قطاع غزّة
 

أكَّد المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان وجود خلل خطير في تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية في مخبر البنا، الذي تسبب في حريق مخيم النصيرات، من ضمنها تخزين كميات كبيرة من الغاز تفوق الاستهلاك الاعتيادي للمخبر، الواقع في منطقة مكتظة بالسكان، عدا عن وضع صهريج غاز احتياطي بين منشآت صناعية وتجارية وقريبة من مساكن الأهالي.

وأشار المركز في بيان مطول له نشر اليوم، ووصل بوابة اللاجئين الفلسطينيين نسخة عنه، إلى"ضعف تعامل جهاز الدفاع المدني وطواقم الإطفاء مع الحريق، ويعود ذلك لتواضع إمكانيات الجهاز، وتقادم سيارات الإطفاء والمعدات اللازمة لإطفاء الحرائق، حيث تمنع سلطات الاحتلال الإسرائيلية توريد سيارات الإطفاء الحديثة، والمعدات الجديدة اللازمة لعمليات الإطفاء منذ عام 2007"، مذكّراً بأن "حادث حريق النصيرات لم يكن الأول من نوعه، فقد أدى انفجار أسطوانة غاز في مطعم في مُخيّم جباليا بتاريخ 17/9/2009، إلى وفاة 10 مواطنين، وإصابة أكثر من 50 آخرين، كما أدى انفجار أسطوانة غاز في مطعم بدير البلح بتاريخ 3/3/2015 إلى وفاة مواطن وإصابة عدد آخر من المواطنين، وأدى انفجار أسطوانة غاز في مطعم بمدينة خانيونس بتاريخ 24/11/2017 إلى وفاة مواطن وإصابة اثنين آخرين".

وفي ضوء ما سبق، طالب المركز الفلسطيني لحقوق الانسان "الجهات المختصة بالإسراع في إعلان نتائج التحقيق في حريق النصيرات، ومحاسبة المقصرين واتخاذ المقتضى القانوني اللازم".

كما طالب "البلديات وجهاز الدفاع المدني، والوزارات ذات العلاقة (العمل، الاقتصاد والصحة) بالشروع فورًا في تشديد تطبيق معايير السلامة والصحة المهنية على المنشآت التي تستخدم مواد خطيرة وقابلة للاشتعال، وخاصة المطاعم، والقيام بالفحص الدوري لصهاريج الوقود واسطوانات الغاز، للتأكد من تمتعها بشروط الأمان، وقوة احتمالها للضغط".

وطالب أيضًا المجتمع الدولي "بالضغط على إسرائيل من أجل إجبارها على السماح بتوريد سيارات الإطفاء الجديدة والمعدات الحديثة اللازمة لإطفاء الحرائق إلى قطاع غزة، حتى يتسنى لجهاز الدفاع المدني القيام بمهامه، وإنقاذ المواطنين وحماية ممتلكاتهم في أوقات الكوارث والأزمات".
 

تفاصيل التقرير

وقال المركز الفلسطيني: إنه "أجرى تحقيقًا وافيًا حول حريق النصيرات، والتقى فريق البحث الميداني عشرات شهود العيان، حيث اتضح أن الحريق نجم عن انفجار صهريج غاز سعة 2000 كيلو، كان معبأ بقرابة 1340 كيلو غاز، ومُعد للاستخدام الاحتياطي في مخبز البنا أوقات الطوارئ، وكان يتواجد على بُعد نحو 20 مترًا خلف المخبز، وتعود ملكية الصهريج لشركة المشهراوي لتوزيع الغاز".

وبيّن المركز "بحسب التحقيق، فقد امتدت ألسنة اللهب إلى منجرة، تحتوي على مواد مشتعلة (مادة التنر سريعة الاشتعال)، ومن ثم إلى عدد من المحلات والبسطات والمنشآت الصناعية والمنازل والمؤسسات الأهلية والمركبات، وقد ألحق الحريق دمارًا هائلاً في ممتلكات المواطنين، طال 20 منشأة صناعية وتجارية، و42 بسطة تجارية، و16 مركبة خاصة، وأكّد شهود العيان أنهم سمعوا صوت انفجار، تصاعدت على أثره أعمدة دخان أبيض، سبق الانفجار الكبير في صهريج الغاز واشتعال النار في المنطقة".

وتابع المركز في بيانه "وصلت سيارات الإسعاف بعد نحو 10 دقائق إلى مكان الحريق، وشرعت بنقل الضحايا، فيما وصلت سيارات الإطفاء التابعة للدفاع المدني بعد نحو 25 دقيقة، غير أنها لم تستطع السيطرة على الحريق، وبعد حوالي ساعة تم الاستعانة بمضخات الباطون التابعة لمصانع الباطون الخاصة والجرافات وسيارات توزيع مياه الشرب للمساعدة في إخماد الحريق، الذي استمر لعدة ساعات".

وأكمل "وقد أصدرت وزارة الداخلية والأمن الوطني في قطاع غزة بيانًا بتاريخ 5/3/2020، أشارت فيه إلى أن الجهات المختصة تُجري التحقيقات اللازمة لمعرفة أسباب الحادث، كما أفاد محمد يوسف أبو شكيان، رئيس بلدية النصيرات في حينه، لفريق المركز أنّ الحريق نجم عن تسرب غاز من صهريج للغاز الاحتياطي بمخبز البنا، الواقع في منطقة مكتظة بالسكان،  وأضاف أنّ اللجنة الوطنية الفنية العليا للسلامة المهنية، المكونة من (بلدية النصيرات، الدفاع المدني، وزارة الصحة، وزارة العمل، وزارة الاقتصاد، والاتحاد العام لنقابات عمال فلسطين)، قامت بجولة تفتيش ميدانية على كافة المخابز في النصيرات بتاريخ 25/2/2020، ومن ضمنها مخبز البنا الذي وقع فيه الحادث، وقد جاءت هذه الجولة للتأكد من شروط السلامة والصحة في المخابز، في إطار التجديد السنوي لرخص العمل".

 وأضاف أبو شكيان أنّ "اللجنة طلبت من أصحاب مخبز البنا تنفيذ مجموعة من إجراءات الأمن والسلامة، تشمل استعمال اسطوانات الغاز بشكلٍ يومي وعدم ترك أسطوانات كثيرة في المكان، وتحسين نظام شبكة الكهرباء، وأمهلت اللجنة أصحاب المخبر مدة أسبوعين لإنجاز تلك الأمور، والحصول على موافقات الجهات المختصة حولها، لكي يحصل على تجديد رخصته السنوية، وقد تعهد صاحب المخبز بكتاب خطي بتنفيذ ما طُلب منه، إلا أن الحادث وقع خلال المدة الممنوحة له"، بحسب تقرير المركز.

كما أفاد أحمد وصفي حسين البنا، أحد أصحاب مخبز البنا، لفريق المركز أنّ "المخبر أُنشئ عام 2012، على مساحة 450 متر، ويعمل فيه 42 عاملاً وإداريًا، وكان يتواجد فيه وقت الحريق 22 منهم، والمخبز يحتوي على صهريجين للغاز، سعة الواحد منها 2000 كيلو غاز، وكان أحدهما قيد الاستخدام، وبجواره 24 أنبوبة غاز سعة الواحدة 24 كيلو غاز، أما الصهريج الآخر فهو احتياطي وكان موجودًا في قطعة أرض على بعد نحو 20 متراً من المخبز جنوبًا، وكان يحتوي على حوالي 1340 كيلو غاز".

وتابع البنا أنه "سمع صوت انفجار تبعه انفجار آخر، أدى إلى اشتعال النيران في الخزان الاحتياطي، ومن ثم امتدت إلى المحلات التجارية والسيارات المجاورة، وقد أصيب في الحريق 7 من عمال المخبز، 3 منهم حالتهم خطيرة، من بينهم أحد أصحاب المخبز وهو أسامة البنا، 47عامًا، والذي أُعلن عن وفاته لاحقًا، استقبلت بتاريخ 25/2/2020 أعضاء اللجنة الوطنية المهنية، لإجراء الكشف على المخبز والتأكد من صلاحيته للعمل، وتجديد الترخيص لعام 2020، وقد أوصت اللجنة بإصلاح في شبكة التيار الكهرباء، ورفع أنابيب الغاز الفارغة من مكانها خلف المخبز، لكن لم يكن من بين التوصيات أي اجراء يتعلق بصهريج الوقود الاحتياطي المتواجد خلف المخبز، هم شاهدوه وأجروا فحصًا عليه".

وقال المركز إنّ "فريقنا الذي زار منطقة حادث حريق النصيرات، وأخذ الافادات من الجهات الرسمية المسؤولة عن ترخيص المنشآت التجارية والصناعية، ومن أصحاب المخبز المحترق، ومن ضحايا الحريق وعائلاتهم، يؤكد أنّه "لم تقم الجهات المختصة متمثلة في بلدية النصيرات، جهاز الدفاع المدني، وزارة الصحة، وزارة العمل، وزارة الاقتصاد، ورغم اكتشافها وجود عدد من المخالفات التي تتعارض مع اشتراطات السلامة العامة والصحة المهنية في مخبز البنا، بأي إجراءات جادة من شأنها منع وقوع الكارثة خلال المهلة التي مُنحت لمالك المخبر لتصويب أوضاعه".

المركز الفلسطيني لحقوق الإنسان

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد