تقرير : الوليد يحيى 
"الماء عصب الحياة، ولا غنى عن مياه الشرب المأمونة وخدمات الـصرف الـصحي للحفاظ على الحياة والصحة، فهي أساسية للحفاظ على كرامة الجميع".

ما ورد أعلاه، مقتبس من ديباجة لتقرير أممي مشترك صادر عن منظمتي الأمم المتحدة للطفولة، والصحّة العالميّة عام 2008، يربط الحق في الحصول على المياه والصرف الصحّي بكرامة الإنسان، في إضافة أممية إلى جانب تأكيدها على ضرورات ما سبق لحياته وصحّته، وهو بالتحديد، ما تغضّ المنظمات الأممية النظر عنه بالنسبة لواقع المهجّرين في مخيّم دير بلّوط بالشمال السوري، الذي يفتقد سكّانه لكل ما سبق، ويهدده بكارثة صحيّة حقيقية محدقّة بسكانه.

خيام منتصبة بجوار قنوات للصرف الصحّي، أضطرّ الأهالي لشقّها من أجل تصريف بقاياهم، حتّى صارت منهلاً خطيراً لأنواع كثيرة وغير مألوفة من الحشرات القارصة، تسبب لدغاتها أعراضاً مرضيّة، من المرشّح أن تتفاقم مخاطرها، مع اشتداد حرارة الصيف، وفق ما وثّقت "بوابة اللاجئين الفلسطينيين" عن الأهالي.



ويزيد أحد المشتغلين في المجال الطبّي بالشمال السوري لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّ أزمة مستنقعات الصرف، مقبلة على توليد الكثير من الأمراض الخطيرة، مع ارتفاع درجات الحرارة، حيث تتحول المستنقعات إلى بيئة خصبة لأنواع متعدة من الميكروبات والفايروسات التي تنتقل عبر الحشرات أو باللمس، وبعضها عبر الروائح المنبعثة في الأجواء.

ويضيف، أنّ بعض الحالات الناتجة عن لدغات البعوض، بدأت تظهر عليها أعراض ارتفاع حرارة وحمّى بين خفيفة ومتوسطة، معرباً عن مخاوفه من خروج الأمور عن السيطرة مع وجود كافة مقوّمات انتشار الأمراض الفيروسيّة، سواء مستنقعات الصرف أو مجرى نهر عفرين الملوّث، والتي قد تكون مبعثاً لأمراض كالملاريا وحمّى الضنك.

شحّ المياه وتلوّثها يسرّع من خطى الكارثة

شبح الأوبئة بات يهدد على نحو غير مسبوق، 700 عائلة تسكن مخيّم دير بلّوط من ضمنهم 282 عائلة فلسطينية، يسرّع شحّ المياه وتلوّثها، من خطى كارثة صحيّة مرتقبة وفق تحذيرات طبيّة، فالفرد المهجّر لا يحصل على حصته الطبيعية من المياه، والمقدّرة أممياً بـ 50 إلى 100 لتر يوميّاً لأغراض النظافة والاستخدام الصحّي.

يؤّكد أحد سكّان المخيّم لـ" بوابة اللاجئين الفلسطينيين" أنّ المياه التي تأتي عبر الأنبوب الممتد إلى كرافانات المرافق الصحيّة في المخيّم، كثيراً ما تنقطع، أو تضخ لأوقات قليلة، مشيراً إلى أنّ الكثير من السكّان يقضون أكثر من أسبوعين ليحظون بكميّة للاستحمام أو غسيل الملابس، فضلاً عن  تلوّثها، حيث كثيراً ما تصل مائلة إلى اللون الأحمر، ومليئة بالديدان والشوائب.

 

10 ليتر من المياه الصالحة للشرب أسبوعيّاً

وهي كميّات لا تلامس الحدّ الأدنى من حاجة الفرد للاستهلاك اليومي، والمقدّرة طبيّاً بـ 2.5 إلى 3 لتر، تزيد وتنقص بحسب الظرف المناخي المحيط بمعيشة الإنسان.

طوابير طويلة، يشهدها المخيّم مرّة كل أسبوع، أمام صهريج مياه الشرب الذي تشحّ زياراته أحياناً إلى مرتّين كل شهر، حيث يتدافع الأهالي للحصول على حقّهم ليعود كثيرون منهم بـ " غالونات" فارغة وفق ما أكّد أحد سكّان المخيّم لـ " بوابة اللاجئين الفلسطينيين".



يقول "أبو رياض" من مهجّري مخّيم اليرموك إلى دير بلّوط، إنّ الكثير من الأهالي يحصلون على كميّة لا تتجاوز عشرة ليتر من المياه الصالحة للشرب، في حين يعود البعض دون الظفر بأيّ كميّة، واصفاً تدافع الناس للحصول على المياه بـ "المذل".

يشير "أبو رياض"، إلى أنّ مدّة الوقوف على طابور الماء، تصل إلى أكثر من 6 ساعات، حيث يقف البعض منتظراً منذ الساعة السابعة صباحاً، ليعود الكثير منهم خاليي الوفاض، محمّلاً المسؤوليّة للمنظمات التي وضعت على عاتقها تزويد المخيّم بالمياه وخصوصاً منظّمة " آفاد" مطالباً إيّاها بالالتفات إلى معاناة الناس وزيادة كميّات مياه الشرب، لتكفي جميع العائلات المهجّرة، خصوصاً مع ازدياد الحاجة للاستهلاك مع ارتفاع درجات الحرارة.

أكثر من 15 شهراً من عمر مخيّم دير بلّوط، الذي أنشئ لغرض استقبال المهجّرين قسراً عن مخيّم اليرموك ومناطق جنوب دمشق، والأوضاع المعيشيّة فيه تزداد سوءاً، معززة بواقع بيئيّ ومائي مزري، باتت معالجته الأكثر الحاحاً، وكل ذلك في ظل صمّ المنظّمات الأممية آذانها عن هذه الشريحة التي تصنّف ضمن معاييرها  بـ" الأكثر ضعفاً"، ولا سيّما وكالة " أونروا" المسؤول الأممي الأوّل عن توفير الخدمات للاجئين الفلسطينيين ضمن مناطق عملها الخمس، والتي تعتبر مناطق الشمال السوري من ضمنها، فلماذا هذا الغياب طالما تساءل اللاجئون المهجرون؟

خاص _ بوابة اللاجئين الفلسطينيين

اشترك في القائمة البريدية ليصلك آخر الأخبار وكل ما هو جديد