.

وستبقى ذكراها حاضرة في أذهان أبناء الشعب الفلسطيني مثقلة بالأنين والحنين إلى أرض الآباء والأجداد، والإصرار على استراداد الحق ولو بعد حين. 

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد