مخيم الفوار – الخليل المحتلة

 

في ظل الصلفِ الصهيوني المتواصل على الأرض الفلسطينيّة، هناك من هم عازمون على الصبر والصمود حتى النهاية، رافضين الخضوع والتسليم لسياسات الاحتلال الذي يتحكّم بمصائر آلاف الأسرى الفلسطينيين داخل سجونه في ظل خطر تفشي فيروس "كورونا"، ومع دخول فصل الصيف الذي يكون ثقيلاً بالعادة على كافة الأسرى داخل المعتقلات.

هناك في العزل الانفرادي بسجن النقب الصحراوي، يواصل ابن مُخيّم العروب للاجئين الفلسطينيين الأسير سامي جنازرة (47 عامًا) إضرابه المفتوح عن الطعام لليوم 21 على التوالي، وذلك رفضًا واحتجاجًا على اعتقاله الإداري.

وكعادة الاحتلال في التنكيل بالأسرى، نقلت إدارة سجون الاحتلال الأسير سامي أكثر من مرة عبر سيارة "البوسطة" أو كما يُسميها الأسرى بالسجن المتنقّل، أو عربة الموت، إلى سجونٍ أخرى، في محاولةٍ منها لثنيه أو ليّ ذراعه بشتى الطرق من أجل كسر إضرابه المتواصل، وهو ما لم يحصل.
 

خيمة تضامنيّة

منذ أيّام، تداعى أهالي مُخيّم الفوّار جنوب الخليل بالضفة الغربيّة المحتلة ونصبوا خيمةً للتضامن مع ابن مُخيّمهم سامي الذي ينحدر من قرية عراق المنشية ويخوض الإضراب للمرة الثالثة منذ 2016، فهذا هو المُستطاع لدى أهالي المُخيّم بعيدًا عن الشعارات المنمّقة التي يبدع في رصّها الساسة، لا سيما في ظل حالة التيه السياسي التي تعيشه الأراضي الفلسطينيّة مع اقتراب تنفيذ مخطّط الاحتلال بضم أجزاء من الضفة المحتلة في سياق تنفيذ الخطة الأمريكيّة التي سُميّت إعلاميًا بـ"صفقة القرن"، دون أي ردٍ رسمي واضح المعالم.
 

تنكيلٌ متعمّد

بدوره، قال مدير نادي الأسير الفلسطيني في الخليل أمجد النجّار لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّ "الأسير سامي اعتقل بتاريخ 16/9/2019 وتم تمديد اعتقاله لعدة مرّات، وقد خاض هذا الإضراب من أجل إنهاء اعتقاله الإداري"، مُشيرًا أنّه "جرى نقله إلى عزل "إيلا" في ظروفٍ صعبة للغاية، وقبل عدّة أيام تم إعادته إلى سجن النقب".
 

وأوضح النجّار لموقعنا، أنّ "الأسير سامي يتواجد الآن في العزل الانفرادي مكبل اليدين والقدمين، ولم يقدّم له أي علاج، ولم يتم التعامل معه كحالةٍ إنسانيّةٍ نتيجة الوضع الصحي الذي يُمر به".
 

11 عامًا داخل السجون

وفي ذات السياق، بيّن الناطق باسم حركة فتح في مُخيّم الفوار عبد الفتاح الطيطي، أنّ "هذا الاعتقال هو السابع للأسير سامي جنازة الذي قضى من عمره 11 عامًا داخل سجون الاحتلال"، مُؤكدًا أنّ الشعب الفلسطيني "يواجه عدوًا لا قيم ولا مبادئ ولا أخلاق له، لكنّنا نقوم بدورنا وواجبنا الوطني تجاه أسرانا من خلال مساندتهم".
 

كما أشار الطيطي إلى أنّ الأسرى "يشعرون بالفخر تجاه هذه الوقفات وهذه الخيم التضامنيّة معهم، وهناك العشرات بل المئات أمثال سامي يحتاجون وقفة من أبناء الشعب الفلسطيني كافة".

مدير نادي الأسير، وجّه نداءً عاجلاً للصليب الأحمر الدولي من أجل "التدخل لإنقاذ حياة الأسير سامي، لأنه لا يوجد محامون ولا يوجد زيارات عائلية، ولا يوجد حتى أي جهات ممكّن أن تتواصل مع سامي في ظل عدم وجود أي أخبار مطمئنة عن حالته الصحيّة"، مُطالبًا "الصليب الأحمر الدولي بالتحرّك اليوم قبل الغد، ونحن سلّمنا مذكرة للصليب من أجل طمأنة العائلة وطمأنة الجميع عن صحة سامي في ظل الوضع الصعب الذي يعيشه الأسرى داخل السجون".
 

خطوة جبّارة وتوقيتٌ جيّد

من جهته، بيّن المتحدّث باسم هيئة شؤون الأسرى والمحررين حسن عبد ربه لـ"بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، أنّ "الأسير سامي جنازرة مستمر في إضرابه عن الطعام لليوم 21 على التوالي وتعرّض خلالها لتنكيلٍ واضح من خلال نقله المتكرّر بين عدّة سجون، وحاليًا يُعاني من آلام شديدة وصداع في الرأس وآلام في المفاصل ونقصان في الوزن في ظل التنكيل والعزلة التامة التي تُمارس بحقه".

وأكَّد عبد ربه أنّ "خطوة الأسير سامي في الإضراب عن الطعام وفي هذه الظروف هي خطوة جبّارة ومميّزة في توقيتها من حيث انشغال العالم في جائحة "كورونا"، إلّا أنّه ورغم ذلك اتخذ هذه الخطوة التي تساهم في إعادة تسليط الضوء على قضية الاعتقال الإداري والظلم والتعسّف الذي يُمارس بحق هؤلاء المعتقلين داخل سجون الاحتلال".

كما أردف عبد ربه بالقول: "وتيرة الاعتقالات الإداريّة ارتفعت بشكلٍ ملحوظ خلال هذه الفترة بحق الأسرى، وهذا مؤشر واضح على أنّ الاحتلال يمعن في هذه السياسة أكثر وأكثر"، مُشددًا على أنّ "المطلوب هو رفع الصوت عاليًا من خلال خطوات احتجاجيّة تضامنيّة مع المعتقلين الإداريين الذي يضربون عن الطعام، وهذا من شأنه إعادة الاعتبار لنضالات الحركة الأسيرة وأهمية وجوهريّة قضية الأسرى رغم كل الظروف والحصار الذي يعيشه شعبنا الفلسطيني".
 

إضرابٌ متواصل رغم التنكيل

الأسير سامي اجترح خياره وحدد هدفه كما المئات من الأسرى الذين سبقوه وخاضوا هذه المعركة، وبفعل صمودهم الذي يفاجئ الاحتلال في كل مرة خرجوا منتصرين منها، والأسير سامي اليوم يكمل السير في درب الآلام كردٍ واضحٍ على نهج الاحتلال في سرقة حياة الأسرى من خلال سياسة الاعتقال الإداري الظالمة تحت مُبرراتٍ واهية.

جدير بالذكر أنّ إدارة سجون الاحتلال تنفّذ سلسلة من الإجراءات التنكيليّة والانتقاميّة بحق الأسير المضرب منذ لحظة إعلانه للإضراب، وتبدأ من عملية العزل الإنفرادي في زنازين لا تصلح للعيش الآدمي، إضافة إلى عمليات النقل المتكرّرة، بهدف إرهاقه، عدا عن جملة الإجراءات التنكيليّة التي ينفذها السجّانون، منها جلب الطعام أمام زنازين الأسير المُضرب، وممارسة سياسة الترهيب النفسي بحقه.

وتأتي هذه الخيمة التضامنيّة مع الأسير في مُخيّم الفوّار كرشفةِ ماءٍ تروي ظمأ الأسير المُضرب ولو بشكلٍ معنوي، لا سيما وأنّ الأسير -المُضربُ عن الطعام خصوصًا- يُراهن على أبناء شعبه في دعمه والوقوف بجانبه في هذه الأوقات العصيبة، حتى تنسمه عبير الحريّة.

 

شاهد الفيديو

خاص

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد