الأردن
 

"ضم غور الأردن وشمال البحر الميت إلى السيادة الإسرائيلية"، عبارات لا تكاد تفارق لسان رئيس حكومة الاحتلال، بنيامين نتنياهو، في أي خطاب أو مناسبة، منذ انتخابات الكنيست الماضية في أيلول/سبتمبر المنصرم.

آخر التصريحات المتعلقة بهذه القضية كان اليوم، قبيل توجهه إلى العاصمة البرتغالية لشبونة، للقاء وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، حيث قال نتنياهو:  إنه سيبحث "اعترافاً أمريكياً مستقبلياً بضم غور الأردن في الضفة الغربية إلى إسرائيل".

ولكن المثير للتساؤل في الأمر، أن الأغوار تعتبر منطقة فلسطينية، لكن المستويين الإعلامي والرسمي الصهيونيين لا يبدو أنهما يعيران الأمر أهمية، فيما تنصب تحليلاتهما حول رد الفعل الأردني، دون أن يشكل لديهما رد المستوى السياسي الرسمي الفلسطيني أدنى تخوف، حسب ما هو ملاحظ.

بهذا الخصوص، أكد المختص في الشأن الإسرائيلي عماد أبو عواد لبوابة اللاجئين الفلسطينيين، أنه وللأسف لا يوجد أي خشية إسرائيلية من أي رد فعل رسمي فلسطيني، لأن الاحتلال يدرك جيداً أن السلطة مكبلة، وتحولت مع مرور الوقت إلى شبه بلدية خدماتية مرتبطة بالاحتلال.

وأضاف أبو عواد أن السلطة حالياً ليس لديها أي قوة فعلية بسبب إدارة الظهر عربياً لها، وانغماس الدول العربية في ازماتها الداخلية والسياسات التطبيعية مع الاحتلال.

وعلى العكس، يشير أبو عواد إلى أن الجانب الإسرائيلي لديه خشية حقيقة من رد الفعل الأردني، رغم أن الضم قائم وسيستمر.

ويشرح بأن الأوساط السياسية الإسرائيلية تستشعر بأن الملك الأردني غاضب نتيجة شعوره بأن الحكومة الإسرائيلية تمادت في الآونة الأخيرة.

عدا عن ذلك، فإن الخشية الحقيقة من رد فعل الأردن، يقول أبو عواد: " يكمن فيما إذا فسر الملك الأردني تصريحات نتنياهو على أنها تقدم عملي في التخلص من حل الدولتين".

وبالنسبة للأردن فإن التحلل إسرائيلياً ودولياً من حل الدولتين سيدفع بجزء كبير من الفلسطينيين إلى الأردن.

 

"الضم" بدأ ولكن إعلانه رسمياً يؤثر على الأمن الوطني الأردني مباشرة

من جهته، أكد  الخبير في العلاقات الدولية د. أنيس القاسم، أن الأردن في "حالة استنفار" إزاء تصريحات نتنياهو المتكررة حول "الضم".

وأشار القاسم إلى أن الضم قائم فعلياً، إذ يسيطر الاحتلال على المياه، ما أدى إلى نزوح المزارعين الفلسطينيين وتراجع الزراعة، وبالمقابل، أدى إلى تشجيع الاستيطان.

وأوضح، في حديث مع "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أن ضم غور الأردن، في حال حدوثه رسمياً، سيؤثر على الأمن الوطني الأردني مباشرة، مرجحاً ارتباط ذلك بفرض السيادة الأردنية الكاملة على الباقورة والغمر.

وشدد أنه لو كان للأردن رغبة سابقة في التفاوض حول الباقورة والغمر، لأصبح ذلك مستحيلاً بعد الإعلان الإسرائيلي.

وذكر أن الإعلان الإسرائيلي "مرعب للأردن"، وكأن الحركة الصهيونية بدأت تتمدد داخل الضفة الشرقية لما يُسمى في الفكر الصهيوني "الوطن القومي اليهودي".

ففي حال "الضم"، ستصبح الحدود "الأردنية-الإسرائيلية" أطول مما هي عليه ضمن اتفاقية "وادي عربة"، لأن الأغوار، تقع ضمن الحدود الفلسطينية، والاتفاقية تضمنت على تأكيدات بألا تؤثر على العلاقة بين الاحتلال وفلسطين وتحديداً حدودهما، وهذا الكلام يشمل البحر الميت، بحسب القاسم.

وتشكل الأغوار ثلث مساحة الضفة الغربية، ويوجد فيها 36 مستوطنة، يعيش فيها نحو 7 آلاف مستوطن.

 

ردات فعل رسمية وشعبية أردنية

وجراء التخوف الأردني الجدي، يمكن أن يؤدي ذلك إلى مضاعفات رسمية أردنية كثيرة.

كما أشار القاسم إلى وجود نهوض شعبي في الأردن عقب عدم تجديد ملحقي الباقورة والغمر، إلى جانب الإفراج عن الأسيرين هبة اللبدي وعبدالرحمن مرعي، وكأن الأردن في "تناغم بين النظام والجماهير"، ما يجعل موقف الملك صلباً، وعندها، لن يبقى أمام الإسرائيليين إلا الرضوخ.

 

كيف ستكون تداعيات "الضم" من وجهة نظر الاحتلال؟

أجهزة الأمن، التابعة للاحتلال، ذكرت، وفق القناة "12" العبرية، أن الملك الأردني عبدالله الثاني، سيعجز عن تحمل الضغوط الداخلية التي قد تنتج عن ضم إسرائيلي لمنطقة الأغوار، مشيرة إلى أن بيانات الإدانة واستدعاء السفير الأردني لدى الاحتلال أو حتى توبيخ السفير الإسرائيلي لدى عمان، خطوات لن تستطيع تهدئة الشارع الأردني.

كما أعربت الأجهزة الأمنية لدى الاحتلال عن خشيتها من موجة احتجاجات فلسطينية، تنتقل إلى الأردن، وتتحول إلى "عاصفة" من الغضب الشعبي، ما يمكن أن يؤدي إلى إعلان الملك الأردني تعليق العمل باتفاقية "وادي عربة".

وكان الأردن، أكد في وقت سابق، أن "الضم" سيدفعه إلى رد فعل حاد، دون الكشف عن تفاصيله.

 

مناورات أردنية ضخمة.. رسالة غير مباشرة؟

 سبق كل ما قيل اليوم حول منطقة الأغوار أن أجرت القوات المسلحة الأردنية الأسبوع الماضي، تدريباً عسكرياً، قرب الحدود الغربية، بحضور الملك عبدالله الثاني وكبار المسؤولين.

وظهرت في التدريب، الذي حمل اسم "سيوف الكرامة"، خريطة للحدود الأردنية مع الاحتلال الإسرائيلي، ومنطقة البحر الميت ومنطقة غور الأردن.

صحيفة "هآرتس"، على لسان محللها العسكري، عاموس هرئيل، أشارت إلى أن "التمرين يتوافق مع الخطاب المناهض لإسرائيل الذي سمع مؤخراً في وسائل الإعلام الأردنية"، معتبراً أن "الملك عبدالله غاضب من نتنياهو، منذ إعلان نيته ضم غور الأردن، عشية الانتخابات الأخيرة للكنيست".

وكان الملك وصف في وقت سابق العلاقات الأردنية-الإسرائيلية، بأنها "تمر في أسوأ حالاتها حالياً".

وفي محاولة منه لتخفيف حدة التوتر، يدرس رئيس الكيان الإسرائيلي، رؤوفين ريفلين، بحسب "هآرتس"، إمكانية القيام بزيارة رسمية إلى الأردن، وقد بدأت اتصالات بين الجانبين حول زيارة كهذه.

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد