دور الشباب الفلسطيني في لبنان حاضر في العمل الوطني رغم العوائق

الجمعة 18 مايو 2018
دور الشباب الفلسطيني في لبنان حاضر في العمل الوطني رغم العوائق
دور الشباب الفلسطيني في لبنان حاضر في العمل الوطني رغم العوائق

لبنان

تقرير:زينب زيّون


"الشباب ثروة وثورة" بحسب ما قال الكاتب اللبناني ميخائيل نعيمة، من هنا ننطلق للحديث عن دور الشباب الفلسطيني في الشتات، خصوصاً في لبنان، الذي كان على الدوام حاضراً في العديد من المحطات النضالية التي يمرّ بها شعبنا الفلسطيني، حيث يقاومون بالكلمة، معبّرين عن تفاعلهم مع نضال شعبنهم في الداخل المحتل.

الشباب هم العامود الفقري للمجتمع الفلسطيني

في 15 أيّار/مايو من كل عام، يُحيي الشعب الفلسطيني في الداخل وفي الشتات، ذكرى النكبة الفلسطينية، ويلعب الشباب الفلسطيني دوراً مهماً في دعم القضية ونشر الثقافة في البلاد القاطنين فيها، بحسب ما قال مدير عام الهيئة 302 للدفاع عن حقوق اللاجئين علي هويدي لـ "بوابة اللاجئين الفلسطينيين"، موضحاً أنّ "الشباب هم العامود الفقري للمجتمع، وهم قادة المستقبل".

وفيما يتعلّق بالمسؤولية التي تقع على عاتق الشباب، أشار هويدي إلى أنّها "مسؤولية كبيرة، إذ يتطلّب من القوى الشابة، النهوض بالحراك الوطني الفلسطيني في الداخل والخارج، ومواجهة الاحتلال في فلسطين المحتلة وامتداده خارجها، ومحاولاته التي لم تتوقف منذ ما يزيد عن مائة عام لتزييف الرواية الفلسطينية، وفي هذا السياق تكون قد سقطت مقولة أن الكبار سيموتون والصغار سينسون".

هويدي أوضح أنّه "وبالرغم من المعاناة (الفقر، اللجوء، الهجرة...)، التي يواجهها اللاجئون الفلسطينيون في لبنان، إلا أنّهم استطاعوا تحقيق إنجازات نوعية، في المجالات المختلفة، سواء على المستوى الأكاديمي أو الفني أو التراثي أو الثقافي أو الأدبي أو السياسي أو الإعلامي وغيرها من المجالات التي وصل الشاب الفلسطيني فيها إلى أعلى الدرجات".

وتابع هويدي: "تكاد لا تمرّ مناسبة وطنية، إلا ويتوقف عندها الشباب الفلسطيني، لإحيائها والتذكير فيها وإبقائها حية، تتوارثها الأجيال، فمن ذكرى النكبة إلى يوم الأرض، ووعد بلفور والتذكير بالمجازر كمجزرة دير ياسين وكفر قاسم وصبرا وشاتيلا وغيرها. حيث يستمد الشباب قوتهم وإرادتهم من إنتمائهم والتزامهم الوطني، والحفاظ على هويتهم الفلسطينية، مستعرضين المراحل التي مرّ بها شعبنا على مدى مئة عام، ولا سيما مرحلة الإعلان عن قيام كيان الاحتلال الغاصب على أرض فلسطين عام 1948، وما سبقها ولحقها من مجازر ارتكبتها العصابات الصهيونية بحق الشعب الفلسطيني ومرحلة الطرد والإبعاد وإستجلاب ملايين اليهود الصهاينة كي يقيموا في منازل أجدادنا".

الحراك الطلابي، كنموذج، مؤثّر في المجتمعات

"يترتّب على الشباب الفلسطيني مهام عدّة لاسناد مسيرات العودة"، بحسب ما قال رئيس الرابطة الإسلامية لطلبة فلسطين في لبنان محمد سالم، متابعاً أنّ تلك المهام تتجسّد بـ "تجييش الرأي العام العربي والدولي، تحريك الفعاليات المناصرة، إبراز صور التضحية والبطولة، القيام ببرامج الضغط على صناع القرار الإقليميين والدوليين، بالإضافة إلى تعزيز فهم القضية الفلسطينية لدى المهتمين والناشطين والمناصرين، ويبقى للدور الإعلامي المهمة الأبرز في تناول القضية وتغطية الفعاليات وتوجيه الرأي العام".

"الحراك الطلابي كنموذج، مؤثر في المجتمعات"، أشار سالم من خلال هذه العبارة، إلى أنّ الحراك الطلابي الذي برز مطلع القرن الماضي، اتخذ الطابع النقابي والسياسي الفاعل. متابعاً أنّه وبالنسبة للطلاب الفلسطينيين، فتبرز أدوارهم في النضال الوطني وكيفية قيادته وإنشاء المنظمات والفصائل والحركات وتطوير أدائها السياسي والإعلامي والتنظيمي، وبجوانبه المختلفة.

وأشار سالم إلى أنّ "العمل الطلابي الفلسطيني تنوع دوره بتنوع ظروف شعبنا وثورته وحراكه في المقاومة والنضال، وقد يكون للحركة الطلابية أثرها الأبرز في تفعيل الحراك المجتمعي، عبر المساهمة في صناعة الوعي والتأثير التعليمي والفهم المشترك للقضايا الوطنية والحقوق". موضحاً أنّ "الطلاب اتخذوا في المراحل المختلفة، من رزنامة المناسبات وإحيائها بالطرق المختلفة، أداة لتحقيق أهدافها مع تنوع غني في الوسائل بين الاعتصام والتظاهر والبيان إلى المسابقة والندوة والتجمع والمؤتمرات والخلوات والفعاليات الثقافية والفنية والعلمية، ومع كلّ إحياءٍ لمناسبة كان يتحقق هدفان: أولهما إحياء ذكرى المناسبة وترسيخها في الوسط الطلابي، والثاني تحقيق الهدف المباشر من الفعالية".

مسيرات العودة أعادت الزخم للقضية الفلسطينية

وحول فعاليات مسيرة العودة، قال الناشط الإعلامي في مخيّمات صور جنوبي لبنان، محمد السعيد إنّ "مسيرات العودة التي بدأت فعالياتها منذ 30 آذار/مارس الماضي، أعادت الزخم والأضواء مجدداً إلى القضية الفلسطينية، ونحن كشباب فلسطيني في لبنان، وبالرغم من الظروف الصعبة التي نعيشها إلا أننا ما نزال متمسكين بحق العودة".

ورغم الإمكانيات المحدودة التي يمتلكها اللاجئ الفلسطيني في لبنان تحديداً، إلا أنّه يستطيع تقديم الدعم الكامل لقضيّته، بحسب ما لفت السعيد، وذلك من خلال اللقاءات التضامنية والمسيرات وغرف التغريد والحملات الإعلامية الداعمة لمسيرات العودة وفضح جرائم وهمجية الاحتلال الصهيوني.

وأكّد السعيد على أنّ الشاب الفلسطيني سيبقى يحلم بحق العودة، آملاً بأن "يكون لنا دوراً في النضال الفلسطيني، وأن لا يقتصر دورنا على النضال الإلكتروني والشعبي". مضيفاً: "يتوجّب علينا كأصحاب قضية، نشر الوعي داخل مجتماعاتنا الفلسطينية وزرع الأمل باسترجاع حقوقنا رغم كل المعوقات، فنحن أصحاب وطن، وأصحاب قضية عادلة، علينا أن نعمل بكل ما أوتينا من قوة لاسترجاعها".

 

في الشتات... نحن نقاوم الاحتلال بنشر تاريخ فلسطين وتناقله جيلاً بعد جيل

بدورها، الناشطة في النادي الثقافي الفلسطيني بمخيّم مار الياس ببيروت سيرين نابلسي، قالت: "نحن، كشباب فلسطيني في لبنان نظّمنا العديد من الفعاليات تزامناً مع مسيرة العودة في غزة، كفعالية حرق علم الكيان الصهيوني، وجمعة الشهداء..." متابعةً "أما بالنسبة لإحياء ذكرى سبعينية النكبة، فنحن نعمل على إقامة جلسات تتمحور حول النكبة وكيفية خروج أجدادنا من فلسطين، بالإضافة إلى نشر الوعي الثقافي لدى الأطفال وكذلك شباب الجامعات".

وعن كيفية مقاومة الاحتلال، قالت نابلسي: "صحيح أننا لسنا في مواجهة مباشرة مع الاحتلال، لكننا نستطيع مقاومته بطريقة غير مباشرة، وذلك بالمقاطعة، ومحاربة الاحتلال بالثقافة ونشر تاريخ القضية الفلسطينية، بغية بناء جيل واع مثقف، ملم بقضيته، قادر على تحرير فلسطين بطرق متنوعة".

"الذاكرة هي سلاحنا"، بحسب ما قالت نابلسي، مشيرة إلى أنّ "هذا هو السبب الذي يدفع بالاحتلال إلى طمس التاريخ الفلسطيني وسرقته". متابعةً "وصلنا إلى مرحلة صارت فيها المسؤولية كبيرة، لهذا يجب علينا الاستمرار بنشر ثقافة وطننا وتاريخنا وجغرافيتنا داخل مخيّمات لجوئنا والجامعات".

"الشباب الفلسطيني يصنعون الغد.. ولا مستقبل للقضية دونهم"

عند سؤاله عن تغييب دور الحراك الطلابي داخل مخيّمات لبنان، قال بديع الهابط ناشط في مخيّمات بيروت، إنّ "دور الشباب ليس مغيّباً إلا في الأطر التي عفى عنها الزمن". متابعاً أنّ "الشهيدين باسل وجرار وغيرهما من الشهداء قد رسموا الطريق إلى الأجيال المتدفقة".

أمّا دور الشباب في التأثير السياسي، قال الهابط إنّ ذلك يعود إلى النظام السياسي الفلسطيني، الذي لطالما طالب الشباب وما زالوا بضرورة تفعيله وإشراك الشباب باتخاذ القرارات ودمجهم بالعمل السياسي.

وعن القيود التي تحدّ من عمل الحراك الشبابي داخل المخيّمات، أشار الهابط إلى أنّ "الشاب الفلسطيني في المخيّم وفي أي مكان وصل إليه، استطاع نقل تراث فلسطين، ونقل الثقافة الفلسطينية، لكنّ الوضع الاقتصادي والمعيشي داخل مخيّمات لبنان طغى ، فأعطى الأهمية لتأمين لقمة عيش لعائلته، وهذا ما يجعل المشاركة الفاعلة غير ممكنة.

وشدد الهابط على أنّ "الشباب في المخيمات يصنعون أنفسهم بأنفسهم، ورغم كل الظروف يحاولون البقاء، ولا مستقبل للقضية دونهم". متابعاً "علينا الآن كشباب فلسطيني، أن نعمل على توجيه الرسائل المؤثرة وتعريف العالم أجمع على أحقية قضيتنا، رسائل تُعري الاحتلال وتفضح ممارساته، بعيداً عن العاطفة بل بطريقة علمية ممنهجة، وقد يكون القانون وشرعة حقوق الانسان وغيرها إحدى هذه المداخل".

"بعض الشباب اعتادوا على دور التنفيذ لا التخطيط"

"بعض الشباب اعتادوا على دور التنفيذ لا التخطيط"، جملة ابتدأ بها أسامة العلي، ناشط في مخيّم نهر البارد، حديثه مشيراً إلى العوائق التي تحدّ من مشاركة الشباب بشكل كبير وفعال داخل المخيّمات، والتي تصب في خدمة القضية وإحياء المناسبات الفلسطينية.

وتابع أسامة أنّ "أموراً عديدة جعلت من الشباب وقوداً للاحتقان والصراعات الفلسطينية الداخلية، في ظل الثقافة الفئوية والحزبية والذاتية".

ومن منطلق أنّ "ثمة شباب باتوا لا يؤمنون بالفصائل والقادة"، طالب العلي الأحزاب الفلسطينية بـإفساح المجال أمام الشباب الفلسطيني وإشراكهم بالعمل السياسي، وإجراء تعديلات هيكلية في البنية التنظيمية للأحزاب الفلسطينية، بحيث تتعزز مشاركة الشباب". متابعاً "يجب توحيد رؤى التنظيمات السياسية من أجل التحرير والتطلع إلى أشكال المعاناة ومحاولة وضع الحلول والبدائل، واستثمار طاقات شابة يفتخر بها المجتمع الفلسطيني.

يجب اتّباع وسائل جديدة في تنظيم النشاطات، خلّاقة للجذب والإفادة

من جهته، قال الناشط في مخيّمات بيروت نضال خلف: "عملنا مؤخراً على توزيع الزهور في الجامعة الأميركية ببيروت عن أرواح شهداء انتفاضة القدس، محاولة منّا للتكامل مع التضحيات القائمة، كما نعمل على إحياء الحس الوطني ورفع الوعي لدى أبناء شعبنا في الشتات اللبناني، خصوصاً فيما يتعلّق بضرورة العودة لمفاهيم الثورة الفلسطينية الأصيلة".

وتابع خلف أنّ التفاعل موجود، لكنّ المطلوب هو إيجاد الوسائل الخلاقة للجذب والإفادة. فالنشاطات التي يتم تنظيمها داخل مخيّمات لبنان مهمة على صعيد الربط  بالماضي، على حدّ قوله، لكن معظمها تحوّل إلى أعمال فولكلورية، لا تؤثر على الفكر الوطني للفرد والجماعة.

ورأى خلف أنّ المطلوب اليوم، هو العمل على تنظيم نشاطات ترفع درجة الوعي وتحفّز الشباب على "الفعل" وليس المشاهدة فحسب.

ومن منطلق أنّ "الذاكرة سلاحنا"، قال خلف: "لا يمكننا إهمال فكرة أنّ الاحتلال يُراهن على طمس الوقائع وإلغاء الذاكرة الفلسطينية، لكن اليوم، سلاحنا الأشمل هو وضع تصور للعمل النضالي الفلسطيني بناءً على التجارب السابقة، دون الغرق في الماضي فحسب".

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد