بيروت – وكالات

 

قصفت طائرة مُسيرة تابعة للاحتلال، فجر اليوم الإثنين 26 آب/أغسطس 2019، موقعاً للجبهة الشعبية لتحرير فلسطين القيادة العامة في بلدة قوسايا في البقاع الأوسط اللبناني قرب الحدود السورية.

وقال مسؤول من الموقع الفلسطيني المستهدف، إن الهجوم، الذي يعد الثاني على لبنان بعد اعتداء طائرتين مُسيرتين على الضاحية الجنوبية للعاصمة بيروت، لم يؤد إلا إلى خسائر مادية فقط دون وقوع ضحايا، موضحاً أن الموقع استهدف بثلاثة صواريخ صغيرة.

ويقع الموقع عند سلسلة الجبال الشرقية الفاصلة بين لبنان وسوريا، وهي منطقة عسكرية منذ عقود أقامت فيها الجبهة الشعبية القيادة العامة مواقع عسكرية ومخازن سلاح إبان الحرب الأهلية اللبنانية واستمرت في تمركزها فيها بعد انسحاب الجيش السوري من لبنان.

 

قصف لبنان تزامن مع قصف في غزة
 

كما قصف طيران الاحتلال أهدافاً لكتائب القسام في قطاع غزة، فجر اليوم الإثنين. وكان جيش الاحتلال أعلن في وقت سابق أن ثلاثة صواريخ أطلقت، مساء أمس الأحد، من قطاع غزة على سديروت، مشيراً إلى أن منظومة القبة الحديدية اعترضت صاروخين منها.

واضطرت سلطات الاحتلال، مساء أمس، إلى إجلاء آلاف الأشخاص من مهرجان فني في سديروت بعد سقوط القذائف.

كما أعلنت عقب ذلك، خفض كميات الوقود الواصلة إلى محطة الطاقة الرئيسية في قطاع غزة.


 

نصر الله يتوعد الاحتلال رداً على اعتداء دمشق والضاحية
 

ورداً على اعتداء الاحتلال الإسرائيلي في لبنان، علق الرئيس اللبناني، ميشال عون، أن ما حصل هو "بمثابة إعلان حرب، يتيح لنا اللجوء إلى حقنا بالدفاع عن سيادتنا واستقلالنا وسلامة أراضينا".
وقال عون أمام المنسق الخاص للأمم المتحدة في لبنان: "الإعتداءات على الضاحية ومنطقة قوسايا يخالفان القرار 1701 وما يسري على لبنان في مندرجاته يجب أن ينطبق على إسرائيل".
وكان الأمين العام لحزب الله، حسن نصر الله، وعد بأن قصف جيش الاحتلال مركزاً لحزبه في دمشق وسقوط طائرتين إسرائيليتين مسيرتين في الضاحية الجنوبية لبيروت لن يمر.

وفي كلمة ألقاها، بعد عصر أمس الأحد، أكد نصر الله أنه منذ الآن سيتم التصدي للطائرات المسيرة الإسرائيلية عندما تدخل لبنان والعمل على إسقاطها، كما توعد بالرد على أي استهداف لعناصر حزب الله في سوريا، وذلك في لبنان وليس في مزارع شبعا.

وأوضح نصر الله أن "الطائرة المسيرة التي دخلت سماء الضاحية فجراً هي طائرة استطلاع وحلقت على ارتفاع منخفض لإعطاء صورة دقيقة للهدف"، مشدداً "نحن لم نسقط الطائرة ولكن بعض الشبان رشقوها بالحجارة قبل أن تقع".

كما أكد نصرالله أن ما حدث في الضاحية "خطير جداً جداً.. وهو هجوم بطائرة مسيرة انتحارية على هدف في الضاحية الجنوبية لبيروت" معتبراً إياه "أول عمل عدواني منذ 14 آب 2006".

وقال نصر الله، إن "ما جرى يشكل خرقاً فاضحاً وكبيراً للمعادلات التي أرسيت بعد عدوان تموز/يوليو، والسكوت عنه سيؤسس لمسار خطير ضد لبنان وكل فترة ستكون هناك طائرات مسيرة مماثلة"، مشدداً "لن نسمح في لبنان بمسار يماثل ما وقع للحشد الشعبي في العراق، وسنفعل كل شيء لمنعه".

وخاطب جيش الاحتلال مهدداً: "أقول للجيش الإسرائيلي على الحدود، من الليلة قف قرب الحائط وانتظرنا يوماً، اثنين، ثلاثة، أربعة". كما قال للمستوطنين: "نتنياهو يشتغل في الانتخابات وهو يلعب بدمائكم ويقودكم نحو حافة الهاوية".

وتابع "أقول لسكان الشمال ولكل سكان فلسطين المحتلة: لا تعيشوا أو تطمئنوا أو ترتاحوا".

وحول هجوم دمشق، قال نصرالله إن المكان الذي استهدفه الاحتلال في بلدة عقربا جنوب دمشق أمس هو مركز لحزب الله.

وقال: "إذا قتلت إسرائيل أياً من إخواننا في سوريا سنرد على ذلك في لبنان وليس في مزارع شبعا".

وكان عنصران من حزب الله قضيا في غارة إسرائيلية على أهداف في قرية عقربا بريف العاصمة السورية دمشق، فجر أمس الأحد.

وذكر الجيش السوري أن دفاعاته الجوية تصدت لهجوم من الجيش الإسرائيلي في محيط دمشق، قائلا إنها أسقطت "معظم الصواريخ المعادية"، فيما أعلن جيش الاحتلال أن الغارات شُنت بهدف "إحباط عملية خطط لتنفيذها الحرس الثوري الإيراني وحلفاؤه ضد إسرائيل".

وفي وقت لاحق، قال الجيش اللبناني إن طائرتي استطلاع إسرائيليتين خرقتا الأجواء اللبنانية، فجر أمس، وإن الطائرة الأولى سقطت بينما انفجرت الثانية في الأجواء مسببة أضراراً مادية في ضاحية بيروت الجنوبية.

وأصيب 3 أشخاص بجروح طفيفة داخل المركز الإعلامي التابع للحزب، بعد إصابتهم بشظايا جراء انفجار الطائرة الإسرائيلية المعادية، فجر أمس.


 

"الكابينت" يبحث التطورات اليوم، وانتقادات واسعة لنتنياهو
 

ومع تسارع الأحداث، عقد رئيس حكومة الاحتلال بنيامين نتنياهو، اليوم الإثنين اجتماعاً، لما يسمى المجلس الوزاري المصغر للشؤون السياسية والأمنية "الكابينيت" لبحث التصعيدات العسكرية في شمال وجنوب فلسطين المحتلة، ولم تصدر أي نتائج حتى اللحظة، عن هذا الاجتماع.

وقال العضو في "الكابينت"، وزير الهجرة، يوآف غالانت: "لن نقبل بخرق الهدوء في الجنوب، وعندما تكون هناك حاجة فإننا سنعمل، وسنعمل بقوة".

واعتبر غالانت في حديث مع الإذاعة العامة أن "الحرب هي الخيار الأخير، ولذلك فإنه قبل أن نصل إلى هذا الوضع ينبغي استنفاذ كافة الإمكانيات. ونحن نمارس القوة بصورة تناسبية. ويحظر أن نتسرع، وسوف نحدد التوقيت والشروط".

بدوره، انتقد رئيس حزب "يسرائيل بيتينو" أفيغدور ليبرمان ما سماه "خرق سياسة التعتيم"، وذلك عقب إعلان الاحتلال مسؤوليته عن الغارات في سورية.

وقال ليبرمان: "قد صنعنا بأيدينا حلفاً بين قطاع غزة وبين حزب الله والإيرانيين"، متهماً نتنياهو باستغلال الأحداث الأمنية في اليومين الأخيرين لأغراض انتخابية.

من ناحيتها، حرّضت رئيسة تحالف "يمينا" اليميني، أيليت شاكيد، على شن عدوان على قطاع غزة، وقالت: "من الضروري أن نقرر هل سنخوض حرباً في قطاع غزة، سكان البلدات الإسرائيلية القريبة من قطاع غزة مستعدون لإخلاء بلداتهم من أجل معركة كهذه".

وفي السياق، قال عضو الكنيست عن حزب الليكود، جدعون ساعر، في لقاء إذاعي صباح اليوم: "نحن في وضع معقد مع إمكانية التصعيد على جبهتين، ولكن ومع ذلك ما من داع للذعر. إن إطلاق الصواريخ أثناء مهرجان غنائي في سديروت خطير للغاية. علينا تفكيك البنية التحتية لحركة حماس، علينا إنشاء موازين جديدة".

أما المرشح رقم 10 في "المعسكر الديمقراطي"، رئيس الوزراء الأسبق، إيهود باراك، فانتقد تصرف الحكومة في الأيام الأخيرة، وذكر خلال لقاء إذاعي أن "مواطني البلدات الإسرائيلية القريبة من قطاع غزة مهملين، والسنوار هو من يقرر متى إطلاق النار ومتى وقف إطلاق النار. لدى إسرائيل استراتيجية غير معلنة، وهي الحفاظ على حماس على قيد الحياة لتحل مستقبلاً محل السلطة الفلسطينية في رام الله. نتنياهو يبقي الجنوب على نيران هادئة بطريقة فوضوية".


 

بومبيو يؤكد لنتنياهو دعم بلاده للعمليات في سوريا
 

أمريكياً، أكد وزير الخارجية الأمريكي، مايك بومبيو، دعم الولايات المتحدة لـ "عمليات إسرائيل في سوريا الهادفة لمواجهة تهديدات الحرس الثوري الإيراني".

وقالت الخارجية الأمريكية في بيان، مساء أمس الأحد، إن بومبيو ونتنياهو ناقشا في اتصال هاتفي "كيف تقوم إيران بتعزيز مواقعها في سوريا من أجل تهديد إسرائيل وجيرانها"، فيما شدد نتنياهو على أن القوات الإسرائيلية "ستضرب أهداف الحرس الثوري الإيراني التي تهدد إسرائيل أينما كانت".


 

كيف بدا المشهد في الإعلام الإسرائيلي؟
 

رأى المحلل العسكري في صحيفة "يديعوت أحرونوت"، أليكس فيشمان، أن تهديد نصر الله باعتراض طائرات إسرائيلية هو "تهديد جدي"، مشيراً إلى أن تقارير نشرت في الماضي حول محاولة حزب إسقاط طائرات إسرائيلية من دون طيار لم تكن ناجحة.

لكن فيشمان أوضح أنه جرى إسقاط طائرتين أمريكيتين من دون طيار خلال الشهرين الأخيرين، واحدة أسقطها الإيرانيون والثانية أسقطها الحوثيون. ولفت أنه "ليس صدفة أن الطائرات الأمريكية من دون طيار بدأت تسقط فجأة، وأي شيء تعلمه الإيرانيون ويمارسه الحوثيون موجود هنا أيضاً. وينبغي أن نأمل أنه في إسرائيل استخلصوا الدروس من الأمريكيين وهم مستعدون لمواجهة تهديد نصر الله".

أما حول تهديد نصر الله باستهداف جنود إسرائيليين عند الحدود مع لبنان أو سورية، فأشار فيشمان إلى أن جيش الاحتلال "عزز منظومات متعلقة بجمع المعلومات الاستخبارية وقدرات إطلاق النار، من أجل مواجهة أي تطور عند الحدود"، مضيفاً أن "الإيرانيين أيضاً قد يحاولون تنفيذ هجوم انتقامي عند الحدود وأن الجيش الإسرائيلي يأخذ ذلك بالحسبان".

واعتبر فيشمان أن لا علاقة بين الغارة في دمشق والطائرتين المسيرتين في الضاحية، وأشار إلى أن "العملية في بيروت تبدو كأنها خلل عسكري خلال عملية استخبارية، وفجرت الطائرة نفسها كي لا تقع بأيدي اللبنانيين".

وأضاف: "القاسم المشترك، وليس الوحيد، لكلتا العمليتين هي حقيقة أنه في كلتاهما كُشفت الطائرات المسيرة الصغيرة كسلاح نموذجي تقريباً في المواجهات في الشرق الأوسط، سواء كأداة استخبارية أو كسلاح".

بدوره، قال الخبير العسكري الإسرائيلي، يوآف ليمور، إن "تهديدات نصرالله يجب أن تؤخذ على محمل الجد في هذه المرة".

وأوضح ليمور في مقال نشر بصحيفة "إسرائيل هيوم" العبرية أن "الحدود الشمالية دخلت أمس، في توتر شديد"، لافتاً إلى أن "تصريحات حسن نصر الله تشير إلى اليقظة، وأن الهجوم الإسرائيلي لن يبقى بلا رد".

وذكر أن "إيران ومبعوثيها سيبحثون عن طريقة لإيذاء إسرائيل من أجل الانتقام من إذلالهم".


 

الحشد الشعبي العراقي يحمل إسرائيل مسؤولية هجوم قرب سوريا
 

هذه التطورات على حدود فلسطين المحتلة رافقها تحمّيل ميليشيا الحشد الشعبي العراقي للمرة الأولى رسمياً الاحتلال مسؤولية شن هجمات بطائرات مسيرة أسفرت عن مقتل أحد قادته العسكريين في منطقة القائم قرب الحدود مع سوريا.

ونشر موقع الحشد الشعبي صوراً قال إنها من جنازة في بغداد لمسؤول الدعم اللوجستي، كاظم علي محسن، الذي قتل خلال ضربات الأنبار الجوية.

وخلال الاسابيع الماضية، دوت انفجارات داخل أربع قواعد يستخدمها الحشد الشعبي، والتي كان آخرها أمس الأحد، واستهدف مقراً له بمدينة القائم بمحافظة الأنبار قرب الحدود العراقية السورية، مما خلف ستة قتلى من أفراد الحشد، وقبل ذلك وقع انفجار بمقر قرب قاعدة "بلد" الجوية، حيث تتمركز قوة أمريكية شمالي بغداد.

إلى ذلك، أعلنت وزارة الخارجية العراقية اليوم الاثنين أنها ستتخذ كل الإجراءات الدبلوماسية والقانونية اللازمة للتصدي لأي عمل يخرق سيادة العراق وسلامة أراضيه.

وقال المتحدث باسم الخارجية، أحمد الصحاف، إن الوزارة ستتوجه للأمم المتحدة ومجلس الأمن الدولي وستتواصل "مع الدول الشقيقة والصديقة للتصدي لأي عمل يخرق سيادة العراق وسلامة أراضيه".

وكانت لجنة الأمن والدفاع النيابية طالبت، أمس الأحد، بعقد اجتماعين طارئين لمجلسي الوزراء والنواب لمناقشة تداعيات استمرار "الاعتداءات الإسرائيلية" على مقار الحشد الشعبي بطائرات مسيرة.


 

إيران تؤكد حق العراق وسوريا ولبنان في الرد
 

أما إيران المعني الأول في كل هذه الاعتداءات الإسرائيلية، فأكدت دعمها لحق العراق وسوريا ولبنان في الرد على الهجوم الإسرائيلي.

وقال المتحدث باسم الحكومة  الإيرانية علي ربيعي إنه "على إسرائيل أن تتحمل مسؤولية أعمالها وأن تفهم العواقب المترتبة على هجماتها"، مضيفاً أن عليها التأكد أنها ستدفع ثمناً باهظاً.

وشدد ربيعي: "ندعم أي رد من حزب الله اللبناني ودول المنطقة على الاعتداء الإسرائيلي.. وحزب الله يقرر بشكل مستقل، ولكننا ندعم أي رد دفاعي منه على المعتدين على لبنان".

كما اعتبر ربيعي العمليات العسكرية الإسرائيلية "استعراض للاستهلاك الداخلي".

وكالات

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد