سوريا

يشهد مخيّم خان دنون للاجئين الفلسطينيين بريف العاصمة السوريّة دمشق، ظواهرَ اجتماعيّة غير مألوفة لدى سكّان المخيّم، خلال الفترات التي سبقت الحرب في سوريا، كظاهرة تفلّت السلاح وانتشار تعاطي الممنوعات، وإطلاق النار العشوائي، وبروز ظاهرة "شُبّان الشوارع" كما يسميها الأهالي، بسبب التسرّب الدراسي الذي بات حالة ملموسة خصوصاً في صفوف الشبّان اليافعين.

شكاوى باتت لا تفارق ألسنة الناس، وصفحاتهم على مواقع التواصل الاجتماعي، التي يحيلها الأهالي إلى البطالة والتي باتت الظاهرة الأشد بروزاً بين شبّان المخيّم بمن هم في سنّ العمل، وتبعات الحرب المختلفة على واقعهم المعيشي والاجتماعي.

فكيف تسهم البطالة بانتشار تلك الظواهر؟   

يجيب أحد أبناء المخيّم وهو ربّ لأسرة من خسمة أشخاص، بأنّ تردي الوضع المعيشي يدفع شبّاناً كثر لترك المدارس بعد إتمامهم لمرحلة التعليم الأساسي، والتوجّه للعمل في ورشات الإعمار والدهان وسواها، وهي ورشات غير ثابتة وموسميّة، والطلب الكثيف عليها كونها ميدان العمل شبه الوحيد المُتاح، يجعل العمل فيها مؤقتاً، فيعمل الشاب ليومين ويجلس في منزله عشرة أيّام، وفق تعبيره.

ويتابع: معظم الشبّان وبسبب الفراغ، يتجهون لأمور سلبيّة، كالركون في الشوارع والأزقّة، وممارسة الأنشطة التي تعتبر اجتماعيّاً غير منضبطة، ويجعلهم عرضة لتجّار الأدوية الممنوعة والتي تُباع بأسعار رخيصة نسبياً كالحبوب المسكنّة التي يُمنع بيعها قانوناً، وقد لوحظ بشكل كبير حدوث  المشاكل الفرديّة في شوارع وأزقّة المخيّم بين الفينة والأخرة، بشكل غير مألوف سابقاً.

السلاح والخيارات المأزومة

حول هذه الخيارات، تزداد الشكاوى والمنشادات، حيث لا يجد كثير من شبّان المخيّم سبيلاً في ظل واقع البطالة، سوى التطوّع بالتنظيمات والميليشيات غير النظاميّة، كـ"لدفاع الوطني" وبعض الفصائل التي تعمل على تجنيد الشبّان في سياق الحرب في سوريا، بمقابل أجر مالي شهري، الأمر الذي جعل المخيّم محكوماً من قبل السلاح المتفلّت، الذي لا تتوقف رصاصاته عن الإنطلاق في كل مناسبة أسريّة أو عامّة.

ظاهرة بدأت وتيرتها تتراجع شيئاً فشيئاً عن قبل سنتين، بسبب توقّف العمليات العسكريّة في المناطق المحيطة بالمخيّم، إثر التسويات بين المعارضة السوريّة السلّحة والنظام، لكّن الأمر بحاجة إلى معالجة نهائيّة تُنهي هذه الظاهرة بشكل كلّي وفق الأهالي.

ولمعالجة الأمر، توجّهت وفود عدّة من الأهالي، إلى قادة الفصائل الفلسطينية والتنظيمات المسلّحة الموالية للنظام والجهات الأمنيّة، لحل هذا الأمر بشكل نهائي وضبطه، لكن لحد الآن لا معالجة نهائيّة له، وسط تخوّفات عميقة من أن تصبح هذه الظاهرة قدراً على المخيّمات، وهي التي لم تعرف ظاهرة السلاح في مرحلة ما قبل الحرب.

تردّي الواقع التعليمي 

البطالة و الحالة المعيشية والخدميّة المترديّة، والكثافة السكّانيّة الكبيرة في مخيّم خان دنون، انعكست على الواقع التعليمي، و التحصيل الدراسي للطلاب في المخيم، نتيجة لجوء صغار السن من الشباب لترك المدرسة مبكراً والمساهمة في توفير دخل العائلة، الأمر الذي عنى انخفاض مستويات التعليم في المخيم.

ويزداد تدني المستوى التعليمي عند الإناث، اللواتي تركن الدراسة وذهبن للعمل في ورشات صناعة الألبسة المنتشرة في بلدة خان دنون،  إضافة إلى عوامل أخرى، كاكتظاظ الصفوف الدراسية في المدارس، و استخدام ثلاث مدارس من أصل أربعة موجودة في المخيم كمراكز إيواء وللتدريس في الوقت نفسه.

فمخيّم خان دنون، مؤخرًا، الذي يعتبر من المخيّمات الأشد فقراً في سوريا، يعتمد سكانه على المساعدات المالية والإغاثية التي تقدمها وكالة غوث وتشغيل اللاجئين الفلسطينيين "الأونروا" بين الفينة والأخرى، ويأتي ذلك بالتزامن مع نقص الحملات الإغاثية وصعوبة عمل الجمعيات التي تتكفل بالإعانة في ظل الظروف، التي تحمّل مخيّم دنون فيها عبئاً كبيراً في استقباله الآلاف من النازحين عن المخيّمات المنكوبة الأخرى.
خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد