محمد شهابي- صيدا
 

قد يبدو جليًا للداخلين إلى المخيمات الفلسطينية في لبنان، أن اللاجئين الفلسطينيين قد قرروا مواجهة وباء "كورونا" على طريقتهم، فالأحوال الاقتصادية المتدهورة في عموم لبنان، لا تسمح للاجئ يعيش داخل مخيم مسوّر أن يتوقف ولو ليوم واحد عن العمل حتى لو كانت حياته مهددة بواقع صحي خطر.

 في جولة داخل مخيمي المية ومية، وعين الحلوة (جنوبًا) اطلعنا على أوضاع وهموم الناس الحياتية ومطالبهم، لاسيما مع حلول شهر رمضان الذي يختلف كثيراً عن الأعوام الماضية.

البداية مع مخيم المية ومية، والذي يقدر عدد سكانه بحوالي 8 آلاف لاجئ فلسطيني، فبعد أن تخطينا الحواجز الأمنية اللبنانية الثلاثة، وصلنا مدخل المخيم الرئيسي، حيث كانت فرق الدفاع المدني بانتظارنا، لتعقيم السيارة وإجراء الفحوصات الطبية قبل دخولنا، وانطلاق جولتنا.
 

في ظل الحجر المنزلي .. أعمال متوقفة

أوّل من التقيناهم هو الخيّاط محمد ابراهيم، والذي كان يعمل داخل مخرطته، فسألناه عن أحواله، والسبب وراء عدم التزامه بقرار التعبئة العامة، فقال: إن "وضع البلد السيء يؤثر على حياة أهالي المخيم، والسبب يعود لعدم قدرة الناس على الحصول على مداخيل خاصة مع توقف غالب الأعمال".

وأضاف ابراهيم، "أنا أب لخمس أولاد، تراجع مدخولي نتيجة تردي الأوضاع الاقتصادية في البلاد، فعمدت إلى خفض أسعاري كحل لتسيير أموري وأمور الناس".

وتابع، "الغلاء فاحش، خاصة في الخضار والفواكه، فهذه الأخيرة لم نعد نشتريها بسبب غلائها، ما نقوم بشراءه هي الحاجات الضرورية فقط".

وناشد ابراهيم، "المسؤولين أن ينظروا إلى أحوال الناس، خاصة أن مساعدات لم تصلنا من أحد، فمن وزعها أعطاها لمعارفه، فيما آخرون لم يحصلوا على شيء".

انطلقنا بعدها لنجد الحاج أبو محمد، الذي أشار إلى أن "كثر من الناس لا تعرف مساعدات الأونروا أو الأخرى المقدمة من قبل منظمة التحرير، وأن هذه الشريحة تحديدًا تموت من الجوع".

وتابع، "الناس بدأت تشترك بثمن ربطة خبز أو قطعة الجبنة".

وأردف أبو محمد "يطالبوننا بالجلوس بالمنزل ولكن أنا إن لم أعمل فلا يمكنني أن آكل، فهل تريدوننا أن نسرق، ثم تقومون بسجننا".

وحول حصولهم على مساعدات من عدمها، أكد أبو محمد أنه "لم نحصل على شيء، كانوا وعدونا بتوزيع 45 ألف ليرة لبنانية من قبل الأونروا، فماذا يكفي هذا المبلغ؟ وماذا يقدم؟ لنا الله وكرت الإعاشة".

أما اللاجئ فهد طه الحاج، فأكد أن الأزمة الاقتصادية ستدفع بالناس إلى الانهيار، فيما أزمة كورونا بإمكاننا مكافحتها عبر الإجراءات الوقائية".

وعلّق الحاج، على دور الأونروا، فقال إن "الوكالة لا تحتاج من يوقظها، ولكنه ونتيجة للعجز المالي والصراعات الدائرة والمحاربة الاقتصادية، أمور عدة تؤثر على عمل الأونروا ما يؤثر سلبًا على أبناء المخيم".

فيما قال اللاجئ أبو ابراهيم، والذي استوقناه أمام حديقة منزله، فعلّق حول كيفية تسييره لأموره خاصة وأن أعماله متوقفة منذ قرابة السنتين، وفق قوله، أنه يعتاش "على الديون من هنا وهناك".

وتابع أبو ابراهيم، "قدمت حركة حماس سلة غذائية صغيرة، فيما سمعنا عن وعود من قرب مساعدات الأونروا إلا أننا لم نحصل على شيء، بانتظار فرج ربما بمساعدات أوروبية قريبة".
 

ذات الحال في عين الحلوة .. بطالة وفقر

انتقلنا من مخيم المية ومية إلى عين الحلوة، عاصمة الشتات كما هو متعارف على تسميته، حيث يقطن المخيم حوالي 100 ألف نسمة، في أحوال اقتصادية واجتماعية سيئة للغاية، مع ذات التدابير الوقائية على مداخل المخي، من تعقيم للسيارات الداخلة وإجراء الفحوصات الوقائية للناس، ولكن اللافت هنا في المخيم، أعداد الناس في شارع المخيم الرئيسي وأزقته، حيث تبدو الأحوال جدًا عادية مع فتح أغلب المحال لأبوابها خاصة المقاهي منها.

فالتقينا خلال جولتنا في سوق المخيم، بأبو محمود الخطيب، وهو صاحب محل سمان، فعدد الأسباب التي تدفع بالناس إلى عدم الالتزام بقرار الحجر المنزلي، وهي: "تردي الوضع الاقتصادي، عدم وجود فرص عمل، تخلي الأونروا عن القيام بمسؤولياتها تجاهنا كلاجئين".

وهاجم الخطيب، غياب دور الأونروا، قائلاً: "لا نريد مرشة كلور ولا صابون من وكالة الأونروا، ونطالب لجان القواطع برفضها وأن يتم تعرية الأونروا، كنا نتحدث عن 5 مليون دولار ستقدمها الأونروا للاجئين الفلسطينيين فجأة تتحول القصة إلى حاجة الوكالة إلى 2 مليون دولار، هنالك العديد من البرامج التي يمكن الاستغناء عنها، وتحويل أموالها إلى اللاجئين نظرًا للظروف السيئة اليوم".

بدورها اشتكت الحاجة أم أحمد الحايك، مما وصفته باستغلال المسؤولين للاجئين الفلسطينيين، وقالت "ما يجري هذه الأيام حرام شرعًا، الرجال بلا عمل، والمسؤولون يتفرجون علينا دون حركة، فقط يشحدون على اسمنا، لا يوجد نظام من الرئاسة حتى الأسفل".

وتابعت أم أحمد، "لدي محل بالأجار.. أتدين كي أدفع ثمن الأجار، أتدين كي آكل، لا معيل لدي،  فليخافوا الله فينا، يكفي شحدة على اسمنا".

أما أبو مصطفى، المعيل لأسرتين، فلا عمل لديه، يقضي أغلب أوقاته في القهوة التي يملكها ابنه، ويقول خلال حديثه مع "بوابة اللاجئين"، إنهم "يتدبرون أمورهم بما تيسر، حاولنا إغلاق القهوة لمدة 3 أيام، إلا أنهم لم يستطيعوا تحمل تدهور الأوضاع الاقتصادية، فصاحب المحل ينتظر الإيجار، بالإضافة إلى فواتير كالاشتراك وغيرها، فتقدر جميعها بحوالي 450 ألف ليرة شهريًا، ما يعين إن لم ندفع فسيتم قطع الكهرباء ومصادرة البضاعة وإغلاق المحل".

وحمّل أبو مصطفى المسؤولية لوكالة الأونروا ولمنظمة التحرير، فقال: "للأسف الشديد تتهرب الأونروا من مسؤولياتها تجاهنا، سواءً على الصعيد الإغاثي أو الوقاية من الفيروس، كما أن منظمة التحرير الفلسطينية أيضًا تخلت عنا".

أما اللاجئ هيثم شحادة، وهو صاحب محل دجاج داخل المخيم، فقال إن "العمل لديه في تراجع".

وأضاف شحادة، خلال حديثه مع "بوابة اللاجئين"، "إما أن نحصل على مصروف لنأكل أو أن ندفع أجار المحل والاشتراكات اللازمة علينا، ثم نتدبر أمر مأكلنا من مكان ما".

وتابع، "من كان يحصل على 50 ألف ليرة، اليوم يحصل على 20.. هذه الـ 20 لا تكفيه ولن تكفيه.. الحال أننا اختنقنا".

وأوضح، أن "الغلاء أثر علينا كثيرًا، فأغلب بيعنا نبيعه برأس المال، وذلك كي نتخلص من بضاعتنا، وثانيًا كي ندفع ثمنها، أو أننا سنكون مع مشكلة مع التاجر الذي سيرفض بيعنا مرة أخرى إن لم نسدد له مستحقاته".

  الشاب إبراهيم شحادة، فهو عاطل عن العمل في الوقت الحالي، حيث سبق له أن عمل في المدينة الصناعية، قبض في وقتها 500$، قبل أن يتم تسريحه.

يقول شحادة، "المبلغ الذي كنت أتقاضاه لا يكفيني كشاب أرغب بالزواج، فماذا عن حالي الآن وأنا من دون عمل أو راتب".

وأضاف، "أعمل يومًا مقابل 10 أيام أخرى أقضيها في المنزل، هذا حال الجميع، ديون وراء ديون، ما دفع الكثير من الناس إلى منع الدين خاصة المحال التجارية، أما اليوم فأنا أتعكز على والدي ووالدي يتعكز علي، كلانا نساعد بعضنا في هذا لظرف".

 

شاهد الفيديو :

خاص - بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد